الثلاثاء 19 مارس 2019

... وهذه طريقة أخرى لـ «تزوير» الشهادات أيضاً!

... وهذه طريقة أخرى لـ «تزوير» الشهادات أيضاً!

... وهذه طريقة أخرى لـ «تزوير» الشهادات أيضاً!

فيما يعمد 7 طلاب من أصل 10 في جامعة الكويت إلى شراء واجباتهم وبحوثهم ومشاريع تخرجهم، من دون الحاجة إلى عناء كتابتها، وفق استطلاع رأي أجرته «الراي»، تبدو الفكرة مغرية لأصحاب المشاريع لتحويل هذا التهاون الطلابي إلى مصدر دخل مربح، وهو ما يطرح تساؤلاً عما إذا كان شراء الأبحاث يدخل في إطار تزوير الشهادات الجامعية، كون الطالب يقدم عملاً لم ينجزه، ولا حتى يتعب في كتابته. فالشهادات المزورة تحمل وجهاً آخر، لا علاقة له بشراء الشهادة من دول أخرى، أو بالحصول عليها عن طريق النصب والاحتيال، فقد تكون الشهادة المزورة أيضاً شهادة طالب يحضر إلى جامعته جسدياً، لإثبات الحضور والغياب، ولكنه لا يكلف نفسه عناء البحث والكتابة والجد والاجتهاد، ويدفع ثمن واجباته وأبحاثه ومشاريعه، ومن ثم يتخرج ليطالب بوظيفة. «الراي» لاحظت الانتشار الكبير للمشاريع التي تعرض على طلبة الجامعات والمعاهد إنجاز واجباتهم ومشاريعهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فتواصلت مع أحد المواقع، بهدف شراء بحث، فكانت النتيحة أن بحثا من 10 صفحات، يتكون من 2500 إلى 3000 كلمة، تصل كلفته إلى 65 دينارا، حيث أكد مدير المشروع، أن طالبة من جامعة الكويت طلبت منه أن يعد لها بحثاً عن «رؤية الكويت 2035» قبل أيام معدودة، بالحجم نفسه، وبالمبلغ ذاته. وأكد مدير المشروع أنهم يقومون بإعداد الواجبات والمشاريع لجميع التخصصات، للبكالوريوس والدراسات العليا، وإأن قبال الطلاب عليهم لا يقتصر على جامعة الكويت، بل إن زبائنهم من بعض الجامعات الخاصة أيضاً. وللوقوف على هذه الظاهرة، التقت «الراي» بعض أساتذة الجامعة، فأكدت أستاذة الأدب والتحليل النفسي بجامعة الكويت الدكتورة هيفاء السنعوسي، أن ما يحدث يسمى تجارة بالعقول، وأن المسؤولية لا تقع على عاتق الجامعة فقط لمحاربة هذه الكارثة بل على مؤسسات الدولة أولاً، مثل وزارة التجارة التي ترخص مثل هذه المكتبات، وإدارة الجرائم الإلكترونية في وزارة الداخلية التي تسمح لهذه المشاريع على الإنترنت بأن تجذب الطلبة وتبيعهم العلم. ووصفت السنعوسي الأمر بالكارثة، وحذرت من جذب الطالب إلى هذه الدهاليز المظلمة، مبينة أن «لهذا السبب تحديدا لا أطلب من طلابي أبداً أي بحوث أو مشاريع، بل أطلب منهم تقديم عروض مرئية بفكر إبداعية ومحتوى تفاعلي، حتى يشاركوا في العملية التعليمية أيضا، ناهيك بأن العروض أكثر متعة للطلبة». واضافت ان الطالب اليوم لا يملك وقتا للكتابة وللبحث، وقد تغريه فكرة شراء العلم بقوالب جاهزة التي حددت معيارين لهذا العمل «الأول علمي، وهو تزييف العلم، والسماح للطالب بالغش، فالغش بالامتحان لا يختلف عن الغش في إعداد بحث أو واجب، والثاني معيار ديني، على أصحاب هذه المشاريع والمكتبات أن يعلموا أنهم دخلوا في حرمة شرعية وساهموا بصناعة طالب متخاذل متكاسل، وقتلوا فيه شغف البحث، صنعوا طالبا يستهلك لا ينتج». ورأت السنعوسي أن تعيين هذا الطالب المتخاذل في أحد مراكز الدولة عقب تخرجه سينتج عنه تقاعس في العمل، وغيابات مرضية لا حد لها، مشددة على أن «من درس وبحث واجتهد سيكون مخلصاً في عمله، عكس طالب (القص واللزق) الذي تعلم علماً (ترقيعياً)، حيث سيكون أداؤه ضعيفاً ولا إخلاص يقوده للوفاء بعمله». من جهته، أكد رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس الدكتور إبراهيم الحمود أن عمل هذه الصفحات على وسائل التواصل غير مشروع وغير منظم بالقانون، ويحمل صفات النصب والاحتيال والاستغلال للطلبة، مؤكدا أن «على القانون أن يعاقب القائمين على هذه الأعمال غير المشروعة». وبين أن المسؤولية تقع على عاتق الجامعة ووزارة التربية والتعليم العالي، برصد هذه الصفحات وتحويلها للجهات المسؤولة لتقوم بمحاسبتهم، مشددا على أن «هذه المصيبة تؤدي لخراب التعليم وتولد الكسل». وذهب الحمود إلى أن على الأستاذ الجامعي مسؤولية التحقق من واجب الطالب وبحوثه ومعرفة من أين أتى بها، ومن حق الأستاذ المطالبة بالتعويض في المحاكم في حال ثبت أن الطالب غش وقام بشراء الواجب أو البحث ولم يكتبه بنفسه، مبينا أن «هذا الطالب الغشاش لن يؤدي دوره في الوظيفة كما يجب، لأنه مسلوب الضمير وسلوكه سيئ على كل المقاييس وحصل على منصبه بالغش». ووافق الحمود على وصف شهادات هؤلاء بالمزورة، لما لها من انعكاسات سلبية خطيرة على المجتمع وطاقاته ومؤسساته.

جميع الحقوق محفوظة