الأربعاء 16 يناير 2019

هزيمة ماي المدوية تهز القارة العجوز

هزيمة ماي المدوية تهز القارة العجوز

هزيمة ماي المدوية تهز القارة العجوز

هزت الهزيمة المدوية للحكومة البريطانية في مجلس العموم، الذي رفض خطة الخروج من الاتحاد الاوروبي مساء الثلاثاء، القارة الاوروبية العجوز، وشغل الحدث الساحة السياسية والاقتصادية والشارع الاوروبي على حد سواء، اذ مثّل رفض البرلمان البريطاني اتفاقية خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي منعرجا جديدا في مجريات هذه المسألة الشائكة وفتح مجموعة من الخيارات حول السيناريوهات المحتملة في وقت اعترفت مصادر اوروبية لصحيفة الغارديان بأن الاتحاد الأوروبي على استعداد للسماح بتمديد «تقني» للمادة 50 من معاهدة لشبونة، لتأجيل خروج بريطانيا مدة أربعة أشهر أخرى، لمنح الوقت الكافي لأي حكومة بريطانية للتوصل إلى حل يجنب الطرفين خروج غير منظم عواقبه وخيمة. وقالت دانييل هارالامبوس المحلّلة في وحدة الاستخبارات الاقتصادية في صحيفة الموندو الاسبانية إنه «إذا لم تتم الموافقة على الاتفاق، فستحتاج لندن إلى كسب الوقت وسيكون الاتحاد الأوروبي مستعدا لتسهيل مرور اتفاقية البريكست لتجنب مزيد من تأزم الوضع الذي يتجه نحو الهاوية». وارخى الحدث بثقله على الاسواق الاوروبية، حيث انخفض اليورو إلى أدنى مستوى له في سبعة أسابيع مقابل الجنيه الاسترليني وتراجع مقابل الدولار بفعل مخاوف بشأن اقتصاد منطقة اليورو، بينما صعد الاسترليني قبيل التصويت على حجب الثقة عن حكومة تيريزا ماي. وساد هدوء غريب أسواق المال البريطانية وشهدت بورصة لندن تراجعا بنسبة 0.65 في المئة ولخص حاكم بنك أنكلترا خلال جلسة استماع أمام لجنة المالية في البرلمان، الوضع بقوله «السوق بحالة انتظار». وعلق على رد فعل الأسواق بقوله «يبدو أنه هناك بعض التخمينات بشأن تمديد مسار بريكست وتراجع في أفق غياب الاتفاق». اما اوروبيا، فقد أكد المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، مارغريتس شيناس، أنّ بريطانيا لم تطلب تمديد الفترة المحددة لخروجها من الاتحاد في 29 مارس المقبل. وقال شيناس: «إنّ قدمت بريطانيا طلبا بتأجيل الموعد المحدد للخروج، ووضحت الأسباب الداعية لذلك، فإنّه من الممكن للدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي أنّ يصوتوا بالإجماع على هذا الطلب». وأشار شيناس إلى أنّ الكرة في ملعب بريطانيا. لافتا إلى أنّ الاتحاد الأوروبي لا يرغب بخروج من دون اتفاق. وفي السياق حذّر ميشال بارنييه، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي لملف «بريكست»، من أن خطر خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية دون اتفاق «ارتفع بشكل حاد»، داعيًا الاتحاد ليكون على أهبة الاستعداد لذلك الاحتمال. وقال الاتحاد الأوروبي لبريطانيا إنه يمكنه قبول اتفاق خروج مختلف لكن ذلك مرهون بتغيير مطالب لندن الرئيسية. وأشار بارنييه إلى أن أحد السُبل للمضي قدما هو أن تقبل بريطانيا بالتزام أكبر بقواعد الاتحاد الأوروبي لضمان الحصول على علاقات تجارية وثيقة للغاية في المستقبل، ويقول مسؤولون من الاتحاد الأوروبي إن بريطانيا يمكنها، على سبيل المثال، التخلي عن تصميمها على مغادرة الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة المنظمة مركزيا. وقال بارنييه «إذا اختارت بريطانيا السماح بتغيير خطوطها الحمراء في المستقبل، وإذا فعلت ذلك لتحقيق طموح تجاوز اتفاق بسيط وإن لم يكن هينا للتجارة الحرة، فإن الاتحاد الأوروبي سيكون مستعدا على الفور للرد إيجابيا». بدوره، قال مسؤول فرنسي بقصر الإليزيه إن الأوروبيين لن يقدموا أي تنازلات بشأن «بريكست» من شأنها أن تضر بالمبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي، بما فيها سلامة السوق الموحدة، لافتا إلى أن أي طلب من بريطانيا بتمديد الجدول الزمني المحدد لخروجها من الاتحاد ينبغي أن تأتي معه خطة جديدة واستراتيجية من جانب الحكومة البريطانية. وصوت البرلمان الفرنسي، ظهر امس، على اتخاذ تدابير تمهيدية لجعل البلاد جاهزة في حالة عدم خروج بريطانيا من التكتل دون اتفاق. بدورها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن الاتحاد الأوروبي ينتظر مقترحات ماي، وأنه ما زال هناك وقت للتفاوض. وتابعت قائلة: «على أي حال نحن نريد تقليل الأضرار التي ستحدث، وسنواصل الكفاح من أجل خروج منظّم». من جانبها اعلنت الحكومة الايطالية تكثيف الاستعدادات لاحتواء التداعيات السلبية لاحتمال خروج بريطاني غير منظم. اما المستشار النمساوي سيباستيان كورتس فقد استبعد اعادة التفاوض وقال ان الهدف لا يزال يتمثل في تجنب خروج غير منظم لبريطانيا. الصحافة الأوروبية: قادة بريطانيا ليسوا مسؤولين اعتبرت الصحافة الاوروبية أن بريطانيا تواجه «كارثة» بسبب المسؤولين السياسيين الذين «لم يكونوا على مستوى» المسؤولية. وكتبت صحيفة «بيلد» الالمانية انه «في بريطانيا، موطن الديموقراطية لقد انتهى الامر. من الواضح منذ مساء امس ان السياسيين البريطانيين سواء كانوا من الحكومة او المعارضة، ليسوا على مستوى القرار التاريخي الواجب اتخاذه». من جانبها، تساءلت صحيفة «دي فيلت» متوجهة الى البريطانيين «ماذا تريدون؟ الى أين تريدون التوجه؟ ما هو البريكست هذا؟ بروكسل حذار، لقد اقتربت ساعتك! بما ان البريطانيين لا يعرفون كيف يساعدون أنفسهم، يجب أن يأتي منقذ آخر وهذا الطرف لا يمكن أن يكون غير الشريك على الطرف الآخر من الطاولة». اما صحيفة «لاريبوبليكا» الايطالية فقالت انه «في هذه المرحلة من الضروري عرض خطة بديلة». وقالت إن «الدول الـ27 يمكن أن يمهلوا لندن ثلاثة الى تسعة أشهر للخروج من المأزق». من جانبها، كتبت صحيفة «ايل سولي 24 اوري» أن «بريطانيا تبحر في مياه مجهولة». اما صحيفة «لوفيغارو» فتساءلت «خطة بديلة، أي خطة بديلة؟»، موضحة «كل هذا الامر قد يؤدي الى ارجاء حتمي لموعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي». عناوين «بطعم الخيبة» في الصحف البريطانية: إبادة.. سحق.. وهزيمة تاريخية أغلفة الصحف البريطانية الصادرة امس |ا ف ب خصّصت الصحف البريطانية معظم صفحاتها لنتيجة التصويت في البرلمان، ووصفت الهزيمة التي تعرّضت لها ماي، بالإبادة البريطانية «بريكست». وأعطت الهزيمة فرصة لتصميمات مختلفة، لم تكن جيدة لماي. وخصصت صحيفة «ذا صن» صفحة كاملة تحت عنوان «بريكست»، حيث ظهرت صورة ماي، وعلى أنفها منقار طائر الدودو المنقرض والنتيجة النهائية للتصويت، وقالت إن ماي هُزمت هزيمة ساحقة. أما «الغارديان»؛ فقد أبرزت صورة نادرة لمعسكر الرافضين للصفقة المزدحم بالنواب، وهم يسيرون للتصويت ضد الصفقة والعنوان الرئيس يقول: «ماي عانت هزيمة تاريخية، حيث خذلها المحافظون». وكتبت انه «في يوم من الأحداث الدرامية التي لا تصدق في ويستمنستر أصدر مجلس العموم حكما تاريخيا ضد صفقة ماي هو حكم غير مسبوق». أما «ديلي ميرور»؛ فقد ركّزت على دعوة جيرمي كوربن إلى سحب الثقة من ماي، وكان تقريرها بعنوان: «لا صفقة ولا فكرة ولا ثقة.. أكثر الهزائم التاريخية المهينة لماي». بدورها، وصفت «ديلي تلغراف» الهزيمة بالإهانة الكاملة، وقالت إن الصفقة أصبحت هباءً. بدورها، عنونت صحيفة «التايمز»: «ماي تعاني من هزيمة تاريخية». أما «ديلي إكسبرس»؛ فكان عنوانها: «ذعر»، وقالت إن ماي «قاتلت بشجاعة من أجل الصفقة»، ووجهت انتقادات للنواب، قائلة ان الأمة تبكي من أجل الوحدة، وكل ما يدعو إليه جيرمي كوربن هو إسقاط رئيسة الوزراء. وحان الوقت لكي يقوم النواب بواجبهم والعمل مع ماي لأجل التوصّل إلى صفقة ترضي رغبات 17.4 مليون ناخب صوّتوا لمصلحة الخروج، لا تفشلوا». واختارت صحيفة «فايننشال تايمز» عنوان: «سحق خطة ماي في مجلس العموم». وقالت صحيفة «آي»: «إهانة تاريخية»، أما صحيفة «سكوتسمان» فكان عنوانها بسيطاً: «سُحقت». «بريكست» سيكلِّف النمسا 650 مليون يورو قال مسؤول الغرفة الاقتصادية النمساوية ــــ البريطانية كريستيان كيسبيرغ إن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي (بريكست) سيكلّف الميزانية النمساوية ما لا يقل عن 650 مليون يورو. واضاف كيسبيرغ ان الآثار السلبية لـ«بريكسيت» ستطول ايضا 250 مؤسسة نمساوية، تعمل في بريطانيا يعمل بها اكثر من 55 الف موظف. ولفت الى ان النمسا تصدّر الى المملكة المتحدة سلعا تقدر قيمتها بنحو اربعة مليارات يورو، اضافة الى حوالي 150 مليون يورو تدفع رسوما جمركية اضافية. ويشير الخبراء الاقتصاديون الى ان خروج بريطانيا سيؤدي الى خسارة ميزانية الاتحاد الاوروبي نحو 16.5 مليار يورو حتى عام 2020؛ إذ تعد بريطانيا ثاني أكبر مساهم في ميزانية الاتحاد.

جميع الحقوق محفوظة