الأحد 29 مارس 2020

إجازة «كورونا» تستنزف خزائن الدولة!

إجازة «كورونا» تستنزف خزائن الدولة!

إجازة «كورونا» تستنزف خزائن الدولة!

حذرت مصادر حكومية من ان تعميم ديوان الخدمة المدنية بشأن تعطيل العمل بجميع الوزارات والجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة احترازيا، بسبب فيروس كورونا المستجد، واحتساب هذه الأيام كعطل رسمية، سيتسبب بهدر كبير في المال العام وسيستنزف خزائن الدولة ويكبدها ملايين الدنانير، نتيجة لاعتبار أن الإجازة القسرية والطارئة الحالية والتي من المتوقع أن يطول أمدها لأسابيع وربما شهور «عطلة رسمية» وليست «أيام راحة»، مما سيترتب عليه ان جميع الموظفين والقياديين الذين يتطلب حضورهم خلال هذه العطلة ستُحسب جميع ساعات عملهم اليومية والروتينية كعمل إضافي بالكامل.

وقالت المصادر نفسها ان هذا الإجراء لم يتم العمل به في سنة 2003 إبان حرب اسقاط النظام العراقي البائد وذلك عندما تم إخلاء العديد من الجهات الحكومية والنفطية الحيوية من دون صرف عمل إضافي لمن تطلب حضورهم، فيما أعلنت جميع الجهات الحكومية هذه المرة عن تعويض جميع الموظفين الذين سيتطلب منهم العمل خلال هذه العطلة.

وأبدت المصادر استغرابها من عدم الاكتفاء «بإعفاء» الموظفين من حضور العمل بدلاً من اعتبارها يوم عطلة، خاصة أن مثل هذه الظروف القاهرة Force Majeure تسقط فيها جميع مطالبات التعويضات بمجرد الإعلان عنها، فكيف تتعرض خزينة الدولة لخسائر تصل الى عشرات الملايين عند إعلان نفس الظروف ولمجرد ان بعض العاملين سيُطلب منهم أداء أعمالهم اليومية!

أكد بعض المختصين أن قانون العمل بالقطاع الأهلي حدد العطل الرسمية بالمادة 68 منه، وبالتالي يعتبر أي إعلان عن عطلة رسمية أخرى غير واردة بالمادة نفسها باطلا لا أثر له. وبينوا أن القطاع النفطي قد يملك ملاءة مالية حالياً لصرف عشرات الملايين كعمل إضافي لبعض موظفيه، ولكن شركات القطاع الخاص الخاضعة لنفس القانون سيتم تكبيدها خسائر مالية فادحة بسبب التكييف غير الصحيح للعطلة.

وشددت المصادر نفسها، على ضرورة ان تعمل الحكومة على معالجة هذا الامر وتصنيف الإجازة الحالية على أنها ايام راحة -على أقل تقدير - وليس عطلة لجميع الموظفين، لوقف الهدر المحتمل في خزينة الدولة خصوصا مع تراجع ايرادات الدولة على واقع تدهور أسعار النفط والآثار الاقتصادية السلبية والأزمة الضاغطة لفيروس كورونا وعدم اتضاح الفترة التي ستعود فيها الاعمال لطبيعتها.

وبينت المصادر ان العمل في ظل هذه الظروف الطارئة والاستثنائية التي تمر بها البلاد واجب وطني والتزام اخلاقي ومجتمعي قبل كل شيء، مضيفة «نثمن عمل جميع الجهات الحكومية التي تتصدر المشهد لضمان سلامة المواطنين والمقيمين بسبب فيروس كورونا الخطير».

3 أضعاف الراتب

وأفادت المصادر بان هناك قطاعات في مؤسسات الدولة، منها على سبيل المثال القطاع النفطي، سيحصل الموظفون الذين يتطلب حضورهم للعمل خلال فترة العطلة الحالية على ثلاثة أضعاف رواتبهم الشهرية، لافتة الى انه امر مرفوض في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، خصوصا ان المدة ليست معلومة وقد تمتد لأشهر، اضافة الى انه لا توجد مساواة مع موظفي الدولة في الجهات الاخرى الذين هم أيضا على رأس عملهم ولم يحصلوا على هذه المكافآت.

واوضحت انه في ظل اعتبار الأيام الحالية الطارئة التي تمر على البلد ايّام عطلة، فسيتم احتساب اجر الموظفين الذين يعملون خلال هذه الفترة مضاعفا، فساعة العمل ستحسب بساعتين. اما في حال اعتبارها ايّام راحة فستحسب قيمة ساعة العمل بنصف ساعة وتختلف الأنظمة المعمول بها من جهة لأخرى.

300 دينار يومياً

مصدر مسؤول بالقطاع النفطي قال لـ القبس، ان القطاع النفطي هو من الجهات التي ستستفيد في حال اعتبار الفترة الحالية ايّام عطلة وليست راحة، لافتا الى ان متوسط قيمة العمل الإضافي ستصل الى ٣٠٠ دينار باليوم تقريبا لكل موظف.

وتابع: في الحقيقة امر مكلف جدا على ميزانية مؤسسة البترول وشركاتها التابعة، فموظفو القطاع النفطي الذين يعملون خلال هذه الفترة سيحصلون على ٣ أضعاف رواتبهم، فعلى سبيل المثال من راتبه ٤ الاف دينار سيحصل على راتب ١٢ الف دينار خلال فترة العطلة الحالية، والتي لا قدر الله ان تم تمديدها فان مبالغ العمل الاضافي التي سيتم صرفها ستكون كبيرة جدا وستنعكس سلبا على ميزانيات الشركات النفطية.

3 أضعاف نهاية الخدمة

وتساءل المصدر: هل اطلع ديوان الخدمة المدنية على لوائح وانظمة العمل بشركات القطاع النفطي قبل قراره باعتبار الفترة الحالية ايّام عطلة وليست ايّام راحة؟

وأكمل قائلا: هناك عبء اخر كبير جدا على المال العام غير الرواتب يتمثل في نهاية الخدمة، فبعض الشركات النفطية ومنها شركة البترول الوطنية تعتبر العمل الاضافي جزءا لا يتجزأ من الراتب عند احتساب مكافأة نهاية الخدمة للمعينين قبل عام ٢٠٠٣، موضحا انه في هذه الحالة من تبلغ نهاية خدمته على سبيل المثال ١٠٠ الف دينار سيحصل على ٣٠٠ الف دينار! وتابع: ومن المؤكد انه في حال مضاعفة أتعاب نهاية الخدمة فانه سيتم تشجيع الموظفين المستفيدين من اصحاب الخدمة الطويلة على التقاعد خلال هذه السنة كون قيمة مكافآت نهاية الخدمة ستتضاعف ٣ مرات.

سوء استغلال وتلاعب

وأضاف: وللأسف هناك سوء استغلال وتلاعب من بعض المديرين الذين يقدمون مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة لهذا القرار، خصوصا مع تطبيق قرار إلغاء البصمة عبر تعمدهم اضافة اسماء أعداد كبيرة من الموظفين غير المرتبطين فعليا بعمليات التشغيل لكشوفات العمل الاضافي من دون وجه حق.

حلول وتشريعات

ودعت مصادر قانونية ديوان الخدمة المدنية الى ضرورة وضع حلول لهذا الاستنزاف المحتمل لخزينة الدولة عبر إصدار لوائح او قرارات تفسيرية تشير الى ان الإجازة الطارئة الحالية تعتبر ايّام راحة وليست عطلة رسمية مع معالجة الامر بأثر رجعي.

واكدت ضرورة ان تتدارك الحكومة هذا الامر في حال لا قدر الله اضطرت لتمديد الإجازة الحالية احترازيا بسبب فيروس كورونا الى ما بعد ١٢ ابريل المقبل، وان تعتبر ايام الاجازة ايّام راحة وليست عطلة. والأفضل أن يكون القرار مجرد «إعفاء» للموظفين من الحضور الى مقار أعمالهم إلا لمن يتطلب منه الحضور وذلك لتفادي الهدر الفادح للمال العام.

وأضافت ان الدولة تمر بظروف استثنائية أجبرتها على تعطيل الاعمال، ولحماية المال العام يجب ان يكون هناك تشريعات تعالج قضية العطل بسبب ظروف استثنائية او كارثية لا قدر الله تحد من تحمل خزينة الدولة دفع مبالغ كبيرة ومكافآت اعمال اضافية عن ساعات العمل الروتينية والطبيعية لمن يتطلب حضورهم للعمل، على ان يتم ايجاد صيغ وانظمة مختلفة لتعويضهم او مكافأتهم بمبالغ مقطوعة لا تشكل عبئا كبيرا على خزينة الدولة.

  •  

جميع الحقوق محفوظة