الأحد 29 مارس 2020

الإيرادات النفطية ستغطّي بالكاد نصف الرواتب

الإيرادات النفطية ستغطّي بالكاد نصف الرواتب

الإيرادات النفطية ستغطّي بالكاد نصف الرواتب

أكدت مصادر مطلعة لـ «الراي» أن التعاطي مع تأثيرات انتشار فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط، تدفعان الموازنة العامة للدولة إلى منحدر خطر، إذ لن تكفي الإيرادات المحققة لسداد فاتورة الباب الأول من موازنة السنة المالية المقبلة (2020-2021) المخصص للرواتب وما في حكمها.
وبلغة الأرقام، أشارت المصادر إلى أنه في حال استمرار سعر برميل النفط الكويتي طوال العام المالي المقبل عند المستوى الحالي البالغ نحو 26 دولاراً للبرميل، فإن ذلك يعني تراجع الإيرادات النفطية المقدّرة في موازنة (2020-2021) بنحو 52.7 في المئة، على اعتبار ثبات الإنتاج، أي أن تلك الإيرادات ستتراجع 6.8 مليار دينار من 12.9 إلى 6.1 مليار، في ظل تقدير سعر البرميل بالموازنة عند 55 دولاراً.
ولفتت المصادر إلى أن ذلك يعني، أن إيرادات النفط في هذه الحالة ستغطي بالكاد نصف فاتورة الرواتب المقدّرة بالموازنة، البالغة 12.07 مليار دينار، في حين أن الأوضاع قد تسوء أكثر، خصوصاً في ظل توقعات مؤسسات عالمية ببلوغ سعر البرميل 20 دولاراً وربما أقل خلال الفترة القليلة المقبلة، نتيجة عدة عوامل، لعل أبرزها:
• تراجع الطلب العالمي جراء تفشي فيروس كورونا.
• التدابير الاحترازية التي أوقفت حركة الطيران.
• إغلاقات الحدود على مستوى دول العالم
• حظر التجول وما يتبعه من تقليل الطلب على الوقود.
• استمرار حرب الأسعار النفطية.
وفي ظل زيادة الإنتاج وانخفاض الطلب، نوهت المصادر إلى قيام بعض شركات نفط أميركية ببيع الخام الذي تنتجه بسعر سالب، للتخلص من إنتاجها المتراكم الذي لا تستطيع التصرف فيه في ظل الأوضاع العالمية الحالية، ما يعمّق من جراح أسعار النفط مجدداً.
وأكدت المصادر، أنه لا يمكن التعويل على الإيرادات غير النفطية للحد من أزمة الموازنة في ظل المعطيات الراهنة، إذ إن قيمة تلك الإيرادات ضئيلة مقارنة بحجم المفقود من نظيرتها النفطية، ناهيك عن كونها مهددة في الأساس بتداعيات كورونا على الشركات المحلية، إذ إن موازنة العام المقبل تتضمن إيرادات غير نفطية بـ1.87 مليار دينار، بينما قد تفقد الدولة نحو 500 مليون دينار من إيرادات الضرائب والرسوم، نتيجة للأوضاع التي تمر بها الشركات حالياً، ما يُعمّق من جراح الموازنة أكثر.
ووفقاً لما أعلنته وزارة المالية، فإن العجز المقدر في موازنة (2020-2021) عند سعر 55 دولاراً للبرميل يبلغ نحو 9.2 مليار دينار، ويرتفع حجم العجز مجدداً بما تفقده الكويت من إيرادات نفطية متوقعة في ظل الأسعار الحالية للنفط، إذ سيبلغ العجز نتيجة تراجع الإيرادات النفطية بـ6.8 مليار دينار نحو 16 مليار دينار، ويرتفع هذا الرقم مجدداً بمليار دينار أخرى تمثل قيمة الميزانية التي قُدّرت لمواجهة فيروس كورونا بـ500 مليون دينار، ما يرفع سقف المصروفات إلى 23 مليار دينار، ناهيك عن إمكانية عدم القدرة على تحصيل إيرادات ضرائب ورسوم بـ500 مليون أخرى، ما يرفع العجز الإجمالي المتوقع خلال السنة المالية المقبلة إلى 17 مليار دينار.

الاحتياطي والاقتراض
وفي حين تتوقع وكالات تصنيف ومؤسسات عالمية، وعلى رأسها «موديز»، استنفاد الاحتياطي العام نهاية السنة المالية المقبلة، نتيجة الاعتماد على الصندوق في تمويل عجوزات الموازنة، في ظل غياب قانون يمكّن الدولة من الاقتراض الدولي، فإن آثار «كورونا» واستمرار تراجع أسعار النفط قد يُسرّعان إفراغ الصندوق من سيولته بشكل أكبر، ما يزيد الضغوط على الموازنة لناحية الوفاء برواتب العاملين في الدولة.
وبيّنت المصادر أن الكويت أضاعت فرصة الاقتراض من أسواق الدين الدولية بكلفة منخفضة أقل من كلفة السحب من الاحتياطيات خلال الفترة الماضية، نتيجة عدم إقرار قانون الدين العام، في حين أن كلفة الاقتراض ستصبح أكبر الآن بعد تخفيض وكالة ستاندرد أند بورز التصنيف السيادي للدولة، مضيفة أن «خيارات تمويل العجز كافة أصبحت مكلفة على الدولة، فالاقتراض الخارجي بعد تخفيض التصنيف سيكون بكلفة أعلى من السابق، في حين أن تسييل الأصول في ظل معطيات الوضع الراهن عالمياً سيسجل خسائر في ظل تراجع قيم الاستثمارات والأصول عالمياً».
وفي حين لفتت مصادر إلى أن خيار إقرار قانون الدين العام بشكل عاجل، والاقتراض من أسواق الدين العالمية، هو الأفضل، قبل أن ترتفع كلفة الاقتراض بشكل أكبر، تفضّل مصادر أخرى تعديل قانون الاقتراض بما يسمح للحكومة بأن تقترض من صندوق الأجيال المقبلة، الأمر الذي ترى فيه فائدة مزدوجة للكويت، إذ إن فائدة الاقتراض التي ستدفعها الدولة ستذهب إلى احتياطيات الدولة مجدداً.

جميع الحقوق محفوظة