الاثنين 27 يناير 2020

55 مليار دينار عجوزات 6 سنوات

55 مليار دينار عجوزات 6 سنوات

55 مليار دينار عجوزات 6 سنوات

أصدر بنك الكويت المركزي بيانا صحافيا بمناسبة انتهاء زيارة بعثة خبراء صندوق النقد الدولي للبلاد خلال الفترة 7-20 يناير 2020 في إطار المشاورات الدورية لعام 2020، بموجب المادة الرابعة لاتفاقية إنشاء الصندوق، حيث تولى بنك الكويت المركزي بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي والجهات المحلية المعنية إنجاز الترتيبات الخاصة بتلك الزيارة بما في ذلك تجميع المعلومات والبيانات وترتيب الاجتماعات مع كبار المسؤولين في الجهات الحكومية وغير الحكومية لمناقشة الأوضاع الاقتصادية والسياسة المالية والسياسة النقدية ومتانة القطاع المصرفي والمالي. 

أدلى الدكتور محمد يوسف الهاشل محافظ بنك الكويت المركزي بتصريح حول تلك الزيارة أوجز فيه أبرز مضامين البيان الختامي الذي أعدته البعثة. وأشار المحافظ إلى أن البيان الختامي قد أبرز طبيعة التحديات الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد الكويتي وسبل مواجهتها. وقد رحب البيان الختامي لبعثة الصندوق بجهود بنك الكويت المركزي لتعزيز متانة القطاع المصرفي والمالي وزيادة تحصينه.

وأوضح المحافظ أن البيان الختامي للبعثة قد جاء ضمن ثلاثة محاور رئيسية، تشمل التطورات المالية الكلية الراهنة في دولة الكويت، والتوقعات الاقتصادية الكلية والمخاطر التي تواجه تلك التوقعات، ومناقشة السياسات.

وأشاد البيان في بدايته بتحسّن نمو القطاعات غير النفطية الذي بلغ نحو %3 في عام 2019 مدفوعا بقوة الإنفاق الحكومي والإنفاق الاستهلاكي. في حين تأثر نمو القطاع النفطي بانخفاض أسعار النفط وكميات إنتاجه، حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع النفطي بنحو %1 في ظل تمديد اتفاقية «أوبك+» لتخفيض الإنتاج من النفط. وعليه، فإنه من المقَدَّر أن يحقق الاقتصاد المحلي نمواً بنحو %0.7 في عام 2019 مقارنة بنحو %1.2 في عام 2018.

وتشير توقعات البعثة إلى ارتفاع إنتاج الكويت من النفط بنحو طفيف في عام 2020، ليصل إلى 2.7 مليون برميل يومياً، ما يؤدي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع النفطي بنحو %0.3. كما يتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاعات غير النفطية بنحو %3 في عام 2020، وأن تتسارع وتيرة ذلك النمو ليصل إلى نحو %3.5 في المدى المتوسط، مدعوماً بزيادة كل من الإنفاق الحكومي والتوظيف ونمو الائتمان. وعليه، تتوقع البعثة أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نحو %1.5 في عام 2020 وأن يبلغ %2.7 على المدى المتوسط.

وفي ما يتعلّق بتطورات الأسعار المحلية، وفي ظل ارتفاع كل من أسعار المواد الغذائية والنقل، وتباطؤ وتيرة تراجع الإيجارات في القطاع السكني، تتوقع البعثة أن يبلغ معدل التضخم السنوي لعام 2019 نحو %1.1، وأن يصل إلى نحو %1.8 في عام 2020، وذلك مع بدء ارتفاع الإيجارات في القطاع السكني.

وعلى صعيد الميزان الداخلي، سجّل رصيد الموازنة العامة (بعد خصم مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة، واستبعاد دخل الاستثمارات الحكومية) عجزاً بنحو %8 من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2019/18، حيث لم تتمكن الحكومة من إصدار أي دين جديد منذ أكتوبر 2017، في انتظار موافقة مجلس الأمة على قانون الدين العام الجديد، الأمر الذي اضطر الحكومة إلى السحب من أصول صندوق الاحتياطي العام لسد العجوزات في الموازنة العامة.

أما في ما يتعلّق بالميزان الخارجي، فتتوقع البعثة تراجع فائض الحساب الجاري لميزان مدفوعات دولة الكويت ليصل إلى نحو %8.5 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019، في ظل تراجع الصادرات النفطية وارتفاع الواردات.

وفي سياق آخر، أوضحت البعثة أن التدابير المالية التي تعتزم الحكومة اتخاذها لمواجهة التحديات القائمة على المدى القريب محدودة، حيث تُركّز الحكومة على الإجراءات المتاحة لها والتي لا تتطلب تغييرات تشريعية. وقد حددت لذلك مجموعة من خيارات الترشيد في النفقات العامة، وتشمل: 1) سد الثغرات في برامج الدعوم والتحويلات الاجتماعية المختلفة. 2) ترشيد الإنفاق الرأسمالي. 3) الحد من الهدر في الإنفاق العام من خلال تحسين المشتريات.

وفيما يتعلق بالإيرادات العامة، أشارت البعثة إلى أن الحكومة الكويتية تخطط لزيادة الإيرادات غير النفطية من خلال: 1) إدخال الضريبة الانتقائية على التبغ والمشـــروبــات السكريـــة المخطط لها منذ فتـرة طويلة. 2) إعادة تسعير الخدمـــات الحكوميـــة. 3) وتعزيز تحصيل الإيرادات العامة.

وتتوقع البعثة أن تزداد الاحتياجات التمويلية للحكومة بسرعة، وأن يتحول رصيد الموازنة العامة (بعد احتساب دخل الاستثمارات الحكومية، واستبعاد مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة) من فائض قدره %5.5 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 إلى عجز بالقيمة نفسها بحلول عام 2025. وضمن سيناريو استمرار التحويل إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، واستبعاد دخل الاستثمارات الحكومية، فإن أرصدة الموازنة العامة ستُحقق عجوزات مالية تراكمية بنحو 55 مليار دينار (يُعادل نحو 180 مليار دولار أميركي) على مدار الأعوام الستة القادمة. ودون اللجوء إلى مصادر التمويل الأخرى، وفي ظل الأوضاع الحالية فيما يتعلق بالتحويل إلى صندوق الأجيال القادمة، فسوف تكون تغطية هذه الاحتياجات التمويلية تحديا جديا، ما سيؤدي إلى استنفاد أصول صندوق الاحتياطي العام المتاح في أقل من عامين، بينما سيستمر إجمالي أصول الهيئة العامة للاستثمار بالارتفاع.

وأشارت البعثة في بيانها الختامي إلى أهمية تقليص فاتورة الأجور العامة تدريجيا من خلال المواءمة بشكلٍ أوثق بين أجور القطاع العام والقطاع الخاص واحتواء نمو الأجور في المستقبل. كما أن مواءمة هيكل الأجور العامة، وتعزيز العلاوات على أساس الكفاءة، وخفض فروقات الأجور المرتفعة للغاية في القطاع العام مقارنة بالقطاع الخاص، والترشيد المدروس للدعوم العامة وإصلاح التحويلات إلى المؤسسات العامة، من شأنه أن يولد وفورات كبيرة.

كما أكّدت البعثة في بيانها الختامي على ضرورة التسعير العادل للخدمات الحكومية عند مستويات استرداد التكاليف، وترشيد عمليات التحويلات إلى المؤسسات المختلفة من خلال الضبط والتنفيذ الجاد، وزيادة الاستثمارات العامة المعززة للنمو وتحسين كفاءتها. ومن شأن فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة %5 توسيع القاعدة الضريبية، وتحقيق إيرادات ثابتة للموازنة العامة، والمساعدة في رفع مستوى القدرة على إدارة الضرائب، وتوسيع تغطية ضريبة الدخل وفرض الضرائب على السلع الكمالية.

وترحب البعثة بالتعديلات الأخيرة التي أُدخِلت وفقا للقانون رقم 9 لسنة 2019 بشأن تنظيم تبادل المعلومات الائتمانية والذي مكَّن شركة شبكة المعلومات الائتمانية من البدء في تجميع المعلومات الائتمانية الخاصة بالشركات، وكذلك عززت جمع البيانات عن المقترضين الأفراد، حيث تم إنشاء نظام تصنيف شامل على مستوى الدولة، ما أتاح للبنوك قدرة أكبر على تسعير المخاطر. وتعتقد البعثة أن بنك الكويت المركزي لديه قائمة واسعة من أدوات التحوط الكلي والجزئي للحد من المخاطر المحتملة على الاستقرار المالي، وأن جهوده جديرة بالثناء في تعزيز حماية المستهلك وتعزيز الثقافة المالية، ما يُساعد في تخفيف المخاطر للمقترضين الأفراد.

وأخيرًا، رحبت البعثة بالتقدم المستمر في تحسين بيئة الأعمال، حيث تحسّن ترتيب دولة الكويت في تقرير «سهولة ممارسة أنشطة الأعمال» الصادر عن البنك الدولي لعام 2020 بفضل الإصلاحات في بدء الأعمال التجارية، والحصول على الكهرباء، والحصول على الائتمان، والتجارة عبر الحدود. وتشجّع البعثة خطط السلطات الكويتية الرامية إلى المزيد من تبسيط عملية التسجيل والإسراع في إصدار تراخيص الأعمال والاستيراد وإزالة الحواجز التنظيمية أمام الاستثمار الأجنبي المباشر.

 

ثناء على ما يقوم به بنك الكويت المركزي

نوه البيان الختامي لبعثة صندوق النقد الدولي بالأداء القوي للقطاع المصرفي الذي عكسته نسبة كفاية رأس المال التي بلغت نحو %17.6 في سبتمبر 2019، وما تتمتع به البنوك المحلية من سيولة وفيرة علــى المـــدى القصــير. وفي هــذا الصــدد أيضا، سجل معــدل صـافي القـــروض غيــر المنتــظمة، بعد خصم المخصصات المحددة، مستويات منخفضة بلغت نحو %1.2 من إجمالي محفظة القروض، مما يعكس تحسن جودة الأصول لدى البنوك، وكذلك ارتفعت نسبة تغطية المخصصات للقروض غير المنتظمة إلى نحو %229، وتراجع صافي الدخل من الفوائد نتيجة تقليص هامش أسعار الفائدة على الإقراض المصرفي وتكلفة الأموال. هذا، وتتوقع البعثة أن يتسارع نمو حجم الائتمان مع تدفقات إضافية محتملة لرؤوس الأموال ووفرة السيولة المصرفية.

وفي ما يتعلّق بالسياسة النقدية، أشارت البعثة إلى قرار بنك الكويت المركزي في أواخر عام 2018 بزيادة سقف القروض الشخصية الذي اتخذه في ضوء الظروف النقدية المواتية، قد أثمر تسارعا في نمو الائتمان المصرفي في دولة الكويت. كما أثنت البعثة على دور بنك الكويت المركزي في استخدام مختلف أدوات السياسة النقدية بحرفية عالية للحفاظ على جاذبية الدينار الكويتي ودعم الإقراض الموجّه للاقتصاد. وبالرغم من قيام الاحتياطي الفدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة على الدولار الأميركي في عام 2018، إلاّ أن بنك الكويت المركزي أبقى أسعار الفائدة دون تغيير (باستثناء مارس 2018)، وقام فقط برفع سعر الفائدة على اتفاقيات إعادة الشراء «الريبو». وأشارت البعثة إلى أن بنك الكـويت المــركزي خــــالف قرارين للاحتيـــاطي الفدرالي الأميركي بتخفيض أسعار الفائدة على الدولار الأميركي خلال عام 2019، وجاراه في تخفيضه الثالث لأسعار الفائدة في أكتوبر 2019.

وعلى صعيد سياسة سعر الصرف، اعتبرت البعثة أن ربط سعر صرف الدينار بسلة «غير معلنة» من العملات هي سياسة ملائمة للاقتصاد الكويتي وقد قدمت دعامة فعّالة ومرونة نسبية لسعر الصرف خلال فترة قوة الدولار الأميركي.

إلى جانب ذلك، أثنت البعثة على سياسات بنك الكويت المركزي الرقابية الحصيفة في التنظيم والإشراف، التي ساهمت في الحفاظ على مرونة القطاع المصرفي. وتدعم البعثة خطط البنك المركزي لإجراء دراسة شاملة لأدوات التحوط الكلي لضمان استمرارها في تعزيز مرونة القطاع المالي، ومنع تراكم المخاطر النظامية، وتحقيق التوازن بعناية بين أهداف الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي. وتدعم البعثة أيضا الجهود الجارية لتعزيز الأطر الإشرافية والتنظيمية وتعزيز الإشراف القائم على المخاطر. هذا، وقد رحبت البعثة بالتقدم في سبيل إنشاء هيئة شرعية مركزية في البنك المركزي، والذي من شأنه تقليل المخاطر الناجمة عن الاختلاف في الاجتهادات الفقهية لدى البنوك الإسلامية.

وترى البعثة ضرورة مواصلة السلطات الكويتية بذل الجهود لتعزيز إدارة الأزمات ووضع أطر لتسوية أوضاع البنوك في حال تعثرها، كما ينبغي أن تركز الإصلاحات على تطوير النظام الحالي للإفلاس وإعادة هيكلة البنوك، وتقليل المخاطر الأدبية، وتشجيع انضباط السوق، والمساعدة في حماية الموارد المالية. ولتحقيق هذه الغاية، كانت السلطات الكويتية قد أعدت مسودة قانون في هذا الشأن، وبدأت مناقشات داخلية لإعداد خطة مناسبة لضمان الودائع في الكويت.

  •  

جميع الحقوق محفوظة