الأربعاء 02 سبتمبر 2020

مستقبل قاتم لأول مدينة رقمية !

مستقبل قاتم لأول مدينة رقمية !

مستقبل قاتم لأول مدينة رقمية !

عندما أسس رين تشنغ في، الضابط السابق في جيش التحرير الشعبي (الجيش الصيني)، شركة هواوي في منطقة شنجن الاقتصادية الخاصة في عام 1987، كانت المدينة المزدهرة تكافح من أجل الحصول على مكان ذي مغزى في المشهد الاقتصادي الصيني.

قليلون كانوا يتصورون حينها أنه بعد أربعة عقود، ستظهر هذه المدينة الصغيرة - شنجن - كشعار للتنمية الاقتصادية الصينية، كما كان الأمر أيضا بالنسبة لشركة هواوي، التي أصبحت الآن جزءًا رئيسيًا من اقتصاد المدينة، وعملاقًا عالميًا لمعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية التي تعتبرها واشنطن تهديدًا أمنيًا وتحديًا محتملاً للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة. وفقا لتقرير على «أس سي أم بي».

ومع ذلك، بينما تحتفل شنجن، أول مدينة رقمية تدخل عصر 5G، بالذكرى السنوية الأربعين لتأسيسها كواحدة من أربع مناطق اقتصادية خاصة في الصين، فمن غير الواضح ما إذا كانت المدينة التي يبلغ عدد سكانها 13 مليون نسمة يمكن أن تستمر في التألق مع اقتراب الصين من حقبة جديدة مضطربة، يراها بعض نهاية مظلمة للمدينة في ظل مستقبل غامض.

وبينما تتبنى الولايات المتحدة نهجاً أكثر تصادمية ضد الصين، فإن سهولة وصول المدينة إلى رأس المال الأجنبي والتكنولوجيا والأسواق، التي كانت مهمة جداً في صعودها، تنهار. بالنسبة لشركة هواوي، فإن حظها ينفد حيث حاولت واشنطن بلا هوادة منع مشاركتها في شبكات اتصالات الجيل الخامس 5G حول العالم مع تقييد وصول الشركة إلى المكونات التقنية الأميركية الحيوية.

وسيحظر أمر حكومي أميركي جديد فعلياً شركة هواوي والشركات التابعة لها من شراء أشباه الموصلات المصنوعة من معدات أو برامج أميركية اعتباراً من سبتمبر، وهي قاعدة يعتبرها بعض المحللين بمنزلة حكم بالإعدام على الشركة.

إن الانكماش في أعمال هواوي، أو زوالها الكامل، لن يوجه ضربة لاقتصاد شنجن إحدى أكبر المناطق الاقتصادية الخاصة بالصين فحسب، بل يقوض الثقة الواسعة في القوة التكنولوجية والاقتصادية للصين، والتي تحاول بكين الترويج لها من خلال احتفال رفيع المستوى بالذكرى الأربعين للمدينة.

تأثير مخيف

قال ليو كايمينغ مدير معهد المراقبة المعاصرة في شنجن، الذي يتابع حالة الشركات المصنعة الصينية: إن العقوبات التي أضعفت هواوي سترسل تأثيراً مخيفاً عبر سلسلة التوريد الإلكترونية في الصين بأكملها.

وأضاف ليو: «لا توجد شركة أخرى في الصين يمكنها أن تحل محل هواوي لقيادة التكنولوجيا والعولمة في الصين، إذا لم تستطع هواوي تحمل العقوبات الأميركية، فمن يستطيع؟».

بالنسبة إلى اقتصاد شنجن، الذي تجاوز حجم هونغ كونغ العام الماضي، فإن خسارة «هواوي» ستكون مدمرة، حيث تعد الشركة واحدة من ألمع الجواهر في تاج المركز التكنولوجي.

وكانت «هواوي» أكبر مساهم فردي في إجمالي الناتج المحلي لشنجن في عام 2016، حيث ساهمت بنحو 7 في المئة من الناتج الاقتصادي، وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء في شنجن. في ذلك العام كانت الشركة الوحيدة التي ساهمت بأكثر من 100 مليار يوان (14.4 مليار دولار أميركي) في الاقتصاد المحلي.

وحتى مع ذلك، فإن الرقم لا يمثل سوى التأثير المباشر للشركة على اقتصاد المدينة، حيث يعمل الموردون وشركات قطاع الخدمات معها من المطاعم إلى الرعاية الصحية على توسيع نطاق تواجدها عدة مرات.

من جانبه، قال بينج بينج، نائب رئيس جمعية أبحاث إصلاح نظام قوانغدونغ، وهي مؤسسة فكرية تابعة لحكومة مقاطعة قوانغدونغ، إن العقوبات الأميركية على «هواوي» ستظهر في جميع أنحاء البلاد وتشير إلى أن الشركات الصينية على مستوى العالم لم تعد موضع ترحيب كما كانت من قبل.

الاستثمار الأجنبي

ويرى وافق ليو، الباحث المقيم في شنجن، أن مشاكل «هواوي» سيكون لها تأثير واسع على الاقتصاد الصيني، مما يدل على نهاية الحقبة التي تم فيها قبول الشركات الصينية كعناصر أساسية في سلاسل التوريد التقنية العالمية.

وقال ليو إن منطق مثل هذا التعاون قد توقف وبدأ الفصل، متوقعا أن تحزم بعض الشركات الصينية ذات الاستثمار الأجنبي، بما في ذلك العديد من الشركات الموجودة في شنجن، أمتعتها الآن وتغادر.

وأضاف: «إن شركات الإلكترونيات الممولة من الخارج هي في الواقع القطاع الراقي في صناعة الإلكترونيات الصينية الحالية الموجهة للتصدير، نقلها لن يكون ذا فائدة للابتكار التكنولوجي الصيني».

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت شركة Catcher Technology الممولة من تايوان، وهي مورد لشركة أبل، أنها ستبيع حصتها بالكامل في وحدتين صينيتين إلى Lens Technology ومقرها هونان مقابل 1.43 مليار دولار أميركي نقداً.

في يوليو، قال مورد آخر لشركة أبل ومقره تايوان، ويسترون، إنه سيبيع اثنتين من الشركات التابعة المملوكة بالكامل للشركة في شرق الصين إلى شركة Luxshare Group في البر الرئيسي.

وكشف ليو: «تماماً مثل أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما طلب المشترون الأميركيون من مورديهم التايوانيين والكوريين الانتقال من تايوان وكوريا الجنوبية إلى الصين، فإن نفس المشترين الأميركيين الآن يطلبون منهم الانتقال من الصين إلى فيتنام والهند وتايوان».

ورغم ذلك، فإن مستقبل شنجن وهواوي ليس قاتماً تماماً، نظراً لأن السوق المحلي الصيني الضخم لا يزال مصدراً للنمو.

واختتم لي داوكوي، الأستاذ بجامعة تسينغهوا، في مقابلة تلفزيونية الشهر الماضي، إن السوق المحلي الصيني الذي يضم 1.4 مليار مستهلك إلى جانب الأسواق في دول الحزام والطريق كلها ستكون كافية لدعم الشركات الصينية مثل هواوي.

توظيف الخريجين

تعتبر هواوي أكبر شركة توظيف للخريجين الجدد من أفضل الجامعات الصينية في عام 2019، بما في ذلك جامعة تسينغهوا وجامعة بكين وجامعة تشجيانغ وجامعة فودان. ومن بين موظفي الشركة البالغ عددهم 194 ألف موظف في جميع أنحاء العالم، يعمل أكثر من نصفهم في البحث والتطوير.

 

جميع الحقوق محفوظة