ركزت الأبحاث في السنوات الأخيرة على دور البكتيريا في الجهاز الهضمي وعلاقتها بالصحة والأمراض بشكل عام، لكن التركيز اتجه أيضا للعلاقة بين البكتيريا في الأمعاء وبين الدماغ، ومحاولة فهم كيفية التواصل المباشر بينهما، وكيف يمكن لهذه البكتيريا الدقيقة أن تتحكم في الدماغ مسببة أمراض عقلية مثل الاكتئاب والقلق والمزاجية وغيرهم. حسب «bbc Future»، فالأبحاث بدأت منذ أكثر من مائة عام، لكشف تأثير النظام الغذائي، وعملية الهضم على الأمراض العقلية، وأن مشاكل مثل الإمساك المزمن كانت مرتبطة بمرضى بأمراض عقلية. وفي السنوات الأخيرة بدأت الدراسات تربط بين تأثير البكتيريا والاكتئاب، حيث نزع العلماء الصينيون نوع محدد من البكتريا في الأمعاء عند مرضى الاكتئاب وزرعوها في الفئران، وكانت النتائج إصابة الفئران بالاكتئاب! تواصل البكتريا والدماغ تقول د. جين فوستر رئيس مختبر فوستر في جامعة «ماكمستر» الكندية: «لا خلاف على تأثير بكتيريا الأمعاء على الصحة العقلية، وأنه يمكن شفاء الدماغ من خلال البطن!، وأن الأمعاء غير الصحية قد تكون أحد أسباب الإصابة بالأمراض العقلية». وأشارت أبحاث حديثة على وجود تواصل متبادل بين البكتيريا في الجهاز الهضمي والدماغ، بشكل مباشر وعن طريق العصب المبهم أو العصب الحائر، وهو يبدأ من الدماغ وينتهي في المعدة، وكما أن الدماغ يصدر إشارات لأعضاء الجسم، فأن البكتيريا ترسل إشارات للدماغ تؤثرعلى العمليات العصبية والكيميائية فيه، وبالتالي الحالة الصحية النفسية والعقلية. ويأمل الباحثون بفهم أكبر لماهية العلاقة بين البكتيريا في الأمعاء والدماغ، تقول فوستر: «تطور الأبحاث في هذا الجانب يساعدنا على تطوير علاجات لأمراض عقلية مثل الاكتئاب». تعمل أدوية الاكتئاب في الوقت الراهن على تغيير توازن المواد الكيميائية مثل السيروتونين في الدماغ، لكنها غير فعالة مع جميع المرضى، فهناك اثنان فقط من كل 10 مرضى تتحسن حالتهم مع أدوية الاكتئاب. تحسين الغذاء تؤكد د. فيليس جاكا، متخصصة في التغذية في جامعة ديكن في أستراليا ومؤلفة كتاب «نظام غذائي لصحة عقلية جيدة” أن نظام البحر الأبيض المتوسط ​الغذائي «يعتمد على تناول نسبة كبيرة من البقوليات، والحبوب، وزيت الزيتون، والخضروات، والفواكه، ونسبة معتدلة من الأسماك، ومنتجات الألبان، وتناول نسبة قليلة من اللحوم»، له تأثير إيجابي على تنوع بكتيريا الأمعاء ويقلل من الالتهابات المزمنة المصاحبة للاكتئاب.