السبت 12 سبتمبر 2020

تخبُّط في استثمارات «الأوقاف»!

تخبُّط في استثمارات «الأوقاف»!

تخبُّط في استثمارات «الأوقاف»!

كشف تقرير رقابي حديث حصلت القبس على نسخة منه عن وجود تخبط يشوب استثمارات الأمانة العامة للأوقاف، كما تبين من الفحص عدم وجود آلية واضحة لدى الأمانة في توزيع الأموال المستثمرة على القطاعات الاستثمارية المتاحة لديها، وقيامها باستخدام أبسط الطرق الاستثمارية من دون بذل الجهد في البحث عن استثمارات آمنة يمكن الدخول بها، ما ينعكس سلباً على تنمية الأصول الوقفية. 

أفاد التقرير بأنه من خلال فحص أداء الأموال المستثمرة للنصف الثاني لعام 2019، قامت الأمانة باعتماد البيانات التاريخية والقيم الدفترية كأساس لدى إعدادها للبيانات المالية، على الرغم من الفروقات الشاسعة بينها وبين القيم الحالية أو السوقية للاستثمارات، حيث أظهرت حسابات الأمانة قيمة كل من «الصناديق والمحافظ الاستثمارية، والأوراق المالية، والعقارات المحلية» بمبلغ إجمالي 337 مليون دينار، في حين أن القيمة العادلة أو السوقية لتلك الاستثمارت تقدر بمبلغ 1.15 مليار دينار، أي بفارق قدره 820 مليون دينار، وذلك بموجب الإيضاحات الواردة بتقرير الأداء للأموال المستثمرة في 31 ديسمبر 2019، الأمر الذي أدى إلى ظهور البيانات المالية على غير حقيقتها، ولا تعكس الواقع بسبب عدم قيام الأمانة العامة للأوقاف بتطبيق المعايير المحاسبية في أعمالها، خصوصاً في الإفصاح عن البيانات الاستثمارية. كما أن الأمانة اكتفت بإصدار دليل سياسات وإجراءات وضوابط إعداد وعرض البيانات المالية، والذي لا يتناسب مع طبيعة وحجم المبالغ المستثمرة لدى الأمانة العامة للأوقاف والتي تجاوزت المليار دينار، ومما لا شك فيه أن إظهار البيانات المالية بعكس واقعها يشكل خطراً كبيراً على إدارة الأصول الوقفية ويؤثر بشكل مباشر على القرارات الاستثمارية التي تتخذ.

ولفت إلى انعدام القيمة السوقية لبعض الأسهم والصناديق الاستثمارية والمحافظ المالية التي تستثمر فيها أموال الواقفين، وانخفاض قيمة البعض الآخر وتوقفها عن التداول، مبيناً من خلال الفحص والمراجعة أن القيم السوقية لبعض الأسهم والصناديق الاستثمارية منعدمة أو منخفضة بنسب كبيرة، مما تسبب في خسائر غير محققة في استثمارات أموال الوقف بلغت 19.50 مليون دينار. وجاء ذلك بسبب الدخول في استثمارات غير محكمة أو محصنة وغير آمنة، الأمر الذي يشير إلى عدم الدراسة الكافية وأخذ الحيطة عند اتخاذ القرارات الاستثمارية، خصوصاً أنها أموال واقفين.

لا تنوع للاستثمارات

وأشار التقرير إلى عدم وجود تنوع في الاستثمارات التي قامت بها الأمانة العامة للأوقاف خلال عام 2019، واقتصارها على الاستثمار في الودائع البنكية، حيث بلغت قيمة الاستثمارات في الودائع ما جملته 93.8 مليون دينار دينار خلال العام الماضي، والتي تعد عوائدها متدنية بالمقارنة مع الاستثمارات الأخرى، وذلك بالمخالفة للسياسات واللوائح الاستثمارية.

كما تبين عدم قيام الأمانة العامة للأوقاف في الدخول في استثمارات جديدة ومتنوعة، واقتصارها على الاستثمار في الودائع البنكية التي تعد عوائدها المالية متدنية بالمقارنة مع الاستثمارات الأخرى، حيث لم تتجاوز نسبة العوائد المحققة من الاستثمار في الودائع في أعلى معدلاتها 2.5 في المئة، وبمتوسط عائد بلغ 1.6 في المئة في 5 سنوات منذ عام 2014 وحتى 2019.

وزاد: «إن عدد الودائع بلغ 34)وديعة بقيمة إجمالية تبلغ 93.8 مليون دينار، بناء على ما هو وارد في تقرير الأداء للأموال المستثمرة بتاريخ 31 ديسمبر 2019، وقد تضخمت المبالغ المستثمرة في الودائع لدى الأمانة العامة للأوقاف بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، وتحديدا منذ عام 2014، حيث كان رصيد الودائع في ذلك الوقت لا يتجاوز مبلغ 1.54 مليون دينار، وتزايدت المبالغ المستثمرة في الودائع خلال 5 سنوات بشكل ملحوظ بزيادة نسبتها %5991 دون وجود سياسات استثمارية تبين أسباب هذه الزيادة الكبيرة جدا».

وكشف التقرير عن ضياع فرصة تحقيق عوائد مالية تقدر بقيمة 1.23 مليون دينار بسبب عدم تحقيق 17 عقارا، أي ایراد خلال عام 2019 وتقدر قيمتها السوقية بمبلغ 15.3 مليون دينار، الأمر الذي عطل تنمية تلك الأصول وتحقيق الحجج الوقفية لأغراضها بسبب عدم قيام الأمانة العامة.

وتابع: « بمتابعة تلك العقارات وتطويرها، تأكد ضعف إدارة الأمانة العامة للأوقاف لتلك العقارات الوقفية وعدم قيامها بمتابعتها وتطويرها، ما ادى الى حرمان الأصول الوقفية من تحقيق عوائد تقدر قيمتها بمليون دينار خلال سنة فقط.

كما قامت الأمانة بإخلاء محال مجمع الأوقاف منذ عام 2003 واتضح بعد الاخلاء حاجة قواعد المجمع للتدعيم، ولوحظ تأخر الأمانة في أعمال تطوير المجمع لعدم اتخاذ الإجراءات والقرارات اللازمة وتفعيل المتابعة مع الجهات ذات العلاقة تمهيدا لبدء طرح الأعمال المطلوب تنفيذها، ولم يتم التعاقد على الأعمال الاستشارية لتطوير المجمع إلا في عام 2014، وقد بلغ عدد المحال التجارية الشاغرة في المجمع 166 محلا منذ عام 2017 حتى تاريخه من أصل 332 محلا تجاريا، ما تسبب بضياع فرصة تنمية الأموال الوقفية، حيث بلغ ما أمكن حصره من قيمة الأرباح غير المحققة لتلك المحال التي تم إخلاؤها ما جملته 4.9 ملايين دينار تقريبا في 7 سنوات.

ضعف السياسات

وتطرق التقرير الى انه من خلال فحص ومراجعة تقرير الأداء للأموال المستثمرة في 31 /‏ 12 /‏ 2019 تضخم رصيد حساب إيرادات العقارات المستحقة بقيمته 4.88 ملايين دينار، وذلك نتيجة عدم تحصيل الأمانة لتلك المبالغ المستحقة لها من الايجارات العقارية، الأمر الذي يشير إلى ضعف إجراءاتها وسياساتها في متابعة الأموال الوقفية.

وبين هبوط قيم بعض الشركات المساهمة بها الأمانة العامة للأوقاف بشكل كبير خلال عام 2019، بقيمة بلغت 2.73 مليون دينار دون قيام الأمانة بإجراءات فعالة ومتابعة أوضاع تلك الشركات نتيجة التدني المستمر لوضع تلك الشركات في السوق، ما يؤكد ضعف السياسات الاستثمارية وعدم وجود متابعة للإستثمارات الوقفية، اذ ان نسبة الهبوط في إحدى الشركات وصلت إلى %48.6 خلال سنة واحدة فقط، وقد تبين اكتفاء الأمانة بتكوين مخصص هبوط لتلك الشركات لمواجهة هذا الانخفاض دون قيامها بمتابعة أوضاع تلك الشركات للتأكد من وضعها في السوق ومدى أفضلية البقاء أو التخارج منها. علما بأن بعض الشركات واصلت هبوطها من عام 2018، واستمرت بذلك في عام 2019 ولم تقم الأمانة بأي إجراء بشأنها خلال السنتين الماضيتين، ما أدى إلى زيادة الخسائر غير المحققة بنسبة 81 في المئة في إحدى الحالات، الامر الذي يؤكد ضعف السياسات الاستثمارية لدى الأمانة وعدم وجود متابعة مهنية للاستثمارات الوقفية.

وتطرق التقرير الى زيادة الديون المشكوك في تحصيلها بنسبة %81.18 خلال عام 2019، حيث بلغت الديون التي تم تسجيلها مبلغ 1.65 مليون دينار، علما بأن الديون المتراكمة قبل هذا العام بلغت مليوني دينار يعود بعضها إلى أكثر من 15 عاما، دون قيام الأمانة العامة للأوقاف بالعمل على تحصيل تلك المبالغ، تبين من خلال الفحص والمراجعة ارتفاع قيمة الديون المشكوك في تحصيلها خلال عام 2019، حيث تم تسجيل مديونية بقيمة 1.65 مليون دينار من إجمالي الديوان المتراكة لدى الأمانة والبالغة 3.7 ملايين دينار تقريبا، غالبيتها تخص إيجارات لم يتم سدادها من قبل المستأجرين، ويعود بعضها إلى أكثر من 15 عاما، دون قیام الأمانة يتحصيل تلك المبالغ، علما بأن الأمانة تقوم بدراسة قرار لإعدام تلك الديون بدل اتخاذ الإجراءات الجادة والكفيلة لتحصيل تلك المبالغ وملاحقة المتخلفين عن السداد.

ريع لا يوزَّع على المحتاجين!

قال التقرير إنه تبيّن من خلال الفحص والمراجعة لدفاتر «الأوقاف» أن هناك تضخّماً في رصيد «الريع» المتراكم لدى الأمانة العامة للأوقاف، بما جملته 73 مليون دينار، وتعتبر هذه المبالغ عن الإيرادات الوقفية المتراكمة على مدى سنوات عدة لم تقم «الأمانة» بصرفها في الأوجه المخصصة لها، أو البحث عن مستحقيها، ما أدى إلى تعطل الحجج الوقفية وعدم تحقيق المقاصد الشرعية التي من أجلها جرى وقف تلك الأموال، إضافة إلى حجب الريع عن مستحقيه بالمخالفة لشروط الواقفين، الأمر الذي يعد تقصيراً من قبلها تجاه حقوق الواقفين لديها، وإخلالاً بشروط النظارة، وبما يحقق المقاصد الشرعية للوقف، وتنمية المجتمع حضارياً وثقافياً واجتماعياً لتخفيف العبء عن المحتاجين في المجتمع.

لا خطط لأعمال الخير

أكد التقرير ضعف إمكانيات الأمانة العامة للأوقاف في إدارتها الأموال الوقفية، وصرفها في الأوجه المخصصة لها، وافتقارها إلى طرح مشاريع، تخدم وتساعد في تحقيق الحجج الوقفية، واكتفت الأمانة بدعم مشاريع مقدمة من قبل جهات أخرى (لجان خيرية، مؤسسات حكومية..)، ولم تقم بالمبادرة بإنشاء مشاريع وقفية تستوعب حجم المبالغ الموقوفة لديها، وتكون مطابقة للحجج الوقفية ولطبيعة عملها، كما ليست لدى الأمانة خطة إستراتيجية واضحة لصرف المبالغ المتراكمة لديها على أوجه الخير بشكل دقيق.

اختلاف في التقييم

بيّن التقرير اختلافاً، بقيمة 26.9 مليون دينار في القيم السوقية للعقارات الوقفية لدى الأمانة؛ بسبب عدم مرجع، وآلية واضحة، في احتساب القيمة السوقية للعقارات واعتمادها، الأمر الذي يؤثر في صحة البيانات المالية ومصداقيتها لدى «الأمانة».

أموال مجمَّدة

استغربت مصادر معنية قيام الأمانة العامة للأوقاف بالتوجّه إلى استثمار أموالها في الودائع. في المقابل، لديها عشرات الأراضي الفضاء والمباني المتهالكة التي بحاجة الى تطوير، ما يعود عليها بأموال مجزية أكثر من عوائد الودائع المتدنّية.

نقل الاستثمارات للمتخصّصين

أفاد التقرير بأن «الأمانة» عاجزة عن مواكبة السبل الحصيفة في الاستثمارات، والعمل على تنميتها؛ وبالتالي من الضروري نقل تلك الاستثمارات إلى جهات متخصصة في الاستثمار؛ مثل الهيئة العامة للاستثمار، على أن تبقى «الأمانة العامة» جهة خيرية.

  •  

جميع الحقوق محفوظة