الأحد 15 نوفمبر 2020

القسائم الصناعية.. أسعار جنونية!

القسائم الصناعية.. أسعار جنونية!

القسائم الصناعية.. أسعار جنونية!

يبدو أن حال القسائم الصناعية ليس ببعيد عن حال قضية القسائم الزراعية التي فتحت القبس ملفاتها الأسبوع الماضي، حيث أجمع خبراء صناعيون وعقاريون على أن القسائم الصناعية لم تسلم من المستثمرين غير الجادين، وأن إعطاء التراخيص للسماح لعدد من الأنشطة الحرفية والغذائية والمطاعم والمقاهي وحتى المعارض، ساهم في ندرة الأراضي الصناعية وعزز من رفع أسعار القسائم الصناعية بشكل كبير وجنوني ليتراوح سعر المتر الواحد ما بين ألفين و3 آلاف دينار، ليتراوح سعر القسيمة ما بين مليونين وثلاثة ملايين دينار للقسيمة، ما زاد من أعباء المستثمرين الجادين.

قال عضو اتحاد الصناعات رئيس مجلس ادارة مجموعة شركات المهلب للتجارة العامة والمقاولات خالد العبدالغني، انه نتيجة لندرة الاراضي والحاجة لصناعات جادة من قبل مستثمرين صناعيين جادين، ارتفعت اسعار الاراضي الصناعية، وبتنا نشهد مزيجا من المستثمرين والافراد الجادين وغير الجادين، علما ان المناطق الصناعية محصورة بالشعيبة الصناعية وصبحان والصليبية، حيث ان منطقتي الري والشويخ باتت من المناطق الخدمية اكثر مما هي صناعية.

وزاد: «اعتقد ان الموجود في الوقت الراهن من المستثمرين هم الجادون بسبب الاسعار المرتفعة، التي شكلت فرصا مغرية لغير الجادين لبيع اراضيهم وقسائمهم. علما ان العديد من المستثمرين العقاريين اعتادوا الاستثمار بهذه القسائم وكانت جزءا من نشاطهم العقاري، وحاليا لم يعودوا موجودين، ومن تبقى هم المستثمرون الجادون وجميعهم يستغلون قسائمهم بالشكل الصحيح».

وبين انه كنتيجة لشح الاراضي، تم توزيع جزء من صبحان لتخصص كقسائم للنشاط الغذائي، موضحا انه عندما تم عرض توسعة على اصحاب المشاريع %50 من قيمة الارض المخصصة وافقوا على ذلك بسبب ندرة الاراضي.

واوضح العبدالغني ان القوانين كفيلة بسحب القسائم الصناعية من الأفراد الذين لا يستحقونها وهناك متابعة جيدة، الا اننا نطلب تشديد المتابعة من باب الحرص ومراعاة الالتزام.

وحول الآلية التي يجب اتباعها للحرص على توزيع القسائم على مستحقيها قال: سبق أن طالبنا كاتحاد الصناعات ان يعمل المستثمر الصناعي على استكمال البناء واستيراد الآلات، إضافة الى تشغيل المصنع اولاً، وبعد 5 سنوات له الحق في أن يتنازل عن القسيمة وبيعها إن أراد ذلك.

وتابع: هذا المقترح سيجعل المستثمر غير الجاد الذي يهدف للمضاربة العقارية وليس الصناعة بأن يعيد النظر بمخططه، إلا أنه للأسف الشديد قامت الهيئة العامة للصناعة بتقليص مدة المقترح إلى سنتين وهي مدة نجدها غير كافية للحد من المستثمرين غير الجادين.

وافاد بأن أسعار القسائم الصناعية غالية جداً حيث يتراوح سعر الألف متر ما بين 500 ألف دينار و800 ألف دينار اعتماداً على الميزات، ولا تزال الاسعار في ارتفاع بسبب ندرة الأراضي وعدم توافرها وهي مشكلة أزلية في الدولة.

ندرة الأراضي

من ناحيته، قال الخبير الصناعي أحمد النوري: إن الأراضي الصناعية المخصصة في الأغلب مستغلة بالشكل المطلوب مع بعض التحفظات على عدم توفير المساحات (احجام الاراضي) التي تتناسب مع بعض الصناعات والمتطلبات التخزينية واللوجستية التي تساند العمليات الصناعية، موضحاً انه بسبب كثرة الدراسات وندرة الأراضي للمشاريع الجديدة اختلط الصناعي الجاد بالشخص الذي يرغب في الأرض الصناعية لبيعها بهدف الكسب السريع (غير المشروع)، وذلك نتج عنه بطء الهيئة العامة للصناعة في شروعها بتوزيع الأراضي الصناعية وزيادة الإجراءات التنفيذية للتأكد من جدية صاحب الدراسة.

وفي ما يتعلق بالقسائم الأعلى طلباً، قال يعتمد ذلك على نوع المشروع الصناعي وقرب مصادر المواد الأولية له، ولكن في الغالب تكون المناطق القريبة من الموانئ البحرية هي الأعلى طلباً، طبعاً مع الافتراض أن جميع المناطق الصناعية تحتوي على بنية تحتية مناسبة لنوع الصناعة.

ولفت النوري إلى أن القانون موجود ومطبق من الهيئة العامة للصناعة، ولكن هناك بعض الضغوط السياسية تجعل «البعض» فوق القانون، ونأمل، كصناعيين، أن يطبق القانون على الكل بمسطرة واحدة.

وبين النوري أن مسمى «عقارات» يعتبر غير مناسب للأراضي الصناعية، لأنها بالنهاية أراض مملوكة للدولة وتخصص للصناعيين لإقامة مشاريعهم عليها من خلال التنسيق والتعامل مع الهيئة العامة للصناعة. وباعتقادي، إن الآلية التي يجب اتباعها هي التعامل مع أصحاب المشاريع الصناعية بعقلية القطاع الخاص الذي يفتح المجال للمشاريع بالعمل وتتم مراقبة النتائج، فإن نجحت زاد الدعم وتوسعت الصناعة، وإن فشلت يتم تغيير النشاط أو إلغاؤه.

وزاد: نعتقد أنه من الإيجابي أن تقوم الدولة، ممثلة بوزارة التجارة، بعرض المشاركة مع المشاريع الناجحة لتنعكس الفائدة على الدولة وزيادة وتنويع مصادر الدخل لها، ويمكن أيضاً التخارج من خلال طرح نصيب الدولة أو جزء منه للاكتتاب العام لهذه المشاريع الناجحة للارتقاء بالاقتصاد الوطني.

وأضاف أن أسعار القسائم مرتفعة جداً بسبب ندرتها مقارنة بعدد المشاريع التي تمت الموافقة عليها من الهيئة العامة للصناعة، وأن ارتفاع الأسعار يزيد من الأعباء المالية على أصحاب المشاريع الصناعية، ولكن من الممكن أن تحل هذه المشكلة بتطوير مناطق صناعية وتخصيص أراضيها للصناعيين من الهيئة بشكل مباشر مع تقييم المشاريع لدعم المشروع الناجح وسحب المشروع المتعثر.

قانون صناعي

من ناحيته، قال الخبير العقاري أحمد الزنكوي إن الإراضي الصناعية لم تستغل حسب العقود المبرمة مع الدولة، فتم تحويل الكثير منها من ورش صناعية وحرفية إلى محال ملابس ومقاه وغيرها، مضيفاً: نحن بحاجة إلى سن قانون صناعي حازم لإعادة استخدام تلك الأراضي بالشكل المطلوب وحسب عقد الدولة بالإضافة إلى سحب القسائم غير المستغلة بالشكل المطلوب.

وأوضح الزنكوي أن عدم استغلال القسائم الصناعية لأغراضها وتحويلها إلى محال تجزئة ومقاه وترفيه أدى إلى ارتفاع أسعار القسائم الصناعية بشكل جنوني وزيادة الطلب عليها، مشيراً إلى أن منطقة الشويخ الأغلى في الأسعار ومن ثم الري تليها صبحان والفحيحيل وأمغرة.

وتابع: ان القسائم الحرفية تم التلاعب فيها من خلال تحويلها الى معارض واسواق مركزية ومقاه ومطاعم وجبات سريعة، الامر الذي ساهم في رفع الاسعار، مؤكدا انه للحد من المستثمرين غير الجادين، فلا بد من تطبيق القانون بشكل حازم، والتدقيق برخص القسائم، وعدم السماح بالبيع او التنازل عنها لفترة طويلة. وزاد: ما يحدث الان ان مستثمراً يقوم بشراء حق انتفاع بقسيمة، وخلال فترة قصيرة يتنازل عنها لمجرد حصوله على سعر أعلى، ما أدى الى وصول اسعار القسائم الصناعية الى ارقام خيالية.

وبيّن ان الثقة الزائدة عند المستثمرين في القسائم الصناعية جعلتها بيئة مضاربة بالاسعار، وجعلت ايجاراتها مرتفعة بشكل ملحوظ، ناهيك عن انه لا توجد تكلفة صيانة عليها، ولا توجد مصاريف كما هي في البناء الاستثماري، ما جعل المستثمرين يفتحون عيونهم على جميع المناطق الصناعية في البلاد.

واضاف: ان من ضمن الحلول ان تتم اعادة توزيع اختصاصات كل منطقة صناعية، مثلا الكراجات لتكون في مكان واحد، والمعارض بمكان آخر، والورش في منطقة أخرى.

مقترحات صناعية

قال أحمد النوري: اقتراحاتنا ليست من صنع الخيال، فهي مطبّقة في دول مجاورة وتحكي قصص نجاح، لذا فإننا نقترح ان تقوم الهيئة بتجربة تخصيص أراضٍ صناعية تخصص للصناعيين بمبالغ تدفع للهيئة وتكون الايجارات السنوية متدنية جدا لعدم تحميل المستثمر الصناعي أعباء سنوية، خصوصا في بداية مشروعه الصناعي. وبذلك تتمكن الهيئة من تطوير مناطق جديدة باستخدام هذه العوائد المالية بشكل سريع ومتكرر من دون تحميل ميزانية الدولة أعباء مالية لتطوير هذه المشاريع الصناعية. وبالتالي، تنخفض اسعار القسائم الصناعية، اضافة الى انه لن يتقدم للحصول على الارض الصناعية الا المستثمر الجاد الذي يتمتع بملاءة مالية لتنفيذ المشروع واغلاق الباب على تجارة أملاك الدولة.

واضاف: تتراوح الأسعار بين 50 و300 دينار للمتر المربع، بناء على نَفَس الهيئة بتخصيص الارض بفترة معينة، وكذلك نوع المنطقة الصناعية، فمثلا أراضي منطقة الشعيبة الغربية اغلى بكثير من منطقة امغرة، وكذلك منطقة الشويخ الصناعية اغلى، مثلا، من منطقة صبحان بسبب استغلال الاراضي بالايجار بالباطن، اضافة الى ان الايجارات لهذه الاراضي تتغير بتغيّر الغرض من الترخيص.

الكويت متأخرة صناعياً

قال خالد العبدالغني ان صبحان الصناعية تعد الاعلى طلبا من بعد الشويخ والري وذلك بسبب قرب موقعها، لافتا الى انه الى الآن لا يوجد مناطق صناعية «مؤهلة» ومغلقة لتشمل على خدمات خاصة بها وخدمة الشباك الواحد. حتى تلك الموجودة في الشعيبة وصبحان، فهي عبارة عن مصانع قائمة على مناطق مفتوحة فقط، فالكويت لا تملك فعليا ولا مدينة صناعية واحدة حتى وقتنا هذا.

تجديد الرقابة

يقول الخبراء ان منطقة صبحان الصناعية باتت في الصدارة من بعد الشويخ والري من حيث الطلب والاسعار، مشيرين في الوقت ذاته الى امكانية الحد من المستثمرين العقاريين (لا الصناعيين) تكمن من خلال تشديد الرقابة بتطبيق القانون والزامهم بالتقيد بعمليات استكمال وتشغيل المنشآت الصناعية لفترات طويلة لا تقل عن 5 سنوات على الاقل لاعطائهم حق التنازل في حال ارادوا ذلك.

مدن صناعية

طالب خبراء بضرورة الاستثمار بانشاء مدن صناعية جديدة و اشراك القطاع الخاص فيها للنهوض صناعيا،لافتين الى ان هذا الامر من شأنه ان يعزز القوة الاقتصادية ويعود بالبلاد الى الصدارة في المنطقة.

1.5 مليون دينار سعر ألف متر!

بيّن أحمد الزنكوي ان منطقة القسائم الغذائية في الشويخ الصناعية التي تقع خلف سوق التمور تعد أغلى المناطق في الشويخ حاليا، لكونها مرغوبة جدا، ناهيك عن ان الأزمة ساهمت في رفع سعرها بسبب الامن الغذائي، فالمحال ازدهرت مبيعاتها في هذه الفترة وايجاراتها عالية، كما ان العائد على هذه المحال مجز، علما بأن سعر القسيمة فيها التي تبلغ مساحتها الف متر مربع  وصل الى نحو مليون ونصف المليون دينار. أما عن اسواق القرين الحرفية أو العارضية الحرفية، فقال الزنكوي إن تحويلها الى منطقة حيوية تحتوي على محال ومطاعم ومعارض وغيرها ساهم في رفع أسعارها ليصل سعر المتر الى ما بين ألفين و3 آلاف، ما يجعل سعر القسيمة يتراوح ما بين مليونين وثلاثة ملايين دينار. وطبعاً حسب الموقع، فإذا كان داخلياً، فإن السعر في حدود مليوني دينار. أما على الشارع العام، فسعرها يصل إلى 3 ملايين دينار.

heba_heather@alqabas.com.kw

جميع الحقوق محفوظة