الاثنين 21 أكتوبر 2019

الشعب اللبناني يردّ على الحكومة: «رح نبقى بالشارع»

الشعب اللبناني يردّ على الحكومة: «رح نبقى بالشارع»

الشعب اللبناني يردّ على الحكومة: «رح نبقى بالشارع»

المشهد في الساحات اللبنانية، بعد مقررات الحكومة أمس، لم يختلف عنه قبلها، حيث استمرت الساحات بالوهج نفسه، حتى بدا شبيها الى حد كبير بيوم الأحد بمليونية بشرية في كل المناطق، مع استمرار قطع الطرقات. وبدت طرابلس وصور وبيروت عرائس المدائن، التي احتضنت ساحاتها وشوارعها بكل ألوان الطيف اللبناني، رافضين الورقة الإصلاحية، وغير مصدِّقين وعود هذه السلطة التي أوغلت في إفقارهم وتهميشهم.

الإصلاحات الموعودة التي أقرها مجلس الوزراء أمس، لم تُفلح في تهدئة الشارع الذي عبّر عن عدم ثقته «التامة» بالسلطة. وبعد خروج الرئيس سعد الحريري عقب الجلسة ليتلو المقررات، عبّر المحتجّون على امتداد الوطن عن غضبهم وعدم تصديقهم كل هذه الوعود، معتبرين أنّ ما جرى إقراره عبارة عن «دجل وخداع»، اعتادته هذه السلطة. في حين أعلن المتظاهرون في منطقة جلّ الديب العصيان المدني.

وأكّد المتظاهرون الاستمرار في تحرّكاتهم السلمية، هاتفين بشعارات، منها: «رح نبقى رح نبقى». وفي ساحة النور بطرابلس، قال المعتصمون إنّهم مستمرون بالتظاهر حتى تحقيق المطالب، وطالبوا جميع الرؤساء والسياسيين بالتخلّي عن الحكم.

اجتماع وخلافات

وكان مجلس الوزراء انعقد في القصر الجمهوري، المحصَّن بأسلاك شائكة وآليات عسكرية، برئاسة رئيس الجمهورية وغياب وزراء «القوات اللبنانية»، الذين تقدّموا باستقالاتهم رسمياً، على وقع نبض الشارع وهتافات المحتجين.

وفي اول موقف له منذ اندلاع الاحتجاجات، لفت عون في مستهلّ الجلسة الى أن ما يجري في الشارع يعبّر عن وجع الناس، ولكن تعميم الفساد على الجميع فيه ظلم كبير؛ لذلك يجب على الأقل البدء باعتماد رفع السرية المصرفية عن حسابات كل من يتولى مسؤولية وزارية حاضراً أو مستقبلاً.

في المقابل، حصل سجال داخل الجلسة بين وزراء «التقدمي الاشتراكي» ووزراء التيار الوطني الحر، بينهم وزير الخارجية جبران باسيل، بشأن المواضيع الاقتصادية والاصلاحية والسياسية، وسط مطالبة «الاشتراكي» باستقالة باسيل واجراء تعديل حكومي، في حال لم تستقل الحكومة.

وتمحورت جلسة مجلس الوزراء على مناقشة «الورقة الإصلاحية»، التي أعدّها الحريري لمحاكاة المطالب الشعبية، واثر الاجتماع خرج الحريري، متوجّها بكلام سياسي ـــــ وجداني الى الشباب «الذين صبروا لوقت طويل وانفجروا تعبيراً عن غضبهم، والمطالب كثيرة ومحقة»، كما تضمّنت كلمته رسالة الى الخارج بقوله: «كل الامور التي لها علاقة بالقطاعين الخاص والعام ستبت في المستقبل، واجراءاتنا تُرضي سيدر».

الحريري عقب جلسة مجلس الوزراء

 

 

وقال الحريري للمتظاهرين: «القرارات التي اتخذناها قد لا تحقّق مطالبكم، وليست للمقايضة او للطلب منكم وقف التظاهر، وواجب الدولة ان تحميكم وتحمي التعبير»، وأضاف: «انتم البوصلة، وأنتم حرّكتم مجلس الوزراء، وهو ما أوصل الى القرارات التي اتخذناها، ومن موقع مسؤوليتي عملت ثلاثة ايام للوصول إلى ما وصلنا اليه، وصوتكم مسموع، واذا كان مطلبكم انتخابات مبكرة فأنا معكم». وقال: «يجب ان تعلموا ان ما قمتم به كسر الحواجز وهزّ الاحزاب والتيارات وحاجز الولاء الطائفي وأعدتم الهوية اللبنانية إلى مكانها الصحيح، وهذا أكبر مكسب وطني ونأمل في ان يكون ذلك بداية لنهاية النظام الطائفي، وللبنان الجديد».

انقضاض السلطة

لكن ربما فات الحريري أن اغلب هذه «القرارات» بحاجة الى تصويت في مجلس النواب عبر اللجان النيابية التي تستغرق شهورا في العادة قبل ان تحال الى جلسة نيابية عامة.

القبس استطلعت معالم المرحلة المقبلة بعدما طوى المتظاهرون يومهم الخامس، بعزم وإرادة على مواصلة تحرّكاتهم بعدما حدّدوا سقف مطالبهم: رحيل الحكومة وإعادة النظر بالتركيبة السياسية، التي أوصلت البلد الى حال من الاهتراء والتحلل، في وقت اثبتت الحكومة أنها وحدة صلبة في مواجهة الشارع.

ونقلت مصادر مقرّبة من «القوات اللبنانية» في اتصال مع القبس ان السلطة السياسية التي فاجأتها التحرّكات عكفت في الأيام الفائتة على البحث في وأد الانتفاضة أكثر مما سعت إلى إعداد ورقة اقتصادية إصلاحية، كما سوّقت.

وأول مؤشرات انقضاض السلطة على هذه الانتفاضة ما بدأت «مطابخ» قوى السلطة تروجه عن دعم السفارات العربية والغربية وتمويلها للمحتجين، إضافة إلى عامل أخطر وأهم، يتمثّل في رفد هذه التظاهرات ببعض المجموعات الحزبية النافذة التي بدأ صوتها يُسمع في الساحات، احتجاجاً على رفع بعض الشعارات من المتظاهرين، لا سيما شعار «كلن يعني كلن». وقد أبدى عدد في ساحة رياض الصلح أمس، خشيتهم من تفاقم هذه الظاهرة، ما قد يؤدي الى تشرذم الاحتجاجات وتفكّكها. علما بأن نجاح التظاهرات حتى الآن يعود في قسم منه الى غياب السياسة والشعارات الحزبية والاكتفاء بالعلم اللبناني.

خطر «حزب الله»

وإزاء الخشية من تحرّك ما، قد يقوم به «حزب الله» لفض هذه الاعتصامات، قال الصحافي عماد الشدياق: ان الحزب في مأزق حقيقي، مستبعداً حصول هذا الامر، فهو يواجه للمرة الأولى تظاهرات على امتداد كل الوطن، لكن هذه التظاهرات لا تأتي على ذكر سلاحه ليتخذها ذريعة لاستنهاض همم مناصريه، ثم انه عاجز حتى الآن عن اتهامها بالتكفير او بالتبعية الى الخارج، فمطالبها اجتماعية صرفية، تصعب شيطنتها.

وأخيراً، يقول الشدياق إن أعداد المتظاهرين تفوق قدرته على أي تحرّك مضاد أو أي محاولة تحجيم.

بيروت هدف السلطة

في هذا الإطار، اعتبر الكاتب السياسي حسام عيتاني في اتصال مع القبس أن محاولة قوى السلطة وقوى الأمر الواقع الإمساك بزمام الوضع واستعادة السيطرة على الشارع ستتركزان على ساحات بيروت (ساحتي رياض الصلح والشهداء). وعليه ستتحمّل ساحات المدن والبلدات الأخرى مهمة الحفاظ على المسافة اللازمة من «أزلام» السلطة وزبانيتها.

وعبّر عيتاني عن خشيته من الوصول الى هذا السيناريو، لكون ساحات بيروت هي الأكثر قابلية للاختراق، داعياً المحتجين في حال حصول هذا الأمر الى الاهتمام والتركيز على الساحات الأخرى في طرابلس وصور وصيدا والنبطية وكفررمان وبعلبك، وفي كل المدن والقرى المنتفضة.

أما الكاتب جهاد الزين فكتب: «قياساً على هذا الذي يحدث في الشارع صار سخيفا مطلب إسقاط الحكومة كرد على الثورة المتواصلة. هذه ثورة تحتاج ليس أقل من رفع شعار استقالة الحكومة، وحلّ البرلمان، ومطالبة رئيس الجمهوريّة باتّخاذ إجراءات وإعلان برنامج يكسر قواعد اللعبة التقليدية وإلّا فعليه أن يكون في مقدمة المستقيلين، مسلّما سلطته المعنويّة إلى مجلس انتقالي».

 

متظاهر يفترش الأرض.. ويلتحف السماء حتى تحقيق مطالبه

 

 

إصلاحات الحكومة: موازنة بعجز %0.6 وإقرار مشاريع المرحلة الأولى من «سيدر»

قال الرئيس سعد الحريري إن الحكومة وافقت على ميزانية عام 2020 التي تتضمن عجزاً نسبته 0.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المقرر أن تساهم البنوك في خفض العجز بواقع 5.1 تريليونات ليرة (3.4 مليارات دولار). وأقرت أيضاً مجموعة أوسع من الإصلاحات، بينها خفض رواتب الوزراء وأعضاء البرلمان إلى النصف، في محاولة لتخفيف أزمة اقتصادية وتهدئة احتجاجات تمثل أكبر معارضة للنخبة الحاكمة منذ عقود. وتحت الضغط، أقر مجلس الوزراء حزمة من القرارات الإصلاحية، بعضها حيوي لتعزيز الثقة، وهو ما قد يخفف الضغوط على النظام المالي اللبناني.

وفي ما يلي أهم القرارات:

● الموازنة بعجز 0.6، ولا تلحظ أي ضرائب جديدة.

● القطاع المصرفي ومصرف لبنان يساهمان في خفض العجز، المقدر بـ5100 مليار ليرة خلال 2020 ومن ضمنها زيادة الضريبة على أرباح المصارف.

● خفض 50 في المئة من رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين.

● خفض موازنات مجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجرين ومجلس الجنوب بنسبة 70 في المئة.

● خفض ألف مليار ليرة من عجز الكهرباء.

● تسريع تلزيم معامل إنتاج الكهرباء بشكل ينتهي خلال 4 أشهر.

● إقرار قانون العفو العام قبل نهاية السنة الحالية.

● إقرار ضمان الشيخوخة قبل آخر السنة الحالية.

● عشرون مليار ليرة إضافية لبرنامج دعم الأسرالأكثر فقراً.

● 160 مليون دولار لدعم القروض السكنية.

● إعداد مشروع قانون لاستعادة الأموال المنهوبة بالتنسيق مع محامين من المجتمع المدني.

● قانون إنشاء الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد قبل آخر السنة الحالية.

● تركيب «سكانرز» على المعابر الحدودية لمكافحة التهريب وتشديد العقوبات على المهربين.

● إلغاء وزارة الإعلام وعدد من المؤسسات العامة فوراً، ووضع خطة لدمج أو إلغاء جميع المؤسسات غير الضرورية.

● تعيين الهيئات الناظمة للكهرباء والاتصالات والطيران المدني في أسرع وقت ممكن.

● إقرار مشاريع المرحلة الأولى من «سيدر» التي قيمتها 11 مليار دولار خلال ثلاثة أسابيع، وهذا هو المحرك الأساسي للنمو بالاقتصاد، ولفرص العمل للشباب خلال السنوات الخمس المقبلة.

● إطلاق مشاريع المداخل الشمالية والجنوبية لبيروت.

 

سندات لبنان الدولارية تواصل هبوطها

في مؤشر غير مطمئن، هوت السندات الحكومية للبنان بمقدار سنت واحد أو أكثر أمس، عقب الاحتجاجات العارمة، وهوى إصدار 2025 بمقدار 1.34 سنت في الدولار ليجري تداوله عند 65.5 سنتا، وفق ما أظهرته بيانات تريدويب، لتصل خسائر السندات في يومين إلى حوالي أربعة سنتات.

سليماني في بيروت؟

في حين استعرت موجة الغضب الشعبي في شكل لافت في المناطق ذات الغالبية الشيعية، في خطوة قرأت فيها مصادر مراقبة اهم تحوّل على الساحة اللبنانية، تردد بحسب وكالة الانباء «المركزية» ان اجتماعات متلاحقة عقدت بين مسؤولين من حزب الله وحركة امل من اجل ضبط الانتفاضة داخل الطائفة ومحاسبة من انتقد الثنائي، غير ان المساعي لم تتمكن من تكميم الأفواه. وفي السياق، ترددت معلومات عن ان قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني موجود في بيروت منذ ايام، الا ان احدا من مسؤولي حزب الله لم يؤكد او ينفِ الخبر.

  •  

جميع الحقوق محفوظة