الخميس 07 نوفمبر 2019

الديموقراطيون يعدّون قضية مُحكمة ضد ترامب

الديموقراطيون يعدّون قضية مُحكمة ضد ترامب

الديموقراطيون يعدّون قضية مُحكمة ضد ترامب

يواصل مشرعو الحزب الديموقراطي المعارض اعداد اضبارة اتهامية يأملون ان تكون بسيطة ومُحكمة ضد الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، بتهمة سوء استخدامه السلطة وتآمره مع حكومات اجنبية ضد خصمه السياسي نائب الرئيس السابق وأحد المرشحين الديموقراطيين للرئاسة جو بايدن.
ويعمل على اعداد القضية دانيال غولدمان، وهو «مدعي عام» معروف بشراسته وحنكته، وهو سبق ان نجح، قبل خمس سنوات، في استصدار احكاما قضائية ضد شبكة المافيا النيويوركية المعروفة باسم الجنوية، نسبة لمدينة جنوى الايطالية التي ينحدر منها معظم اعضاء هذه المافيا. كما يتمتع غولدمان بشهرة واسعة لنجاحه في الايقاع بعدد كبير من اركان مافيا تبييض الاموال الروسية.
وقام رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس الديموقراطي آدم شيف، وهو سبق ان عمل مدعياً عاما كذلك، بتوظيف غودلمان، الذي تولى التحقيقات اثناء جلسات الاستماع المغلقة للجان الكونغرس مع اكثر من عشرة مسؤولين حاليين وسابقين في ادارة ترامب. بدوره، وظّف رئيس لجنة العدل في الكونغرس الديموقراطي جيري نادلر، الخبيرين الدستوريين المعروفين نورم آيزن وباري بيرك، وهما سيقومان بكتابة نص الادعاء ضد ترامب الذي يتحول الى قانون خلع يصوّت عليه مجلس النواب.
ولهذا الغرض، يعكف آيزن وبيرك على دراسة السابقتين في خلع الرئاسة، الاولى التي تم اعدادها بحق الرئيس الجمهوري الراحل ريتشارد نيكسون، مطلع السبعينيات، والثانية بحق الرئيس الديموقراطي السابق بيل كلينتون، منتصف التسعينيات.
ويسعى الديموقراطيون الى اثبات ان ترامب ارتكب مخالفة دستورية، مهما بلغت بساطتها، بشكل يفرض على اعضاء مجلس الشيوخ التصويت لاخراجه من الرئاسة. وعلى الرغم من تكدس الدلائل وارتفاع عدد تجاوزات ترامب الدستورية، الا ان قانون الخلع الذي سيصادق عليه الديموقراطيون في مجلس النواب - الذي يتحول الى ادعاء اتهامي يتم ارساله الى مجلس الشيوخ الذي يتحول الى محكمة ويصبح اعضاؤه بمثابة هيئة محلفين - سيكتفي بتناول مخالفة واحدة يمكن تعزيزها بأكثر براهين تجعل من دحضها عملية شبه مستحيلة، وهو ما يعني ان تصويت اي من الشيوخ ضدها سيكون صوتا ضد العدالة، وهو ما قد يكلّف الشيوخ المعارضين لاطاحة ترامب سياسيا، وربما يكلفهم مقاعدهم في المجلس.
ويقول الديموقراطيون في الكونغرس، انه على عكس تحقيق مولر في امكانية تورط ترامب مع روسيا في التلاعب بانتخابات 2016، وهو تحقيق استغرق سنتين ونجم عنه تقرير بلغ طوله 450 صفحة، سيكون تحقيق الكونغرس في قيام ترامب بالضغط على اوكرانيا حتى تحقق في نشاطات عائلة بايدن التجارية، تحقيقا موجزا، ويقتصر على مخالفة او اثنتين قام بهما الرئيس ويمكن اثباتها.
ويعلم الديموقراطيون ان الاقلية التي يسيطرون عليها في مجلس الشيوخ، والبالغ عددها 48 عضواً، لا تكفي للاطاحة بترامب، اذ تحتاج الاطاحة الى غالبية الثلثين، اي ما يعادل 67 صوتاً. على ان الديموقراطيين يأملون، في حال تعذر اقناع 19 سناتوراً جمهورياً بالتصويت الى جانبهم لاخراج ترامب من الرئاسة، ان يحصلوا على الغالبية البسيطة، أي 51 عضوا، وهو ما يعني ان غالبية المشرعين في الكونغرس، بغرفتيه، يعتقدون ان ترامب ارتكب تجاوزات دستورية لا تؤهله للبقاء في منصب رئيس، رغم بقائه فيه، وهو تصويت قد يحمل رسالة كبيرة للاميركيين للاقتراع ضد ترامب، في الانتخابات الرئاسية المقررة بعد عام.
في هذه الاثناء، لفت خبراء اميركيون الى ان كمية الفساد وتجاوز الاعراف والقوانين التي قام بها ترامب والمسؤولون في ادارته من شأنها ان تفتح شهية اجهزة الاستخبارات الدولية للبحث عن تجنيد جواسيس في واشنطن لمصلحتها. ولفت الخبراء ان تحقيقات الكونغرس في اطار عملية الخلع الرئاسي كشفت عن الكثير من الاستخفاف من قبل العاملين في ادارة ترامب في كيفية تواصلهم مع بعضهم البعض، وكذلك تجاوزهم البروتوكولات الامنية والقانونية المرعية الاجراء.
وأظهرت تحقيقات الكونغرس ان ترامب مع عدد لا بأس به من افراد ادارته استخدموا وسائل تواصل عادية، مثل الرسائل النصية القصيرة وبرنامج «واتساب»، وهو ما يتعارض وتعليمات الأمن للعاملين في الحكومة. كذلك اظهرت التحقيقات أن ترامب وافراد فريقه لم يعمدوا الى استشارة المسؤولين القانونيين في دوائرهم قبل أي خطوة يقومون بها.
وفي كل فريق في الادارة قانوني او اكثر يقومون عادة بالإشراف على أي مذكرات إدارية أو سياسات قبل الإعلان عنها، ومهمة هؤلاء القانونيين تكون عادة في تأكيد ان السياسات او التعليمات او المذكرات الادارية كلها تتسق مع الضوابط الدستورية والقانونية الاميركية. ويمكن لأي مواطن أميركي الادعاء ضد أي قرار أو قانون اميركي امام المحاكم، التي يمكنها شطب اي سياسة او قانون لا تتناسب والدستور او القوانين الاميركية.
اما ترامب وافراد فريقه، فلا يراعون هذه التقاليد الحكومية، وهو ما سمح للرئيس الاميركي بارتكاب تجاوزات دستورية قد تطيح برئاسته، وهي تجاوزات كان يمكن لأي من القانونيين في إدارته منعه من ارتكابها، وتالياً حمايته من مغبة تعرضه لعملية الخلع، وربما الاطاحة لاحقا، التي تجري على قدم وساق.

جميع الحقوق محفوظة