الاثنين 07 ديسمبر 2020

التشريعات الاقتصادية اختبار لـ«المجلس الجديد»

التشريعات الاقتصادية اختبار لـ«المجلس الجديد»

التشريعات الاقتصادية اختبار لـ«المجلس الجديد»

لم تمر الظروف الاقتصادية في البلاد بمشهد قاتم ومجهول الملامح كالذي تشهده منذ بدء انحدار أسعار النفط والدخول في أتون العجوزات المالية الآخذة في التراكم، ما يضع المجلس المنتخب أمام تحدٍّ كبير لإدراك خطورة الوضع الاقتصادي قبل أن تتفاقم حالة المالية العامة أكثر وتصبح حلول الأمس الممكن تطبيقها شبه مستحيلة لحل أزمة السيولة مستقبلاً.

ويحذر خبراء واقتصاديون من مغبة تعاطي المجلس الجديد مع الملفات الاقتصادية بالنهج والمسلك اللذين كانا سائدين في المجلس السابق، إذ إن حساسية المرحلة والتحديات الاقتصادية الحالية تتطلب نظرة متكاملة وإبداعاً في التشريعات الاقتصادية الهادفة لوضع حلول ناجعة لأزمة السيولة بعيداً عن الشعبوية وفك أسر الميزانية العامة من الاعتماد الكلي على النفط، والتوجُّه نحو اقتصاد مستدام ومتنوع.  

وعن تكلفة الحلول، يقول الخبير الاقتصادي رئيس شركة الشال للاستشارات جاسم السعدون: «إن فاتورة العلاج قبل 5 سنوات، تختلف عنها اليوم، إذ كل عام تتأخر فيه المعالجة تصبح الكلفة باهظة على الدولة». وشدد السعدون على ضرورة تشكيل إدارة مختلفة للبلاد، على أن تكون معظمها من الشباب، من نوعية الأكاديميين الذين أعدوا ورقة «قبل فوات الأوان».

بدوره، ينصح الخبير الاقتصادي العضو المنتدب الأسبق للهيئة العامة للاستثمار علي رشيد البدر أعضاء مجلس الأمة الجدد ـ إن أرادوا النجاح ـ بدعم برامج التخصيص لمواكبة خطة «كويت 2035»، من نقل وتعليم وصحة وطرق وغيرها.

بينما ترى عضوة مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت وفاء القطامي أن أمام المجلس الجديد والحكومة المقبلة المتوقع الإعلان عنها قريباً، تحديات اقتصادية كبيرة، أبرزها: تنويع مصادر دخل الدولة، مؤكدة أن ملف محاربة الفساد، لا بد أن يكون على رأس الأولويات.

من جانبه، أكد أستاذ قسم التمويل في جامعة الكويت د.عبدالرحمن الطويل أن المطلوب من أعضاء مجلس الأمة الجدد، على المدى القصير، وضع حل لتغطية العجز، المتوقع أن يصل إلى 14 مليار دينار، وخلق مشاريع تنموية جديدة بالتعاون مع الحكومة لتوفير وظائف للمواطنين المقبلين على سوق العمل خلال السنوات المقبلة.

بدوره، أكد الأستاذ في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا د.صالح النفيسي أن أول الملفات المرادفة للإصلاحات يتمثل في محاربة الفساد وتأكيد سيادة القانون، وإن كانت الحلول المطروحة تتطلب تضحية من الجميع.

فيما يلي التفاصيل الكاملة

تتطلب التحديات الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد، نظرة متكاملة من اعضاء مجلس الامة المنتخب لمختلف جوانبها، تراعي عبرها ابعاد أزمة السيولة وتراجع معدلات السيولة وانخفاض اسعار النفط وآثارها على القطاعات الاقتصادية المختلفة، فاليوم اي تعثر اقتصادي لا قدر الله لن يبقى في جزيرة نائية بل سيجر معه تعثرات اضافية تزيد من كلفة الحل. فالمواربة في الحلول لم تعد مجدية بعد الآن، والمجلس الجديد مطالب بالعمل والتعاون مع الحكومة على تشريع قوانين اقتصادية تنتشل الدولة من ازمتها المالية وتساعدها في تحديد ما سيغدو عليه مستقبلنا الاقتصادي، على امل ان يدرك المجلس المنتخب خطورة المرحلة التي تتطلب ضرورة سرعة التدخل، فما لم يكن موجعا في السابق نراه صارخا اليوم، الامر الذي يقتضي وجود مجلس تكون من اولوياته رسم استراتيجيات ووضع رؤية اقتصادية شاملة قادرة على تحقيق النمو الاقتصادي المرجو وتجاوز ازمة السيولة وانعاش النشاط التجاري في البلاد.

قال الخبير الاقتصادي ورئيس شركة الشال للاستشارات جاسم السعدون، ان الحديث عن معالجات للاقتصاد والحريق المالي الذي تعانية ميزانية الدولة او البطالة والتركيبة السكانية «كلام ضايع»، فالمشاكل والحلول معروفة منذ عقود.

وزاد: بأن فاتورة العلاج قبل 5 سنوات تختلف عما هو عليه الآن، اذ كل عام تتأخر فيه المعالجة تصبح الكلفة باهظة على الدولة.

وشدد السعدون على ضرورة تشكيل ادارة مختلفة للبلاد، على ان تكون معظمها من الشباب، من نوعية الاكاديميين الذين كتبوا ورقة العمل «قبل فوات الأوان»، حيث شخصوا المشاكل وقدموا الحلول بمنظور واضح ومهني، ووطني بالوقت نفسه.

واضاف ان تشكيل الحكومة المقبلة هو من سيحكم على وضع البلاد، وان كانت الكويت ستستمر في مشاكلها الاقتصادية؟ ام سنرى وزراء شباب جددا لديهم الرؤية الحكيمة، والقدرة على تنفيذ برامج اصلاح الاقتصاد ولو كانت مؤلمة بعض الاحيان.

برنامج الخصخصة

اما الخبير الاقتصادي العضو المنتدب الأسبق للهيئة العامة للاستثمار وعضو المجلس الأعلى للتخطيط علي رشيد البدر، فنصح أعضاء مجلس الأمة الجدد، إن أرادوا النجاح، الاستعانة بالحل الوحيد في معالجة الإشكاليات والقضايا الاقتصادية وتحديات عجوزات المالية العامة للدولة على المدى المتوسط والبعيد، الذي يتمثل في طلب نواب الأمة لبرنامج التخصيص العام ضمن خطة الدولة 2035، والذي يقبع في أدراج المجلس الأعلى للتخطيط منذ فترة بهدف تقديمه للحكومة للعمل عليه خلال الفترة المقبلة، حيث يرى أنه الحل الوحيد أولاً وأخيراً.

وأوضح البدر أن البرنامج يهدف إلى خصخصة جميع قطاعات الخدمات في الدولة من نقل وتعليم وصحة وطرق وغيرها، في إطار برامج موضوعة ومدروسة عملياً وفنياً، لافتاً إلى أن هذا البرنامج يحتاج فقط إلى التطبيق، حيث يعد حلاً وحيداً لكل الإشكاليات التي يمر بها الاقتصاد الوطني.

وأضاف أن التحديات التي تواجهنا «واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار»، أبرزها تنويع مصادر الدخل الذي يستلزم فقط الإقدام بشجاعة للمضي قدماً في تنفيذ البرنامج، لا سيما أن الأمثلة كثيرة على الإدارة الناجحة للقطاع الخاص لمرافق ومؤسسات الدولة المختلفة، خصوصاً أن الدولة تهيمن على أكثر من 90 في المئة من الموارد، الأمر الذي أوصلنا إلى كل هذه الاختلالات الهيكلية.

ورأى أن الحكومة لم يعد مطلوباً منها إدارة كل موارد الدولة على هذا النحو طوال العقود الفائتة حيث ثبت عدم جدواها وفشلها، وأن عليها تحقيق الأمن والرقابة والتشريع والعدل وحسب، مبيّناً أنه لا داعي لاستحداث تشريعات بقوانين، فالبلد بات كله تشريعات بلا جدوى، حتى كدنا نتفوق على عدد التشريعات في الولايات المتحدة الأميركية.

تحديات اقتصادية

وترى عضوة مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت وفاء القطامي أن مجلس الأمة الجديد وكذلك الحكومة المقبلة المتوقع الإعلان عنها قريباً أمامهما تحديات اقتصادية كبيرة، أبرزها تنويع مصادر دخل الدولة، وعدم الاعتماد على بيع النفط كمصدر رئيسي للتدفقات المالية لميزانية الدولة.

وبيّنت القطامي أن ملف محاربة الفساد لا بد أن يكون على رأس الأولويات، ومحاسبة أي متهم فيه أياً كان منصبه وموقعه، مشددة على ضرورة منح القطاع الخاص دوراً أكبر في تنشيط الاقتصاد، وتوسيع مشاركته في المشروعات التنموية في البلاد.

وأشارت القطامي إلى أن ملف معالجة التركيبة السكانية مهم للغاية، مع عدم التخلي عن العدالة التي تتحلى بها الكويت دائماً، إذ لا بد من وضع معايير واضحة لمعالجة هذا الملف، مع مراعاة تجنيس أصحاب الأعمال الجليلة من المقيمين الأوفياء الذين يعيشون بيننا منذ عقود طويلة، ويقدمون قيمة مضافة للاقتصاد الكويتي، والقطاعات الأخرى، مثل التخصصات النادرة في مجال الطب، مع إيجاد حلول منطقية لتقليص العمالة الوافدة الهامشية.

إقرار القوانين

أما الدكتور عبدالرحمن الطويل أستاذ قسم التمويل في جامعة الكويت، فقد أكد أن المطلوب من أعضاء مجلس الأمة الجدد، على المدى القصير، إيجاد حل لتغطية العجز المتوقع لهذه السنة، يصل الى 14 مليار دينار حسب الميزانية العامة المعدلة، التي تم نشرها في نوفمبر الماضي، مشدداً على ضرورة إقرار قانون تمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة المتضررة من «كورونا».

وأما على مستوى المديين المتوسط والبعيد، فأفاد الدكتور الطويل بأنه لا بد من الالتفات إلى نقطتين جوهريتين وهما:

1 - خلق مشاريع تنموية جديدة، بالتعاون مع الحكومة لتوفير وظائف للمواطنين المقبلين على سوق العمل خلال السنوات المقبلة.

2 - إيجاد حلول للخروج من دوّامة أحادية الدخل وأسعار النفط المتقلّبة، وتنويع مصادر الدخل لخلق اقتصاد مستدام يعمل على الأفضلية التنافسية مقارنة بدول الجوار. وأضاف: إنه من الضروري اليوم العمل على الشفافية ومكافحة جادة للفساد مع مراعاة العدالة الاجتماعية في الحلول المطروحة، التي يجب أن تكون مبنية وفق أسس علمية ودليل علمي.

اقتصاد غير مستدام

بدوره، أكد الأستاذ في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا د.صالح النفيسي أن التحديات الاقتصادية التي تواجهها الكويت ـــ للأسف ـــ موجودة منذ الستينيات، أهمها اعتماد الدولة على مصدر دخل واحد، دون غيره، وهو مصدر طبيعي ناضب، أي إن اقتصاد الكويت غير قابل للاستدامة.

ولفت إلى أن هناك أمراً خطيراً في الكويت، وهو عدم معرفتنا بحجم الاحتياطيات النفطية الحقيقية؛ إذ لا شفافية حكومية في هذا الجانب، فهناك تقارير دولية تفيد بأن الاحتياطيات النفطية المعلنة من قبل الحكومة الكويتية تزيد على ضعف الاحتياطيات الحقيقية، وهو أمر خطير يقلل من الوقت المتاح لدينا لتعديل أوضاعنا، مؤكداً أن عدم الشفافية يجعل عملية التخطيط العلمي لإنقاذ الاقتصاد شبه مستحيل؛ لأنه يكون في هذه الحالة مبنياً على افتراضات وأرقام وهمية.

وطالب النفيسي بأن يتحلّى النواب والوزراء بالشجاعة والعزم في مواجهة التحديات واتخاذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة وبسرعة، من وقف استنزاف ثرواتنا الى تنويع مصادر الدخل الى إصلاح التعليم وغيره. ‎وأضاف: إن أول الملفات المرادفة لهذه الإصلاحات يتمثل في محاربة الفساد، وتأكيد سيادة القانون، وإن كانت الحلول المطروحة تتطلب تضحية الجميع، ليكن البدء في أصحاب الدخول المرتفعة، وهذا الأمر كان مطروحاً منذ مجلس 1971.

جميع الحقوق محفوظة