الثلاثاء 07 مايو 2019

اقتصاديون: مشروع الجزر.. هروب من مشاكل قائمة

اقتصاديون: مشروع الجزر.. هروب من مشاكل قائمة

اقتصاديون: مشروع الجزر.. هروب من مشاكل قائمة

قالت مصادر اقتصادية انه يجب الإقرار مبدئيا ان لدينا مشكلة اقتصادية تنموية من خلال تقييم ما تحقق من رؤيتنا الاقتصادية على مدى الخمسين عاماً الماضية. وأوضحت ان المؤشرات الآمنة (المتفق عليها مجتمعيا) كانت تتضمن خمسة أهداف، هي تنويع مصادر الدخل، وخلق الوظائف، وتمكين القطاع الخاص، ورفع مستوى الخدمات، وفي مقدمتها التعليم والصحة.. والسؤال: هل تحققت تلك الرؤية؟ واضافت: هناك ايضا اجماع مجتمعي اننا أخفقنا في تطبيقها جميعا الى حد كبير، وهذا الإخفاق بطبيعة الحال يبدأ من الحكومة التي افتقرت الى جهاز تنفيذي فاعل قادر على التنفيذ بفاعلية، ويخضع لأعلى درجات المحاسبة، وله أهداف تنموية محددة يحاسب عنها المسؤول. وأشارت الى ان مجلس الأمة يتحمل مسؤوليته هو الآخر بعد دخول المال السياسي على خط العلاقة بين السلطتين، فأفسدهما معا، وأخفق المجلس في أداء مهام الرقابة ومحاسبة السلطة التنفيذية عن إخفاقها في تطبيق الرؤية الاستراتيجية للدولة. واستطردت المصادر قائلة: في خضم العلاقة غير الصحية بين الحكومة والمجلس، فإن المواطن لديه مطالب آنية وخدمات يومية، اكتفت الحكومة بتلبية الحد الأدى منها، وصمت مجلس الأمة عن بعضها مقابل مكاسب في مكان آخر، فبالغ بعض المواطنين في مطالبه الى حد الجشع في قضايا مثل إسقاط القروض، يغذيهم في ذلك بعض النواب لتحقيق المزيد من المال السياسي، وهكذا سقطت التنمية الاقتصادية في دائرة جهنمية يصعب الفكاك منها. وقالت المصادر عينها ان ما يجري تنفيذه او التخطيط له مثل مشروع الجزر ليس المفهوم الحقيقي للتنمية، لكن مشروعات اقرب الى المدينة الفاضلة أو التنمية البديلة، الهدف منها الهروب من مواجهة مشاكلنا القائمة نتيجة فشلنا في تنفيذ رؤيتنا الاقتصادية وان كانت تلك المشروعات مبررة لاسباب جيوسياسية. وتابعت: علينا مواجهة مشاكلنا وعدم ادارة ظهورنا لها، وحل مشاكل الداخل أولاً وهذا يتطلب منا بناء ممكِّنات الثقة بين كل اطراف المجتمع وتصحيح مكامن الخلل القائم، الناجمة عن تدهور الخدمات وانتشار الفساد والواسطة والمحسوبية وضعف المؤسسات. واشارت الى ان اهم ممكنات الثقة المطلوبة هي المحاسبة بلا تفريق، والشفافية على كل المستويات الحكومية، وقيام كل المؤسسات بدورها الحقيقي، فاليوم لدينا هيئة لمحاربة الفساد دون حملة ناجعة لاجتثاثه، وهيئة استثمار وجهات حكومية لديها فوائض مالية تتخلى عن مواقعها الاستثمارية للاجانب. وشددت المصادر على ان التعاطي مع ملف التعليم بجدية هو من اهم ممكنات الثقة بين الفريق القائم على المشروع لأن يتعاطوا مع المستقبل دون الهروب من الحاضر. ونوهت الى ان التنمية الاقتصادية يجب ان تعود بالخير على كل طبقات المجتمع ولا تنحصر في رأس الهرم، من خلال تركيزها في شركات معينة غير مدرجة، لذا فإن اسواق المال هي من تحقق الانتشار الواسع لعوائد التنمية، وليس القطاع الخاص الذي يعني عددا محدودا من اللاعبين. وأكدت ان التنمية المستدامة في السابق عندما كنا نتحدث عنها كحلم أو قصيدة شعر خيالية، لكنها باتت في الوقت الحالي مسألة مصيرية، بعدما بدأ الاحتياطي العام في التآكل لتلبية احتياجات قصيرة المدى لتوفير الرواتب. واشارت الى ان الامر وصل الى توفير الرواتب على حساب الاستثمار والاستثمار في المستقبل، بعدما رفض مجلس الامة اقرار قانون الدين العام، وان كان المجلس محقا في ذلك نتيجة عجز الحكومة عن ضبط النفقات.  

جميع الحقوق محفوظة