الخميس 24 سبتمبر 2020

إجراءات تصحيحية في إدارة «أمن الدولة»

إجراءات تصحيحية في إدارة «أمن الدولة»

إجراءات تصحيحية في إدارة «أمن الدولة»

بينما تنتظر النيابة العامة تحريات حاسمة من جهاز أمن الدولة تحت إشراف قيادته الجديدة، بشأن قضايا غسل الأموال الأخيرة، شدد نواب ومحامون وقانونيون على أن قضايا غسل الأموال تستلزم اتخاذ إجراءات تصحيحية عاجلة في جهاز أمن الدولة، مشيرين إلى أن هذه القضايا تمس جوهر الاقتصاد الوطني، وتمتد تأثيراتها على جوانب عدة، الأمر الذي يحتم البحث والتقصي والتحقق من قبل الأجهزة الأمنية والجهات الأخرى المعنية حتى لا يفلت المتورطون فيها من العقاب.

لفت النواب والمحامون والقانونيون لـ القبس إلى أهمية أن تكون تحرّيات «أمن الدولة» الخاصة بقضايا ــــ مثل غسل الأموال ـــــ متماشية مع حجم تلك القضايا وطبيعتها، وأن تتسم بالعمق والدراسة المتأنية، وأن يشرف عليها من يملكون الخبرة اللازمة، حتى لا يفلت مجرم من العقاب، مشيرين إلى ضرورة أن تبدأ الإجراءات التصحيحية بالقضايا الآنية، التي تشغل الساحة المحلية، مثل: الصندوق الماليزي والنائب البنغالي والمشاهير، وغير ذلك.

وذكروا أن إجراء تحريات تكميلية في هذه القضايا من قبل جهاز أمن الدولة تحت قيادته الجديدة أمر طبيعي بالنظر إلى الطبيعة المعقدة والمدى الزمني الخاص بهذه القضايا، منوهين بأهمية إشراف وزير الداخلية على التحريات وضمان دقتها فضلا عن ضرورة قيام وزارة التجارة بدورها في مثل هذه القضايا منذ البداية.

وبينما حذر النواب من تزايد العمليات المالية المشبوهة، شدد قانونيون على الكثير من الأشخاص الذي دخلوا في دائرة الثراء الفاحش بزمن قياسي بلا أعمال حقيقية ويجب كشف مصادر أموالهم، ومعرفة من أين حققوا هذا الثراء، لافتين إلى ضرورة تضافر الجهود لتنقية الساحة الاقتصادية من الأموال المشبوهة ومن قبلها غاسلي الأموال.

ووجه النائب رياض العدساني رسالة الى الحكومة، خصوصاً الجهات الرقابية وجهاز أمن الدولة، بضرورة التعاون في ما بينها، وأخذ الامور بجدية لإحالة الملفات المشتبه بتشكيلها جرائم مالية الى النيابة العامة.

وقال العدساني لـ القبس إن جهات التحقيق مطالبة بإجراء تحقيقات متكاملة في الشبهات المالية، ومنها تضخم الحسابات وغسل الاموال والصفقات المشبوهة. وشدد على ضرورة جمع كل البيانات المتعلّقة بالجرائم المالية وإحالتها الى النيابة حسب نصوص القوانين المعمول بها.

وأضاف «على الحكومة ان تقوم بدورها من دون مماطلة، خصوصا انني سبق أن حذرت من قضايا عديدة وأثرت ملفات ومن ثم يتم تحريك الملف المشبوه مالياً، والاصل ان تقوم الحكومة بدورها حسب القوانين».

جدية وحزم

من جانبه، اكد النائب احمد الفضل أن مواجهة قضايا غسل الاموال تحتاج الى جدية وحزم في الملاحقة، وتفعيل جاد للقوانين الموجودة.

وقال الفضل في تصريح لـ القبس: على وزير الداخلية أنس الصالح دور كبير وحيوي في هذا الملف، ويجب أن يثبت للنواب الذين جددوا فيه الثقة مرتين أنه جدير بهذه الثقة التي حصدها.

وأوضح أن هناك أشخاصا تحولوا فجأة إلى تجار يشترون عقارات ومجمعات بالملايين، ويدعون انهم عصاميون، وهذه أمور مشبوهة تجب ملاحقتها.

وشدد على ضرورة تنظيف جهاز أمن الدولة «من أشخاص يعملون بالولاء للاشخاص لا للوطن»، مشيراً الى انه رغم وجود الشرفاء فيه، فإن بداخله كثيراً من الخبث، ويجب وضع جهاز أمن الدولة على الطريق الصحيح.

رقابة سياسية

أما المحامي د. محمد منور، فيرى أن موضوعا بهذه الجسامة يفترض أن يكون حجم الجدية في التحريات الخاصة به متوافقا مع مقدار جسامته.

ويضيف أن تقصير الوزير المعني في متابعة الأجهزة التابعة له يخضع للرقابة السياسية للبرلمان، والتي يفترض فيها أن تكون عنصرا فعالا في إلزام الوزراء بمتابعة جميع الأجهزة وفرض جدية العمل، ولكن في قضية غسل الأموال، فإن علينا أن نعرف أن جهاز أمن الدولة أجرى التحريات بناء على تكليف من جهة ما، وفي وجهة نظري فإن للقصور في قضايا غسل الأموال أسبابه.

التحريات التكميلية

بدوره، يرى المحامي فهد الحداد ان إجراء تحريات تكميلية ليس أمرا جديدا في القضايا من هذا النوع، خصوصاً انه حين تعرض على النيابة ترى أن الأمر يحتاج إلى مزيد من التحريات في ظل صعوبة اثبات تلك الجرائم، لذا يتم إجراء تحريات تكميلية دقيقة، وفي بعض الأحيان قد يتغير الفريق المسؤول عن تلك القضايا حال وجود لبس معين أو مصلحة ما.

تفاؤل بالقيادة الجديدة لـ «الجهاز»

قال مصدر مطلع لـ القبس: إن تحرّيات أمن الدولة في قضايا غسل الأموال خلال العامين الماضيين كانت تكتفي بالإشارة إلى مبالغ وأقوال المتهمين في أحيان كثيرة، على حين إن التحريات لا تفرج عن مصادر تلك الأموال، وغالباً ما تشير إلى أنها مصادر سرّية، ما يجعل عناصرها غير مكتملة الأركان لدى إحالتها إلى المحكمة.

وتؤكد مصادر قانونية أن إصرار «أمن الدولة» على عدم البوح بمصادر الأموال دائماً ما يأتي في مصلحة المتهمين.

وتفاءلت أوساط كثيرة بتولي الشيخ سالم النواف رئاسة جهاز أمن الدولة، وإجراء تحريات تكميلية لتصحيح أخطاء الماضي، خصوصاً لما تشهده البلاد من ملفات ساخنة في قضايا الفساد، لا سيما في ظل تفجُّر ملفات غسل الأموال.

وتعتقد المصادر أن ما يتميّز به الشيخ سالم من خبرات، وما يتحلّى به من صفات في شخصيته، سينعكسان على أداء جهاز أمن الدولة في المرحلة المقبلة، وتصحيح أخطاء الماضي.

عامل مشترك لدى بعض متهمي قضايا «الغسل» مؤخراً

رصد أموال مغسولة من «كازينوهات»

أودعوا أموالهم في حسابات بنوك لها أفرع في أوروبا

أفصح مصدر لـ القبس أن تحقيقات «النيابة العامة» وجدت عاملاً مشتركاً لدى بعض المتهمين في قضايا «غسل الأموال» التي ظهرت مؤخراً في الكويت، حيث إن حوالات أو شيكات كبيرة ومختلفة جاءت من «كازينوهات» معروفة في أوروبا، وبريطانيا، وجرى إيداعها في بعض البنوك التي لديها أفرع في تلك الدول.

كما أطاحت التحريات حسابات بنكية أوروبية وبريطانية لدى بعض المتهمين، أودعوا بها أموالاً محصلة من «القمار»، حيث حوّل بعض المتهمين تلك الأموال من حساباتهم الأجنبية إلى حساباتهم في الكويت في وقت لاحق.

وأكد المصدر أن الأموال المحصلة من «القمار» تعد إحدى الوسائل المألوفة لـ«غسل الأموال»، مضيفاً أن هذه الأماكن المشبوهة عُرف عنها التعامل مع زبائنها عن طريق «الكاش»، ما يجعل عملية الغسل سهلة للغاية.

حبس رجل أعمال معروف.. بتهمة «غسل الأموال»

علمت القبس أن مباحث أمن الدولة أوقفت رجل أعمال شهيراً، كان يملك وكالة سيارات سابقاً، وأحالته إلى الحبس على ذمة التحقيق، على خلفية اتهامه بغسل الأموال.

وكشفت مصادر مطلعة لـ القبس أن التحقيقات مع رجل الأعمال كشفت أن له علاقة بشبكة غسل أموال شهيرة.

التحريات التكميلية إجراء طبيعي

قال المحامي علي الراشد إن إجراء أمن الدولة تحريات تكميلية إجراء سليم %100، خصوصا أن جرائم غسل الأموال معقدة وتحتاج إلى تحريات متواصلة للوصول لأدلة دامغة تقدم المتهمين للمحاكمة.

وأضاف أنه في أثناء المحاكمة قد تظهر أدلة جديدة تخدم القضية لأي طرف كان، فما بالنا والقضية في مرحلة التحقيق، لذا التحريات التكميلية إجراء طبيعي. وذكر أن وزير الداخلية مطالب بمحاسبة كل مقصر في أداء مهامه أيا كان موقعه، فالإهمال سواء متعمدا أو غير متعمد ينتج عنه إخفاء الحقيقة كاملة عن جهات التحقيق والقضاء، بينما تقديم أدلة كاملة يلعب دورا رئيسيا في إدانة المتهمين.

جرائم عابرة للحدود

رأى المحامي محمد خريبط أن التحريات التكميلية اجراء قانوني، يستخدم عندما يجد المحقق قصورا أو حاجة لمزيد من الأدلة، أو عند ظهور أدلة جديدة ولأسباب عدة مختلفة، وفي قضايا غسل الأموال هو اجراء صحيح وطبيعي، كون الجريمة عابرة للحدود ودقيقة وجسدها المال، وهو ما يصعب الامور، لذا وضعت الدول بروتوكولات للبحث واشارات وشبهات مالية للتأكد من وجود عمليات غسل اموال، لا سيما أن العمليات كلها قد تكون قانونية.

وأضاف أن المسألة تحتاج إلى قوانين مساندة، بخصوص تحويل الأموال ونقلها حتى بين الحسابات الشخصية، مشيراً إلى أن من ينفذ القانون يجب أن يتحرى الدقة والانضباط والجدية بالتطبيق من دون ترك الأمر لانطباعاته الشخصية أو لآرائه.

كشف طريقة تدفقات الأموال

قال المحامي مشعل الخنة إن جرائم غسل الأموال تحتاج إلى تحريات احترافية مختلفة، لأن المسألة كلها محاسبية لمعرفة طريقة تدفقات الأموال، وهذا أمر لا تملكه النيابة، وإنما يملكه أمن الدولة في حال كان لديه فريق أو وحدة للتحريات المالية، وبالتالي لمواجهة هذه الجريمة بشكل متكامل نحن بحاجة إلى جهاز يشبه ديوان المحاسبة لإعطاء الحكومة أريحية تامة في مواجهتها.

وأوضح أن وزير الداخلية عليه أن يشرف بنفسه على تلك التحقيقات، ورغم أن مسؤوليته سياسية، فإن عليه أن يقف على مثل هذه القضايا تحديدا، خصوصاً أنه يواجه ملفات الفساد، ويملك خبرة تجارية سابقة كذلك، لذا عليه ضمان جدية واحترافية تلك التحقيقات.

جميع الحقوق محفوظة