السبت 26 سبتمبر 2020

5 معوقات تواجه «السكني»

5 معوقات تواجه «السكني»

5 معوقات تواجه «السكني»

أظهرت دراسة متخصصة أن القطاع العقاري تأثر بغياب الدولة لسنوات طويلة، خصوصاً في القطاع السكني، ما تسبب في تراكم الطلبات الإسكانية.

وقالت الدراسة، التي أعدها المتخصص في الشؤون العقارية عبدالله الزامل: إن الكويت تشهد اليوم بعض التخبطات في القرارات وشبهات فساد في بعض الجهات لعل ما ظهر مؤخراً من قضايا فساد وقرارات عشوائية هو نتاج سنوات طويلة من غياب الدولة. غياب الدولة المقصود هنا بأن هناك غياباً لرؤية وخطة عمل وإستراتيجية على مستوى الدولة بجميع قطاعاتها، مما خلق فوضى أدت إلى صعوبة في اتخاذ القرارات، وإن تم يكون في الاتجاه الخاطئ.

وبينت انه قد يكون هناك بعض الاجتهادات الفردية من قبل وزراء أو قياديين أو حتى على مستوى بعض المؤسسات من حين إلى آخر، ولكن من غير وجود رؤية تربط بين جميع القطاعات، لذلك نرى أن هذه الاجتهادات تتلاشى بعد فترات زمنية قصيرة ولا تحقق الاستمرارية المرجوة لبناء وطن مستدام. ولعل القطاع العقاري من ضمن هذه القطاعات التي تشهد غياب الدولة.

وذكرت انه قد تكون الأزمة التي يمر بها العالم إثر انتشار فيروس «كورونا» والوضع المالي للبلد جعلنا نرى هذا الغياب بشكل أوضح وأسرع من السابق.

ولفتت الى ان العقار حاله كحال بقية القطاعات من حيث تأثره بغياب الدولة لسنوات طويلة، ولعل هذه الأزمة تظهر ما كان مخفياً وغائباً عن هذا القطاع لعقود زمنية طويلة.

وزادت ان غياب الدولة في قطاع السكن الخاص كان له النصيب الأكبر بين القطاعات العقارية تسبب ذلك في تراكم عدد الطلبات السكنية فحصول المواطن على سكن ومأوى آمن أصبح حلماً صعباً، حيث تجاوز عدد الطلبات 95 ألف طلب، وهذا بعد التوزيعات الورقية لمدينة المطلاع وغيرها من المناطق. وهنا بهذا العدد الضخم نتحدث عن حاجة وطلب لإنشاء كويت جديدة، حيث إن عدد الوحدات السكنية الحالي لا يتجاوز 130 ألف وحدة من شمال إلى جنوب الكويت.

واضافت ان غياب الدولة في قطاع العقار بالسكن الخاص أدى إلى فشل ذريع لأسباب عديدة وقد نلخصها بخمس نقاط رئيسية وهي:

1 – الإستراتيجية

تجعل الدولة تأخذ زمام المبادرة بدلاً من أن تكون في حالة من مجرد رد الفعل في تشكيل مستقبلها، وهي عبارة عن ثلاث مراحل تتمثل في: صياغة الإستراتيجية، وتنفيذ الإستراتيجية، بالإضافة إلى تقويمها. وإذا أردنا توضيح الوضع القائم للإستراتيجية:

- لا توجد أي إستراتيجية متبعة من جهات الدولة للقضية الإسكانية.

- إن وجدت إستراتيجية تكون فقط لتوفير السكن وقصيرة المدة ولا تتماشى مع الطلب العام.

- تتغير توجهات الدولة في الإستراتيجية الإسكانية بتغير الوزراء، فأصبحت قضية سياسية لا قضية وطن.

2 – تخطيط المدن

علم بحد ذاته ومتطور بتطور الزمن لم يعد يقتصر على تخطيط المساكن والطرق فقط، بل يشمل جوانب كثيرة من ضمنها «هندسية، اقتصادية، اجتماعية»، ولها أهمية كبيرة على حياة الإنسان:

- توفير الرغبات العامة لدى الناس.

- معالجة أمور أساسية، ومنها «المواصلات، المساحات الخضراء، الترفيهة».

- توفير قاعدة من أجل النشاط البشري «نشاطات رياضية، تجارية».

- محاولة إيجاد العناصر الإساسية لتحسين المستوى المعيشي وتحقيق الرفاهية من خلال النشاط البشري.

الوضع الحالي في الدولة من ناحية تخطيط المدن:

- معتمد بشكل كلي على حجم الطلب وليس على جودة السكن من حيث توفير جميع احتياجات الساكن في جميع المناطق السكنية التي يتم تخطيطها مؤخراً، إذ لا توجد فيها مساحات خضراء كالحدائق والمتنزهات، ولا يوجد ممشى ولا توجد طريق للدراجات الهوائية ممهدة، فهذه المناطق لا يوجد بها أي نوع من أنواع الترفيه كمتنفس.

- المكاتب الهندسية تكون دائماً أقل كفاءة لتخطيط المدن وتفتقر لأقل المعايير الدولية في تخطيط المدن المستدامة.

- لا تتم مراعاة الاحتياجات والرغبات الخاصة لدى المواطنين ولا تمتلك أبسط أنواع جودة الحياة «السكن، التعليم، الخدمات العامة».

- المخطط الهيكلي الذي يتم بناء تخطيط المدن على أساسه يعتمد على أرقام غير محدثة من حيث الكثافة السكانية في المناطق وكذلك توفير المساحات الخضراء فيها.

3 – التطوير

التطوير العمراني في المدن السكنية يعتبر من أهم المراحل، إذ انها المرحلة الأساسية المعنية في التنفيذ، ودورها الأساسي تقديم جودة في البناء ومراعاة الفترات الزمنية المعدة.

الوضع القائم في الدولة من جانب التطوير:

- التأخير في تسليم المشاريع، فقد يكون هذا العُرف السائد في جميع مشاريع الدولة هو التأخير.

- كثيراً ما نلحظ في المشاريع الإسكانية عند التنفيذ تغيير المخططات التي جرى اعتمادها مسبقاً.

- الدولة هي الجهة الوحيدة المعنية بالتطوير، ولا يحق للقطاع الخاص المشاركة في التطوير، مما يقلل من سرعة التنفيذ ويقلل كذلك من تنوع السلع السكنية.

4 – التمويل

من أهم عوامل نجاح أي مشروع عمراني في جميع الدول، إذ تعتبر الجهة الممولة هي شريك في البناء والتطوير، وهنا نتحدث في التمويل للأفراد والمواطنين المستفيدين للحصول على مسكن وليس تمويل المطورين.

الوضع القائم في الدولة من جانب التمويل:

- بنك الائتمان هو الجهة الوحيدة المختصة بالتمويل الإسكاني، حيث انها لن تكون قادرة على تلبية هذا الكم من الطلبات خلال وقت قصير قادم.

- لا توجد سلع تمويلية تساعد المواطن على شراء المسكن الذي يراه مناسباً له كنظام الرهن العقاري.

- القطاع البنكي غير مشارك في تمويل السكن الخاص إلا عن طريق البنوك الإسلامية ومن خلال نظام المرابحة والإيجارة وشروط ومدد زمنية غير واقعية، فتقوم بخدمة شريحة صغيرة جدان وهي مبنية أساساً على التمويل الاستثماري وليس التمويل للتطوير والسكن.

5 - التشريعات والقوانين

نظام أساسي تترتب عليه جميع النقاط السابقة، ولها أهمية كبيرة في وضع مستقبل الدولة، فإن كانت القوانين تتماشى مع متطلبات المواطنين، حققت الهدف الأساسي، وإن لم تتحقق الأهداف المرجوة، فهي قابلة للتطوير والتغيير. هناك قوانين وتشريعات ساهمت في زيادة المشكلة الإسكانية، وهناك قوانين وتشريعات عدم إقرارها زاد وسرع من تفاقم المشكلة:

- قانون منع القطاع الخاص من التملك والاستثمار في السكن الخاص، قانون رقم 8 و9 لسنة 2008، حيث إنه ساهم في تقليل توفير وحدات سكنية إضافية بجانب الهيئة العامة للرعاية السكنية.

- لا يوجد قانون للرهن العقاري، مما يقلل من توفير السيولة لدى المواطنين لشراء منزل.

- المساحة للبيت الواحد لا تقل عن 400 م2، قانون 8 و9 لسنة 2008، مما ساهم في التعامل مع المشكلة كأرقام فقط وله تأثير مباشر على جودة الحياة.

- الأراضي أغلبيتها مملوكة للدولة، وتسبب عائقا أساسيا في توفير العرض المناسب لكمية الطلب، فلا يوجد قانون أو تشريع يسرع عملية تحرير الأراضي المملوكة للدولة.

وبالختام خلصت الدراسة الى ان غياب الدولة عقودا طويلة تسبب في وجود فراغ كبير في أمورعدة، وأهمها «الاستراتيجية - التخطيط - التطوير- التمويل - التشريعات والقوانين»، هذه النقاط تشكل عائقا كبيرا اليوم في تحقيق مطالب المواطنين في توفير سكن آمن ومستدام، فالمشكلة تكمن في الاستراتيجية والرؤية الغائبة بشكل رئيسي، فإن أردنا رسم استراتيجية ناجحة، فيجب إشراك جميع الأطراف في الحل، ومن ضمنها القطاع الخاص، مع الوضع في الاعتبار القدرة والإمكانات المتاحة، ومحاولة الاستفادة بأكبر قدر ممكن من جميع النواحي، وإفادة الاقتصاد المحلي بالدرجة الأولى.

واضافت: نتمنى أن تكون هذه الأزمة جرس إنذار لغياب الدولة، وتكون سببا في استيقاظها من هذا السبات العميق، فالهدف هو ايجاد مدن حديثة مستدامة ذات جودة حياة عالية، لا مساكن كونكريتية أو توزيعات ورقية، فهذا علاج مؤقت وليس حلا جذريا للمشكلة الرئيسية.

جميع الحقوق محفوظة