الجمعة 21 سبتمبر 2018

1.5 تريليون دولار «أموال مغسولة» سنوياً

1.5 تريليون دولار «أموال مغسولة» سنوياً

1.5 تريليون دولار «أموال مغسولة» سنوياً

هل سبق لك أن تلقيت رسالة على بريدك الإلكتروني تطالبك بإرسال رقم حسابك البنكي إلى جهة ما لكي ترسل إليك أموالا وتحصل على نسبة منها ثم تعيدها إليهم، في بعض الأحيان تكون هذه العملية بمنزلة احتيال للحصول على بيانات شخصية لسرقتك، غير أنها في أحيان أخرى تكون وسيلة لغسل الأموال. «غسل الأموال» هي عملية تحويل النقود التي تم اكتسابها من خلال أنشطة غير مشروعة، مثل التجارة بالمخدرات والبشر أو السلاح أو أنشطة إرهابية، إلخ، إلى أخرى «نظيفة» ولا تحوم حولها الشبهات، بما يجعلها تدخل في دورة الاقتصاد الطبيعي، والهدف الرئيسي منها هو «وضع مسافة» بين اكتساب الأموال وإنفاقها بما يعطي أصحابها حرية التصرف فيها، وذلك من خلال سلسلة من التحويلات النقدية في أغلب الأحيان. ووضعت البنوك لأجل ذلك قواعد للرقابة على التحويلات المالية تشمل رصد الودائع النقدية الكبيرة المفاجئة، والتحويلات المنظمة التي تهدف إلى تلافي الضرائب أو لتجنب رصد تنامي الثروات، وحركة الأموال السريعة من خلال بنك إلى آخر، ورغم ذلك فإن %95 من الإنذارات التي تظهر بسبب وجود شبهات حول غسل الأموال يتضح أنها «غير حقيقية» في المرحلة الأولى للاستقصاء، و%98 منها في المرحلة الثانية لتبقى %2 فقط من الإنذارات حقيقية وحول عمليات غسل أموال. ونتيجة للمليارات التي تتكبدها البنوك للمراقبة على مثل تلك الأنشطة، حيث تحتاج لمراجعة كل التعاملات السابقة على الحسابات التي يشتبه بها بما يعني مراجعة عشرات الآلاف من التعاملات بشكل تفصيلي، لجأت لشركات مراجعة خارجية وظيفتها الفصل بين «الإنذارات الزائفة» وتلك الحقيقية، بما يقلل من تكلفة الرصد، لكن تلك الشركات تبقى غير فعالة لرغبتها هي الأخرى في تخفيض التكلفة بعدم البحث في كل الأنشطة المشبوهة. وتشير دراسة لـ«هارفارد» إلى أن الأزمة في الاعتماد على الأنظمة الإلكترونية في ضبط عمليات غسل الأموال، تكمن في انتشار خلايا غسل الأموال حول العالم كله، ووجود خبرات كبيرة في كيفية عمل أنظمة الرصد في البنوك بما يجعلهم يتلافونها، ولا يتم رصدهم من جانب برامج الذكاء الاصطناعي المتخصصة، حتى إن تقديرات الجامعة المرموقة تشير إلى مصادرة %1 فقط من الأموال التي يتم غسلها بينما تبقى الغالبية الكاسحة دون رصد. أسباب الفشل ولعل المشكلة الأولى التي تواجه فكرة مكافحة غسل الأموال ضعف العقوبات مقارنة بالأرباح من النشاط، فرغم تقديرات «رويترز» بتلقي العديد من الشركات المالية والبنوك حول العالم لقرابة 321 مليار دولار كغرامات منذ عام 2008 حتى يومنا هذا لعدم التزامها بقواعد الشفافية التي تضمن محاربة غسل الأموال إلا أن مكاسب العملية تفوق كثيرا أي غرامات تتكبدها البنوك. أما العائق الثاني فيتمثل في ضعف التشريعات المحلية في الكثير من الدول، حتى بعض الدول المتقدمة، في مجال مكافحة غسل الأموال، وتشير دراسة لجامعة نوتردام إلى تقاعس اميركا مثلا في هذا المجال، حيث يتم رفض أكثر من %55 من طلبات الدول الأخرى لتبادل المعلومات بشأن عمليات غسل الأموال بدعوى الحفاظ على خصوصية الحسابات المصرفية، بل وتمتنع بعض الدول عن التعاون مع بعضها البعض لأسباب سياسية. كما أن دولا صغيرة مثل ماكاو وجزر العذراء البريطانية وبنما وبورما وجزر الباهاماس لا تلتفت إطلاقًا لمسألة مكافحة غسل الأموال حيث تعتبر التحويلات البنكية والأموال غير المشروعة بمنزلة مصدر الدخل الأول لتلك الدول، بل وتشارك دول أكبر مثل المكسيك وأوروغواي في عمليات غسل الأموال بكثافة، وتصل نسبة مساهمة تلك الدول فحسب في عمليات غسل الأموال إلى %40. تشجيع الأنشطة غير المشروعة وتؤكد «فاينانشال تايمز» أن التقدير «المتحفظ» للأموال التي يتم «غسلها» سنويا بأكثر من %2 من الناتج المحلي العالمي، أي حوالي 1.5 تريليون دولار، بل وتصل التقديرات إلى أكثر من تريليوني دولار، خاصة في ظل تنامي الكثير من الأنشطة غير المشروعة من تجارة مخدرات واتجار في البشر وغيرها. وتضيف الصحيفة أن «احتراف» بعض مكاتب المحاسبة لعملية غسل الأموال يجعل تعقبها صعبًا، حيث تحصل على نسب مئوية تصل إلى %20 من الأموال غير المشروعة، وفقًا لدراسة جامعة نوتردام، بما يمنحها القدرة على تمويل إقحام العديد من الأطراف والأشخاص والشركات في العملية بما يجعل تعقبها صعبًا للغاية، فالإيداعات الصغيرة التي يتم تجميعها لاحقًا في حسابات أخرى، لا تثير أي شبهات في النظام المصرفي، وتشكل وسيلة أساسية لتلافي التدابير الحكومية لمكافحة غسل الأموال. وتعتبر «غارديان» أن الأزمة في مواجهة غسل الأموال في تشجيعه للأنشطة غير المشروعة على البقاء والازدهار، حيث يحيا تجار المخدرات في كولومبيا على سبيل المثال حياة الملوك بسبب غسل الأموال، فيعيشون في القصور وينفقون ببذخ، وإذا لم يكن بوسعهم الحصول على «أموال نظيفة» في النهاية فسيمكن مطاردتهم بكل سهولة. (ارقام) أبرز العوائق 1 – ضعف العقوبات مقارنة بالأرباح من نشاطها 2 – ضعف التشريعات المحلية لدول كثيرة أبرزها أميركا

جميع الحقوق محفوظة