الأربعاء 07 نوفمبر 2018

فلسطين القضية المهجورة .. وسط ترحيب بالإسرائيليين في الإقليم العربي

فلسطين القضية المهجورة .. وسط ترحيب بالإسرائيليين في الإقليم العربي

فلسطين القضية المهجورة .. وسط ترحيب بالإسرائيليين في الإقليم العربي

شهد العام 2018، تطورا متسارعا غير مسبوق في العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، ولا سيما الخليجية منها، التي لا تربطها بالدولة العبرية معاهدة سلام والتي لطالما وضعت شروطا للتطبيع. وظهر ذلك التطور جليا في الآونة الأخيرة، من خلال الزيارات السياسية والاقتصادية والرياضية المتبادلة التي أخذ الكثير منها طابعا علنيا، فيما اعتبرتها مصادر عبرية أنها مقدمة للتطبيع الكامل. وكان أوفير جندلمان، المتحدث باسم نتنياهو، قال في 6 سبتمبر الماضي: "ما يحدث بعلاقاتنا مع الدول العربية غير مسبوق. لم يتم الكشف عن حجم التعاون بعد، ولكنه أكبر من أي وقت مضى، هذا تغيير هائل". الشهر الماضي، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وزوجته مع السلطان قابوس في زيارة مفاجئة لسلطنة عمان، استغرقت 8 ساعات، وهي الأولى من نوعها خلال عقدين من الزمان. وتناول الرجلان الغداء سويا، وعزفت الموسيقى العمانية التقليدية، وعقدت "محادثات مهمة للغاية"، حسبما وصف نتانياهو لأعضاء حكومته، متعهدا بمزيد من الزيارات في الطريق. كما حضرت وزيرة الرياضة والثقافة الإسرائيلية، ميري ريغيف، بطولة دولية للجودو في أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية. وبكت الوزيرة الإسرئيلية فرحا، حينما فاز لاعب إسرائيلي بميدالية ذهبية وعزف النشيد الوطني الإسرائيلي، وهو شيئ غير مسبوق في شبه الجزيرة العربية. وفي وقت لاحق، تحدث مسؤول إسرائيلي آخر عن "السلام والأمن"، خلال مؤتمر في إمارة دبي. والآن وزير النقل الإسرائيلي في العاصمة العمانية مسقط، يقترح إنشاء خط سكة حديد بين إسرائيل والدول العربية. كل ذلك بالرغم من أن إسرائيل لا تربطها علاقات دبلوماسية رسمية مع عمان أو الإمارات. البحرين بدورها شاركت في ذات السباق بفريق رياضي أيضا، وقد نشر جندلمان عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي صورا للفريق البحريني، وأعرب عن ترحيبه به. لكن مشاركة الفريق الرياضي البحريني في سباق الدراجات، ليست المؤشر الوحيد على تطور علاقات المنامة بتل أبيب. فقد ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، في يوليو الماضي، أن إسرائيل شاركت في الدورة الـ42 للجنة التراث العالمي التابعة للأمم المتحدة، التي عقدت بذات الشهر في البحرين. وقبل أيام، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن مملكة البحرين تجري حوارا سريا مع إسرائيل لتطبيع العلاقات بين الجانبين. وبحسب الصحيفة، فإن الحوار يهدف إلى "التوصل إلى صيغة تمكن الجانبين من الإعلان عن عودة العلاقات بشكل علني"، لافتة إلى أن الحوار يجري تمهيدا لزيارة مرتقبة قد يجريها نتنياهو إلى البحرين. ولم تعلق المنامة على ما أوردته الصحيفة الإسرائيلية بشأن الحوار السري أو الزيارة المزمعة. وفي السعودية، لم يظهر أي حراك رسمي علني يفصح عن وجود علاقات بين تل أبيب والرياض، إلا أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين ألمحوا إلى وجود علاقات "ناشئة" و"سرية" بينهما. وفي يوليو من العام 2016، أجرى ضابط الاستخبارات السعودي السابق، اللواء أنور عشقي، زيارة إلى إسرائيل استمرت أسبوعًا كاملا، على رأس وفد ضم عددا من رجال الأعمال والأكاديميين السعوديين. والتقى اللواء "عشقي" والوفد المرافق له، خلال الزيارة، أمين عام وزارة الخارجية الإسرائيلية دوري غولد، ومنسق نشاطات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية الجنرال يوآف مردخاي. تطور العلاقات العربية الإسرائيلية كان لقطر نصيب منه أيضا، فقد استضافت الأخيرة في مارس الماضي، فريقا إسرائيليًا شارك في بطولة العالم المدرسية لكرة اليد، بحسب صفحات "إسرائيل بالعربية" على مواقع التواصل الاجتماعي. فريق رياضي إسرائيلي آخر وصل العاصمة الدوحة، نهاية أكتوبر الماضي، للمشاركة في بطولة العالم للجمباز، والتي اختتمت في 3 نوفمبر الجاري، وفق وسائل إعلام إسرائيلية. تمرير صفقة القرن ويأتي ذلك التطور المتسارع بالتزامن مع الحديث عن "صفقة القرن" الأمريكية، التي يتردد أنها ترتكز على تقديم الفلسطينيين تنازلات مجحفة بملفات عدة، أبرزها وضع مدينة القدس المحتلة واللاجئين. ويعزى ذلك الربط، إلى ما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، عن أن هناك جهد إسرائيلي كبير لتطبيع العلاقات مع الدول العربية تمهيدا لنشر خطة السلام الأمريكية. وفي تصريحات له قبل أيام، قال نتنياهو، إنه "من المهم أن تكون هناك علاقات مع الدول العربية حتى تصبح مفتاحا للسلام مع الفلسطينيين". وعلاوة على التقارب الخليجي الإسرائيلي، سارت علاقات تل أبيب مع كل من الأردن ومصر، الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان تربطهما معاهدات سلام مع إسرائيل، خلال العام الجاري بشكل طبيعي. ففي الأردن استقبل الملك عبد الله الثاني، نتنياهو بالعاصمة عمّان في يونيو الماضي، وناقش معه عدة قضايا كان على رأسها القضية الفلسطينية، وفقا لبيان نشره الديوان الملكي الأردني. وعلى الجانب المصري ومنذ بداية العام الجاري، جرت اتصالات مكثفة بين القاهرة ها تتعلق بالأوضاع في قطاع غزة. وأجرت وفود أمنية مصرية خلال الأشهر الثلاثة الماضية زيارات مكثفة إلى إسرائيل وغزة والضفة الغربية، لبحث تنفيذ اتفاقيات المصالحة الفلسطينية وعقد اتفاق تهدئة بين الفصائل المسلحة بغزة وإسرائيل. وعلى صعيد العلاقات المشتركة، أعلنت الحكومة الإسرائيلية في فبرايرالماضي توقيع صفقة "تاريخية" بمليارات الدولارات لتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر. لكن الفلسطينيين منزعجون إزاء التحالفات الجديدة، التي تتطور في الوقت الذي يتعهد فيه الرئيس ترامب بتقديم "صفقة القرن"، التي يخطط لها أن تنهي النزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل. ويخشى الفلسطينييون من أن إدارة ترامب تتطلع إلى السعودية والإمارات ودول أخرى، كي يضغطوا على الفلسطينيين، من أجل قبول اتفاق سلام لا يلبي مطالبهم الأساسية الراسخة. وتقول حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية: "هذا النوع من محاولة التطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة، دون أن تطبع إسرائيل علاقتها مع فلسطين ومع بقائها كقوة احتلال، يأتي بنتائج عكسية، وهو أمر خطير". وتشير عشرواي إلى أن التطورات الأخيرة تهدد شرعية مبادرة السلام العربية، التي وقعت عليها الدول العربية الـ 22، الأعضاء بجامعة الدول العربية. وتقترح مبادرة السلام على إسرائيل إقامة علاقات دبلوماسية طبيعية، مع الدول العربية، بشرط انسحابها من الأراضي العربية، التي احتلتها في حرب عام 1967. حاليا، مصر والأردن فقط هما الدولتان العربيتان اللتان تعترفان بإسرائيل. وعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين متوقفة، منذ وقت طويل، وفي العام الماضي واجهت انتكاسة جديدة. ويرغب الفلسطينيون في أن تكون القدس الشرقية عاصمة دولتهم المستقبلية، ويرفضون اعتراف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. وقطعوا علاقاتهم مع واشنطن، معتبرين أنها ليست وسيطا نزيها في عملية السلام. لكن لا يزال المبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط، جاسون غرينبلات، مستمرا في دبلوماسيته المكوكية في المنطقة الأوسع، وهو متحمس بشأن رحلة نتانياهو لسلطنة عمان. وكتب غرينبلات على تويتر: "هذه خطوة مساعدة لجهودنا بشأن السلام، وأساسية في خلق مناخ من الاستقرار، والأمن والرفاهية بين إسرائيل والفلسطينيين وجيرانهم". التطبيع مرفوض شعبيا كل هذه العلامات على التحول الإقليمي لاقت ترحيبا، من الشارع الإسرائيلي، وحتى الخصوم السياسيين لنتانياهو أشادوا بتقدمه في الخليج. لكن الجماهير العربية، الذين لا تزال القضية الفلسطينية حساسة للغاية بالنسبة لهم، سيكون من الصعب إقناعهم دون اتفاق سلام. ومن ثم حتى الآن، فإن الدول العربية من غير المرجح أن تحتضن إسرائيل بشكل كامل. وبدلا من ذلك علينا أن نتوقع مزيدا من الدعوات، التي لم تكن واردة في الماضي، وإشارات بالاعتراف، ومصافحات دافئة. ويذكر أن قطاع غزة يشهد مأساة على خلفية احتجاجات مسيرات العودة الشعبية على حدود قطاع غزة وإسرائيل التي انطلقت في 30 مارس الماضي للمطالبة برفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع المستمر منذ منتصف عام 2007. وكانت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أعلنت في وقت سابق أن عدد "الشهداء الذين سقطوا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية مسيرات "العودة"، في 30 مارس، وصل إلى 123 فلسطينيًا، كما أصيب أكثر من 13 ألف آخرين".

جميع الحقوق محفوظة