السبت 28 مارس 2020

طاجيكستان والكويت.. ربع قرن من الود والإخاء

طاجيكستان والكويت.. ربع قرن من الود والإخاء

طاجيكستان والكويت.. ربع قرن من الود والإخاء

يصادف يوم 31 مارس 2020م الذكرى الخامسة والعشرين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية طاجيكسان وشقيقتها دولة الكويت، ومنذ ذلك تشهد العلاقات الطاجيكية الكويتية نمواً مطرداً على كافة الأصعدة والميادين ذات الاهتمام المشترك من منطلق الأواصر الروحية والأخوة التاريخية الممتدة عبر القرون والقواسم الحضارية والثقافية المشتركة بين شعبي البلدين وكذلك صلات الأخوة المتينة القائمة بين فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان وأخيه حضرة صاحب السو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت. وفي هذا السياق أود أن ألفت انتباه القارئ الكريم إلى الماضي البعيد، لأؤكد أن العلاقات الطاجيكية العربية بشكل عام والطاجيكية الكويتية بشكل خاص ليست وليدة لحظة أو عقود من الزمن بل إن لها أصالة تاريخية مرت عبر القرون. ولا يخفى على أحد أن أبناء الشعب الطاجيكي على مر التاريخ شاركوا أشقاءهم العرب في بناء الحضارة والثقافة العربية والإسلامية، فهل يمكن تصور المسيرة العلمية والثقافية والحضارية للعرب والمسلمين من غير أسماء مشرقة لكوكبة من العلماء الأجلاء ذوي الأصول الطاجيكية من بلاد خراسان وماوراءالنهر، مثل الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان وصاحب "الجامع الصحيح" والإمام البخاري، والفقيه المفسر أبي الليث السمرقندي، والعلامة أبي الريحان البيروني، والطبيب الفيلسوف الشيخ الرئيس أبي علي بن سينا، وصاحب "إحياء علوم الدين" أبي حامد الغزالي والماتريدي والزمخشري والذين تدين لهم الحضارة الإسلامية، وقد تركوا لنا تراثا قيما بالعربية، تنتفع به الأمة الإسلامية وسائر الأمم في هذه المعمورة. وإن طاجيكستان تضع في الحسبان هذا العمق التاريخي الزاخر، لتعطي الأولوية في منظموة سياستها الخارجية لتعاونها مع الدول العربية، وفي مقدمتها دولة الكويت الشقيقة. وإن كانت العلاقات الدبلوماسية بين طاجيكستان والكويت قد أقيمت في عام 1995م إلا أن الصلات والروابط السياسية بين البلدين قد سبق انطلاقها هذا التاريخ بعد أن أعلنت طاجيكستان في التاسع من سبتمبر عام 1991م سيادتها الكاملة واستقلالها التام عن الاتحاد السوفيتي السابق، فبعد مرور فترة من الزمن بادرت الحكومة الكويتية بإرسال وفد رفيع المستوى إلى مدينة دوشنبه في إشارة منها إلى الاعتراف السياسي بهذ الدولة الفتية ومساندتها والوقوف إلى جانبها. كما أن المحطة الرئيسية لانطلاق العلاقات السياسية بين طاجيكستان والكويت تتمثل في اللقاء التاريخي بين فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان وصاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الراحل والذي انعقد في شهر ديسمبر عام 1994م بمدينة دار البيضاء المغربية وذلك على هامش مؤتمر القمة الإسلامي، ولا شك أن هذا اللقاء كان له بالغ أثر في تحديد الآفاق المستقبلية لعلاقات التعاون بين البلدين، حيث تمخضت عنه الصلة بين القيادتين. فمن ثمة نرى أنه بعد بضعة أشهر من هذا اللقاء التاريخي أُعلِنَت العلاقات الدبلوماسية بين طاجيكستان والكويت، ثم بعد عدة أيام من هذا الإعلان توجه فخامة الرئيس إمام على رحمان بزيارة رسمية أولى إلى دولة الكويت في 17-19 إبريل 1995، لتكون الكويت أول دولة عربية اختارها فخامة الرئيس إمام على رحمان وجهة لزياراته الرسمية إلى العالم العربي بعد انتخابه رئيساً للبلاد، وذلك بدعوة كريمة من أخيه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح (رحمه الله). وإن الرئيس الطاجيكي بعد عدة سنوات وتحديدا في عام 2013م خلال حوار صحفي مع وفد إعلامي كويتي في سياق الانطباعات العميقة التي تركت تلك الزيارة في نفسه أشار إلى قيمتها وأهميتها التاريخية قائلاً :" الكويت كانت بالنسبة لطاجيكستان منذ فجر استقلالها الوطني بلدا نموذجيا، وحريّ بنا أن نقتدي بها في عملية التطور والتقدم، كما أنها اهتمت قبل غيرها من الدول العربية بإقامة علاقات طيبة مع بلدنا، حيث إن أول وفد عربي حكومي موفد إلى طاجيكستان كان من الكويت، وبصفتي رئيسا لطاجيكستان اخترت الكويت لتكون أول محطة لزياراتي الرسمية إلى العالم العربي، لنؤكد بذلك بالغ اهتمامنا بتوثيق العلاقات الثنائية والانتفاع بتجربة الكويت الرائدة في التنمية". لقد تبلورت خلال هذه الزيارة التاريخية الأرضية القانونية للعلاقات الثنائية بين البلدين والتي تطورت فيما بعد على مدى خمس وعشرين سنة مضت. ومن اللحظات المشرقة لهذه الزيارة هي أن فخامة الرئيس إمام علي رحمان التقى مع أخيه حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عندما كان وزير للخارجية ثم صار أميراً للبلاد. العلاقات المتميزة على مستوى القادة لا شك أن السياسة الخارجية لأية دولة هي من المهام والاختصاصات الحصرية لزعيم تلك الدولة الذي بيده رسم ملامحها وخطوطها العريضة وتحديد اتجاتها ذات الأولوية. ومما هو المعروف على الساحة الدولية أن تميز ونجاح علاقات التعاون بين الدول يتوقف على مدى الصلة القائمة بين زعمائها واصحاب القرار فيها بما يتجاوب مع المصالح الوطنية لكل دولة من منطلق أولوياتها وتوجهاتها التي تحددها السلطات الشرعية والتشريعية فيها. ومن دواعي السعادة أن العلاقات الطاجيكية الكويتية تستمد قواها من متانة أواصر الأخوة القائمة بين زعيمي البلدين – فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان وحضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت. كما أشرت إليه آنفاً إن صلة الأخوة بين الزعيمين تبلورت مع انطلاقة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإن هذه الأخوة المباركة تمثل أرضية صلبة لتشهد علاقات التعاون تطوراً مطرداً على مختلفة الأصعدة منذ ربع قرن من الزمن. وإن الزيارات العديدة التي قام بها فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان إلى دولة الكويت بناء على الدعوات الكريمة من أخيه صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح كانت تشكل محطات مفصلية لتطور العلاقات الثنائية بين البلدين، لما كانت تتضمن من مباحثات ولقاءات بناءة على مستوى القمة بالإضافة إلى وضع واستكمال الإطار القانوني لعلاقات التعاون والتي نسردمعلومات عنها بإيجاز فيما يلي: في شهر أكتوبر من عام 2012م قام فخامة الرئيس الطاجيكي بزيارة عمل إلى الكويت للمشاركة في أعمال مؤتمر القمة لزعماء دول حوار التعاون الآسيوي – ذلك التجمع الإقليمي الذي تلعب دولة الكويت دوراً بارزاً ومشهوداً في تفعيل التعاون في إطاره منذ إعلان تأسيسه. وعلى هامش هذه القمة انغقد اللقاء البناء بين فخامته وأخيه سمو أمير دولة الكويت، الذي بجانبه قدم دعوة لفخامة الرئيس للقيام بزيارة رسمية إلى الكويت. وبعد عدة أشهر من هذا اللقاء واستجابة لدعوة كريمة من سمو الأمير قام فخامة الرئيس الطاجيكي بزيارة الدولة إلى الكويت خلال الفترة 23-25 يونيو 2013م، والتي تمخض عنها التوقيع على عدة اتفاقيات مهمة لتفعيل التعاون الثنائي بين البلدين. وفي 14-16 مايو 2016م قام فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان بزيارة رسمية ثالثة إلى الكويت حيث أجرى مباحثات بناءة مع أخيه حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت لاستعراض العلاقات الثنائية وبحث سبل تطويرها، كما شهد الزعيمان مراسم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون بين حكومتي البلدين ليصل عدد الاتفاقيات إلى 18 اتفاقية ومذكرة تفاهم، بالإضافة إلى البيان المشترك للقائدين الذي يتضمن توجيهات عامة للخطوات المستقبلية نحو تعزيز العلاقات. ومن المواقف الملفتة لزيارة فخامة الرئيس الأخيرة إلى الكويت هو أن فخامته زار جامعة الكويت ليلتقي مع الأساتذة والطلبة فيها، حيث تم عرض الترجمة العربية لكتاب "الطاجيك في مرآة التاريخ" الذي ألفه فخامته عن تاريخ الشعب الطاجيكي، مما فتح باباً واسعاً أمام الطلاب والأساتذة والعلماء والمثقفين الكويتيين للاطلاع على حضارة وثقافة الشعب الطاجيكي الضاربتين في عمق التاريخ. وفي هذا السياق أود أن أشير إلى نتائج بناءة للزيارة الرسمية لمعالي رئيس مجلس النواب السابق السيد/ شكورجان ظهوروف في شهر ديسمبر 2015م، والزيارة الرسمية لدولة رئيس وزراء جمهورية طاجيكستان السيد/ قاهر رسول زاده في نوفمبر 2019م إلى الكويت ، حيث إن هاتين الزيارتين أسهمتا كثيراً في تفعيل علاقات التعاون بين البلدين. الاتصالات الوثيقة بين وزارتي الخارجية منذ تدشين العلاقات الدبلوماسية بين طاجيكستان والكويت عام 1995م، تعمل وزارتا الخارجية في اللبلدين بشكل دؤوب على تنفيذ التوجيهات السامية من القيادات العليا لتعزيز علاقات التعاون على كافة الأصعدة ذات الاهتمام المشترك ، ومما يبعث على الارتياح أنه نتيجة للمساعي المشتركة اكتسبت علاقات التعاون بين طاجيكستان والكويت خلال السنوات الأخيرة طابعاً مطرداً وتشهد مساراً تصاعدياً. ويمكن القول بأن وزارتي الخارجية في البلدين هما المحطتين المحوريتين اللتين تمرّ عبرهما كافة التنسيقات الللازمة بشأن التعاون الثنائي، بما في ذلك التعاون والتواصل بين مختلف الأنظمة والوزارات والمؤسسات بين البلدين، فضلاً عن تنسيق الرؤى والمواقف المشتركة في إطار المنظمات الدولية والإقليمية. وللتواصل الوثيق المباشر بين ويزري الخارجية دور مؤثر في تفعيل العلاقات الثنائية. وفي هذا السياق قام معالي وزير خارجية جمهورية طاجيكستان السيد/ سراج الدين مهرالدين بزيارة رسمية إلى الكويت في نوفمبر 2014م حيث أجرى مباحثات بناءة مع القيادات والمسؤولين الكبار في الدولة الشقيقة الأمر الذي أعطى زخماً كبيراً للعلاقات بين البلدين. كما أن سمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء لدولة الكويت سبق وأن زار طاجيكسالت في شهر مارس من عام 2013م عندما كان نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للخارجية وذلك للمشاركة في أعمال اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في حوار التعاون الآسيوي، حيث أجرى لقاء مثمراً مع فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان على هامش هذا الاجتماع. وأود أن أشيد في هذا المقام بالمساعي الكريمة والدور المشهود لمعالي الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الأحمد الصباح وزير الخارجية الحالي لدولة الكويت في تطوير وتعزيز العلاقات الطاجيكية والكويتية، وهو أخ وصديق مقرب للشعب الطاجيكي، وقد سبق أن وجه معالي وزير الخارجية الطاجيكي دعوة رسمية إلى معالي الشيخ للقيام بزيارة رسمية إلى بلده الثاني طاجيكستان، ونحن نتطلع إلى هذه الزيارة خلال الفترة القريبة القادمة لتفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين. وهناك آلية مهمة وفاعلة للتنسيق المباشر بين وزارتي الخارجية الطاجيكية والكويتية تتمثل في المشاورات السياسية التي عقدت دوراتها العدة على مدى السنوات الماضية وقد انعقدت آخر جولاتها في شهر إبريل من عام 2018م بالكويت حيث جرى استعراض العلاقات الثنائية على مختلف المستويات والأصعدة، بالإضافة إلى القضايا الإقليمة والدولية ذات الاهتمام المشترك. افتتاح السفارة الطاجيكية في الكويت بدعم كويتي الجدير بالذكر أنه بدعم مباشر من حكومة دولة الكويت الشقيقة تم افتتاح سفارة طاجيكستان في الكويت في عام 2013م، وأنا بصفتي سفيراً لبلادي أقدم جزيل الشكر والتقدير للقيادة العليا في الدولة الشقيقة وحكومتها الرشيدة ووزارة الخارجية وغير ذلك من الوزارات الدوائر الحكومية التي لطالما ساعدتنا على أداء مهام السفارة وتنمية العلاقات الثنائية والمضي قدماً نحو تحقيق طموحات قيادتي البلدين بما يعود بالخير على الشعبين. وفي هذا السياق أود أن اشيد ايضاً بالعمل المشهود الذي تقوم به السفارة الكويتية في إسلاماباد في تعزيز العلاقات الطاجيكية الكويتية، لأنها مكلفة حالياً لمتابعة العلاقات مع طاجيكستان. ومن دواعي السعادة أنه بعد افتتاح السفارة أخذت أعداد أبناء الجالية الطاجيكية في الكويت في ازدياد، حيث يتجاوز عددهم اليوم 100 شخص يعملون في مختلف القطاعات في الدولة. كما أن عدداً منهم يدرس في الجامعات الكويتية في إطار تفعيل الاتفاقية الثنائية الموقعة بين البلدين في مجال التعليم العالي. وبالإضافة إلى مهامها الرئيسية في تنسيق جهود الجانبين لتعزيز العلاقات التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والأمنية والعلمية، فإن السفارة تعمل بشكل دؤوب على تنمية العلاقات الثقافية والفنية والسياحية بين البلدين وذلك من خلال تواصلها مع وزارة الإعلام و المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت. ويمكنني أن أقول إن السفارة صارت بطاقة تعريف لطاجيكستان وشعبها وتراثها في الكويت، حيث إن الكثير من الكويتيين لم تكن لديهم دراية كافة عن بلدنا وشعبنا قبل افتتاح السفارة. وفي هذا الإطار تم تنظيم أيام ثقافة طاجيكستان في الكويت عدة مرات والتي تضمنت الحفلات الاستعراضية للموسيقى الشعبية والمعارض الفنية والمنتديات السياحية. كما أن العاصمة الطاجيكية مدينة دوشنبه استضافت في شهر أكتوبر من عام 2019م الأسبوع الثقافي لدولة الكويت في طاجيكستان والأمر الذي عكس الوجه المشرق للثقافة والفنون الكويتية التي حظيت بحفاوة وإعجاب الجمهور الطاجيكي. اللجنة المشتركة آلية مهمة للتنسيق والمتابعة إن هناك آلية مهمة وفاعلة أخرى على مستوى حكومتي البلدين تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي في القطاعات والمجالات ذات الاهتمام المشترك وهي اللجنة الطاجيكية الكويتية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعملي والفني، حيث تتولى اللجنة المشتركة مهمة تنسيق ومتابعة ومناقشة أوجه التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والانمائية والتجارية والعلمية والثقافية، بالإضافة إلى بحث سبل تفعيل التعاون في مجال القطاع الخاص . لقد انعقدت الدورة الأولى لاجتماعات اللجنة المشتركة خلال الفترة من 23-24 مايو 2013م في العاصمة الطاجيكية مدينة دوشنبة برعاية ومشاركة شخصية لمعالي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية الأسبق لدولة الكويت السيد / مصطفى جاسم الشمالي الأمر الذي عكس حرص دولة الكويت على تعزيز التعاون الثنائي بمختلف مجالاته مع جمهورية طاجيكستان. وأما الدورة الثانية لاجتماعات اللجنة المشتركة عقدت في الكويت خلال الفترة 18-20 ديسمبر 2017م برئاسة معالي السيد/ نعمت الله حكمت الله زاده وزير التنمية الاقتصادية والتجارة لجمهورية طاجيكستان وسعادة السيد/ خليفة حمادة وكيل وزارة المالية في دولة الكويت. وفي هذا السياق أرى من الأهمية بمكان الإشارة إلى الدور الفاعل للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في تفعيل وإنجاح أعمال اجتماعات اللجنة المشتركة، علماً بأن الصندوق لها إسهامات مالية مشهودة في تنفيذ مشاريع إنمائية في طاجيكستان إلى جانب مؤسسات وصناديق تنموية عربية أخرى. ولا بد من الاعتراف بأن التعاون الاقتصادي والتجاري ما زال في أدنى مستوياته ولا يرتقي إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة والثقة المتبادلة القوية بين البلدين، الأمر الذي يضع أمام اللجنة المشتركة مهمة الارتقاء بالعلاقات الطاجيكية والكويتية في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية إلى مستويات منشودة عبر استغلال الفرص والإمكانيات الموجودة لدى كلا الجانبين. كويت الإنسانية يدها البيضاء ممدودة لطاجيكستان لا يخفى على أحد أن دولة الكويت تتبوأ مكانة مرموقة على المستوى العالمي لمواقفها الإنسانية وريادتها في العمل الخيري الإنساني ومد يدها البيضاء إلى من يحتاج الدعم في مختلف ربوع المعمورة، فضلاً عن سياستها الخارجية البناءة والمتوازنة الرامية إلى تعزيز السلم والاستقرار والتضامن والتكافل دولياً وإقليمياً والساعية نحو تسوية القضايا والصراعات المستجدة إقليمياً عبر لغة الحوار والتفاهم. ونتيجة لهذه العطاء المستمر والمواقف الإنسانية المشرفة لدولة الكويت أميراً وحكومة وشعباً، فما كان من المجتمع الدولي إلا أن بادر بأن يمنح سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت لقب قائد العمل الإنساني وأن يختار دولة الكويت مركزا للعمل الانساني وذلك عرفاناً وتقديراً لدور دولة الكويت وجهود سمو الأمير الدؤوبة في مجال العمل الإنساني. وإن طاجيكستان من منطلق علاقاتها الأخوية المتميزة لها نصيب من الدعم والمبادرات الإنسانية والخيرية التي تقوم بها دولة الكويت عبر مؤسساتها الرسمية والأهلية في هذا المضمار. وهذه المساعدات الإنسانية تتمثل في برامج ومشاريع اجتماعية وتنموية مثل بناء المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس ومد خطوط مياه الشرب وبرامج تمكين الأسر محدودة الدخل ورعاية الأيتام وتزويد المستشفيات بالمعدات الطبية والمساعدات الرامية إلى مواجهة تداعيات وآثار الكوارث الطبيعية وإلى غير ذلك من المبادرات الخيّرة. وفي هذا السياق أشيد بالدعم الكريم الذي قدمته حكومة دولة الكويت لحكومة جمهورية طاجيكستان في عملية إعادة الأطفال الطاجيك المحتجزين في العراق إلى الوطن والتي تمت في شهر إبريل عام 2019م. الخاتمة واليوم بعد مضيّ ربع قرن على تدشين العلاقات الدبلوماسية بين الكويت ودوشنبيه وبناء على ما نلمسه من مشاعر أخوة وود بين القيادتين والشعبين وفي ظل ما نشهده من وحدة الرؤي والمواقف بين البلدين تجاه القضايا الإقليمية والدولية على مستوى المحافل الدولية، يمكننا أن نعرب عن قناعتنا أن العلاقات السياسية بين البلدين قد بلغت ذروتها المنشودة. فما بقي على الجانبين إلا أن يتخذا من هذه العلاقات السياسية المترسخة قاعدة للانطلاق والارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية والفنية والثقافية والعلمية إلى آفاق أرحب لتحقيق تطلعلا وطموحات وتوجيهات القيادات العليا في البلدين، الأمر الذي يتجاوب مع توجهات السياسة الخارجية في كلا البلدين نحو تحقيق التضامن والتكافل وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية والدول الآسيوية بهدف دعم قدراتها ومواردها على مختلف المستويات.

جميع الحقوق محفوظة