الاثنين 24 أبريل 2017

د.صالح السعيدي: خطاب البراك يسقط مفهوم الاعتراض الدائم علي الصوت الواحد الكويت

د.صالح السعيدي: خطاب البراك يسقط مفهوم الاعتراض الدائم علي الصوت الواحد الكويت

د.صالح السعيدي: خطاب البراك يسقط مفهوم الاعتراض الدائم علي الصوت الواحد الكويت

هل يمكن أن تشكل تجربة النائب السابق مسلم البراك في قضاء سنتين في السجن علامة فارقة في مسيرته السياسية؟ وهل سيحدث ذلك نقطة تحول في نمط الممارسة السياسية لدى الرجل بعد خروجه من عالم القيد الى فضاء الحرية، لاسيما بعد حديثه أمس الاول عن قضايا ترتبط بشكل أساسي بعمل مجلس 2016 ؟ هذا الحدث وهذه التجربة لشخصية بوزن وحجم مسلم البراك، تطرح احتمالية كبيرة لعودته إلى التعاطي مع الشأن العام، لاسيما أن من عرفه وخبر شخصيته، يدرك أن طبيعته ستعيده لا محالة إلى معترك الحياة البرلمانية والانتخابية. والسؤال هنا لا يتعلق بعودته للعمل السياسي من عدمه بقدر التساؤل عن الكيفية التي سينتهجها في تعاطيه مع الشأن العام بعد خروجه، وهل سيتغير التكتيك السابق وتتبدل الاستراتيجيات القديمة؟ مصدر هذا التساؤل يعود إلى ارتباط البراك قبل سجنه بمفهوم «الاعتراض الدائم والمستمر»، ورهانه المطلق على هذا الخيار كوسيلة لمعارضة الحكومة ومواجهتها، ولعل نموذج التحركات التى طبعت محاولات إسقاط مرسوم الصوت الواحد، الذي صدر أواخر عام 2012، أوضح دليل على تغلب هذا المفهوم وهيمنته على سلوك البراك والمعارضة ككل. أمام الباحث عن تحليل معمق لما جرى من سلوك وممارسات سياسية واكبت معركة «الصوت الواحد» يظهر بجلاء سقوط هذا المفهوم من عالم السياسة في الكويت، فهذا المفهوم القائم على استمرار الاعتصامات وتكرار التظاهرات قد ينجح في المجتمعات الفقيرة والبائسة واليائسة التى لاتجد ما تخسره إن تبنته، لكنه ولأسباب موضوعية تتعارض مع الطبيعة الاجتماعية القائمة والظروف الاقتصادية السائدة في الكويت التي لا تتواءم مع هذا المفهوم ولا تتقبله. فالطاقة الموجودة لدى الشعب الكويتي، التى تعكس مستويات وعيه العالية، يفجرها في التصويت بالصناديق ومعاقبة النواب المتخاذلين ومكافأة النواب الملتزمين بقضاياه، والمعبرين عن همومه في العديد من المواعيد الانتخابية. فالرهان الحقيقي لدى القوى الوطنية جمعاء هو على الطاقة الإيجابية للشعب الكويتي. تجارب سابقة أكثرمن ذلك، فإن طغيان مفهوم «الاعتراض الدائم» كخيار عاطفي، يجعل من الصعوبة اللجوء الى الخيارات العقلانية الأخرى والبديلة في مواجهة الأزمات، وهو ماجرى في مشروع الصوت الواحد، حيث رجحت فكرة المقاطعة على ما سواها من خيارات في انتخابات ديسمبر2012، أما في صلب فكرة المقاطعة فإن تجارب سابقة عربية ومحلية أثبتت أن قرار أي كيان سياسي بالمقاطعة يؤتي بخسائر متراكمة أكثر من أي فائدة لحظية، ففي ظل غياب نص دستوري يحدد نسبة المشاركة المطلوبة لشرعنة العملية الانتخابية، يصبح الرهان على ارتفاع نسبة المقاطعة لإفشال العملية وهماً كبيراً. المراقبون رصدوا نقاطا عدة في خطاب مسلم البراك بعد خروجه من السجن، تتمثل بإعادته للنظر تجاه قضايا مرتبطة بمجلس 2016، الذي شاركت فيه غالبية المعارضة السابقة، مما يمهد أمام الساحة السياسية لتقبل فكرة تغيير موقفه من المشاركة وفق انتخابات تجرى بالصوت الواحد. الجزء الآخر، الذي تم رصده عقب التفاعل الكبير الذى جرى مع خروجه من السجن، يتمثل بأن البراك يمتلك الآن وفي هذه اللحظة بالذات، فرصة إطلاق مسار وطني شامل يؤدي إلى تحويل هذه التفاعلات الحاصلة في المجتمع إلى طاقة إيجابية تسير بالمجتمع إلى الأمام، مسار يتجاوز الضغائن ويتخطى الجراح ويلغي ثقافة الثأر والانتقام، مسار يؤسس لمصالحة مجتمعية وسياسية شاملة بين كل مكونات المجتمع وأطيافة السياسية من أجل حياة سياسية أكثر نضجا وأجدى عملاً.

جميع الحقوق محفوظة