الخميس 15 أكتوبر 2020

حكاية إنسانية.. كويتي يخدم أثيوبية

حكاية إنسانية.. كويتي يخدم أثيوبية

حكاية إنسانية.. كويتي يخدم أثيوبية

على الرغم مما يشاع عن انحسار القيم الإنسانية مقابل تفشي المادية، تظهر بين الحين والآخر طاقات من النور، تؤشر إلى التصاق العالم بإنسانيته، وتمسّك البشر بعناصر نجاتهم من تيارات الحياة الصناعية الصاخبة، لتؤكد أن الدنيا لا تزال بخير.

كان مستشفى الرازي إحدى بقاع طاقات الضوء تلك، إذ كان مسرحاً لمشهد إنساني رائع، تمثل في دخول مسن كويتي جاوز الستين عاماً وهو يدفع عجوزاً أثيوبية شارفت الـ80 عاماً، ما دفع رئيس قسم التخدير والعناية المركزة د.حسين المجادي إلى سؤال الرجل عن علاقته بها، ليجيبه بأنها كانت خادمة لديه، وأشرفت على تربية أبنائه، ولكن قوتها تخلت عنها بفعل الزمن، ما استوجب عليه خدمتها بنفسه بل وإحضار خادمة لرعايتها.

كانت العجوز الأثيوبية تعاني آلاماً مزمنة ترددت بسببها على عدد من المستشفيات الخاصة ـ والكلام للمجادي ـ لكنها ظلت تعاني، ما دفع كفيلها إلى محاولة علاجها في المستشفى الحكومي، بل والتوسل للطبيب ليبذل كل ما في وسعه للتخفيف عنها رداً لجميل صنعها خلال فترة عملها.

ويصف المجادي المشهد لـ القبس بالقول «حين شاهدته رأيت الإنسانية تسير على الأرض، وأدركت أن الرافعين أصواتهم بالعنصرية ليسوا إلا نشازاً أمام صوت الإنسانية الهادئ الذي يمثل عموم الشعب».

الغريب والمثير للإعجاب في الوقت عينه أن السيدة كانت مقعدة وتعاني الزهايمر وآلاماً مبرحة في الظهر، والكفيل حريص على أن يكون هو من يتنقل بها بنفسه على الرغم من وجود خادمة أخرى معها.

ولم تكن تلك الحكاية إلا نافذة دلفت منها عشرات الحكايات الإنسانية الكويتية التي تعكس رد الجميل، والحرص على مساعدة من ساعدونا، لترسم لوحة جميلة تدحض شكوى بعض العاملين في المنازل من سوء المعاملة أو التجاوز على حقوقهم.

متفاعلون

يحتفظ الكثيرون بقصص وروايات مماثلة في السر لا تجد طريقها إلى العلن، لا تظهر إلا في سياق مماثل لقصة الدكتور المجادي التي استحسن من خلالها المئات فعل الكفيل الكويتي ووصفوا من يقدمون على ذلك بـ«الملائكة التي تمشي على الأرض» وأنهم «خير الديرة الباقي وبركتها» الذين يجسدون بفعلهم طيبة أهل الكويت ومعدنهم الأصيل.

وسرد آخرون حكايات مماثلة، إحداها من د.عبد الوهاب الذي أكد أن أحد الكفلاء زاره في العيادة الأسبوع الماضى ومعه خادمته التي أرادت خلع ضرسها، لكنه كان حريصاً على ألا تفعل ذلك وأن تستكمل مشوار علاج العصب قبل أن تلجأ إلى خلع الضرس وفقده للأبد، وكذلك قيام إحدى السيدات بتركيب أسنان ثابتة لخادمتها الطاعنة في العمر.

دروس وعبر

كما حكت «بنت سعود» عن عاملة سيلانية لديها كانت قد عادت لبلدها بعدما تقدم بها العمر وهناك فوجئت بأن زوجها طلقها وهاجر إلى لندن وتزوج هناك فما كان من الأسرة التي كانت تعمل لديها إلا أن أعادتها مرة أخرى واعتبرتها فرداً من العائلة.

والسابر لأغوار الكويتيين والباحث عن «الجميل» يجد الكثير والكثير من العبر التي تثبت خيرية هذه الأمة، وجمال خصال أبنائها، ليبدو جلياً أن الصادحين بغير ذلك ليسوا إلا سحابة صيف لا تلبث أن تزول، ونجماً خافتاً سرعان ما يخبو ويناله الأفول.

  •  

جميع الحقوق محفوظة