الأحد 17 يناير 2021

جديد غسل الأموال.. خضار وفواكه

جديد غسل الأموال.. خضار وفواكه

جديد غسل الأموال.. خضار وفواكه

بصل وبطاطس وفواكه سريعة التلف وسيارات فاخرة وساعات باهظة الثمن... تلك قائمة بضائع جرى احتجازها عند معبر القنال في فوضى السفر التي شهدتها المملكة المتحدة قبل عيد الميلاد. هي أيضا عينة من بعض الصادرات التي باتت تشكل مصدر قلق للشركات العالمية: غسل الأموال القائم على التجارة (TBML). في بداية ديسمبر، أصدرت مجموعة العمل المالي FATF، وهي هيئة حكومية دولية رقابية لمكافحة الجرائم المالية وغسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، تقريرا جديدا عن عمليات غسل الأموال القائمة على التجارة (TMBL)، مستشهدة بحالات تشمل جميع تلك الصادرات. رفض رئيسها، ماركوس بليير، التكهن بما إذا كانت هذه الطريقة في نقل عائدات الجريمة، المختلفة عن غسل الأموال بين البنوك ونقل الأموال النقدية، باتت تستخدم الآن بشكل أكبر. وأشار فقط إلى المبالغ التي يمكن غسلها من خلال الصفقات التجارية الوهمية، قائلا «إحدى الشبكات الإجرامية التي تستخدم غسل الأموال القائم على التجارة (TBML) تمكنت من نقل 400 مليون دولار على مدى عدة أعوام». لكن بعد أيام، كانت وزارة الخزانة البريطانية ووزارة الداخلية أقل حذرا بكثير. ففي تقريرهما «التقييم الوطني الثالث للمخاطر»، قدرتا أن المبالغ التي تم غسلها في بريطانيا وحدها، بكل الوسائل، كانت «بمئات المليارات من الجنيهات الاسترلينية سنويا». ولم يكن لديهما أدنى شك في أن عمليات غسل الأموال القائمة على التجارة (TBML) أصبحت الطريقة المفضلة وزاد استخدامها منذ عام 2017. بصل وبطاطس جرى تصدير البطاطس والبصل اللذين تم شراؤهما بشكل تقليدي في هولندا وألمانيا إلى شركات في شمال إفريقيا، لكن الفواتير وجهت مدفوعات كبيرة إلى حسابات يسيطر عليها تجار المخدرات. في حادثة أخرى، جرى دفع تكاليف صادرات فواكه من نيوزيلندا من قبل شركات وهمية تابعة لأطراف ثالثة لإعادة بيعها مقابل أموال «نظيفة»، لكن الفواتير المزيفة التي عرضت على البنوك وصفت الشحنات بأنها «بلاط سيراميك». جرى بيع سيارات فاخرة تالفة عبر الحدود من قبل عصابات إجرامية بقيمة منخفضة معلنة عند نقاط الشحن، قبل إصلاحها وإعادة بيعها بأسعار تقارب أسعار السيارات غير التالفة. في حين استخدمت الساعات التي تم شراؤها في سويسرا وأسبانيا من قبل شركات استيراد / تصدير مفترضة، لتحويل قيمتها إلى تجار مخدرات في المغرب وهولندا. ثم جاءت جائحة «كورونا» لتزيد من فرص عمليات الاحتيال وتزوير الفواتير بغرض غسل الأموال. فبحسب تقرير تقييم المخاطر الصادر عن السلطات البريطانية فإن الطلب المتزايد على سلع وخدمات بعينها من أجل مكافحة انتشار كوفيد 19 يمثل مخاطر إضافية لمكافحة غسل الأموال القائمة على التجارة (TMBL). وحذر تقرير تقييم المخاطر من زيادة احتمالات استغلال المجرمين للمعاملات المزعومة للأدوية والمنسوجات ومعدات الحماية الشخصية. يقول جونا أندرسون، الشريك في مكتب جرائم ذوي الياقات البيضاء في شركة المحاماة وايت آند كيس إن غسل الأموال القائم على التجارة من المرجح دائما أن يزدهر حين يصبح استخدام الأساليب الأخرى أكثر صعوبة. وأشار إلى أن «استخدامنا للنقود أصبح أقل كثيراً هذه الأيام، كما أن عمليات الإغلاق الوطنية المختلفة جعلت من الصعب على المجرمين نقل الأموال عبر الحدود»، مضيفاً أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني أن سلاسل التوريد تعطلت، لذا يتعين على الشركات التحول إلى شركات جديدة وغير مألوفة، ما يزيد من خطر أن تصبح قناة في مخطط غسل الأموال القائم على التجارة TBML. بالنسبة إلى بعض الشركات، يمكن أن يؤدي هذا إلى مخاطر حقيقية. ففي حين أن معظم عمليات غسل الأموال القائمة على التجارة TBML تجرى عبر شركات وهمية، إلا أن بعض الحالات شملت شركات حقيقية قائمة أو أشخاصاً يعملون لديها. ويمكن أن تشمل عواقب ذلك التحقيق الجنائي والمحاكمة المحتملة لكبار المديرين، كما حذر ريك ماكدونيل من رابطة المتخصصين المعتمدين في مكافحة غسل الأموال. وقد تقع المسؤولية القانونية بعد ذلك على عاتق الشركة إذا لم تستطع إظهار أن لديها ضوابط كافية. فبحسب آنا برادشو، الشريكة في شركة المحاماة بيترز آند بيترز «في معظم الولايات القضائية، قد تكون الشركة، أو من يعمل فيها، في مأزق إذا فشلت في اتخاذ اجراءات لحل أي شيء قد يثير الريبة والشك». سمعة الشركة إضافة إلى ذلك، يأتي الضرر الذي يلحق بسمعة الشركة، كما تضيف برادشو، والعواقب الجانبية المتمثلة في احتمال تعرضها لعقوبات من قبل الحكومات أو استبعادها من النظام المالي. وخلص تقرير مجموعة العمل المالي إلى أن واجب الشركات هو توخي اليقظة ورفع مستوى الوعي بشأن غسل الأموال القائم على التجارة بين عملائها وإبلاغ السلطات بالأمور المريبة. لكن التوصية الرئيسية هي أن تنخرط في شراكات مع الجهات التنظمية وإنفاذ القانون. وتعتبر المملكة المتحدة وألمانيا من الدول الرائدة في هذا الأمر. ففي عام 2015، دعت السلطات البريطانية الشركات للانضمام إلى فرقة العمل المشتركة للاستخبارات الخاصة بغسل الأموال JMLIT، التي تم توسيع نطاق عملها مؤخرا لتشمل شركات التأمين والاستثمار. وبالمثل، في سبتمبر الماضي، جمع التحالف الألماني لمكافحة الجرائم المالية بين مكتب الشرطة الجنائية الفدرالية وهيئة الرقابة المالية الفدرالية ووحدة الاستخبارات المالية، و14 مصرفاً. لكن وكما يشير أندرسون «تركز فرقة العمل المشتركة للاستخبارات الخاصة بغسل الأموال JMLIT على القطاع الخاضع للتنظيم، وتحديداً البنوك، لكن محاولة اكتشاف عمليات غسل الأموال القائمة على التجارة TBML في سياق نشاط أوسع يمكن أن تكون أشبه بمحاولة العثور على إبرة في كومة قش». لهذا السبب، ينصح أندرسون الشركات غير المالية بالتأكد من أن لديها عمليات داخلية للامتثال لتشريعات غسل الأموال والرشوة والجرائم المالية الأخرى. «لا يمكن القضاء على جميع المخاطر، لكن يمكن التخفيف من حدتها إذا كان لدى الشركة إطار امتثال مناسب مطبق وتدقيق صارم في سلسلة التوريد الخاصة بها». ولهذا السبب، ينبغي على فرق تمويل الشركة أن يراودها بعض الشكوك الصحية حول ما هو موجود في الشاحنة وعلى الأوراق، كما تشير برادشو: «كن يقظا بشأن التدقيق في مستندات الشحن والفواتير وقوائم التعبئة والشهادات والتعليمات والعقود وسندات الشحن. توقف قليلا واسأل نفسك: هل هذا منطقي من الناحية التجارية؟». 4 أشكال رئيسية يشير تقرير مجموعة العمل المالي FATF إلى أن غسل الأموال القائم على التجارة يتخذ 4 أشكال رئيسية: 1 - زيادة أو خفض قيمة فواتير السلع، إذ يتم تحريف الأسعار لتحويل القيمة. 2 - زيادة أو إنقاص حجم الشحنة للبضائع، بما في ذلك الشحنات الوهمية حيث لا يتم نقل أي شيء على الإطلاق. 3 - فواتير متعددة لنفس البضائع، حيث تتم إعادة استخدام المستندات التجارية عدة مرات. 4 - السلع الموصوفة بشكل خاطئ، حيث يتم التقليل من الجودة لتحويل القيمة.

جميع الحقوق محفوظة