الثلاثاء 21 مايو 2019

باب التفاوض مقفل

باب التفاوض مقفل

باب التفاوض مقفل

لم تنجح زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي اول من امس الى إيران في تقريب وجهات النظر بين الطرفين الاميركي والإيراني من اجل كبح التصعيد في المنطقة الذي يهدد باندلاع مواجهة عسكرية. ووفق مصادر دبلوماسية فإن الإيرانيين ابلغوا بن علوي انهم يرفضون التفاوض مع الاميركيين تحت ضغط العقوبات وانتشار الأساطيل في المنطقة، كما ان الشروط الاميركية التي نقلها بن علوي كانت بحسب المصادر قاسية وبمنزلة استسلام لإيران، اذ انها تضمنت ضرورة التزامها بالشروط الـ 12، مع التركيز على ضرورة وقف التدخلات الايرانية في دول المنطقة وإنهاء دور أذرعها العسكرية في العراق ولبنان وسوريا واليمن. وأشارت المصادر الى ان التصريحات التي تلت لقاء بن علوي مع ظريف دلت بشكل واضح على فشل مسعى تقريب وجهات النظر. ولم تستبعد المصادر ان ترتفع حدة التوتر في المرحلة المقبلة او تدخل المنطقة في مرحلة الستاتيكو لبعض الوقت بانتظار تطورات دبلوماسية جديدة او ربما عسكرية، داعية الى «مراقبة المنحنى الذي ستأخذه التطورات في المرحلة المقبلة، فالإيرانيون سيسعون الى ايجاد وسائل ضغط من اجل امتلاك اوراق قوة قبل الذهاب الى طاولة التفاوض»، وهذا يعني – بحسب المصادر – اننا «سنقترب من خطوط التوتر العالية في حال قرر البعض استخدام الوسائل العسكرية لإيصال الرسائل السياسية». وتوقعت المصادر ان يزداد الضغط الاميركي في المرحلة المقبلة من خلال فرض عقوبات جديدة، او من خلال زيادة الحضور العسكري في المنطقة عبر ارسال المزيد من القطع العسكرية لمواجهة اي تحركات قد تقدم عليها ايران. ولم تستبعد المصادر ان نشهد جولة من التصعيد المدروس الذي لا يلامس الخطوط الحمراء قبل الشروع في جولة إضافية من التحرك الدبلوماسي وان كانت أبواب المفاوضات صعبة الفتح بسبب المواقف المتصلبة من قبل الطرفين. فرص التفاوض وفي هذا الاطار ذهب غير برادلي بلايكمان المستشار السياسي والإعلامي بالحزب الجمهوري للقول إن أميركا تريد أن «تركع» إيران لأنها تشكل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة، وان واشنطن ستواصل حربها الاقتصادية ضد طهران حتى تضطر الأخيرة للقبول بالتفاوض بنية حسنة. أما بالنسبة لخيار الحرب، فرأى بلايكمان أن واشنطن لن تذهب لهذا الخيار إلا إذا تعرضت مصالحها لأي هجوم إيراني. من جهته، قال المحلل السياسي الايراني نجف علي ميرزائي لــ القبس: « المفاوضات ليست مرفوضة ان تراجعت اميركا عن عنجهيتها واستكبارها وضغوطها على ايران»، لكنه اكد ان فرص التفاوض حاليا تبدو منعدمة لسببين: اولا: اثبات عدم فعالية قرع طبول الحرب والحروب النفسية على ايران لينقلب السحر على اميركا. وثانيا: بسبب أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب فاقد للمصداقية ولا ثقة بسلوكه الشاذ سياسيا. اضاف «أغلب الظن ان إيران لن تفتح قناة التفاوض مع أميركا التي يرأسها ترامب». من جهته، قال مدير الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني، الوزير حسين أمير عبد اللهيان ان «ترامب ليس لديه اي فكرة عن ثقافة وعقلية الشعب الايراني وهو يريد السيطرة علينا بنبرة التهديد». أضاف: «اظهرت الثورة الاسلامية خلال 40 عاما انه لا يمكنك التحدث الى ايران من خلال التهديدات.. اذا كان يفكر انه بجلب بعض حاملات الطائرات والقاذفات، يمكنه التفوق على ايران واجبارها على التفاوض من موقف غير متكافئ، فهو مخطئ». وتابع «عندما تقترب سفنهم منا، فإن ذلك يشكل تهديدا لهم. نحن لا نرحب ابدا بالحرب، لكننا نقف بثبات». واكد انه «بامكان ترامب مناقشة اجراء حوار مع ايران عبر الهاتف عندما لا يستخدم لغة التهديد والقوة وعندما يعود الى الاتفاق النووي، وهو بحاجة ايضا الى ضمان ان الرئيس الاميركي المقبل لن يتراجع عن الاتفاق». وتابع «يعتقد ترامب ان لديه سلاحا برأس ايران من خلال العقوبات وهو يحاول انهاء اقتصادنا. والان يريد منا ان نتصل به.. هذا رئيس مجنون». وقال وزير الخارجية محمد جواد ظريف ان واشنطن تمارس لعبة خطيرة تستهدف امن المنطقة عبر زيادة وجودها العسكري، مؤكداً ان لا تفاوض معها طالما انها لا تحترمنا ولا تلتزم تعهداتها. ترامب وروحاني وكان الرئيس الأميركي قد جدد تهديداته لإيران، وأبقى مسألة التفاوض رهنا باستعداد الإيرانيين، بينما أكد نظيره الإيراني حسن روحاني أن بلاده تلقت عشرة طلبات للتفاوض، معتبرا أن الظروف غير مواتية للمفاوضات. وقال ترامب للصحافيين بالبيت الأبيض إن إيران ستواجه «قوة هائلة» إن هي حاولت فعل أي شيء ضد مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مضيفا أنها أبدت عدائية شديدة تجاه واشنطن. وأضاف أنه لا يزال مستعدا لإجراء محادثات مع الإيرانيين «عندما يكونون مستعدين». وفي رد على أسئلة المراسلين حول تهديد إيران للمصالح الأميركية، قال ترامب «لا مؤشر لدينا بأن شيئا ما حدث أو سيحدث. لا مؤشر لدينا بأنهم سيقومون بشيء». وقبل ذلك بساعات، وصف ترامب التقارير الإعلامية بشأن سعي واشنطن للتفاوض مع إيران بالكاذبة، مؤكدا أنه إذا أرادت طهران التفاوض، فيتعيّن عليها القيام بالخطوة الأولى. وفي تغريدتين على تويتر قال ترامب إن الاقتصاد الإيراني يواصل انهياره، مضيفا أن ذلك أمر محزن للغاية بالنسبة للشعب الإيراني. في المقابل، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن روحاني قوله إنه يحبذ المحادثات والدبلوماسية، لكنه في ظل الظروف الراهنة لا يقبلهما. وأضاف الرئيس الإيراني أن الوضع اليوم غير مناسب لإجراء محادثات، وأن الخيار هو المقاومة فقط. مواجهة تختمر وفي مؤشر عن مواجهة تختمر بين الطرفين الايراني والاميركي، أعلن المتحدث باسم وكالة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمال وندي أن بلاده زادت إنتاج اليورانيوم المنخفض التخصيب بمعدل أربعة أضعاف ما كانت تنتجه قبل قرارها خفض بعض التزاماتها في الاتفاق النووي. وفي وقت سابق، نفت الوكالة وجود أي نية لدى طهران للانسحاب من الاتفاق النووي. ويعد هذا القرار خطوة أخرى تتخذها إيران عقب إعلان الرئيس الأميركي الانسحاب من الاتفاق النووي. وتأتي هذه الخطوة بعد أسبوع من توقف طهران رسميا عن بعض الالتزامات بموجب الاتفاق النووي. ورداً على هذا التطور، طالبت الخارجية الفرنسية إيران بالامتناع عن القيام بأي عمل من شأنه أن ينتهك الاتفاق النووي، مؤكدة «رفض أي إنذار نهائي من إيران». وقال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير إن أوروبا لن تخضع لتحذيرات إيران. لماذا طلب روحاني صلاحيات زمن الحرب؟ طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني بالحصول على صلاحيات تنفيذية موسعة يطلق عليها «زمن حرب»، للتعامل مع الضغوط التي تتعرض لها طهران في الآونة الأخيرة. وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «إرنا»، أن الرئيس الإيراني أشار إلى حرب العراق عام 1980، عندما تمكن «مجلس زمن حرب أعلى» من تخطي فروع أخرى لاتخاذ قرارات بشأن الاقتصاد والحرب. ولم يحدد التقرير الصلاحيات الجديدة، إلا أنه نقل عن روحاني قوله: «اليوم نحن بحاجة إلى مثل هذه الصلاحيات». وبحسب شبكة فوكس نيوز الأميركية، فقد أخبر الرئيس الإيراني مجموعة من رجال الدين أنه يسعى إلى الحصول على صلاحيات تنفيذية موسعة في زمن الحرب للتعامل بشكل أفضل مع ما أسماه «حرب اقتصادية» نشأت بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي وتصاعد العقوبات الأميركية. لكن بعض المحللين رأوا ان طلب روحاني لهذه الصلاحيات، لا سيما المتعلقة بالحرب، يعني انه يريد السيطرة على القرار العسكري في البلاد حاليا لمنع اي جهة متشددة من اتخاذ قرارات عسكرية قد تؤدي الى نتائج وخيمة. 

جميع الحقوق محفوظة