الأحد 23 فبراير 2020

الكويت ودّعت يعقوب الحمد

الكويت ودّعت يعقوب الحمد

الكويت ودّعت يعقوب الحمد

شيعت الكويت أول من امس المغفور له بإذن الله تعالى العم يعقوب يوسف الحمد، الذي وافته المنية عن عمر يناهز يناهز الـ95 عاماً، بعد حياة حافلة بالإنجازات والعطاء والإخلاص للكويت وأهلها، وكان صاحب رؤية متعددة الأوجه في الاقتصاد والتعليم والثقافة وغيرها، كما ساهم في وضع اللبنات الأولى للنهضة الاقتصادية والتنمية الشاملة، التي لا تنظر إلى الحاضر فحسب، بل تؤسس للمستقبل وتستشرف متطلبات الأجيال القادمة.

وطوال حياته الممتدة ساهم فقيد الكويت في التخطيط والبناء، وأبحر في عالم التجارة والمال بجانب الأفكار المبدعة والخلاقة، وكان معجباً بالتجربة البريطانية في الإدارة ورأى أنها تجربة جديرة بأن تدرس ويستفاد منها في البلاد للتخلص من الروتين والبيروقراطية والواسطة، وكان يؤمن منذ بداياته بأن التخطيط السليم هو أقصر الطرق إلى الانجاز، وأن التخلص من الروتين ركيزة لصناعة طفرة في الاقتصاد وتطوير الخدمات في مؤسسات الدولة.

والعم يعقوب الحمد رحمه الله، هو أول طالب جامعي كويتي يصدر كتاباً حول مشكلات الكويت وأبرز الحلول المقترحة لها، وكان ذلك عام 1952 وبعنوان «ماذا نريد من حكومة الكويت؟»، ووضع خلال هذا المؤلف رؤية ثاقبة لتخطيط مدينة الكويت، وفق رؤية مستقبلية تراعي زيادة السكان والتطورات الاقتصادية والتنموية.

وساهم رحمه الله في تأسيس شركة السينما الكويتية وانتخب عضواً في أول مجلس ادارة لها عام 1955، وكان ذلك بداية عصر الصالات السينمائية في الكويت والمفتوحة للجمهور والسباقة عن شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي.

لم يشذ عن القول العربي الشائع بأن للسفر: خمس فوائد: تفريج هم، واكتساب معيشة، وعلم، وآداب، وصحبة ماجد، ولذلك تراه يحب السفر كثيراً.

البنك الوطني

ولفقيد الكويت بصمات كبيرة وإنجازات مشهودة في بنك الكويت الوطني، حيث أمضى نحو 50 عاماً في دعم مسيرة تطوره ونموه، وشغل عضوية مجلس إدراة البنك منذ عام 1959 وحتى 17 فبراير 2007، حيث أعلن رغبته في التقاعد من عضوية المجلس خلال انعقاد الجمعية العمومية لـ«الوطني». وذلك لدواع صحية وكان الحمد تولى رئاسة مجلس إدارة البنك الوطني منذ عام 1959 حتى 1979 وكان واحداً من بين سبعة رؤساء مجالس إدارة توالوا على هذا المنصب منذ إنشاء البنك.

وتفيد سجلات البنك الوطني بأنه عندما تولى رئاسة مجلس الإدارة حقق طفرة في الأرباح، وشهد البنك إبان رئاسته اصدار أول بطاقة ائتمان على مستوى الكويت، وأدار وشارك في قروض يعادل حجمها 147 مليون دينار.

دور مجتمعي

مجتمعياً، ادرك فقيد الكويت منذ البداية دوره ومسؤوليته تجاه مجتمعه وبعد تخرجه مباشرة تطوع مع يوسف ابراهيم الغانم وخالد الخرافي بتدريس الطلبة في المدرسة المباركية، وكانت الدروس ليلية، حيث شهدت اقبالاً كثيفاً لحاجة الناس اليها وكانوا مدفوعين للتعلم ليلاً بعد الانتهاء من أعمالهم. وابتعد الحمد عن الشأن السياسي، ولم يُعرف عنه مشاركته في هذا المجال، بل جل عمله انصب في التجارة والأعمال الحرة التي اثرت فيه كثيراً في مناحي حياته العملية، وجعلته رجلاً منظماً الى أقصى درجة. وهو الأكبر بين إخوته وهم عبداللطيف ومشاري ومساعد، جمعتهم التجارة والأعمال الحرة والاقتصاد ما عدا عبداللطيف الذي شغل منصباً وزارياً.

وكان رحمه الله يجنح بين الحكمة والثقافة الواعية، وكان يوصف بأنه مستمع جيد، ينصت إلى محدثه بشكل يجعلك تتساءل عن سر هذا الهدوء والصمت، وان تكلم مرة يأتي من يقول، لقد سمعته يتكلم وأنا شاهد على ذلك، للدلالة على أنه رجل نادر الكلام وإن تكلم فرأيه سديد ومباشر.

كما كان عازفاً عن الأضواء، ويعمل بإخلاص من أجل الكويت، وكان مقلاً في زياراته الاجتماعية أو حضوره الدواوين، لكنه قارئ جيد ومتابع لأي اصدارات جديدة تنزل الى السوق، وكان عندما يطرح عليه رفيقه المرحوم برجس البرجس اسم كتاب جديد يجيبه: ‹لقد اشتريته للتو يابو خالد» مع أنه لا يملك نسخة من كتابه الوحيد «ماذا نريد من حكومة الكويت؟» والذي يحتفظ، أي بوخالد بنسخة منه في مكتبته الخاصة.

مع العلم أن الحمد فقد نسخ كتابه الوحيد فضلاً عن كل الكتب القيمة الأخرى التي كان يقتنيها خلال الغزو العراقي الغاشم بسبب احتلال الجنود العراقيين لمنزله.

  سيرة مضيئة

● يعقوب يوسف الحمد

● مواليد 1924

● درس في كلية فكتوريا بالاسكندرية.

● تخرج في جامعة فؤاد الأول بالقاهرة عام 1950 حاملا شهادة بكالوريوس في التجارة.

● من مؤسسي نادي الخريجين 1954 ولكونه من الخريجين الأوائل ساهم في عضوية النادي وفي نشاطاته.

● عضو مجلس الشورى 1955.

● أحد مؤسسي شركة السينما الكويتية وعضو مجلس ادارتها 1955.

● عضو مجلس ادارة البنك الوطني 1959 ـ 2003.

● رئيس مجلس ادارة البنك الوطني 1965 ـ 1979.

● عضو مجلس التخطيط الذي انشئ عام 1962 كهيئة مستقلة ملحقة بمجلس الوزراء هدفها رسم السياسة الاقتصادية والاجتماعية وتطوير برامج التنمية والاشراف على تنفيذها.

● عضو مجلس النقد الكويتي في 28 ديسمبر 1963.

● صاحب كتاب «ماذا نريد من حكومة الكويت؟» 1952، من منشورات مجلة «البعثة».

● أول رئيس للاتحاد الرياضي الكويتي (الاتحاد الكويتي لكرة القدم حالياً).

● كان أحد أعضاء مجلس الانشاء في خمسينيات القرن الماضي.

● أحد المؤسسين للنادي الأهلي الرياضي الكويتي.

رؤية اقتصادية

كان فقيد الكويت يعقوب الحمد ذا رؤية اقتصادية ثاقبة، وحذر غير مرة من الاعتماد على مصدر البترول فقط، ودعا الى استثمار ما نتحصل عليه من هذا المصدر المهم الغزير في مشاريع بعيدة المدى، وان نراعي مستقبل الاجيال، مشيرا الى خطورة الاعتماد على المصدر الاقتصادي الواحد، «لذلك يجب ان نتقي شر المستقبل وويلاته لو حدث أي حادث على هذا المصدر الرئيسي»، لكنه شدد على ان الاداة الحكومية التي ستقوم بادارة مشاريع الخدمات والأعمال يجب ان تكون اداة قوية، حازمة، مزودة بالخبراء والفنيين والموظفين المدربين المستعدين لهذه الأعمال.

مشاريع مطلوبة

في كتابه «ماذا نريد من حكومة الكويت؟» عدد الحمد المشاريع المطلوب انجازها والاسراع في تنفيذها، منها مشروع ميناء وارصفة، وان يسمح للبضائع الأجنبية بان تنزل الى الكويت وتحفظ في مخازن خاصة في الجمرك برسم الترانزيت، يؤخذ عليها رسم قوي نسبياً، يليه الغاء جميع أنواع الضرائب والرسوم المختلفة، ما دامت الحاجة اليها معدومة.

شبكة الطرق

دعا الحمد إلى الاهتمام بتوسيع شبكة الطرق، خاصة الموصلة الى السعودية والعراق، وعلى الحكومة ان تكلف دائرة الاشغال بان تأخذ أرضاً واسعة من أراضيها الواقعة خارج السور، في أي منطقة مناسبة، لبناء قرية نموذجية بأسواقها ومساجدها وحوانيتها وعياداتها ومحال خدماتها، وتؤجرها الى صغار الموظفين والى من يرغب من افراد الشرطة والعمال والمحتاجين بأجور رمزية، واعطى رقماً تقريباً للمبالغ التي ستستثمرها الحكومة في هذا القطاع بنحو عشرة ملايين روبية أو أكثر.

 

من اليمين: عبدالرحمن البحر وإبراهيم دبدوب ويعقوب الحمد

 

 

الحمد خلال التعريف بأحد ضيوف البنك الوطني

 

 

عام 1945م الدارسون في بيروت والقاهرة.. وقوفاً من اليمين: يعقوب الحمد، أحمدالخطيب، عبدالرزاق العدواني، عبدالوهاب حسين، خالد عيسى الصالح، حمدالرجيب، مرزوق المرزوق. جلوسا من اليمين: جاسم الغانم،بدرعبداللطيف الغانم، يعقوب الحميضي

 

 

جميع الحقوق محفوظة