الاثنين 19 أكتوبر 2020

البطالة تهدد انتعاش الاقتصاد

البطالة تهدد انتعاش الاقتصاد

البطالة تهدد انتعاش الاقتصاد

تسببت جائحة كورونا في حرمان ملايين من القوة العاملة في جميع أنحاء العالم المتقدم من وظائفهم بأعداد تفوق ما تشير إليه إحصاءات البطالة الرسمية، وفقا لتقديرات الاقتصاديين، ما يهدد آفاق الانتعاش الاقتصادي في الأشهر المقبلة، فهناك أكثر من 25 مليون شخص في منطقة اليورو والولايات المتحدة عاطلون عن العمل رسميا، وفقا للأرقام التي نشرت الأسبوع الماضي. لكن الاقتصاديين يقولون إن العدد الحقيقي للأشخاص الذين فقدوا وظائفهم بسبب الجائحة أعلى بكثير، بعد الأخذ في الحسبان أولئك الذين تتم حماية وظائفهم مؤقتا من خلال مخططات الإجازة المدعومة من الدولة (حيث تدفع الحكومة الجزء الأكبر من رواتب الموظفين الذين أجبروا على أخذ اجازة بسبب الجائحة)، وأولئك الذين تسربوا من القوة العاملة وأولئك الذين لا يستطيعون العمل لساعات عديدة في الأسبوع كما يحلو لهم.

تختلف تقديرات العدد الدقيق للأشخاص الذين تضررت سبل عيشهم بشكل كبير، لكن الحكومات في جميع أنحاء العالم المتقدم تواجه جميعها نفس المعضلة؛ اذ خفت حدة الصدمة الاقتصادية الفورية لتدابير الإغلاق الأولية، لكن من المرجح أن يتسبب استمرار ارتفاع معدلات البطالة في معاناة واسعة النطاق وخفض الأجور وإبطاء وتيرة الانتعاش الذي يحركه المستهلك.

يقول الخبير الاقتصادي في دويتشه بنك، مارك دي مويزون: «إن رد فعل سوق العمل يحمل مفتاح فهم التداعيات الأخيرة لصدمة الفيروس، على غرار الدور الذي لعبته البنوك خلال الأزمة المالية الكبرى أو الحكومات السيادية خلال أزمة اليورو».

وتشير الخبيرة الاقتصادية في أليانز، كاتارينا أوتيرمول، الى أن المقاييس الرسمية للبطالة تمثل «قمة جبل الجليد»، وأن هناك دليلا على أن حوالي 30 مليون من العمالة المحبطين (الذين بحثوا طويلا عن عمل دون جدوي فأصابهم الاحباط وتوقفوا عن البحث) سقطوا من الإحصاءات الرسمية في 25 دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والاقتصادات الناشئة.

وتضيف قائلة إن بعض هذه البطالة المقنعة، أكبر بكثير، مما شوهدت في فترات الركود السابقة، من المرجح أن تصبح مرئية في الإحصاءات الرسمية عندما يتم إصدار بيانات سبتمبر في وقت لاحق من هذا الشهر لأن الآباء عادوا إلى سوق العمل عندما أعيد فتح المدارس.

منطقة اليورو

في منطقة اليورو، ارتفع معدل البطالة الرسمي، الذي بلغ %6.5 في فبراير، إلى %8.1 في أغسطس، وفقا للبيانات المنشورة الأسبوع الماضي، أي ما يعادل 13.2 مليون شخص.

لكن ألين شويلينغ، الخبيرة الاقتصادية في ايه بي ان آمرو، تقول إن المستوى الحقيقي للبطالة في منطقة اليورو أعلى بما لا يقل عن 4 إلى 4.5 نقاط مئوية من معدل البطالة الرسمي، على افتراض أن ما يصل إلى خمس الموظفين يعملون ضمن برامج عمل قصيرة المدة، ما يعني أنهم سيصبحون عاطلين عن العمل في نهاية المطاف. وكما تقول «يعمل الكثير من هؤلاء الأشخاص في قطاعات كان ينبغي أن تكون الآن في حالة نشاط كامل، ومن المنطقي أن نقول إن البعض سيصبح عاطلا عن العمل».

ويشمل الرقم الذي قدرته شويلينغ أيضاً الأشخاص الذين تسربوا من سوق العمل، ولكنهم لا يستوفون معايير التصنيف رسمياً على أنهم عاطلون عن العمل، إما لأنهم غير متاحين للعمل وإما أنهم لا يبحثون بنشاط عن عمل.

ويقول دي مويزون إن البطالة في منطقة اليورو كانت سترتفع إلى أكثر من %10 بحلول منتصف الصيف، لو لم يتم اعتبار الناس غير نشطين في البحث، لأن إغلاق المدارس أو إجراءات الإغلاق أو المخاوف الصحية منعتهم من البحث عن عمل، وهو ارتفاع من 11.6 مليون شخص إلى أكثر من 16 مليوناً، إضافة إلى ذلك، ما بين %5 إلى %10 من العمالة في منطقة اليورو ما زالوا مسجلين في مخططات الإجازة في أغسطس وفي وظائف قد يتبين أنها غير قابلة للاستمرار، على حد قوله.

غير النشطين اقتصادياً

وتقدر أوتير مول أن إدراج الأشخاص غير النشطين اقتصاديا وحده من شأنه أن يرفع معدل البطالة الرسمي إلى أكثر من %20 في أسبانيا، وأكثر من %10 في الولايات المتحدة وإيطاليا، وما يقرب من %9 عبر منطقة اليورو ككل، موضحة انه بالنسبة للولايات المتحدة، فالديناميات مختلفة، اذ يتم احتساب العمالة المسجلة ضمن مخططات الاجازة على أنهم عاطلون عن العمل في الإحصاءات الرسمية، لذلك كانت الموجة الأولى من فقدان الوظائف واضحة للغاية. وبلغ معدل البطالة ذروته عند %14.7 في أبريل، أي ما يعادل نحو 23 مليون شخص. ومنذ ذلك الحين، استعاد الاقتصاد نحو نصف الوظائف التي فقدها، وانخفض معدل البطالة إلى 12.6 مليوناً، أي ما يعادل %7.9 من القوة العاملة في أغسطس.

وأضافت: لكن الكثير من التحسُّن الواضح كان بسبب خروج العمال المحبطين من سوق العمل، ويقلل المعدل الرسمي من الحجم الحقيقي للبطالة والتباطؤ في وتيرة التحسن. وقد عاد بعض الموظفين الذين كانوا في إجازة، لكن هناك القليل من فرص العمل، ويقوم عدد متزايد من الشركات، من شركات الطيران إلى المنتزهات الترفيهية، بخفض الوظائف بشكل دائم.

وبحسب جيسون فورمان، البروفسور في جامعة هارفارد والمستشار السابق للرئيس باراك أوباما فإن «معدل البطالة الواقعي» هو %9.6، مع سقوط (عدم احتساب) حوالي 2.3 مليون شخص من الإحصاء الرسمي، بعد تعديله ليعكس 750 ألف شخص يقول إنه جرى تصنيفهم بشكل خطأ، وانخفاضاً حاداً في المشاركة في القوى العاملة مقارنة بفترات الركود السابقة.

33 مليون عامل تضرروا

تقدر هايدي شيرهولز، كبيرة الاقتصاديين في معهد السياسة الاقتصادية، أنه ما لا يقل عن 33 مليون عامل قد تضرروا بشكل مباشر، بعد الأخذ في الاعتبار سوء التصنيف وتقليص العدد وأولئك الذين تسربوا من القوى العاملة وأولئك الذين تم تقليص ساعات عملهم وأجورهم بعد إعادة تعيينهم نتيجة عمليات الإغلاق المحلية.

فرص العمل نادرة

حذرت شير هولز، من أنه عندما تكون فرص العمل نادرة، كما هي الآن، فإن نفوذ القوى العاملة وقوتها تتلاشى. وببساطة يشعر عندها أصحاب العمل بأنه ليس عليهم دفع الأجور كاملة عندما يدركون أن الموظفين ليس أمامهم خيارات وبدائل أخرى.

عمالة محبطة

يقول ديفيد بيج، الخبير الاقتصادي في أكسا انفستمنت مانجرز ان ارتفاع معدلات البطالة الحقيقية والبطالة المقنعة لفترة طويلة وجيش من العمالة المحبطة غير النشطة في البحث عن عمل الذين ينتظرون على الهامش، يهدد الانتعاش الاقتصادي، لأنه سيعيق نمو الأجور ودخل الأسرة والإنفاق. 

14 مليار جنيه خسائر الإنفاق

قالت أوتير مول: «إنه مقابل كل شهر يظل فيه الأشخاص الذين يعانون من البطالة المقنعة، خارج القوى العاملة، يتكبد الاستهلاك الخاص العالمي خسارة قدرها 14 مليار جنيه إسترليني، وتحديدا في مجالات الإنفاق الاجتماعي التقديري التي هي بالفعل الأكثر تضررا من القيود المتعلقة بالجائحة».

  •  

جميع الحقوق محفوظة