الخميس 07 مارس 2019

الأمير رجل دولة ثابت ووسيط كفؤ

الأمير رجل دولة ثابت ووسيط كفؤ

الأمير رجل دولة ثابت ووسيط كفؤ

أكد موقع «مونيتور» الأميركي أن سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد رجل دولة يحظى بالاحترام؛ إقليمياً ودولياً، ويعد وسيطاً كفؤاً في الأزمات، لا سيما الأزمة الخليجية الراهنة. وقال الكاتب كريستيان كوتس أولريخسن إن الحفاظ على مؤسسة مجلس التعاون الخليجي أصبح مرهوناً بسموه. وأثنى الكاتب على حكمة سموه وقدرته على النأي بالكويت عن المحاور والاستقطابات الإقليمية التي زادت من حدة الانقسام والنزاع في المنطقة. جاء في التقرير الذي نشره موقع «مونيتور»: حين زار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الكويت في 5 مارس الحالي لإجراء محادثات حول الخليج والمنطقة، لم تكن زيارة مجاملة ضمن جولة له لإجراء مشاورات في الرياض وأبو ظبي والدوحة. فعلى مدى العامين الماضيين، برزت الكويت وسيطاً مهماً وضرورياً – وجسراً – بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الأزمة الحالية. لقد انتهجت الكويت، التي كانت تتولى رئاسة مجلس التعاون، وسلطنة عُمان الرئيسة الحالية للمجلس، سياسات استهدفت نزع فتيل التوتر في عدد من النزاعات، بما في ذلك الحيلولة دون تحوّل الأزمة إلى صدام مباشر. وسعت للتوسط إلى حل، وفي الوقت ذاته، الحفاظ على ما تبقى من البنية الأمنية لمجلس التعاون. لقد ظهر سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، منذ البداية، رجل دولة ثابتاً، ووسيطاً كفؤاً أثناء الأزمة الخليجية. فقد قام بجولات دبلوماسية مكوكية خلال الأيام الأولى لاندلاع الأزمة، وأشار في مؤتمر صحافي مشترك له مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض في السابع من سبتمبر 2017، إلى أن جهوده نجحت في منع عمل عسكري. وواصل سموه ومسؤولون كبار في الحكومة الكويتية نقل الرسائل بين طرفي الأزمة للإبقاء على قناة اتصال غير مباشر بين الجانبين، في الوقت الذي هدأت فيه حدة الأزمة لتتحول إلى خلاف طويل الأمد يستعصي على الحل. وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الكويت التوسط في نزاعات خليجية – خليجية شملت قطر والسعودية والإمارات. ففي عام 2004، شارك سمو الأمير، الذي كان رئيساً للوزراء آنذاك، في مفاوضات عُقدت في فرنسا لإيجاد أرضية مشتركة بين القيادتين السعودية والقطرية، بعد سحب الأولى سفيرها من الدوحة عام 2002 لعدة أسباب، منها الاستياء من تغطية قناة الجزيرة للأحداث الإقليمية. وفي عام 2014، حين أصبح سموه أميراً للكويت، قام بجهود دبلوماسية صبورة امتدت إلى أشهر، لنزع فتيل أول مواجهة بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى. هناك أسباب كثيرة وراء التزام الكويت بالدبلوماسية الإقليمية، مع تطورها بمرور الوقت. فباستثناء السعودية، التي لم يحدث أبداً أن خضعت للسيطرة الأجنبية، حصلت الكويت على الاستقلال في عام 1961، أي قبل 10 سنوات من البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة. ومع ذلك، عادت القوات البريطانية إلى الكويت في غضون أسبوع من مغادرتها، بعد أن حرّك حاكم العراق العسكري – آنذاك – قواته باتجاه الحدود الجنوبية وبدا أنه يستعد لغزو الكويت. وعلى الرغم من استبدال القوات البريطانية في وقت لاحق، بقوات تابعة لجامعة الدول العربية، وبعد أن أسقط العراق مطالبه الإقليمية في الكويت واعترف باستقلالها في عام 1963، فإن الحادثة قدمت درساً للقادة الكويتيين في ضعف الدول الصغيرة أمام جاراتها القوية والتوسعية. وكدولة صغيرة، قدّرت الكويت قيمة الشراكات الإقليمية التعاونية والتوازن في الشؤون الدولية وتجنب الانحياز لطرف دون آخر أو النظر إلى السياسة بعقلية اللاغالب واللامغلوب. وقبل أن يصبح رئيساً للوزراء عام 2003، ثم أميراً في يناير 2006، عمل الشيخ صباح الأحمد قرابة 40 عاماً كوزير لخارجية الكويت بين عامي 1963 و2003، مع استراحة قصيرة في أوائل التسعينات. وقد منح هذا السجل لسموه، والخبرة التي لا مثيل لها في الشؤون الإقليمية والدولية، سمعة كرجل دولة كبير يحظى بالاحترام. وبعد أن عايش عن قرب تجربة الغزو العراقي لبلاده عام 1990، لم يكن من المفاجئ أن يتحرك الشيخ صباح بقوة لإنهاء الأزمة الخليجية في يونيو 2017، حيث شكّلت أخطر تمزق في نسيج مجلس التعاون الخليجي منذ حرب تحرير الكويت 1991-1990. وإضافة إلى ذلك، فإن الضرر الذي لحق بمجلس التعاون الخليجي كمؤسسة، يشعر به بعمق، بلد كان أحد مهندسي إنشائه عام 1981، إذ قدّم قادته الكثير خلال العقود الأربعة الماضية، لبناء وتعزيز تبني سياسات مشتركة تجاه المخاوف المشتركة لدول الخليج. الأمير بصحبة خادم الحرمين وأمير قطر في إحدى المناسبات | أرشيفية إنعاش «الخليجي» في مايو 2015، كان سمو الشيخ صباح الأحمد وأمير قطر تميم بن حمد، فقط من رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي حضرا – شخصياً – القمة الأميركية – الخليجية مع الرئيس باراك أوباما في كامب ديفيد. وإذا كانت ثمة نافذة «لإنقاذ» أو إعادة إنعاش مجلس التعاون الخليجي فهي ترتبط بالشيخ صباح، والسلطان قابوس سلطان عُمان، رجل الدولة الحكيم الآخر في الخليج. دبلوماسية حيوية لا تزال الكويت تتمتع بقدرة حيوية على ردم الفجوات الإقليمية والدولية من خلال الدبلوماسية. فمن خلال عضويتها في مجلس الأمن، التي تمتد إلى عامين، دعمت الكويت المبادرات الدبلوماسية والإنسانية وإعادة الإعمار في اليمن وسوريا والعراق، بالشراكة مع المنظمات الدولية وأعضاء مجلس الأمن الآخرين. وفي وقت تتصف فيه السياسة الأميركية في منطقة الخليج بالتراجع، الذي يبدو أنه يؤثر على الجهود الرامية إلى تأمين الدعم الإقليمي لأهداف إدارة الرئيس دونالد ترامب تجاه إيران وسوريا وعملية السلام، فإنه بهذا السجل من المشاركة البراغماتية والهدوء، تواصل القيادة الكويتية النأي بالبلاد عن المحاور الإقليمية التي عمقت الاستقطاب في المنطقة. الموقع.. وكاتب المقال – «مونيتور» موقع إخباري مقره الولايات المتحدة الأميركية، يتابع بشكل خاص المستجدات في منطقة الشرق الأوسط، وينشر باللغات العربية والإنكليزية والفارسية والعبرية. – كاتب المقال كريستيان كوتس أولريخسن، زميل باحث في قضايا الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس/ هيوستن – تكساس، صدرت له 4 كتب حول العلاقات الدولية والسياسة الاقتصادية لدول الخليج.

جميع الحقوق محفوظة