الثلاثاء 28 يوليو 2020

الأزمات تضرب العملة الخضراء

الأزمات تضرب العملة الخضراء

الأزمات تضرب العملة الخضراء

يمر الدولار الأميركي بواحدة من أسوأ أيامه خلال الفترة الحالية، مع موجة بيعية ملحوظة من قبل المستثمرين دفعت الورقة الخضراء لأدنى مستوى في عامين.

وتتجه الورقة الخضراء خلال يوليو الجاري لتسجيل أسوأ أداء شهري في 9 سنوات تقريباً، وسط توقعات باستمرار الخسائر والرهان على مزيد من المعاناة للعملة الاحتياطية الأولى في العالم.

في 22 مارس الماضي سجل مؤشر الدولار أعلى مستوياته في ثلاث سنوات ونصف السنة مقترباً من حاجز 103 نقاط، مستفيداً من تدافع المستثمرين للملاذات الآمنة مع انتشار وباء كورونا.

لكن الدولار فقد علامة العملة الآمنة مؤخراً لمصلحة الذهب وعملات مثل اليورو والين مع تفشي كوفيد-19 في الولايات المتحدة بوتيرة حادة والتوقعات القاتمة حيال أداء الاقتصاد الأميركي، خاصة مع عدم اليقين بشأن الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر والتكهنات بشأن استمرار معدلات الفائدة المنخفضة تاريخياً.

وينتظر المستثمرون إعلان بيانات النمو الاقتصادي الأميركي هذا الأسبوع، وسط توقعات بانكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة %35 في الربع الثاني من العام الحالي على أساس سنوي، مما يعد أسوأ كثيراً من الانكماش المتوقع في منطقة اليورو مثلاً عند %12.

وعانى الدولار أيضاً من اختفاء فارق معدلات الفائدة بين الولايات المتحدة وغيرها من الدول الكبرى، والذي كان عامل دعم في السنوات الماضية، مع خفض بنك الاحتياطي الفدرالي الفائدة لنطاق يتراوح بين صفر و%0.25 وتوقعات استمرار هذا المعدل لفترة طويلة وحتى تكهنات البعض باحتمالية تقليصه دون الصفر. واستغلت عملات الدول المتقدمة ابتعاد المستثمرين عن الدولار، لتسجل أداءً قوياً مقابل العملة الاحتياطية الأولى عالمياً، بقيادة اليورو الذي سجل أعلى مستوى في عامين، والين الياباني الذي يتداول عند أفضل مستوياته في 5 أشهر. اليورو مثلاً استفاد من توصل قادة أوروبا لاتفاق بشأن صندوق التعافي البالغ قيمته 860 مليار دولار تقريباً مع إعادة فتح الاقتصادات مجدداً وسط انخفاض حالات الإصابة بالوباء، وهي الأمور التي تفتقدها الولايات المتحدة مع استمرار الخلافات حول حزمة التحفيز الإضافية المنتظرة.

ومع معاناة الاقتصاد الأميركي بدرجة أكبر من نظرائه في أوروبا وآسيا بفعل الوباء ومخاوف تعطل تعافي إعادة فتح الاقتصاد، فإن تصعيد الأزمة الجيوسياسية مع الصين مؤخراً دفع المستثمرين خطوات أخرى بعيداً عن الدولار.

رابحون من الهبوط

يقدم هبوط الدولار فوائد نسبية للاقتصاد الأميركي، الذي اشتكى مسؤولوه كثيراً في الفترات الماضية من الآثار الجانبية لقوة العملة الخضراء.

وطالب الرئيس دونالد ترامب مراراً خلال الأشهر الماضية بهبوط الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى، معتبراً أن قوة العملة الأميركية تمثل أزمة للقطاع الصناعي والاقتصاد غير القادر على المنافسة مع الدول الأخرى. وعادة ما تدعم العملة الضعيفة الطلب على الصادرات في الأسواق الخارجية، مع حقيقة تراجع تكلفتها بالنسبة إلى المستهلكين الأجانب، وبالتالي زيادة جاذبيتها النسبية، ما يزيد التصدير ويقلص الواردات ويخفض العجز التجاري.

كما يقدم الدولار الضعيف خدمة كبيرة للشركات الأميركية المعتمدة على المبيعات الخارجية، مع زيادة صادراتها من جانب وارتفاع قيمة هذه العوائد عند تحويلها إلى دولارات وتضمينها في القوائم المالية النهائية. ويرى «غولدمان ساكس» أن ضعف الدولار الأميركي مؤخراً سيدفع المستثمرين الأجانب إلى التدافع على شراء الأسهم الأميركية بقيمة قد تصل إلى 300 مليار دولار هذا العام.

ونصح البنك المستثمرين بشراء أسهم شركات التكنولوجيا والطاقة الأميركية التي لها مبيعات مرتفعة في الأسواق الدولية، خصوصاً أوروبا ودول مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين)، متوقعاً هبوط مؤشر الدولار المرجح بحجم التجارة بنحو %5 إضافية خلال الاثني عشر شهراً المقبلة.

وبعيداً عن الاقتصاد الأميركي، تستفيد دول العالم من هبوط سعر الدولار عبر انخفاض قيمة ديونها الخارجية المقومة بالعملة الخضراء.

آثار جانبية سلبية

لكن كما يستفيد الاقتصاد الأميركي من هبوط الدولار من عدة جوانب، فإنه سيعاني من جهات أخرى أبرزها ارتفاع تكلفة الاستيراد بالنسبة إلى المستهلك الذي سيضطر لدفع مزيد من الدولارات للحصول على حجم السلع نفسه من الخارج.

كما تتضرر بعض القطاعات الاقتصادية من هبوط الدولار، مثل الشركات العاملة في قطاع الاستيراد والتي ستشهد انخفاضاً للطلب مع زيادة التكلفة.

ويعني هبوط سعر أي عملة ظهور ضغوط تضخمية متصاعدة في هذه الدولة مع تزايد تكلفة الاستيراد، لكن هذا قد لا يشكل أزمة حالية بالنسبة إلى الولايات المتحدة (سي إن بي سي، بلومبيرغ، وول ستريت جورنال، إيكونوميك بوليسي، نيويورك تايمز)

  •  

جميع الحقوق محفوظة