الأربعاء 22 يناير 2020

«نيسان» تتهم كارلوس غصن باختلاس 300 مليون دولار

«نيسان» تتهم كارلوس غصن باختلاس 300 مليون دولار

«نيسان» تتهم كارلوس غصن باختلاس 300 مليون دولار

عقّد هروب كارلوس غصن إلى لبنان متابعته قضائياً، إن لم يكن قد أنقذه منها، وفق ما جاء في تقرير نشرته أمس صحيفة لوفيغارو، وعادت فيه إلى أبرز التهم التي وجهت إلى الرئيس المدير العام السابق لتحالف «رينو- نيسان» وأهمها الرواتب العالية التي استفاد منها من دون أن تحول أبداً الى حساباته، واستيلاؤه على فيلا بيروت التي اشترتها «نيسان»، وحفلات فيرساي التي نظمها، فضلاً عن الاحاديث عن صندوق أسود كان تحت تصرف غضن.

تقدّر مجموعة نيسان حجم الأموال التي اختلسها كارلوس غصن وفق صحيفة لوفيغارو بـ35 مليار ين أي ما يعادل 300 مليون دولار، بينها 32 مليون دولار استفاد منها وكيل نيسان في سلطنة عمان سهيل البهوان و14.7 مليون دولار منحها كارلوس عمولة لشركة سعودية في حين أنفق 3.9 ملايين يورو على حفلة نظمها في قصر فرساي وكارنفال ريو ومهرجان كان، ومنح هبات بقيمة 2.37 مليون لـ10 منظمات بينها 9 في لبنان.

ووفق «لوفيغارو» يتهم غصن أيضاً بمنح عمولات بقيمة 0.75 مليون دولار لشقيقته كلودين بشارة دي أوليفيرا، وشراء يخت في جزر العذراء «فيرجين ايلاند» بقيمة 12 مليون دولار سماه شاشو وتعني المدير باليابانية.

بداية القصة

لم يكن توشياكي أنوما يتوقع يوماً أنه سيصبح شخصية مشهورة وهو الذي يشغل منصب مدير سكرتارية في الطابق الـ21 في مقر شركة نيسان في مدينة ياكوهاما اليابانية. وأنوما هو من سلم الوثائق التي قادت إلى إيقاف كارلوس غصن في 19 نوفمبر الماضي بعد أن وقَّع اتفاق تعاون مع النائب العام لمدينة طوكيو، وهو من كتب في 9 سبتمبر في إطار تحقيق داخلي بأن غصن وغريك كيلي (كادر سابق في نيسان ومتهم ايضا في القضية) قاما باخفاء حوالي 94 مليون دولار من المرتبات التي دفعت الى غصن.

ووفق الرئيس المدير العام السابق لتحالف «نيسان ــ رينو» فإن هذه الوثائق ليست أدلة وإنما مذكرات بلا قيمة قانونية. ولفهم قصة غصن جيداً، علينا أن نعود ست سنوات الى الوراء. ففي 2009 دعت طوكيو مؤسساتها المدرجة الى اضفاء شفافية على رواتب مديريها، لكن كارلوس غصن كان يخشى من أن يكتشف الرأي العام في اليابان وفرنسا شهادة راتبه، خصوصا أن الدولة الفرنسية مساهمة في رينو. وكشف غصن أول مرة راتبه في نهاية مارس 2010 وكان أقل مرتين مما كان يتقاضاه بعيداً عن الأعين.

منذ 2010 أوعزغريك كيلي الى شركة «أر أن بي في» الهولندية التابعة لـ«رينو نيسان» بدفع راتب لغصن وقال إنه سيعلن ذلك أمام الرأي العام.

في تلك الفترة أنشأت «نيسان» هيئة أخرى في هولندا تحت مسمى «Zi-A» لتتكفل فقط بالعمليات المالية والاستثمارية. ومجدداً قرر رجال الطابق 21الـ في يوكوهاما تخصيص راتب لغصن. ومجددا جرى التخلي عن الفكرة ليس صدفة وإنما بسبب ضعف موقف الرئيس المدير العام في فرنسا عقب فضيحة «جواسيس رينو». وبعد ذلك أعدت «نيسان» برنامج تقاسم ارباح، كان غصن المستفيد الرئيسي منه، لكن تم التخلي عنه بسبب المخاطر الضريبية وغيرها. في تلك الفترة كان المشكل هو الفارق بين راتب رئيس نيسان، مهندس نهضتها بعد 199 ونظرائه وعلى الخصوص لدى جنرال موتورز. وهنا بالضبط تدخلت وثائق توشياكي اونوما، التي اوردت عاما بعد عام الفارق بين راتب كارلوس غصن و«قيمته السوقية».

ووفق غصن فإن هذه أرباحه التي كان سيتقاضاها عند مغادرة المجموعة ولا شيء غير ذلك، وأما نيسان والنائب العام وهيئة اسواق المال في الولايات المتحدة، فكانوا يتتبعون رواتب حصل عليها غصن من دون ان تحول الى حساباته البنكية، ولو تمت التحويلات، لكان عليه أن يعلنها حتى يطلع المستثمرون في التحالف عليها. لكن غصن يقول ان هذه الرواتب لم تكن ثابتة ولم يتخذ قرار بشأنها ولم تدفع له.

خيانة الثقة

قبل شهرين من توقيفه، واتهامه باخفاء مداخيله، تم وضع كارلوس غصن تحت الرقابة القضائية في يناير 2019 لسبب اكبر هو خيانة الثقة. لكن القضية تعود الى عشر سنوات، ففي نهاية 2008 كان رئيس نيسان بحاجة الى السيولة، لكن بنك شينسي الذي يديرعقود تغطية مخاطر الصرف اشترط ضمانات لمواجهة تغيرات سعر الين. في البداية نيسان هي من كانت الضامن، ما دفع غصن خلال مؤتمره الصحافي الى عرض قرار مجلس الادارة في تلك الفترة الذي ذيل بتوقيع كارلوس ترافرس.

وتعيب نيسان على رئيسها السابق التصويت على قرار يهدف الى مصلحة شخصية، لكن غصن يؤكد أن المجموعة لم تخسر شيئا، خصوصا أن نيسان اعترفت بأن رئيسها السابق عوّض الخسارة التي تحمّلتها عنه.

لكن الامور تعقدت اكثر في وقت ثان، فبعد نيسان، قام رجل أعمال سعودي يدعى خالد الجوفالي بضمان غصن لدى بنك شينسي، لكن الجوفالي حصل بين عامي 2009 و2012 على عمولة بقيمة 14.7 مليون دولار من نيسان وهو ما اعتبره القضاء الياباني تعارضا في المصالح ويتعلق الامر وفق النائب العام بخيانة ثقة. وتقول نيسان إن هذه الاموال دفعت في إطار مشاريع عمل خاصة تم اعتمادها من خلال مخصصات طوارئ ترتبط بكارلوس مباشرة وعدد من المساعدين المباشرين.

بينما يقول غصن إن رجل الاعمال السعودي ساعد نيسان في ربط علاقة مع موزع آخر في المملكة العربية السعودية للحصول على تمويل من الصناديق السيادية السعودية والتفاوض من اجل اقامة مصنع لنيسان في البلاد

 

الصندوق الأسود

يدفع الحديث عن مخصصات الرئيس المدير العام او صندوق الرئيس المدير العام، الى التفكير في صندوق اسود وتمويل غامض، لكن نيسان تقول إن الأمر يتعلق بأموال يتصرف فيها الرئيس المدير العام في حالات استثنائية مثل الزلازل. وفي الواقع لم يكن هناك لا أموال ولا صندوق وإنما محاسب يدفع المصاريف غير الواردة في الميزانية. ويدحض كارلوس فكرة وجود صندوق اسود تحت تصرفه، لكن من هذه المخصصات تلقت مجموعة سهيل البهوان للسيارات وكيل نيسان في عمان 32 مليون دولار كمكافأة نظير حجم المبيعات وحصة المجموعة في السوق في إطار العقود التي ابرمت معها.

ورغم ان احمد البهوان ابن سهيل الذي اصبح مالك الشركة ادلى بشهادته ونفى كل التهم فإن نيسان تؤكد أن هيئة مرتبطة بالمجموعة العمانية حولت عشرات الملايين من الدولارات لغصن او شركة مرتبطة به.

وهذا الكلام يستهدف المدير العام لشركة سهيل البهوان للسيارات الهندي ديفوندو كومار الذي أنشأ في 2015 هولدينغ فيث انفستمنت وركز القضاء الياباني اتهامه على الـ15 مليوناً من 32 التي تم تحويلها في صيغة أرباح منذ 2015 وبعد تأسيس الهولدينغ.

وتعتقد نيسان أن هذه الشركة المسجلة في لبنان التي كان يشرف عليها محامي الرئيس السابق لتحالف «نيسان ـ رينو» فادي جبران قبل وفاته، هي في الواقع تحت تصرف غصن. لكن الأخير ينفي ذلك.

  •  

جميع الحقوق محفوظة