الاثنين 08 أكتوبر 2018

«الطليعة» صحيفة طُويت... صفحات من تاريخ الكويت فُتحت

«الطليعة» صحيفة طُويت... صفحات من تاريخ الكويت فُتحت

«الطليعة» صحيفة طُويت... صفحات من تاريخ الكويت فُتحت

ما بين 22 يونيو 1962 تاريخ عددها الأول كمجلة و23 مارس 2016 يوم صدور عددها الأخير كجريدة... أكثر من خمسة عقود حجَزَتْ خلالها «الطليعة» موقعاً خاصا في عالم الصحافة الكويتية والخليجية والعربية، وكانت شاهداً على حقبات مضيئة من تاريخ البلاد، من خلال موقعها كصوت للحركة الوطنية. وإذا كان التوقف عن الصدور قبل نحو سنتين ونيف قد تسبّب بكثير من الحسرة والأسى لغياب مطبوعة لطالما أثّرَتْ وتأثّرَتْ بالمشهد السياسي، فإن الإعلان عن بيع مبنى «شركة الطليعة» بالمزاد العلني أواخر الشهر الجاري في إطار التصفية القضائية أعاد تحريك الجرح بالنسبة لكثير من المثقفين و«الطليعيين» والمفكرين، إيذاناً بـ«طي حزين» لصحيفة تفتح صفحاتها جزءاً من تاريخ البلاد. ولعل أبلغ تعبير عن المشهد ما كتبه أحد مؤسسيها أحمد النفيسي في مقاله بالصفحة الأولى من العدد الأخير الذي يحمل الرقم 2135، وفيه: «أكتب هذا المقال ولا أعرف إلى أين سيقودني، فلحظة توقف (الطليعة) عن الصدور، بشكل نهائي، هو حدث تاريخي مهيب في مسيرة الحركة الوطنية في الكويت». «الطليعة» التي كانت تصدر كمجلة أسبوعية ثم تحوّلت إلى جريدة أسبوعية، «لم تكن مجرد صحيفة... وإنما جزء من تاريخ الكويت السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والإعلامي... ولم تكن مجرد شاهد على التاريخ يوثّق أحداثه، بل كانت في حقيقة الأمر صانعاً لجزء من تاريخ الكويت وعنصراً مؤثراً في تطوره»، وفقاً لرأي الكاتب أحمد الديين الذي أعاد أول من أمس نشر مقال رثائي له يعود إلى ديسمبر 2015، تعبيراً عن شعوره بالمرارة مع الإعلان عن البيع بالمزاد العلني. فضلاً عن رفعها لواء القومية والوحدة العربية والتزامها القضية الفلسطينية أولوية، خارجياً، ساهَمَتْ «الطليعة»، داخلياً، في الكشف عن قضايا فساد كبرى في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، وكانت تجاهر بانحيازها للطبقة العاملة والفئات الشعبية والحركات النقابية العمالية في الكويت آنذاك، وصولاً إلى تسميتها من قبل البعض بـ«لسان الفقراء والمستضعفين». قدّمَتْ نفسها كصوت للشعب الكويتي وكان لها لون وطعم ورائحة في المجتمع. مارست النقد السياسي بشكل لم يألفه الخليج. تواجهت مع القوى التي تتستر بغطاء الدين لتمرير أجندتها المشبوهة. وبطبيعة الحال كان لها مؤيدون وخصوم، إلا أن الغالبية في الفريقين توافقت على أن خروجها من المشهد، يشكل خسارة للإعلام الخليجي والعربي. وتُجمع هذه «الغالبية» على أن «الطليعة»، التي احتضنت قامات تاريخية وشخصيات بارزة كويتية وخليجية وعربية، لم تكن مشروعاً إعلامياً أو تجارياً، بقدر ما كانت جزءاً من تيار سياسي، وان كان البعض يرى أن تصفيتها «فعل سياسي» فإن آخرين اعتبروا أن الأمر يتعلق بضعف الخطاب القومي عموما وفي الخليج خصوصاً. وتعبيراً عن مرارة «البيع بالمزاد»، كتب النفيسي في ختام مقاله الرثائي: «وأنا أتفحص ما حولي، أجد العديد وربما العشرات من المجموعات الشبابية، التي تفتحت وأينعت لتدافع عن الحريات والدستور والديموقراطية وحقوق الإنسان والمال العام، ومجموعات أخرى ثقافية لو دققت فيها كلها لوجدت جذورها تنبثق من (الطليعة)، وهذا كله لن يستطيع أحد أن يبيعه بمزاد».

جميع الحقوق محفوظة