السبت 23 سبتمبر 2017

الكويت ضمن أسوأ 10 دول على مستوى العالم عداء لـ الوافدين

 الكويت ضمن  أسوأ 10 دول على مستوى  العالم عداء لـ  الوافدين

الكويت ضمن أسوأ 10 دول على مستوى العالم عداء لـ الوافدين

تناول تقرير اسبوعي مشكلة التركيبة السكانية وتداعياتها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية ، حيث يتناول البعض من السياسيين تركيبة السكان في الكويت بشكل إقصائي وخاطئ وخطر، مثل هذا الطرح ساد أيضاً حتى عند مناقشة تركيبة الكويتيين من السكان، واخضعوا تصنيفات بغيضة، مثل محاكمة معدلات النمو السكاني للكويتيين بالذهاب أكثر من 50 سنة في التاريخ بنية التشكيك في هويتهم، وتقسيمهم إلى بادية وحاضرة، وسنة وشيعة، وكلها طروحات مزقت دول في أمثلة حاضرة أمامنا. المؤكد أن هناك خللاً في التركيبة السكانية، هو خلل كمي، وأخطر ما فيه هو الخلل النوعي، وهو خلل هيكلي قديم، ناتج عن سياسات خاطئة، وطُرح حينها متزامناً مع خلل نتج عن هيمنة النفط انتاجياً ومالياً على قدر الاقتصاد المحلي. تلك الاختلالات لا ذنب للوافد فيها، فطلب الرزق أمر مشروع، مارسه الكويتيون عندما كانت مواردهم شحيحة، سواء في هجراتهم صيفاً وشتاءً عن طريق البحر، أو ترحالهم في الصحاري أينما وجد الماء والكلأ. قبل بضعة أسابيع، نشرت «انترنيشنز» تصنيفها السنوي للدول المستقبلة للوافدين، وجاءت البحرين على رأس قائمة الدول الودودة لهم، وجاءت الكويت ضمن أسوأ 10 دول على مستوى العالم في العداء لهم، أي من أكثر الدول تشدداً ضدهم، وذلك أمر غير طيب، وليس ذلك هو الوجه الحقيقي لناسها. التكسب في العمل السياسي، أمر متكرر الحدوث، ولكن، هناك سقف أدنى لا بد من احترامه، وفي سياسات الاقصاء ما بين الكويتيين أنفسهم، أو مع الوافدين، ما يتسبب في عملية تدمير ذاتي، لا بد من موقف منها. يضاعف من فداحة أثارها، حكومة ضعيفة، لا رؤية ولا موقف لها، تتحرك مغيرة اتجاهاتها مع كل نفحة ريح، أي مع أي تهديد أو نقد، حتى لو كان مجرد جملة في مدونات التواصل الاجتماعي. ولعل الأهم، هو أن النتيجة الحتمية لمثل هذه المواقف المتعصبة، لن تؤدي قطعاً إلى تعديل كمي يذكر في التركيبة السكانية غير تلك الناتجة عن انخفاض إيرادات النفط، وسوف تسوء كثيراً تلك التركيبة من ناحية النوعية، لأن المؤهل والقادر من الوافدين، سوف يبحث عن بيئة أكثر وداً، بينما تبقى وتتكاثر العمالة الهامشية مهما بلغت الضغوط. كان لا بد من هذه المقدمة قبل أن نناقش في تقريرنا، وفي ثلاث فقرات منفصلة، آخر الأرقام المتوافرة حول تركيبة السكان والعمالة، وتلك الأرقام مصدرها الهيئة العامة للمعلومات المدنية، ومن دون المراهنة على دقتها. الخلل الكمي في عام 1985، هبط عدد السكان الكويتيين بنسبة -17.4% مقارنة بعددهم في عام 1980، لأن الحكومة قررت حينها عدم احتساب فئة غير محددي الجنسية ضمنهم، وفي نفس العام، تبنت الحكومة خطة خمسية، هدفها الأساسي تعديل التركيبة السكانية بهدف موازنة السكان بنسبة 50% لكل من الكويتيين وغيرهم، وكانت نسبة السكان الكويتيين في نهاية عام 1985 بحدود 27.7%، وكانت الكويت تعاني من هبوط حاد في انتاج وأسعار النفط، وتعاني من تداعيات أزمة المناخ، وتعاني من اشتداد خطر الحرب العراقية الإيرانية حيث تم في فبراير 1986 احتلال شبه جزيرة الفاو. وكانت تلك الظروف على شدة سوئها، تدعم هدف الخطة الخُمسية بموازنة السكان، لأن الوضع الأمني والاقتصادي طارد للسكان، ورغم ذلك، انخفضت مساهمة الكويتيين في السكان إلى 26.9% لظروف سياسية كانت سائدة في الكويت بحلول عام 1990،عام نهاية الخطة الخُمسية. ولابد من التذكير بأن قضية الاختلال في التركيبة السكانية مطروحة منذ سبعينات القرن الفائت، ولكن، كل السياسات العامة كانت تتسبب في تحقيق عكس المعلن من الاهداف، وذلك تكرر مع بدء ارتفاع أسعار النفط بداية القرن الحالي. فبعد النمو السالب للسكان الوافدين في عامي 1999 و2000 ، تسبب الانفلات المالي منذ عام 2001 وما بعد، في ارتفاع كبير مع معدلات نمو السكان الوافدين، فبلغ معدل نموهم للسنوات 2001 – 2003 نحو 5.6% سنوياً، ليرتفع إلى معدل 9.7% للسنوات 2004 – 2007، ثم ليهبط إلى معدل 1.8% للسنوات 2008 – 2011 بسبب أزمة العالم المالية، ليعاود الارتفاع إلى 4.1% مع زيادة أسعار النفط للسنوات 2012 – 2016. ذلك يعني، أن اتساع هوة الخلل السكاني ما هو سوى متغير تابع للتغير في السياسات المالية، ويدعمه التسامح مع تجارة البشر، أما الوافد، فحاله حال المواطن، ضحية مثل تلك السياسات التنموية البائسة. ولأن تأثير السياسات المالية على النمو السكاني لا يتحقق سوى بعد فترة سماح، من المتوقع حالياً أن يبدأ نمو السكان الوافدين بالانحسارفي السنوات القليلة القادمة، ومن دون جهد يذكر، أسوة لما حدث في عامي 1999 و2000، وما حدث بعد أزمة عام 2008. ويشير المتوفر من الأرقام، ومصدرها الهيئة العامة للمعلومات المدنية، أن انحسار ذلك النمو قد بدأ، فقد بلغ معدل نمو السكان غير الكويتيين للنصف الأول من عام 2017، نحو 0.4% فقط، وهو الأدنى منذ بداية الألفية الحالية بينما بلغ نمو السكان الكويتيين لنفس الفترة 1.1%، أو نحو 3 أضعاف نمو غيرهم، بمعنى آخر، المتغيرات الخارجة عن قدرتنا على التأثير، سوف تعمل على زيادة نسبة مساهمة الكويتيين في السكان، ولا حاجة للشعارات الاقصائية لبدء تعديل التركيبة، بينما يظل خطر ذلك الخطاب الاقصائي على ما هو أهم، وهو تعميق الخلل النوعي في تلك التركيبة. الخلل النوعي قال تقرير الشال ان إحصاءات الهيئة العامة للمعلومات المدنية كما في 30/06/2017 تشير إلى أن هناك نحو 130 ألف أمي في جملة السكان الذين تبلغ أعمارهم 10 سنوات وأكثر، وهناك 1.012 مليون فرد، أي نحو ربع إجمالي السكان يقرأون ويكتبون فقط، أي من دون مؤهلات تعليمية، وهناك 378 ألف فرد بمؤهل ابتدائي. ذلك يعني أن نحو 1.520 مليون نسمة من السكان البالغة أعمارهم 10 سنوات وأكثر، مؤهلاتهم لا تتعدى الابتدائية، ونسبهم من جملة السكان أكثر من 10 سنوات نحو 40%، وذلك خلل سببه تواضع متطلبات العمل، وهي من تداعيات فشل السياسات العامة في البلد. ذلك الرقم قد يكون أكبر، فضمن الإحصاءات المنشورة، هناك نحو 400 ألف فرد، أو نحو 9% من إجمالي عدد السكان، من غير المعروف مستوى تعليمه، وفي اهمال التصنيف التعليمي دليل آخر على ضعف كبير في قاعدة الإحصاءات التي هي زاد العالم المعاصر للتخطيط لمشروعات تنميته. وعلى الطرف الآخر، هناك ضمن السكان نحو 293 ألف من حملة الشهادات الجامعية، ونحو 11.8 ألف من حملة الشهادات فوق الجامعية، يصاحبها ندرة في عدد ومستوى الأبحاث والإبداع، وذلك دليل على ضعف مستوى التعليم من جانب، وعلى وفرة الشهادات المضروبة من جانب آخر، وهو خلل نوعي آخر. الخلل النوعي قائم أيضاً وفقاً للجنس، فضمن السكان الوافدين البالغ عددهم 3.086 مليون نسمة، يبلغ عدد الرجال ضمنهم نحو 2.111 مليون، أي أن نسبتهم إلى المجموع تبلغ 68.4%، أي أنه مجتمع عزاب. وتوزيع السكان الوافدين وفقاً لمجموعات الجنسية يضع مجموعتان لكل منهم 40.2% و27.4% من جملة السكان الوافدين، أو لهم مجتمعين نحو ثلثي عدد سكان الوافدين. والخلل النوعي بكل مكوناته أمر كان من الممكن اجتنابه بالحد الأدنى من التخطيط السكاني، وذلك لم يحدث ولا يحدث ما لم تكن للدولة أهداف تنموية رشيدة ومعلنة، تعنى بنوعية الوظيفة، وتعنى بمخاطر الخلل المحتملة، وتسبقها في التحكم بالكم والكيف، كما هو حال السويسريين مثلا. ولكن، كل ما حدث قبل الاحتلال، ورغم بناء وتبني خطة تنموية في عام 1985 هدفها الرئيس تعديل خلل التركيبة السكانية، ورغم ما أتاحه الاحتلال من فرصة لإعادة اصلاح التركيبية، كانت وما زالت السياسات العامة تعمل مناقضة للأهداف السكانية المعلنة. يضاف اليها ما سوف نتطرق له في فقرة لاحقة حول اختلال ميزان العمالة، وهي القنبلة القادمة الناتجة عن وجود نحو 450 ألف كويتي دون سن العشرين، وهم قادمون إلى سوق العمل في اقتصاد لا علاقة للتعليم بسوقه، وعاجز تماماً عن خلق فرص عمل حقيقية. خلل ميزان العمالة خلل ميزان العمالة أعمق وأخطر من خلل التركيبة السكانية، فهو خلل أصاب العمالة المواطنة، بما يجعله أكبر هموم المستقبل، وهو خلل رغم اتساعه، لا يسمح معامل الإحلال ما بين العمالة المواطنة وتلك الوافدة بتعديله،لأنه غير مرن، نتيجةالاختلاف جوهري في نوعية الأعمال وأجورها. وهو خلل مستدام، ويستفحل بمرور الزمن، لأنه مجرد ظاهرة لنهج تنموي خاطئ، نهج، مؤشرات إنجازاته تقاس بحجم الانفاق على مشاريعه التي تعمق تلك الاختلالات، بديلاً لقياس نجاحه بعدد ونوعية الوظائف المستدامة التي يخلقها. أخطر اختلالات ميزان العمالة كامنة في اختلال عمالة الكويتيين، فبعد 70 سنة من عمر النفط، يعمل في القطاع العام 76.7% منهم والقطاع العام يدعم ما عداهم من العاملين في القطاع الخاص، أكثر من نصفهم بطالة مقنعة، ولا علاقة ما بين متطلبات التعليم والعمل، ولا الإنتاجية والمكافأة، وتكلفة الرواتب والأجور تبلغ أكثر من ضعفين ونصف الضعف كل نفقات موازنة عام 2000. أقسى وأخطر التبعات، هي أن هناك 450 ألف كويتي دون سن الـ 20 سنة، يحتاجون إلى فرص عمل خلال الـ 15 سنة القادمة، ومن المستحيل الاستمرار في نمط التوظيف الوهمي لهم، في القطاع العام، ولا تسمح مستويات الأجور ولا مستويات تعليمهم باستيعابهم في القطاع الخاص. والاستقرار، سياسي كان أو اقتصادي أو اجتماعي، سوف يكون عرضة لمخاطر كبيرة بسبب تحول البطالة المقنعة الناتجة عن سياسات فاشلة، إلى بطالة سافرة، ويضاعف من مخاطره تلك المقترحات المتعلقة بخفض سن التقاعد، لتخريب نظام التأمينات بعد خراب المالية العامة. الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية كما في 30/06/2017 تشير إلى اختلال كمي أيضاً في ميزان العمالة، فالقطاع العام يوظف نحو 490 ألف موظف، منهم 345 ألف كويتي، ونحو 145 ألف غير كويتي، ولكن معامل الاحلال بينهما ضعيف. فالتعليم وقيم العمل والأجر، أمراض سياسة عامة، مثال صارخ لها هو تلك الضجة التي أُثيرت من أكثر من عام حول تعيين 300 عسكري من بنغلادش لأعمال الإصلاح والصيانة للمعدات العسكرية، وللأسف، لم تكن الضجة حول فشل التعليم التطبيقي في توفير عمالة كويتية لها، ولا بسبب القلق على الأمن، ولكن بسبب احتمال حصولهم على رتب عسكرية بدلاً من الكويتيين. مثال آخر حديث على خلق الوظائف الوهمية والمهينة، إعلان ديوان الخدمة المدنية عن 2000 وظيفة لكويتيات من حملة الشهادة المتوسطة لمرافقة الطالبات، ولا عزاء لبناء رأس المال البشري، وما سياسات الإصلاح الاقتصادي المعلنة سوى وهم وسراب. الخلل قائم وكبير في جملة العمالة أيضاً، فمجموع العاملين في الكويت يبلغ 2.732 مليون عامل، نسبة العمالة الكويتية ضمنها 16.4% فقط، معظمها في القطاع العام، ومنذ عام 2011، بدأت هجرة العمالة الكويتية من القطاع الخاص إلى القطاع العام خلافاً لأهداف التنمية المعلنة بسبب الامعان في سياسات شراء الود السياسي، أو الاسراف في منح الكوادر.

جميع الحقوق محفوظة