الثلاثاء 11 أبريل 2017

فحص المخدرات للموظفين والطلبة... مقبول شعبياً مخالف دستورياً

فحص المخدرات للموظفين والطلبة... مقبول شعبياً مخالف دستورياً

فحص المخدرات للموظفين والطلبة... مقبول شعبياً مخالف دستورياً

حظي المقترح النيابي بإخضاع الموظفين والطلبة لفحص يتحرى كشف أي مخدرات في أجسامهم بتأييد شعبي يشوبه التحفظ، كوسيلة ناجعة من وسائل مواجهة تفشي تلك الآفة في الاوساط المجتمعية الحيوية وفي القلب منها فئة الطلبة. وعلى النقيض من ذلك، ظهر من وضع المقترح في الميزان الدستوري مخالفته للمادة 30 في ما يخص الطلبة، رغم جواز إجراء هذا الفحص للمتقدمين لشغل الوظائف لا سيما المتعلقة بالسلك العسكري وسلك القضاء وغيرهما من الوظائف التي تتطلب السلامة البدنية والذهنية. وفي هذا السياق، اعتبر الخبير الدستوري الدكتور محمد عقلة العنزي الاقتراح النيابي الداعي لفحص طلبة المدارس للتأكد من عدم تعاطيهم للمخدرات تضمن «مخالفة المادة 30 من الدستور التي تقضي بأن الحرية الشخصية مكفولة»، «ما لم يكن الشخص في حالة التلبس المنصوص عليها في المادة 56 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية». ولفت العنزي إلى ان «حالة التلبس ينعقد الاختصاص بكشفها والقاء القبض على مرتكبها والتفتيش له من قبل رجال الشرطة فقط». وعن قانونية فحص موظفي الدولة، قال العنزي ان «هذا جائز، لأن من شروط الوظيفة العامة في المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية أن يكون المتقدم للوظيفة لائقا صحيا». وعلى الصعيد الحقوقي، رفض رئيس الجمعية الكويتية للمقومات الأساسية لحقوق الانسان استاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة الدكتور يوسف الصقر مقترح فحص شرائح عديدة في المجتمع من ضمنهم طلبة الثانوية العامة والجامعات وهيئة التعليم التطبيقي والمتقدمين لوظيفة بالقطاع الحكومي أو الخاص أو العسكري وحتى طالبي المساعدة من وزارة الشؤون الاجتماعية سواء مواطنين او مقيمين. واعتبر أن «مشروع الاقتراح كأنه وصاية مسبقة على المجتمع والتدخل في خصوصية الناس رغم اننا نسعى الى القضاء على آفة المخدرات ودخولها البلاد من خلال القضاء على اسبابها وغلق الباب امام دخولها للبلاد خاصة ان اغلب انواع المخدرات مستوردة من الخارج وقليل منها يصنع محليا». وقال الصقر «هناك بعض الوظائف الحساسة التي يُخشى من دخولها متعاطين للمخدرات، وتلك الوظائف من الممكن أن يجرى ذلك فيها لمرة واحدة وليس دوريا مثل وظيفة تولي القضاء او السلك العسكري او وظائف معينة اما غير تلك الوظائف فالامر يعتبر تدخلا في الخصوصية». وبين أن «مسألة تعميم الفحص على كافة شرائح المجتمع ولنقل فئات كثيرة بحسب المقترح فإنهم يضعهم في دائرة الاتهام اما الشخص المتعاطي وعليه شبهة فمن حق الدولة فحصه، مثل فحص رجال المرور في اوروبا لقائدي المركبات للتأكد من خلوهم من الكحول اثناء القيادة حفاظا على سلامة مستخدمي الطريق وهذا يطبق في حالة ما تم ثبوت ترنح السكارى بسياراتهم لكن لا يعني فحص جميع مرتادي الطريق». ولفت الصقر الى انه «من حق الدولة التأكد من تفشي المخدرات بين الشباب مثلا بالمدارس والجامعات او الوظائف ان كانت هناك شبهة حيال ذلك من خلال عدد من الاجراءات التي يجب ان تتمتع بالسرية وفق حقوق الانسان، ولابد من اعطاء الضمانات لتلك السرية». وبين انه «لو تم ضبط طالب متعاط فان هذا لا يعني منعه من حقه في التعلم وهذا ليس تعاطفا مع خطئه ومعصيته بتعاطي المخدرات انما لأن هذا حقه لكن الامر يختلف في حال كان الطالب مثلا في كلية عسكرية او وظيفة معينة كالقضاء وغير ذلك من الوظائف الحساسة»، معتبرا ان «الاقتراح يعتبر تدخلا في الخصوصية كما هو الحال في قانون البصمة الوراثية، لأن الاصل في الانسان انه بريء حتى تثبت ادانته ومتى ما ثبتت ادانته من حق الدولة التدخل». وشدد الصقر على أن «الفحوصات لمصلحة ما يتم القبول بها مثل السلامة البدنية للسلك العسكري لاشتراط مهنته ذلك والفحص قبل الزواج للبعد عن الامراض الوراثية وفحص العمالة الوافدة من الامراض السارية والمعدية من باب المصلحة العامة لانها تنتشر لا اراديا بالاتصال اما المخدرات فتنتشر بالتعاطي، ومسألة المصلحة على مكافحة الجريمة والمخدرات هناك طرق كثيرة في المكافحة، اما ما جاء بالاقتراح بتطبيقه على الجميع اولا يعتبر تعسفا امام خصوصية الناس وصعبا عمليا تطبيقه والمرجو من ورائه قليل». وأشار إلى أن «مسألة تزويد ولي الامر بأجهزة لفحص ابنائه للتأكد من خلوهم من المخدرات يمكن تحويرها إلى تثقيف رب الاسرة بالادلة والعلامات التي تمكنه من التعرف على حالات التعاطي ويمكن توفير جهاز لحالة معينة ان لاحظ هذه الادلة بناء على طلبه». واقترح الصقر «الاستمرار في توعية الشباب والمجتمع والوازع الديني بمخاطر المخدرات والتشدد في فحص البضائع القادمة من الخارج لأن اغلب انواع المخدرات تأتي من الخارج، والاهتمام بتربية الابناء وتعريفهم بخطورة المخدرات ومتابعة السجون فنجد ان المتعاطين وتاجري المخدرات يسجنون في عنبر واحد احيانا وكأنه مكان لالتقائهم رغم أن الامر يحتاج إلى سجن المتعاطين بعيدا عن تجار المخدرات بل وفصل تجار المخدرات عن بعضهم حتى لا يتبادلوا خبرة تجارة السموم فيما بينهم وتكثيف حالات العلاج والتأهيل للمتعاطين والتشدد في عقوبات تجارة المخدرات». وفي السياق ذاته، أكد رئيس مجلس ادارة الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان خالد الحميدي أنه «يؤيد المقترح النيابي المقدم بإجراء فحص المخدرات على الطلبة»، معللاً ذلك بالقول «هكذا اجراء من شأنه الحد من تعاطي المخدرات». وأشار إلى ان «حماية المجتمع من هذه المخاطر المدمرة تستوجب تكاتف الجميع بما يكفل تحصين الشباب الكويتي من هذا الغول الذي يقضي على أهم شريحة من شرائح أي مجمتع وهى فئة الشباب». وبين الحميدي انه «رغم ان المنظمات الحقوقية الدولية تعتبر هكذا اجراء ينتهك الحرية الشخصية، فإن قيم المجتمع الكويتي والحفاظ على لبناته تستوجب تأييد هذا المقترح ودعمه والوقوف بجانبه». وزاد «الأرقام والإحصاءات الحديثة التي رصدت حجم انتشار هذا الوباء، تؤكد أهمية التفكير بشكل غير تقليدي والبحث عن حلول خارج الصندوق للحد من انتشار المخدرات بين المجتمع الكويتي». وأردف الحميدي «إن مكافحة المخدرات ليست مسؤولية جهة بعينها، وانما هى نتاج تكامل بين جهات عدة من بينها الأسرة، و الإعلام، والمؤسسات التعليمية، والجهات الحكومية المختلفة»، لافتا إلى ان «ارتفاع مستوى المعيشة في الكويت يجعل الشباب الكويتي مستهدفا من قبل أولئك الذين يتاجرون في هذه السموم، ما يضاعف حجم المسؤولية على أرباب الأسر الكويتية والجهات الأمنية لضمان حماية وتأمين هؤلاء الشباب». وشعبيا، رحب المواطن علي البرشوم بالمقترح «بشرط أن يكون هناك خطة لإجراء فحص سري للطلبة مع ضمان عدم تسرب النتائج، وان يتعامل مع متعاطي المخدرات بطريقة سرية»، مشيرا إلى أن «الفحص يجب أن يشمل من يبدي سلوكا وتصرفات شخص متعاط للمخدرات بعد أن تفشت ظاهرة المخدرات بين طلاب المدارس والجامعات بشكل كبير». وشدد البرشوم على أهمية دور الاسرة «في متابعة وتوعية أبنائهم حتى مع وجود القانون وعدم والانشغال عنهم»، لافتا إلى أن «مثل هذا المقترح سيردع الطلبة ويخيفهم من تعاطي المخدرات لا سيما مع افتقاد الرادع في الوقت الحالي». من جانبه، قال المهندس مساعد مبارك العنتري «إن الشبو انتشر بشكل كبير والفحص يحد من تفشي المخدرات بين الطلبة، وتزايد شرائح وأعداد المتعاطين في المدارس للمخدرات وكذلك المشروبات الكحولية التي تدمر الشباب وهذا المقترح يضمن حل المشكلة من خلال إجراء مسح شامل لمعرفة عدد المتعاطين بين الشباب بهدف علاجهم وعدم انتشار هذه الظاهرة أو إلى تسربها للمدارس». من جانبه، رفض محمد المهدي هذا المقترح قائلا «إن القانون يجب أن يشمل المشتبهين فقط والذين تدور حولهم شكوك بتعاطيهم للمخدرات، وقد تسيء لسمعة الناس وتسبب مشاكل كبيرة وأيضا تأخذ وقتا وجهدا كبيرين». وأكد أن «المقترح له سلبيات وإيجابيات وأعتقد أن سلبياته أكثر وقد تتفشى الفوضى بسببه، فهناك بعض الادوية أو المستحضرات التجميلية أو الهرمونات قد تحتوي على نسب بسيطة من المخدرات». كما قال ثامر عواد، مدرس، «من خلال تجربتي في سلك التدريس فإن فترة المروجين لترويج سمومهم بين أوساط الطلاب تكون في الاختبارات، ففي هذا الفترة تتفشى السموم داخل المدارس بأسعار زهيدة أو مجاناً خلال فترة الاختبارات بهدف تنشيط مبيعاتهم في موسم الصيف الذي يلي الاختبارات وبالتالي إيقاع الطلاب في فخ المخدرات»، مبينا ان تلك الآفة «امتدت إلى مدارس البنات، وفحص الطلبة يسهم في القضاء على هذه الظاهرة والحد من انتشارها». وعلى الصعيد ذاته، قال الطالب في جامعة الكويت فهد العجمي «ان المقترح ممتاز ولكن التخوف من ان تكون الفحوص روتينية وتدخل فيها الواسطة والمحسوبية كبقية المؤسسات في الدولة»، مطالبا بـ«ضرورة تطبيق المقترح على المبتعثين في الخارج لأنهم اكثر عرضة من غيرهم لتعاطي المخدرات». بدوره، قال الطالب في جامعة الكويت حمد العنزي «إن المقترح يخترق خصوصية الطلاب ويشوه سمعتهم، لذا يجب علي الدولة محاربة المخدرات بالطرق التي تتبعها الدول»، مشيرا إلى ان «هذا القرار يدل على ضعف القبضة الامنية في السيطرة على تجار ومروجي المخدرات». وتساءل «هل سيأخذ في الاعتبار الطلبة الذين يتناولون ادوية بها نسبة مخدر والذين يتناولون بروتينات لممارسة بعض الرياضات التي تتطلب مكملات غذائية من ضمن تركيبتها مخدر مسموح به؟». كما قال الطالب في جامعة الكويت أحمد الرشيدي إنه مع فحص الطلبة في الجامعة والتعليم الثانوي «لأن ظاهرة المخدرات تفشت في المجتمع وعلى الجميع ان يتكاتف للوقوف صفا لمحاربة هذه الآفة التي تؤدي إلى هلاك الامة»، مشيرا إلى ان «قرارفحص الطلبة يجعل الكثير منهم يعزفون عن تناول المخدرات خوفا من الفحص في الثانوية والجامعة ويجعل الاسرة على علم بحال ابنها من ناحية التعاطي ومن ثم علاجه». خورشيد لـ«الراي»: وقاية لا وصاية | كتب باسم عبدالرحمن | علّق عضو مجلس الامة صلاح خورشيد على وصف اقتراحه بمعية عدد من النواب عن فحص التحصين من المخدرات بأنه «وصاية مسبقة على المجتمع» بالقول «ان هذا المقترح نبيل هدفه حماية المجتمع وليس له أي شكوك في اي فئة من الفئات التي ينطبق عليها سواء طلاب او خريجين». وقال خورشيد لـ«الراي»: «إننا اليوم معرضون في أي ظرف من الظروف لخطر المخدرات وهدفنا وقاية المجتمع للجميع وليس وصاية عليه وحبذا لو طبق الامر على الجميع، مقابل الكميات الكبيرة التي يتم ضبطها من المخدرات للحد منها، فكل أسرة تعبت على تعليم وتربية أبنائها لكن ليس لها رقابة عليهم لمعرفة إن كانوا انحرفوا أو تعاطوا المخدرات، واقتراحنا يصب في امكانية اصلاح الموقف في بدايته قبل استفحال تعاطي الطالب والتحول الى مدمن». وردا على تحفظ بعض جمعيات حقوق الانسان على المقترح، قال خورشيد «إننا لم نتجاوز، بل نساعد الانسان في حقوقه ولا اعتقد ان جمعيات حقوق الانسان تقبل ان يكون في المستقبل تسيب نتيجة عدم الاهتمام بأبنائنا أو حتى بأنفسنا خاصة مع وجود أرقام مخيفة لضبطيات المخدرات التي يتم الكشف عنها يوميا في الكويت وزيادة تجار المخدرات الذين لا ضمير لهم». ونفى خورشيد حرمان المتعاطي من التعليم أو التوظيف نتيجة تعاطيه المخدرات، وقال «لم نتحدث عن حرمان للشخص من التعليم أو الوظيفة بل قلنا وقاية لكي نحافظ على الأفراد والأسر فهناك معاناة تقع على عاتق اسرة المدمن والمتعاطي للمخدرات ونحن نحاول مساعدته».

جميع الحقوق محفوظة