الأحد 02 أبريل 2017

النسور.. «عمال نظافة الطبيعة» على حافة الانقراض

النسور.. «عمال نظافة الطبيعة» على حافة الانقراض

النسور.. «عمال نظافة الطبيعة» على حافة الانقراض

للنسور صورة سيئة – بالأحرى كطيور قبيحة، لا تملك نبل العقبان، ولا أناقة طيور القطرس البحرية. بأنظارها الشاخصة بثبات إلى الأرض، تحلق النسور فوق جثث الحيوانات المشرفة على الموت، تنتظر أن تلفظ النفس الأخير حتى تنقض عليها. من عادات هذه الطيور استمد البعض عدة مقولات سلبية – يتحدث الأشخاص عن «تجمع النسور»، على سبيل المثال، لوصف اندفاع الأقارب إلى جوار ثري من العائلة شارف على الموت. أما تعبير «انقضوا عليه كالنسور»، فيستخدم للحديث عن جشع البشر. ولكن الكلمة قد تفقد قريبا دلالتها السلبية، إذ إنه في أجزاء واسعة من العالم تراجعت أعداد هذه الطيور بشكل كبير جدا حتى باتت مهددة بالانقراض. في إفريقيا وآسيا، موطن ما يسمى بنسور العالم القديم، تقلصت أعدادهم بنسبة 95 في المئة على مدى العقود القليلة الماضية، وفق ما قيل مؤخرا أمام مؤتمر في توليدو، بإسبانيا، يهدف إلى العمل على وضع خطة لإنقاذهم. من بين أنواع النسور البالغ عددها 23 في أنحاء العالم،بات 16 نوعا مهددا.فيما أربعة أنواع من آسيا ومثلها بإفريقيا مدرجة على القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض التي يعدها الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة «آي يو سي إن». وتشمل هذه النسر ذو القلنسوة، والنسر أبيض الظهر، والنسر الهندي، ونسر روبل المسمى بالنسر الأبقع. ويقول إيفان راميريز، رئيس وحدة الحماية في منظمة «بيردلايف» في أوروبا وآسيا الوسطى، إن «هناك حاجة لاتخاذ تدابير صارمة للتعامل مع حالات الطوارئ التي تواجهها معظم النسور في آسيا وأوروبا». وكما يقول فهي «ليست فقط من الأنواع الرائعة التي يجب أن نحافظ عليها، ولكنهم أيضا مقدمو خدمات رئيسيون للحفاظ على النظام البيئي». ولكن لماذا النسور في غاية الأهمية؟ يقول نيك وليامز، الخبير بالنسور في اتفاقية المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات البرية (اتفاقية برعاية برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة)، إن النسور «موجودة لغرض تنظيف جثث الحيوانات». ويضيف «بدونها، قد تحل حيوانات أخرى في لعب دورها وإلا ستبقى الجثث غير مأكولة». وهذا قد يزعزع استقرار الأنظمة البيئية، ويحتمل أن يساهم في انتشار الأمراض بين الحيوانات فضلا عن البشر، كما يقول. ويتابع وليامز «النسور عنصر له خصوصية، ومميز ومذهل للتنوع الحيوي في البيئات التي تعيش فيها». ويرجع انخفاض أعدادها لعوامل مختلفة. أحد أهمها هو تسميمها – في كثير من الأحيان عن غير قصد. على سبيل المثال تأكل النسور في إفريقيا جثث الكلاب وابن آوى والضباع التي تم تسميمها من قبل المزارعين بسبب المخاطر التي تمثلها هذه الأجناس على حيواناتهم. وقد تلتهم عشرات النسور من أنواع مختلفة جميعها حيوانا واحدا، وخي نفسها تبتلع السم، لتموت. كما يسمم صيادو العاج غير الشرعيين أيضا النسور عمدا في محاولة لمنع حراس الغابات من اكتشاف جثث حيوانات الفيلة ووحيد القرن الميتة. وقد ينبه تحليق النسور أعلى هذه الجثث الحراس لوجودها، حتى أن الصيادين في كثير من الأحيان يسممون الجثث لقتل أكبر عدد ممكن من النسور. و ساهم الطلب على أجزاء أجسام النسور في الطب التقليدي بأجزاء من آسيا وإفريقيا أيضا في تقلص أعدادها. إن حجم هذا الطلب مروع، هكذا كتبت منظمة «ناتور شوتس بوند» (حماية الطبيعة في ألمانيا)، وهي منظمة غير حكومية معنية بالحفاظ على الطبيعة، عبر موقعها على الإنترنت نقلا عن مارك أندرسون، مدير منظمة «بيردلايف» في جنوب إفريقيا. ويقول أندرسون «منذ كأس العالم 2010 لكرة القدم، أصبح الناس يأكلون أمخاخ النسور ليتمكنوا من التنبؤ بنتائج المباريات وكسب أموال المراهنات». لكن خطة العمل الجديدة لإنقاذ النسور، التي من المتوقع إقرار النسخة النهائية منها في مانيلا خلال أكتوبر المقبل، تطرح 100 تدبير لتنفيذها على مدار السنوات الـ12 المقبلة. وتشمل هذه الإجراءات تعزيز القوانين ورقابة أفضل على الالتزام بها. حتى في أوروبا لا يزال مستقبل النسور بعيدا عن الأمان. ففي إسبانيا وإيطاليا، حيث تعيش 80 في المئة من النسور الموجودة بالقارة، تم السماح باستخدام عقار ديكلوفيناك المضاد للالتهابات في علاج الماشية والخنازير منذ عدة سنوات. لكنه قاتل للنسور التي تأكل جثث هذه الحيوانات. أدى استخدام هذا الدواء في الهند خلال منتصف تسعينيات القرن الميلادي الماضي إلى الزوال المفاجئ لنسبة 99 في المئة من تعداد النسور. وحذر خوان كارلوس أتينزا، مدير الحماية، عقب اجتماع توليدو من أن «الاجتماع شدد على حماقة بعض الحكومات، مثل إسبانيا وإيطاليا، من خلال السماح بالاستخدام البيطري لعقار ديكلوفيناك». ويتابع قائلا إن «إسبانيا هي آخر مكان على كوكب الأرض ذي كثافة عالية من النسور، ولم يعد بلدا آمنا بالنسبة لهم». ويوضح أتينزا أن «الحكومة الإسبانية يجب عليها حظر الاستخدام البيطري لهذا الدواء في أقرب وقت ممكن، خاصة عند وجود بدائل أخرى آمنة للطيور».

جميع الحقوق محفوظة