Admin

الاثنين 02 مارس 2020

حصاد السنين بين جنازتين .. بقلم مبارك فهد الدويلة

 حصاد السنين بين جنازتين ..  بقلم مبارك فهد الدويلة

حصاد السنين بين جنازتين .. بقلم مبارك فهد الدويلة

في يوم 25 يناير من عام 2011 قامت في مصر ثورة شعبية كان شعارها (لا لا لحكم العسكر ) نتج عنها سقوط نظام حسني مبارك واستبداله بنظام مدني ، وتم انتخاب أول رئيس مدني في تاريخ مصر ومن خلال انتخابات شهد لها العالم بأنها أول انتخابات نزيهة ومعبرة عن إرادة الشعب الذي حمل محمد مرسي لقصر عابدين رئيساً لمصر ! وبعد عام واحد فقط تمكنت الدولة العميقة من خلال دعم وتمويل خارجي من اسقاط هذه التجربة الوليدة وتبخير حلم شعب عظيم انتظر اكثر من ستين عاماً تحت ذل العسكر وقمعه ليجد نفسه فجأة تحت حكم العسكر من جديد ! تم ادخال الرئيس المصري المدني الى السجن ، بتهم سخيفه ومضحكة مثل التخابر مع حماس والتواصل مع قطر ، وقتل متظاهرين عند بوابة قصر الاتحادية ، وجرت للرئيس محاكمات صورية أخذ عليها أحكام بالإعدام والمؤبد ، وتم حجزه في زنزانه انفرادية ومنع عنه التواصل مع عائلته الا ماندر ، وإذا حضر الى المحكمة يتم حجزه في قفص زجاجي لايسمع مايدور حوله ، وتم منع أدوية القلب عنه ، وأصيب بنوبة قلبية وهو تحت حراسة العسكر في طريقه للمحكمة وتم علاجه بحقنه ثم توفي رحمه الله وهو في القفص الزجاجي ! بالمقابل تم وضع الرئيس المصري الأسبق في المستشفى العسكري ، وكانت عائلته بجواره ، وكان يعامل معاملة ورعاية خاصة. ، وكان يحضر للمحاكم بشكل مهيب وهو على سرير المستشفى ، الى أن صدرت له أحكام البراءة !! الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي مات في المحكمة وهو مسجون ، ورفض النظام إقامة عزاء له أو حتى عمل جنازة تليق بمقام رئيس دوله منتخب ، بل تمت معاقبة كل من حاول تقديم العزاء لذويه الذين سمح لهم بدفنه في جنح الظلام ، بينما من قامت عليه الثورة وتم اسقاطه شعبياً وقتل المئات من المتظاهرين عليه في ميدان التحرير ، تعمل له الدولة جنازة عسكرية ويتقدم المعزين كبار رجال الدولة ! كل هذا لايعنينا بشيء نحن في الكويت ، ويظل هذا شأن داخلي ، لكن مايعنينا حقيقة هو موقف حكومة الكويت من الموضوع ! فبعد وفاة أول رئيس منتخب شعبياً لم تقدم الحكومة واجب العزاء في الفقيد ، كما تفعل مع غيره ، ولم تظهر أي مشاعر متعاطفة مع المصاب الجلل ، بينما عندما توفى الرئيس الأسبق الذي ثار عليه شعبه وأطاحوا به كانت الكويت من أول المبادرين للتعزية في وفاته ، وارسال وفد رفيع المستوى للمشاركة في جنازته ! قد أجد مبررا للتعزية في وفاة الرئيس مبارك بسبب مشاركة مصر في حرب تحرير الكويت ، وهو موقف لاينكره أحد ، لكن عدم تقديم واجب العزاء في وفاة محمد مرسي ولو ببرقية شكلية لم يكن موقفا حصيفاً ولا حتى إنسانياً ، لأن محمد مرسي أصبح رئيساً شرعياً ، واعترفت الكويت والعالم برئاسته ، وإسقاطه بانقلاب عسكري لايعني فقدانه للشرعية ، كما ان الحكومة الكويتية لم تتخذ موقفاً عدائياً من تيار الاخوان المسلمين ، ولم تنجرف مع الحملة الإعلامية لشيطنة هذا التيار ، ومهما كانت الدوافع فان عدم التعزية بوفاة مرسي مؤشر لخضوع السلطة تحت تأثير هذا التيار الاقصائي !

جميع الحقوق محفوظة