الأربعاء 23 ديسمبر 2020

هل يكون رئيس إيران المقبل عسكرياً؟

هل يكون رئيس إيران المقبل عسكرياً؟

هل يكون رئيس إيران المقبل عسكرياً؟

يحتدم الصراع الحالي داخل البيت الإيراني بين الأوساط السياسية والعسكرية وجناحَي المحافظين والإصلاحيين والأصوليين المعتدلين، حول مرشحي الرئاسة، مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات، بسبب ترشّح شخصيات عسكرية وجنرالات من قوات الحرس الثوري، مقربة من دوائر صنع القرار ومدعومة من أوساط أصولية.

ومن بين أبرز تلك الوجوه العسكرية اللواء حسين دهقان، المستشار الأعلى للشؤون العسكرية للمرشد علي خامنئي، فهو يمثل تيار المرشد ويعد من كبار الجنرالات المقربين من مراكز النفوذ والدوائر الأمنية.

وتكمن حساسية هذه الانتخابات في أنها تتزامن مع ظروف داخلية وإقليمية ودولية حساسة تمر فيها إيران على جميع الأصعدة، حيث تعاني من عقوبات اقتصادية قاسية فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتداعيات اغتيال الجنرال قاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس، ثم اغتيال العالم النووي محسن فخري، العقل المدبر والقلب النابض للبرنامج النووي، إضافة إلى معاناة طهران من الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها خلال العامين الماضيين.

مرحلة حرجة

ويتهم المحافظون وقياديون نافذون في الحرس الثوري حكومة الرئيس حسن روحاني وفريقه في المفاوضات النووية بالخيانة بسبب إبرام صفقة الاتفاق النووي، حيث يرون بأنه أدى إلى تراجع تطوير برنامج إيران النووي ولم يساهم بتحسين الوضع الاقتصادي، كما ساهم الاتفاق - من وجهة نظرهم - في إعادة العقوبات الأميركية على نطاق واسع وبشكل أكثر صرامة.

لذلك، يرى المحافظون وجنرالات العسكر المدعومون من قبل المرشد أن منصب الرئاسة في هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها إيران يجب أن يكون من حصة العسكر، أي الحرس الثوري.

وعلى الرغم من الانتقادات الرافضة لترشح شخصية عسكرية لرئاسة البلاد، طالب الحرس الثوري، على لسان العميد ركن إسماعيل كوثري، مستشار القائد العالم لقوات الحرس، بأن يكون الرئيس المقبل عسكرياً.

وفي لقاء مع موقع «برنا» الإيراني، قال كوثري: «يحاول البعض خلق أجواء مشحونة، بسبب وجود شخصيات عسكرية مرشحة لمنصب الرئاسة، بينما لا مشكلة لدى المنتقدين للعسكر أن يُقتل أو يُجرح العسكري، لكن بمجرد أن يكون العسكري مسؤولاً سياسياً فهنا توجد مشكلة، ونحن نعتقد بأنه ليس لدى الشعب أي مشكلة في أن تتولى شخصية عسكرية منصب الرئاسة».

تلبية القائد

وقارن كوثري انتخابات الرئاسة الإيرانية بانتخابات الرئاسة الأميركية، في مايتعلق بترشيح الشخصيات العسكرية، قائلاً: «في الولايات المتحدة تخوض الشخصيات العسكرية الانتخابات، ولا قانون يحدد أن يكون مرشح الرئاسة رجل دين أو عسكرياً أو سياسياً أو أكاديمياً أو رياضياً، لكن يجب أن يكون قادراً على الخدمة بشكل جيد، وتنفيذ السياسات الشاملة التي يحددها للقائد ( خامنئي) بدقة، والتحرك في إطار القانون»، على حد تعبيره.

من جهته، أفاد الخبير الإيراني د. صالح كامراني في تصريح خاص للقبس، حول ترشح قيادات كبرى ومقربة من المرشد للرئاسة الإيرانية: «خلال السنوات العشر الماضية استطاع الحرس الثوري أن يصبح قوة نافذة على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني، وأصبحت مناصب عليا داخل مفاصل الدولة تدار من قبله، لذلك، فالحرس يهدف من وراء ترشيح شخصية قيادية لمنصب الرئاسة إلى المحافظة على مراكز القوة والنفوذ التي اكتسبها منذ عام 2009 عبر مجيء رئيس عسكري تابع للحرس لحكم البلاد، كما أن الحرس يريد أن تُدار مفاوضات البرنامج النووي والملفات الإقليمية بصورة مباشرة من قبل الحرس، وبذلك ستصبح يده مفتوحة بشكل أكبر في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في العراق ولبنان واليمن سوريا».

 

الرئيس والمرشد

وأضاف كامراني: «بعد مجيء الديموقراطيين في الولايات المتحدة وفوز جو بايدين بالانتخابات، قد تعود المفاوضات بين طهران وواشنطن مجدداً، يريد المرشد أن يكون هناك تنسيق وتناغم تام بين موقف الرئاسة وموقفه وموقف الحرس في المفاوضات الإيرانية - الأميركية القادمة، حفخلال المفاوضات السابقة شهد البيت الإيراني خلافات سياسية واسعة بين فريق روحاني وظريف من جهة والمرشد والحرس من جهة أخرى، وشاهدنا في اليوم التالي للاتفاق النووي كيف هاجمت صحيفة كيهان المملوكة لخامنئي الاتفاق بشدة، ما يكشف حجم الخلافات الهائلة بين الرئاسة والمرشد حول الاتفاق».

وفي هذا الإطار، يحذّر تيار الإصلاحيون في إيران من ترشح قيادات الحرس للرئاسة، ومن أن مجيء جنرال من الحرس لرئاسة البلاد قد يدفع الإدارة الأميركية الجديدة التي تفضّل المفاوضات على العقوبات إلى أن تتراجع في خياراتها في ما يتعلق بملف برنامج إيران النووي".

ويرى المراقبون للشأن الإيراني أن مجيء شخصية عسكرية لرئاسة إيران قد يدفع الحرس إلى أن يتهور في سياساته وتدخلاته الخارجية، مردفين أن الاستفزازات الإيرانية في ظل وجود رئيس عسكري لن تبقي العقوبات على إيران فحسب بل قد تقرّب إيران من المواجهة العسكرية المباشرة مع الولايات المتحدة وحلفائها، في ظل تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من دول المنطقة.

 

  •  

جميع الحقوق محفوظة