الأحد 08 مايو 2022

بنوك تجهّز للطلب من «المركزي»... تخفيف نسب السيولة

بنوك تجهّز للطلب من «المركزي»... تخفيف نسب السيولة

بنوك تجهّز للطلب من «المركزي»... تخفيف نسب السيولة

خلصت غالبية البنوك إلى أن اشتعال أسعار الفائدة المتنامية على الودائع، خصوصاً الحكومية بسبب التنافس المصرفي المحتدم عليها منذ فترة، لن يهدأ من خلال عقد اتفاق «جنتلمان» بين المصارف، لا سيما بعد رفع سعر الخصم أخيراً إلى 2 في المئة، فضلاً عن أن محرّك كل بنك لاستقطاب الأموال المستقرة بغض النظر عن كلفة الأموال يختلف من مصرف لآخر، وإن بدا الاهتمام نفسه.

وإلى ذلك، كشفت مصادر لـ«الراي» أن هناك نقاشات مصرفية مفتوحة تدفع بأن تخاطب البنوك بنك الكويت المركزي لإعادة النظر في التعليمات المنظمة لنسب السيولة المصرفية، على أن يتم تخفيفها، بحيث تكون معدلات احتساب هذه النسب أقل رقابياً، وفي مقدمتها المقررة للمدى الطويل، على أن تستمر البنوك في الالتزام بتطبيق متطلبات معايير «بازل 3».

 

ويعتقد مسؤولون مصرفيون أن هذا التوجه ينسجم مع المتغيرات التي طرأت على السوق، وفي مقدمتها تداعيات السحوبات التي نفذتها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من ودائعها لأغراض استثمارية، في وقت تخطط فيه جميع المصارف للتوسع الائتماني خلال الفترة المقبلة، مدفوعة بالتوقعات المتفائلة حول تحسن بيئة الأعمال، ما يتطلب مصرفياً زيادة مصادر تمويل التوسع المستهدف، والتي يعززها تخفيض مستويات السيولة المحجوزة.

ونوهوا إلى أنه ومن باب الحصافة الرقابية لجأ «المركزي» إلى إقرار طبقات إضافية من الحماية لضمان قدرة البنوك على ترتيب سلم استحقاقاتها، موضحين أن تخفيفها حالياً لن يقلل من معدلات الكفاية السليمة المكونة.

ومنذ استكمال تطبيق قواعد «بازل 3» نهاية 2018، يتعين على البنوك الكويتية الالتزام بـ5 مجموعات مختلفة من التعليمات الرقابية للسيولة، وهي: النسبة الرقابية للسيولة، وأسلوب سلم الاستحقاق، ونسبة القروض إلى مصادر الأموال المتاحة، ونسبة تغطية السيولة (LCR)، وصافي نسبة التمويل المستقر (NSFR).

وفرة سيولة

وتُستعمل نسب السيولة لمعرفة مدى قدرة المنشأة على مواجهة التزاماتها القصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، وتحسب هذه النسبة بقسمة الموجودات المتداولة على المطلوبات المتداولة، فيما تتمتع البنوك الكويتية بوفرة السيولة، وتتوافر لها الحماية الكافية من أي صعوبات في السيولة لمدة 30 يوماً.

وذكرت المصادر أنه وفقاً لجهات التصنيف العالمية تحتفظ البنوك المحلية بمصدات مالية قوية، وما يزيد من ملاءة البنوك لجهة فوائض السيولة، أنها تتسابق نحو توظيف أموالها في سندات «المركزي» بمعدلات فائدة منخفضة لا تستقيم مع معدل الأسعار التي تمنحها منذ فترة والتي تصنف قياساً بأنها عالية.

لكن التحدي الذي تواجهه البنوك منذ فترة يتعلق بتنظيم نسب السيولة المطلوبة منها رقابياً، ففي السابق كانت تعتمد بشكل أساسي على الودائع الحكومية، التي تصنف رقابياً على أنها أموال مستقرة، ويمكن تبويبها في خانات تريح البنوك كثيراً من مواجهة الضغوط التي تواجهها.

لكن مع تزايد السحوبات الحكومية بخلاف السابق بدأ أكثر من بنك يواجه تنامي الضغوط في ترتيب سلم استحقاقاته، ما حفّز النقاش للتفكير مصرفياً في إمكانية إعادة النظر رقابياً في متطلبات السيولة سواء بتخفيفها، أو الاستغناء عن بعض النسب المطلوبة، وتحديداً التي يمكن استيفاؤها في متطلبات أخرى شبيهة أو التي يمكن تحقيقها من خلال متطلبات «بازل 3».

أشكال مختلفة

ولفتت المصادر إلى أن السحوبات الحكومية المليارية زادت الضغوط على البنوك فيما يتعلق بطريقة احتساب نسب التدفقات النقدية الداخلة للبنك، مقابل الخارج منه على المدى الطويل، وفقاً لمعايير «بازل» وتعليمات «المركزي»، والتي تأخذ في الحسبان التدفقات النقدية الواردة والخارجة والمحتملة للبنك خلال فترة الضغط البالغة 30 يوماً، وتحقق الدرجة التي تقوم فيها البنوك باستخدام الأشكال المختلفة من تمويل الشركات، إضافة إلى الأنواع التقليدية لودائع العملاء.

ومن أجل المواءمة في الاحتفاظ بنسبة أعلى من الموجودات السائلة عالية الجودة إلى إجمالي موجوداتها بدون كفاية الأموال الحكومية المعروضة مثل السابق، تضطر البنوك إلى عرض أسعار فائدة أعلى من المتداولة على الودائع الحكومية، والمستقرة عموماً لضمان استقطاب حصة مؤثرة منها، حتى ولو أدى ذلك إلى زيادة كلفة الأموال عليها، وهو ما بدا واضحاً أخيراً وأدى إلى القفز بأسعار بعض عطاءات الودائع الحكومية إلى الضعف قياساً بالمستويات المتداولة.

صدمات عنيفة

ورجّحت المصادر أن يتم استمزاج تصورات كل بنك خلال الفترة القريبة المقبلة، على أن تتم دراستها، للتوصل إلى مقترح مصرفي محدد يُقدم إلى «المركزي» ليتخذ قراره، وفقاً لما يراه مناسباً، خصوصاً وأن الناظم الرقابي يمتلك من أدوات القياس وقاعدة البيانات العالمية والمحلية ما يمكنه من رؤية المشهد بشكل أوسع، ومن ثم اختيار الأنسب للبنوك بحصافة.

وشددت على أن جميع البنوك متفقة على أن المتطلبات الرقابية المطبقة تهدف إلى التأكد من فاعلية طريقة البنوك في إدارة السيولة التي قد تنشأ عن عدم المواءمة بين فترات موجوداتها ومطلوباتها، وأنها حمتها من التعرض للصدمات العنيفة، مشيرة إلى أن المطالبة بإعادة النظر رقابياً في تقدير نسب السيولة، خصوصاً على المدى الطويل لا تتعارض مع هذه القناعة.

وذكرت المصادر أن جميع البنوك الكويتية تملك رساميل قوية بشهادة وكالات التصنيف الدولية، لكن المتطلبات التنظيمية الحالية لنسب السيولة تزيد حتى عن متطلبات اتفاقية (بازل 3)، وذلك كان من باب الحصافة الرقابية، مبينة أن المتغيرات التي حدثت في الفترة الأخيرة تحتاج إلى إعادة النظر في تقدير نسب السيولة المطلوبة، بما ينسجم مع المستجدات، سواءً بسحوبات الودائع الحكومية، أو لمراكز البنوك المحلية القوية حالياً.

المصارف دعمت رأسمالها مباشرة وبالسندات والصكوك

قالت المصادر إن غالبية البنوك لجأت العام الماضي إلى تدعيم رؤوس أموالها، سواء بتنفيذ زيادة مباشرة لرؤوس أموالها، أو بإصدار سندات مساندة أو صكوك متوافقة مع متطلبات الشريحة الثانية لرأسمال البنك «Tier 2»، بهدف تنويع قاعدة التمويل وتعزيز معدلات كفاية رأس المال للشريحة الثانية وفقاً لمتطلبات «بازل 3» وتعليمات «المركزي».

وأشارت إلى أن هذه الإصدارات ليست كافية في تخفيف ضغوط نسب السيولة المطلوبة، لا سيما في ظل التوقعات المتفائلة بخصوص التوسع الائتماني المرتقب خلال العام الجاري.

ونوهت المصادر إلى أنه رغم سعي البنوك إلى التأكد من توافر نسب السيولة لديها على نحو آمن، تسعى إلى تخفيف متطلبات السيولة لتخفيف الضغوط المتأتية عليها مع عدم قدرتها على الاحتفاظ بالحد الأدنى من السيولة الفائضة.

جميع الحقوق محفوظة