الاثنين 09 مايو 2022

القصة الكاملة لرسم الدينار على تحويلات الأفراد... إلكترونياً

القصة الكاملة لرسم الدينار على تحويلات الأفراد... إلكترونياً

القصة الكاملة لرسم الدينار على تحويلات الأفراد... إلكترونياً

تفاجأ عملاء أكبر بنك في الكويت برسالة على هواتفهم تفيد بأنه سيتم تطبيق رسم 1 دينار على كل عملية تحويل محلي يجريها الأفراد إلكترونياً، وذلك بدءاً من 1 يونيو المقبل.

وقد فتح ذلك حديثاً جماهيرياً افتراضياً مشتعلاً بالانتقادات، شارك فيه الجميع مهاجماً، إلى الدرجة التي دفعت بنك الكويت المركزي إلى وقف الرسم، ولخروج وزير المالية عبدالوهاب الرشيد مؤكداً أن وقف الرسم مع التوجهات نحو التحول الرقمي وحث عملاء البنوك على استخدام القنوات الإلكترونية.

 

بالطبع، يجعل النقاش الساخن في هذا الخصوص، السؤال مشروعاً، ما الذي دفع «الوطني» إلى اتخاذ القرار، ومسؤولوه يشكلون أحد ركائز التحول الرقمي مصرفياً ويناصرون التوسع في الاستثمار ببنيته التحتية، ويطبقون ذلك بالفعل، وهل فعلوا ذلك دون إذن رقابي؟ ومن هنا تبدأ القصة الكاملة لرسم الدينار.

موافقة خطية

في البداية، قال محافظ بنك الكويت المركزي باسل الهارون، إن استيفاء البنوك رسوماً على التحويلات المحلية من خلال القنوات الإلكترونية، يتطلب الحصول على موافقة خطية جديدة من خلال التقدم بطلب متضمناً مبررات استيفاء الرسم والتكلفة الفعلية.

وأوضح الناظم الرقابي في كتاب وجهه إلى اتحاد المصارف، أن الطلب يجب أن يرفق بدراسة شمولية توضح الجدوى والممارسات المصرفية العالمية في هذا المجال في إطار علاقة متوازنة بين البنوك وعملائها وبما يدعم التوجهات نحو التحول الرقمي، وحث العملاء على استخدام القنوات الإلكترونية.

ولفت الهارون إلى أن الموافقات التي سبق أن أصدرها «المركزي» في شأن التحويلات مضى عليها فترة زمنية شهد خلالها العمل المصرفي والمالي تطورات جذرية باتجاه التحول الرقمي والقنوات الإلكترونية، ومتغيرات في البنية التحتية ساهمت في تعزيز كفاءة وفاعلية التحويلات كانت لها انعكاسات فعلية على تكلفة تلك العمليات.

من حيث المبدأ، يتعين الإيضاح أن رسم الدينار الذي كان يفترض تطبيقه لا ينسحب على ما يعرف بتحويلات «اللينك» وكذلك التحويلات الداخلية (أي من حساب عميل في البنك إلى حساب عميل آخر في البنك نفسه)، علاوة على أوامر التحويلات الدائمة التي تتم بشكل مستدام.

اجتماعات مصرفية

وحسب التسلسل الزمني للأحداث، يمكن القول إن النقاش بين البنوك حول فرض رسم الدينار على تحويلات الأفراد إلكترونياً فُتح منذ 4 أشهر وتحديداً بداية فبراير الماضي، وذلك خلال اجتماع عقدته لجنة العمليات في اتحاد المصارف، لكنه لم يتم التوصل إلى قرار جماعي.

وبعدها بأيام تمت الدعوة لاجتماع آخر للوقوف على آخر مستجدات اقتراح تطبيق الرسم المقترح، وفي 13 من الشهر نفسه أفاد أحد البنوك إلكترونياً بعدم وجود ما يمنع ذلك، وأنه يطبق بالفعل رسماً يبلغ نصف دينار على كل تحويلة محلية لبنك آخر تتم إلكترونياً، وفي اليوم نفسه تجدد طلب عقد اجتماع بهذا الخصوص.

ورد أحد البنوك التقليدية في اليوم نفسه بعدم وجود ما يمنع رقابياً من تطبيق الرسم، استناداً للائحة الرسوم المعتمدة من «المركزي» والمحددة برسم بـ5 دنانير على كل عملية تحويل للأفراد تتم عبر الفرع لبنك آخر، ما يرفع عن البنوك الحاجة إلى موافقة رقابية جديدة، الأمر الذي فسرته غالبية البنوك بأن ذلك يكفي رقابياً لفرض رسم الدينار على التحويلات الإلكترونية للأفراد من بنك لآخر.

وحدة الالتزام

وفي الوقت نفسه أبدى أكثر من بنك رغبته في استشراف رأي وحدة الالتزام في اتحاد المصارف باعتباره الأكثر دراية بشروط وتعليمات «المركزي» في هذا الخصوص.

وتمت الإفادة من اللجنة في 20 فبراير الماضي بأن الموافقة السابقة تغني عن الحاجة لموافقة جديدة، شريطة إخطار العميل بالتغيير المرتقب عبر الرسائل البنكية، أو عبر وسائل الإعلام قبل التطبيق بـ3 أسابيع.

وفي 28 مارس الماضي اجتمع مسؤولو البنوك افتراضياً الساعة العاشرة صباحاً، واتفقوا على تطبيق رسم الدينار، على أن يكون آخر موعد للتنفيذ 5 يونيو 2022، ويمكن لأي بنك تطبيق الرسم قبل هذا التاريخ.

وأثناء ذلك أفاد أحد البنوك التقليدية بأنه سيطبق الرسم قبل هذا التاريخ، وبالفعل قام بذلك منذ بداية أبريل الماضي، فيما أبدى أحد البنوك رفضاً للتطبيق، بينما اقترح آخر الحصول مسبقاً على موافقة «المركزي»، ما يعني أن القرار لاقى موافقة مصرفية من 8 بنوك من أصل 10.

وحسب بيانات مصرفية غير رسمية تنفذ البنوك سنوياً نحو 2.5 مليون تحويل إلكتروني لأفراد من بنك لآخر، من بينها نحو 750 ألفاً يجريها عملاء «الوطني» سنوياً، ومثلها لعملاء بيت التمويل الكويتي «بيتك»، ونحو مليون تحويل لبقية البنوك.

وأخذاً على قاعدة أن حصة «الوطني» و«بيتك» تشكل 60 في المئة السوق، فإن ذلك يعني محاسبياً أن هذا الرسم سيحقق للبنوك إيراداً بنحو 2.5 مليون دينار سنوياً من أصل 881 مليوناً سجلتها كأرباح عن العام الماضي.

في المقابل، تكشف البيانات نفسها أن «الوطني» ينفق سنوياً «آخر عامين» بين 1.5 و 1.75 مليون دينار سنوياً على بنيته الرقمية، ومثلها تقريباً لـ«بيتك»، وأيضاً أخذاً على قاعدة أن حصة البنكين تشكل غالباً 60 في المئة من السوق فهذا يعني محاسبياً أن البنوك تصرف سنوياً ما يقارب 6 ملايين دينار على بينتها الرقمية، ما يعني أنها تنفق على هذا القطاع أكثر مما تحصّله.

علاوة على ذلك، تكشف مصادر مصرفية أن البنوك تدفع لشركة شبكة المعلومات الائتمانية «كي نت» 50 فلساً عن كل عملية دفع عبر خدمة «اللينك» ولا تحصّلها من العميل.

ووفقاً لحسبة مصرفية «غير رسمية» تنفذ البنوك نحو 65 مليون عملية دفع عبر «اللينك» سنوياً، منها نحو 20 مليوناً لـ«الوطني»، ومثلها تقريباً لـ«بيتك» ونحو 25 مليوناً لبقية البنوك (أيضاً قياساً على قاعدة حصة «الوطني» و«بيتك» تشكل 60 في المئة من السوق)، ما يعني أن القطاع المصرفي الكويتي يتحمل سنوياً نحو 3.25 مليون دينار لـ«كي نت» نيابة عن العميل ما يوازي أكثر من الإيراد المفترض تحقيقه من رسم الدينار بـ750 ألف دينار.

بالطبع، قد يخرج البعض ويرد على ذلك بأن عوائد البنوك من تطوير القطاع التقني طويلة الأجل، ولا يجب أن تقاس على مصاريف سنة أو سنتين، بل على سنوات مقبلة مثل قطاع الاتصالات الذي زاد مصاريف شركاته على تطوير شبكاتها في البداية، وبعدها تراجعت كلفتها بشكل كبير بعد انتهاء تحديثها.

كما أن أهمية التحول التقني تتنامى في المنافسة المصرفية للدرجة التي تتطلب أن تتحمل البنوك كلفتها نيابة عن العملاء، مثل تحملها كلفة رسائل السحوبات المنفذة على أرصدة العملاء، والتي رأى «المركزي» وقتها ضرورة استحقاق إعفاء العميل من كلفتها بحكم أن المصارف تعد المستفيد الأكبر من استمرار مثل هذه الرسائل، باعتبار أنها تعطيها قدرة أكبر على سرعة التصدي لأي محاولة قرصنة تتم على حسابات العملاء.

لهذه الأسباب سعت المصارف لتطبيق الرسم

عن أسباب حاجة البنوك لتطبيق رسم الدينار، يُرجع صانعو السياسة المصرفية حاجتهم لهذا الرسم لأكثر من سبب، يأتي في مقدمتها:

1 - تحسين أنظمة الصيانة.

2 - تطوير البنية التحتية الرقمية.

3 - دعم وتعزيز الأمن السيبراني.

4 - تطوير حلول الدفع.

5 - تغطية جزء من الرسوم التي يقدمها مزوّدو خدمات التحويلات والدفع.

جميع الحقوق محفوظة