الثلاثاء 13 يوليو 2021

أرباح «هيئة الاستثمار» حقيقية أم «منفوخة» بقيم الأصول... دفترياً؟

أرباح «هيئة الاستثمار» حقيقية أم «منفوخة» بقيم الأصول... دفترياً؟

أرباح «هيئة الاستثمار» حقيقية أم «منفوخة» بقيم الأصول... دفترياً؟

عندما أعلن وزير المالية خليفة حمادة أخيراً عن نمو قياسي في حجم صندوق الأجيال القادمة 33 في المئة، دون أن يعلن أساس الرقم، فتح الوزير بإعلانه هذا نافذة كبيرة، في حائط أكبر مليء بالتساؤلات المنطقية، ليس أقلها، هل الأرباح المعلنة حقيقية أم أنها «منفوخة» التقييم، مثلما تفعل بعض الشركات الورقية التي تجمل ميزانياتها بنهاية كل سنة مالية لإرضاء المساهمين؟

ولعل ما يزيد من وجاهة النقاش في هذا الخصوص، الأرقام التي نشرتها وكالة «بلومبرغ» لاحقاً والتي رجحت خلالها نمو قيمة أصول الصندوق إلى نحو 700 مليار دولار في آخر 3 أشهر، ما يعني محاسبياً أنها قفزت 30 ملياراً إضافية في 90 يوماً.

 

وهنا يبرز السؤال اقتصادياً واستثمارياً، حول منطقية المكاسب المحققة، خصوصاً أنها لا تنسجم مع التحديات المالية الكبيرة التي تواجهها الأسواق بالخارج. وطرح اقتصاديون هذه التساؤلات ليس انتقاصاً من الجهود الصادقة التي نفّذت والنجاحات المحققة، لكن بهدف بحث عن المصلحة العامة، لإضفاء المزيد من الشفافية والوضوح، ولتكون المفردات المستخدمة منسجمة مع الحقيقة والواقع، خصوصاً أن حجم صندوق «الأجيال القادة» لا يتعين أن يحسب بالمجمل وإنما بالصافي.وكما يقول «الشال»: «قد يتحول ذلك الزهو بنمو الأصول الاستثنائي إلى العودة للسياسات الاقتصادية والمالية البائسة التي أوصلت البلد إلى معاناته الحالية».

125 اقتصاداً

وفي هذا الخصوص، كشفت مصادر محاسبية مقرّبة أن الأموال المستثمرة من الكويت خارجياً تنتشر في أكثر من 125 اقتصاداً حول العالم، وتدار بواسطة أكثر من 135 مدير استثمار خارجياً وأكثر من 50 تفويضاً استثمارياً.

وأوضحت أنه إذا كانت آلية عمل صندوق احتياطي الأجيال القادمة، تتنوع من خلالها الأوعية الاستثمارية بما يحقق العوائد المستهدفة، إلا أن السبب الأكبر في تحقيق القفزة بأرباح العام المالي الماضي تركزها استثمارياً بأسواق الأسهم، وذلك بوزن ثقيل يقارب 50 في المئة من استثماراتها، غالبية وزنها بأسواق أميركا التي سجلت قفزات سعرية بالأشهر الماضية.

تنوع الاستثمارات

وبالطبع إذا كان يحسب لـ«هيئة الاستثمار» تنوع استثمارات «الأجيال القادمة» في الأصول المدرجة والمتداولة في الأسواق العالمية مثل الأسهم والسندات (حكومية/ شركات) وصناديق المساهمات الخاصة، إلى جانب الاستثمار في الأصول الحقيقية، والمشاريع العقارية، إضافة إلى الاحتفاظ بنسبة من النقد، إلا أن تركزها بأسواق الأسهم يجعل غالبية مكاسبها المسجلة دفترية، قابلة للتحرك صعوداً أو هبوطاً بأي وقت حسب اتجاهات الأسواق.

وطبقاً لإستراتيجيتها القائمة على تحقيق عائد على الاستثمار طويل المدى للاحتياطيات المالية، التي تمنعها من التخارج من أصولها بمجرد تحقيقها لأرباح، ولو كانت بوزن القفزات المسجلة، يمكن القول إن الجزء الأكبر من مكاسب هيئة الاستثمار عن العام المالي الماضي عبارة عن ثمار غير مقطوفة لأنها تظل مبوّبة بخانة الأرباح غير المحققة، وأن «الأجيال القادمة» سيظل محتفظاً بهذه الأرباح في دفاتره، متحملاً مزايا ومخاطر التقلبات السوقية قصيرة المدى، بدون التمتع بالمكاسب المشروطة بالتخارج.

ولفتت المصادر إلى أن الأرباح التي حققتها «هيئة الاستثمار» في السنة المالية الماضية، وإن كانت استثنائية، لا ينبغي التعامل معها بزهو كبير، لا سيما أنه وبلغة أهل السوق «الربح قد لا يتكرر كل عام»، خصوصاً بأسواق الأسهم التي تعدّ أكثر مخاطرة لجهة إمكانية إدارة ظهرها لمستثمريها بأي تقلّب محتمل.

رفع الحوكمة

ويمكن القول إن هذا الاعتبار في حد ذاته يزيد من أهمية رفع جرعة الحوكمة في إعلانات «هيئة الاستثمار»، لتكون أكثر شفافية اقتداء بالصندوق النرويجي الأول عالمياً والصندوق الصيني لجهة الإعلان بدقة عن أرباحهما، خصوصاً أن الزيادة المسجلة تعني أن «هيئة الاستثمار»، قد جمعت أصولا أكثر من هيئة أبوظبي للاستثمار، الذي يقدر معهد صناديق الثروة السيادية قيمة أصولها بما يزيد قليلاً على 649 مليار دولار، ما يجعلها بالمركز الثالث عالمياً. علاوة على ذلك، يجب تذكر أن اختيارات الأصول المستثمرة تمت بقرار من مديري الصندوق بالأسواق الخارجية، وإذا كان يحسب لـ«هيئة الاستثمار» حسن اختيارها لمديري أموالها بالخارج، إلا أن خبرات هؤلاء المديرين الاستثمارية الواسعة مكنتهم من بناء محافظ تلبي مستهدفات الربحية المطلوبة من «هيئة الاستثمار».

جهد كبير

أخيراً، وليس تقليلاً من الجهد الكبير الذي تبذله «هيئة الاستثمار» في دراسة مناطق استثماراتها وفحص الكثير من العوامل والمؤشرات المالية والاقتصادية والتنظيمية، مثل حجم الاقتصاد، ومعدلات النمو الاقتصادي، والتسهيلات الضريبية الممنوحة، وإستراتيجيات التخارج من السوق، إلا أن المبالغة في تقييم المكاسب يحمل في حالتها مخاطرة أيضاً، خصوصاً إذا تعرضت الأسواق العالمية لهزات، ليكون السؤال وقتها من سيتحمل المسؤولية، مسؤولو «الهيئة» كما حصدوا مزايا انتعاش الأسهم، أم ستحمل إلى الظروف القهرية؟

جميع الحقوق محفوظة