الأربعاء 22 فبراير 2023

«المركزي» يستشرف رأي البنوك: ما سيناريوهاتكم لمخاطر رفع جديد للفائدة... بـ 1 و2 و3 في المئة؟

«المركزي» يستشرف رأي البنوك: ما سيناريوهاتكم لمخاطر رفع جديد للفائدة... بـ 1 و2 و3 في المئة؟

«المركزي» يستشرف رأي البنوك: ما سيناريوهاتكم لمخاطر رفع جديد للفائدة... بـ 1 و2 و3 في المئة؟

يبدو أن البنوك باتت مطالبة بإعداد ما يشبه اختبارات ضغط لقدراتها وعملائها على تحمّل مزيد من رفع الفائدة بمعدّلات عالية.

وفي هذا الخصوص، كشفت مصادر مصرفية مسؤولة لـ«الراي» أن «المركزي» طلب من المصارف تزويده بدراسة تشمل المخاطر التي يمكن أن تنكشف عليها إذا لجأ إلى رفع سعر الخصم، وفقاً لـ3 سيناريوهات تتضمن رفعاً بـ1و2 و3 في المئة، مع تحديد الأثر المالي المتوقع على عملاء البنوك أفراداً وشركات.

 

ومنذ مارس الماضي رفع «المركزي» سعر الخصم 8 مرات ليرتفع من 1.5 إلى 4 في المئة، ضمن سياسة متدرجة تبناها في تحديد اتجاهات الفائدة محلياً وسط قيام مجلس الاحتياطي الأميركي «الفيديرالي» برفع الفائدة أيضاً 8 مرات بالتوقيت نفسه لكبح جماح التضخم، لتصل حالياً بين 4.5 و4.75 في المئة.

ومن المرجح أن يقر «الفيديرالي» في اجتماعه المقبل 22 مارس المقبل رفعاً جديداً بين 25 و50 نقطة، فيما يستهدف رفعين إلى 3 رفعات للفائدة حتى نهاية العام الجاري.

ووفقاً للمؤشرات المصرفية الأولية هناك توافق على أن تزايد تصادم أسعار الفائدة المرتفعة مع ضعف الاقتصاد يعرّض البنوك لمخاطر تباطؤ تمويلي أطول على صعيد محفظة الأفراد والشركات.

ومصرفياً يمكن حصر مخاطر رفع الفائدة بمعدل 1 و2 و3 في المئة بالآتي:

1 - ارتفاع كلفة الاقتراض هي أثر فوري لقرارات رفع الفائدة ما يرجح تباطؤ نمو القروض المحتملة.

فمع ارتفاع الفائدة لأي من المعدلات المفترضة رقابياً، ستصبح تكلفة تغطية احتياجات تمويل الأشخاص أو أنشطة الأعمال أعلى، ومن ثم تتراجع الجدوى لمشروعات عدة تصاعدياً حسب نسبة الرفع، وعموماً كلما زادت تكلفة الأموال قلّت شهية المستثمرين على الاقتراض.

وتتعاظم مخاطر ذلك وسط ضبابية المشهد الاقتصادي محلياً وإقليمياً وعالمياً، ما يشي بأن رفع الفائدة ولو وفقاً للسيناريو الأقل ضغطاً (1 في المئة) قد يؤثر على الحركة الاقتصادية، خصوصاً على الشركات المحمّلة بالديون والتي لديها خطط دَين محتملة.

2 - يبدو أن تباطؤ النمو الائتماني لا يشكل كل المخاطر التي يتعين الالتفات إليها، فهناك أخرى تتعلّق بتراجع قيمة الرهونات، خصوصاً العقارية.

فمع زيادة الفائدة حتى وفقاً للسيناريو الأخف (1 في المئة) ستصل تكلفة ديون الشركات 9 في المئة مقابل متوسط عائد استثماري من العقار يتراوح بين 6.5 و7 في المئة، ومع ذلك يُخشى من اضطرار العملاء للتخلص من أصولهم، لتفادي تحمل هامش التكلفة الأعلى من العائد من «جيوبهم».

ويلحظ حالياً أن شركات عدة، أعلنت أن السبب الرئيس في انخفاض صافي دخلها مقارنة بالعام الماضي يعود لارتفاع كلفة التمويل.

ومعلوم أن الشركات التقليدية تقترض بفائدة مرنة ما يجعلها تطبّق أي رفع فورياً، وبالنسبة للشركات التي تعمل وفقاً للشريعة الإسلامية فستتحمل الفائدة من يوم لـ90 يوماً بحد أقصى وذلك حسب العقد.

أما بالنسبة للمحافظ الاستهلاكية فلا تتجاوز آجالها 5 سنوات ويكون الاقتراض من خلالها بفائدة ثابتة.

3 - هناك اعتقاد مصرفي بأن مخاطر رفع الفائدة ستتأتى من محافظ الشركات، لا سيما في ظل تراجع الإنفاق الحكومي والميزانية التقديرية للعام المقبل التي تشي باستمرار تراجع الصرف الرأسمالي تنموياً لنحو 2.5 مليار دينار، ما يعني أنها ستنخفض 15.2 في المئة مقابل المعدل المقرر للعام المالي الحالي والبالغ 2.937 مليار دينار، وهي معدلات إنفاق استثماري متدنية قياساً بالطموح.

وتتزايد مخاوف تراجع منسوب القروض المحتملة لقطاع الشركات، لا سيما إذا استمر بقاء تأخر العطاءات الحكومية وتأجيل المشاريع التنموية العام الجاري على غرار العام الماضي.

4 - من المخاطر المحتملة أيضاً زيادة حالات التعثر، خصوصاً إذا استمرت دائرة الربحية في التآكل، وبالطبع لا يمكن القول إن النسبة ستكون مخيفة أو عالية، لكنها سترتفع بمعدلات أكبر من المتداولة حالياً، وبالطبع ستتدرج حدة الأثر من رفع الفائدة بواحد في المئة وصولاً لـ3 في المئة، وحسب الشركة، إذا ما كانت تخطط للاقتراض أو تحميل دفاترها طبقات متتالية من الديون.

5 - من هنا تتوالد إشكالية أخرى تتعلّق بمخاطر تسييل الأصول والضمانات بوتيرة أعلى، لا سيما حال تلاشي الهامش بين العائد وتكلفة الأموال لدى الشركات المقترضة، أو التي تخطط للاقتراض، والتي تتعرض أصلاً لضعف العوائد مدفوعة بضعف مشاريع التنمية، وبالتالي تنامي المخاوف من تراجع معدل التوسع استثمارياً.

6 - ارتفاع الفائدة يعني أيضاً تراجع قيمة الضمان مقابل قيمة القرض بعد تحميله بالفائدة الجديدة، وسيتعمق أثر ذلك من الانخفاض إلى الهبوط حسب معدل الرفع المقرر، كما يختلف الأثر من شركة لأخرى ومن قطاع لآخر.

7 - ومن التعثر ستواجه البنوك مخاطر استدخال الضمانات بوتيرة أعلى من الدارج، وبالتالي التعرض لتعقيد إدارة هذه الأصول حتى التخلص منها، ما قد يؤدي لزيادة معروض الضمانات للبيع، الأمر الذي سيؤثر على قيمها.

8 - بالطبع، كلما زادت نسب التعثر ارتفع بناء مستويات إضافية من المخصصات الاحترازية ما سيؤثر محاسبياً على صافي ربحية البنوك.

9 - عندما ينطلق معدل الفائدة وفقاً للسيناريوهات الثلاثة المفترضة رقابياً، فإن هذا يحفّز لتغيرات كبيرة منها زيادة تباطؤ النمو الاقتصادي عن المستهدف، خصوصاً إذا انكشفت محافظ الأفراد على ضغوطات التباطؤ نفسها التي يمكن أن تتعرّض لها الشركات.

10 - هناك اعتبار مهم قد يدفع «المركزي» لهضم مخاطر الإقدام على رفع الفائدة بمعدلات باهظة، فعملات دول الخليج عموماً ترتبط بالدولار، ويكون تأثير ارتفاع الفائدة الأميركية فورياً تقريباً.

وفي المنطقة تتقدم البنوك المركزية بخُطى ثابتة في موازاة اتجاهات «الفيديرالي»، لتفادي الهجرة العكسية للأموال من العملة المحلية إلى الدولار في حالة المعاكسة كثيراً، وباعتبار أن «المركزي» ومن ضمن مستهدفاته الرئيسية الحفاظ على جاذبية الدينار عليه أن يراعي تقليل الفجوة كثيراً بين فائدة الدينار والدولار.

11 - كما ترصد البنوك مخاطر عكسية إضافية من تخلف الفائدة محلياً عن الاتجاهات العالمية، فلم يعد سراً السباق مصرفياً المحتدم منذ فترة على استقطاب الودائع بتسعير تجاوز أخيراً حاجز الـ6 في المئة وتحديداً على أموال النخبة، ما يعني أن رفع الفائدة يساعد البنوك للقفز على ضيق الهامش بين فائدة الإقراض والودائع، والذي وصل إلى حدود لا تغطي أحياناً معالجة التكلفة الموزعة بين تكلفة القرض ومخاطره والمخصصات المطلوبة والمصاريف التشغيلية.

جميع الحقوق محفوظة