الثلاثاء 24 يناير 2023

تحليل إخباري: بعد 100 يوم على تشكيل الحكومة.. استقالة بنيران صديقة

تحليل إخباري: بعد 100 يوم على تشكيل الحكومة.. استقالة بنيران صديقة

تحليل إخباري: بعد 100 يوم على تشكيل الحكومة.. استقالة بنيران صديقة

بعد 100 يوم على تشكيلها، قدمت حكومة الشيخ احمد النواف استقالتها لتضاف بذلك إلى سجل الحكومات القصيرة العمر في تاريخ الحكومات الكويتية.

ومع أن نمط الحكومات قصيرة العمر ليس امرا مستجدا على الساحة المحلية، لاسيما في فترات الاحتقان السياسي الذي شهدته الكويت مرارا وتكرارا، والذي تجلت صوره في حكومات الشيخ صباح الخالد في مجلس 2020، والذي تساقطت حكوماته نتيجة صدام عنيف مع نواب المعارضة في ذلك المجلس، لكن الامر المستحدث مع حكومة النواف انها استقالت بفعل نيران صديقة، وفي مجلس يفترض ان الغالبية الحالية فيه منسجمة مع توجهات النواف وداعمة له وتريد استمراره.

غطاء نيابي

فمنذ مجيء النواف رئيسا للوزراء في مطلع أغسطس تولد انطباع ان نواب المعارضة الرافضين لاستمرار صباح الخالد سيشكلون غطاء نيابيا لحكومة النواف، وعزز من ذلك اشادات النواب وترحيبهم بمبادرة الحكومة التي سبقت انتخابات 29 سبتمبر 2022 في تطبيق عنوان البطاقة المدنية على قيود الناخبين لاجهاض ظاهرة نقل الاصوات، فضلا عن اجراءاتها في مكافحة سلبيات العملية الانتخابية كإجهاض التشاوريات وشراء الاصوات.

لكن مشروع الصداقة النيابي مع الحكومة لم يعمر طويلا وتهاوى في اول هبة ريح، فلم يحتمل النواب خسارة التأييد الشعبي ودفع ثمن بطء الحكومة وترددها في اتخاذ قرارات ينتظرها المواطن، الذي تشبع سياسيا في مرحلة الصراع السياسي ويريد تحقيق انجازات فعلية في معيشته وفي خدمات حياته اليومية.

الشارع الذي تعايش مع موجات صراع سياسي حادة لن يقبل تأخيرا ومماطلة في الالتفات الى مشاغله اليومية وطموحاته بتطوير بلاده، تحول الى أداة ضغط شديدة على النواب الذين وجدوا انفسهم مهددين بخسارة كل ما اكتسبوه من رصيد سياسي في مرحلة الصراع السياسي.

صورة نمطية

في بلد شهد فيه وعلى مدى عقود حكومات فشلت في تحقيق التنمية وعاش على وقع قضايا فساد كبرى هزت ثقته بالادارة الحكومية، تكرست صورة نمطية تنبذ النائب المؤيد للحكومة وتصنف النائب «الجيد» بمقدار معارضته للحكومة وقدرته على مواجهتها. هذه الحالة السيكولوجية المسيطرة على ذهن المواطن وطرق تقييمه للمواقف النيابية جعلت من الصعب على نواب المعارضة السابقين تغيير نمط سلوكهم المعارض والتحول إلى حاضنة نيابية للحكومة، خصوصا ان الحكومة لم تقدم لهم شيئا يذكر يستطيعون تسويقه لقواعدهم الانتخابية لتبرير اصطفافهم مع الحكومة.

في البدايات حاول النواب الحفاظ على صورة المعارضة لاستعادة جزء من هيبة مجلسهم عبر التفريغ السيكولوجي والإعلامي وإظهار بعض التشدد في المواقف الشعبية، لكن سلوك الحكومة وغياب الرؤية وسلسلة من القرارات المتناقضة أدت الى تدحرج الأزمة شعبياً وسياسيا.

الحكومة التي تأخرت كثيرا في التفاعل الصحيح مع المتغيرات السياسية ولم تمتلك خطة عمل تتناسب مع متطلبات الحالة السياسية في البلاد، اعتمدت بشكل مفرط على موجة التأييد الشعبي والنيابي التي احتفت بالحكومة منذ ولادتها، واعتقدت ان هذه الموجة ستبقى الى الابد حتى لو لم تقدم شيئا، فكانت النتيجة أنها وجدت نفسها في أول مواجهة تستقيل بفعل «نيران صديقة».

جميع الحقوق محفوظة