الخميس 19 مايو 2022

نفايات «كورونا»... قنبلة عالمية موقوتة !

نفايات «كورونا»... قنبلة عالمية موقوتة !

نفايات «كورونا»... قنبلة عالمية موقوتة !

انحسرت الجائحة، لكن آثارها مقيمة بيننا لعقود مقبلة، فبعد عبور المرحلة الأصعب من مواجهة «كورونا»، وبعد أكثر من سنتين على بداية الوباء، ثمة تحديات تواجه عالمنا، أبرزها عشرات آلاف الأطنان من النفايات الطبية الإضافية الناجمة عن التصدي لـ«كوفيد 19»، ما يضع ضغوطاً هائلة على نظم إدارة نفايات الرعاية الصحية في العالم، بمواجهة «قنبلة موقوتة» تهدد صحة الإنسان والبيئة، العالمية.

الدول بين نارين

 

مع تسارع وتيرة تفشي الفيروس في بداية الجائحة، وقعت الدول بين نارين، أولهما المخاطر الصحية للوباء وهو الأخطر، ووقوع نحو 10.1 في المئة من الاصابات والوفيات بين الكوادر الصحية، حسب تقارير منظمة الصحة العالمية WHO، والثاني، النقص الحاد في إمدادات مستلزمات الحماية، وهو ما سارعت معه الدول لطلب كميات تفوق احتياجاتها، تحسباً لأي طارئ في ظل نقص المعلومات عن الوباء، وهو ما خلق مشكلة أخرى غير مسبوقة، واجهتها الدول مع بداية الأزمة، تمثلت بارتفاع أسعار المنتجات، حيث ارتفعت أسعار الكمامات، وأقنعة التنفس في ظل النقص الحاد فيها وزيادة الطلب عليها.

لقاحات إلى النفايات

لم يقتصر الهدر على مستلزمات الحماية، بل يشمل مئات الملايين من جرعات لقاح «كوفيد -19» التي تم شراؤها من دول غنية، باتت معرضة لخطر الهدر والتخلص منها في حاويات النفايات.

فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة وإزاء انهيار الطلب على اللقاح، ضاعت ملايين الجرعات بالفعل بسبب انتهاء صلاحيتها أو التخلص منها لأسباب أخرى، مثل وجودها في قنينة متعددة الجرعات، لا يمكن استخدامها بالكامل، أو كان يجب التخلص منها بسبب درجة الحرارة أو قوارير مكسورة.

وتحدثت تقارير أن الصيدليات وحكومات الولايات الأميركية تخلصت من 15.1 مليون جرعة على الأقل من لقاحات Covid-19 منذ 1 مارس 2021، وهو رقم أكبر بكثير مما كان معروفاً في السابق.

أمراض معدية ومشاكل

ورأى مختصون أن العالم لم يكن على استعداد لحجم النفايات التي خلفتها الأزمة، لا سيما وأن معظم معدات الوقاية الشخصية تقريباً من بلاستيك غير قابل لإعادة التدوير، ما يعمق من المشكلة، كما أن ما يزيد من عبء النفايات تراجع عمليات التدوير ونقص محطات حرق النفايات فى بعض الدول، وتكريس قدر أقل من الاهتمام والموارد للإدارة الآمنة والمستدامة لنفايات الرعاية الصحية المتعلقة بـ«كوفيد 19»، الأمر الذي قد يؤدي إلى انتشار الأمراض المعدية والمشاكل الصحية التى ستزيد من الأعباء والتكاليف.

نفايات طبية

ووقوفاً على حجم الأزمة، تشير التقديرات إلى أن الجائحة تتسبب في نفايات طبية، لا تقل عن 7299 طناً يومياً، تتكون معظمها من كمامات تستخدم لمرة واحدة.

ويكفي الاشارة إلى أن العالم يستخدم من الأقنعة الواقية شهرياً نحو 129 ملياراً، بمعدل 3 ملايين في الدقيقة أو 50 ألفاً كل ثانية، وهذه الأقنعة، ليست مجرد أوراق، بل هي مادة البولي بروبيلين أيضاً، أي نفس البلاستيك المستخدم في زجاجات الكاتشب.

التلوث البحري

تشير تقاريرعلمية، إلى أن التلوث البحري كارثة لا تقل خطورة عن «كورونا»، مع إلقاء مئات الأطنان من النفايات فى البحار والمحيطات، لتتحول إلى قنبلة موقوتة تهدد حياة الإنسان والحياة البحرية على حد سواء، حيث يشير تقرير لمنظمة الصحة العالمية، الى أن نحو 87 ألف طن من معدات الحماية الشخصية تم شراؤها وشحنها بين مارس 2020 ونوفمبر 2021 لدعم احتياجات البلدان العاجلة للاستجابة لكوفيد-19، من المتوقع أن ينتهى المطاف بمعظمها إلى حاويات النفايات.

كارثة بيئية

ومن بين التقارير ذات الصلة بخطر داهم قد يؤرق العالم طويلا، تحذير مختصين من فخ نفايات «كورونا»، وفق ما ورد في تقرير لموقع ROADRUNNER البيئي، المسؤول عن إعادة تدوير المخلفات، وفي دلالة على حجم الكارثة، تشير أبحاث علمية الى أنه بحلول عام 2050 سيكون هناك بلاستيك أكثر من الأسماك «بالوزن» في المحيط، فيما يحذر علماء البيئة من قرب مواجهة خطر وجود أقنعة أكثر من قناديل البحر في المحيطات.

أسباب تفاقم المشكلة

ثمة عوامل ساهمت في تفاقم أزمة نفايات «كورونا» الطبية، أبرزها:

- زيادة الطلب وتدافع دول العالم لتأمين أوضاعها، بما يفوق احتياجاتها، بعد أن عانت من نقص مستلزمات الحماية، واضطرار كوادر صحية لاعادة استخدام مواد منتهية الصلاحية، أو استخدام المستلزمات أكثر من مرة.

- تجاوز تاريخ انتهاء الصلاحية، فعلى سبيل المثال أكثر من 300 مليون عنصر من معدات الوقاية الشخصية (أقنعة وقفازات ومآزر) في المخزون البريطاني، كان لا يمكن استخدامها من عاملي الخطوط الأمامية، قيمتها 303 ملايين جنيه إسترليني.

- تأخر إيصال الإمدادات من مواد الحماية، والتي كانت تستغرق أشهراً في ظل توقف المصانع وإغلاق المطارات والمنافذ.

- التلاعب بالأسواق، حيث تباع الأسهم لمن يطرح سعراً أعلى، دفع الحكومات لاتخاذ إجراءات عاجلة لتأمين احتياجاتها، في ظل ارتفاع معدلات الاستهلاك.

- الاستنزاف المتسارع لمواد الحماية بسبب الهلع الذي سيطر على المجتمعات مع زيادة معدلات التفشي.

كيف تغذى محارق النفايات؟

يعتبر وجود الهدر في المواد الطبية، وتحولها الى محارق النفايات، أمراً متعارفاً عليه عالمياً في كل الانظمة الصحية، لأسباب أبرزها:

1 - الحاجة لتوفير كميات من بعض المواد، بغض النظر عن معدل الاستهلاك، مثل الادوية الوقائية أوأدوية الطوارئ كمخزون استراتيجي.

2 - اختلاف معدل صرف بعض الأدوية والمستلزمات الطبية بالزيادة أو النقص، حسب الأمراض الموسمية أو التغير في خطة العلاج، أو بسبب الظروف الاستثنائية للاوبئة مثل جائحة «كوفيد-19».

3 - ظهور بدائل أدوية ما يؤدي الى تغير نوعها، وأيضا الحاجة لتوفير مواد طبية خاصة لبعض الحالات المرضية، بناء على طلبات المختصين، والتي قد لا يتم استعمالها نتيجة تغير نظام العلاج للمريض أو وفاته، وهي مواد مكلفة.

4 - الحاجة لتوفير مواد مثل «يوديد البوتاسيوم» على سبيل المثال، خشية تسربات إشاعية أو كوارث نووية.

تخلص من لقاحات لانتهاء صلاحيتها

أعلن أخيراً مسؤولو صحة دنماركيون عن توجههم للتخلص من 1.1 مليون جرعة من لقاح «كورونا» في الأسابيع المقبلة، لأن تاريخ صلاحيتها اقترب من الانتهاء مع فشل جهود التبرع بها للدول النامية، وهو ما يشير بدوره إلى حجم مشكلة النفايات التي قد يعاني منها العديد من دول العالم.

جميع الحقوق محفوظة