Admin

السبت 11 أغسطس 2018

العالم من وراء النقاب ..بقلم :د. موضي الحمود

العالم من وراء النقاب ..بقلم :د. موضي الحمود

العالم من وراء النقاب ..بقلم :د. موضي الحمود

تعج الساحة الإعلامية والسياسية العالمية بكثير من القضايا الشائكة والنزاعات الدامية والمشاكل الإنسانية التي لها عدد يتزايد ولكن ليس لها حد… إلا أن المرأة وقضاياها تبقى دائماً حاضرة ومحوراً لكثير من الصراعات الثقافية والإنسانية في كثير من المجتمعات، ففي نهاية الأسبوع الماضي ثارت دنيا الإعلام البريطاني ولم تهدأ إثر التعليقات الجارحة التي أطلقها وزير الخارجية السابق وعضو حزب المحافظين الإنكليزي بوريس جونسون حين انتقد في تعليقه النساء المسلمات المنتقبات أو المبرقعات في بريطانيا، مشبهاً إياهن «بحرامية البنوك»… أو «صناديق البريد». كانت ردة الفعل السياسية والمجتمعية شديدة من قبل أفراد الجالية الإسلامية في إنكلترا ومن كثير من التجمعات المدنية والإعلام البريطاني والسياسيين من حزبه وعلى رأسهم رئيسة الوزراء، مستنكرين ما بدر منه ومطالبينه بالاعتذار. وبصرف النظر عن تفاصيل هذه القضية وآثارها على حزب المحافظين وقاعدته من المسلمين الإنكليز، إلا أنها تثير قضية أكبر وهي المدى المسموح به بالحريات الإنسانية الشخصية، ومنها حرية اللباس في بلد يفترض أن يرعى دستوره الحريات بجميع أنواعها وحرية الاختيار لمواطنيه، ومنهم أفراد الجالية المسلمة التي تبلغ نسبتها قرابة %5 من إجمالي سكان بريطانيا. وهذه القضية لا تثار في بريطانيا فقط، وإنما سبقتها فرنسا في منع النقاب في الأماكن العامة عام 2011، حين تعرضت لهجمات إرهابية أدمت قلب باريس وأهلها… وتبعتها النمسا وبلغاريا والدنمارك والنقاش ما زال محتدماً في بريطانيا وغيرها من دول غربية حول المقارنة بين الالتزام بالحريات الشخصية وبين مسؤولية الحفاظ على أمن المجتمع في بلاد تعج بتنوع الجنسيات والثقافات. هذه القضية وغيرها تطرح أسئلة مشروعة في كل المجتمعات الإنسانية حين يصبح أمن الوطن مهدداً… فيثار التساؤل أين تقف حدود الحريات الشخصية؟ وكيف يمكن المواءمة بين الأمرين، الأمن الفردي والأمن المجتمعي؟ عموماً، المشوار أمام المرأة المعنية في مقالنا هذا طويلاً سواء في دول العالم المتقدم أو النامي، وهذا ما هو إلا بداية لحوار يفرض نفسه مع تعقد الحياة وتزايد مهددات الأمن الإنساني، ومع الرغبة في تعزيز دور المرأة واحترام حقوقها ودعم اختياراتها وكفالة مساواتها بأخيها الرجل في كل مناحي الحياة… قضية قديمة تتجدد في مظاهر عدة، وآخرها حرية لبس النقاب… وتبقى المرأة مع كل هذا هي النصف الذي يشكّل الكل والأساس في المجتمع… وتحية لكل نساء الكويت منتقبات ومبرقعات، محجبات وسافرات… فلكل واحدة منهن دور وبصمة… ولتكن بصمة بناء وإضافة إيجابية في تقدم الكويت… والله الموفق.

جميع الحقوق محفوظة