Admin

السبت 21 يوليو 2018

السير فوق الحبال الدقيقة..بقلم : د. موضي عبدالعزيز الحمود

السير فوق الحبال الدقيقة..بقلم : د. موضي عبدالعزيز الحمود

السير فوق الحبال الدقيقة..بقلم : د. موضي عبدالعزيز الحمود

يشغلني، كما يشغل الكثيرين من أبناء وطني، حال الكويت وأحوالها… قُدر لهذا البلد الجميل الآمن أن يكون في هذه البقعة الملتهبة من العالم وفي هذا الزمن الصعب.. ولكنها الأقدار التي لا مفر منها.. وطني في حاله هذه كما لاعب السيرك الذي يسير فوق الحبال الدقيقة ليعبر إلى ممر السلامة، يمشي بحذر لما يحيط به من أزمات ومنعطفات وأهوال. كويتنا اليوم تمر فوق حبل سياسي دقيق تتهدده الرياح التي تأتي تباعاً من جار الشمال المضطرب الذي لا يهدأ حتى يثور… هددنا وهدده حكم الطاغية المتسلط سنوات حتى دمره، وضربه الإرهاب والتطرف البغيض حتى مزقه، ثم طحنه الفساد حتى أفقره، فثار شعبه المبتلى وما زال، لعله يجد لحاله مخرجاً. وتسير الكويت كذلك بحذر شديد لتعبر حبلاً دقيقاً آخر تأمل في نهايته ومن خلاله أن تمد التواصل المأمول بين جيرانها وأشقائها في الخليج ممن فرقهم الخلاف حتى طالت فترته.. نالت كويتنا عتبا من البعض وثناء من آخرين، ولكنها تحملت وما زالت تسير فوق هذا الحبل لعلها تصل وتوصل أشقاءها إلى ما ترمي إليه من وفاق. لم تنته الحبال.. وكيف لها أن تنتهي والكويت تسير على حبل التحدي الاقتصادي الذي يواجهها كل يوم مع تراجع أسعار أكسير حياتها وأعني به النفط.. فهي بين تراجع المداخيل وتعاظم المتطلبات تزداد قلقاً، خصوصاً مع تنامي برامج التطور والتحديث لمتطلبات الطاقة في الدول المتقدمة.. فها هي الحكومة البريطانية تعلن في هذا الشهر برنامجها الهادف إلى التخلص من جميع السيارات التي تعتمد البنزين وقودا وذلك خلال سبع سنوات… وتستثمر بكثافة في إنشاء محطات الشحن الكهربائية لسيارات المستقبل… وبالطبع مثلها الدول الأوروبية الأخرى.. لا ندري كم من السنوات تحتاج هذه الدول لتنفيذ خططها ولكنها جادة… وإن لم نأخذ برامج التنوع الاقتصادي على محمل الجد… فسنشهد حتماً كساد نفوطنا كما شهدنا من قبل كساد لؤلؤنا الطبيعي… وهنا الطامة. حبال الداخل ليست أفضل حالاً.. فهي تمر فوق منعطفات وأزمات أكبر.. فما تعمره الأيادي الخيرة والمخلصة من أبناء الكويت.. تفسده مع الأسف رموز الفساد وأدواته ومؤسساته التي تخللت وسيطرت على معظم مرافق الحكومة وإداراتها، ووصلت إلى بعض النفوس الضعيفة داخل مجلس الأمة. تتردد الحكومة أو تعجز عن التصدي الجاد لمواطن الفساد، أو حتى تستمرئ في بعض الأحيان الاشتراك في هذه اللعبة لشراء الود والوقت والهدوء النيابي ولو لفترة.. وتظل الكويت تتأرجح على تلك الحبال ولا تهدأ. ندعو الله أن يوفق أمير البلاد في مساعيه الجادة للعبور بالوطن فوق تلك الحبال الدقيقة والشائكة إلى ممر السلامة، والمنطق يحكم بأن العبور الآمن يحتاج إلى فريق بارع لإدارة متطلبات المستقبل، فالظروف استثنائية والمتطلبات كثيرة وملحة والالتفاف الشعبي ضرورة لتحقيق كل ذلك… فنسأل الله أن يهيئ لهذا البلد الصالح من أبنائه لإدارة أموره. حكمة: صدق من قال خطأ المهندس يُهدم، وخطأ الطبيب يُقبر… أما فساد العلم فتكون آثاره مدمرة لأجيال قادمة… فنتمنى على من بيده الأمر، وهو قادر إن شاء الله، أن يعلن أسماء الحاصلين على الشهادات المزورة وأن يكشف الشبكة بجميع أطرافها، وألا تخضع الحكومة لشفاعة أحد في ذلك، مسؤولاً أو نائباً، فهذه خيانة للوطن وللأمانة.. للعلم بأنه لن يخفى شيء وستتولى وسائل التواصل الاجتماعي نشر كل ما يتسرب حتماً… فاقطعوا الشك بالنبأ اليقين واكشفوا الحقائق لمصلحة الجميع.. حفظ الله الكويت من كل فاسد.. والله الموفق.

جميع الحقوق محفوظة