Admin

الجمعة 12 أكتوبر 2018

ما بين الوزارتين.. أين موقعنا؟! بقلم : د. موضي عبدالعزيز الحمود

ما بين الوزارتين.. أين موقعنا؟! بقلم : د. موضي عبدالعزيز الحمود

ما بين الوزارتين.. أين موقعنا؟! بقلم : د. موضي عبدالعزيز الحمود

علت الدهشة وجوه معظمنا في الكويت، وذلك عندما أعلنت دولة الإمارات العربية تعيين وزيرة «للسعادة»، وتساءل البعض منا عن دور هذه الوزارة.. وزادت دهشتنا بما أعلنته رئيسة وزراء بريطانيا مؤخراً من تعيين أول وزيرة «للوحدة» نتيجة ظاهرة تناقص التواصل الإنساني التي يعاني منها كثير من الناس على اختلاف أعمارهم في هذا الزمن، وعلى سبيل التحديد هناك ما يقرب من مليون ومئتي ألف مواطن بريطاني من مختلف الأعمار يعانون من «الوحدة»، والوزيرة هي الآنسة تريسي كروچ ولقب منصبها بالإنكليزية The minster for Loneliness، وقد أعلنت الوزيرة أنها خلال الأيام القليلة القادمة ستقدم استراتيجيتها الحكومية للتعامل مع ظاهرة الوحدة ومكافحتها.. وان الاهتمام بهذه الظاهرة يتزايد لآثارها المدمرة على كفاءة تواصل المواطنين (البريطانيين) وعلى إنتاجيتهم في العمل، مما يزيد من الإنفاق الحكومي على متطلبات الصحة النفسية والجسدية والخدمات الحكومية الأخرى، وبالطبع تأثيرها سيكون كبيراً على الحياة السياسية مستقبلاً، لهذا كان الاهتمام والجدية في التعامل معها في الدول المتقدمة. وبمراجعتي لدراسة حديثة أصدرتها «كلية لندن للاقتصاد LSE» تبين أن كل جنيه إسترليني ينفق لعلاج هذه الظاهرة سيؤدي إلى توفير ثلاثة جنيهات في الميزانية العامة.. وبينت الدراسة كذلك تزايد ظاهرة «الوحدة» خاصةً بين كبار السن ممن أصبحوا يعانون الاغتراب في مجتمعاتهم لتعقد أمورهم بتقدم التكنولوجيا وزيادة الفردية في المجتمع، فكثيراً من صحفهم المفضلة لم تعد تصدر بطبعتها الورقية، بل أصبحت في متناول من يستخدم الإنترنت فقط، والأعمال الحكومية في معظمها تُنجز عبر استخدام الكمبيوتر، فلا مكاتب ولا موظفين يلجأون إليهم، وفي الأسواق والبقالات أصبح الدفع معظمه عبر مكائن الدفع الآلية واختفى أمناء الصناديق، وفي الباصات لا أحد يكلمهم، فالجميع مشغولُ بهاتفه النقال يرسل أو يستقبل رسائل مختلفة، وهكذا.. حاصرت التكنولوجيا الكثيرين ممن لا يحسنون التعامل معها فزادت «الوحدة»، وزاد القلق وارتفعت تكاليف العلاج وقلَّ الأداء في كثير من مناحي الحياة، وتضاءل الاندماج في الشؤون العامة وحتى السياسية. لذا سترتكز الاستراتيجية القادمة لوزيرة الوحدة الإنكليزية كما أعلنتها على مجموعة من الإجراءات التي تشمل مهارات التواصل الإنساني في قطاع التعليم وقطاع الصحة ونظام النقل، وذلك لتقليل الضغط على الإنفاق الحكومي المتزايد نتيجة لتفاقم هذه الظاهرة ولدعم صحة الإنسان والمجتمع بشكل عام. أمانةً.. أخذني التفكير بعيداً بين نموذج السعادة الإماراتي ونموذج الوحدة الإنكليزي وقارنت بين النموذجين وبين حالنا الكويتي الذي يفتقر إلى زرع السعادة بين المواطنين ويمعن في زيادة شبكات التواصل والتمدد البيروقراطي في أجهزة الحكومة الذي يُعيق التقدم والتكنولوجيا، حتى نما الفساد بين مفاصل هذه البيروقراطية المعقدة وترعرع ليستفيد من يستفيد ولتفقع مرارة المواطن، فيدفع «المقسوم» صاغراً غير مختار فيزداد حُزناً وكآبةً لما آلت إليه الأمور في بلده.. فرجاءً حاراً يا رئيس وزرائنا الكريم رأفةً بشعبك الوفي، وتوفيراً للمصاريف الحكومية، وتقليلاً لمواطن الفساد، ليكن لنا أو لحكومتنا نموذج خاص بين الاثنين بحيث يشيع قدراً من المرح والسعادة في حياة مواطنينا، ويزيد من التحديث التكنولوجي الواجب في هذا الزمن، ويقلل من دورة المواطن بين الأجهزة الحكومية بما يسمح له بتخليص أعماله بسهولة ويسر، ولنسم نموذجنا الكويتي المستهدف «مرحة» مسمىً وسطاً بين المرح والوحدة… والله الموفق. د. موضي عبدالعزيز الحمود

جميع الحقوق محفوظة