Admin

السبت 29 سبتمبر 2018

الأجيال الضائعة..بقلم :د. موضي الحمود

الأجيال الضائعة..بقلم :د. موضي الحمود

الأجيال الضائعة..بقلم :د. موضي الحمود

مع بداية هذا العامل الدراسي، وفي كل صباح، نودّع أبناءَنا وأحفادنا في رحلتهم اليومية إلى مدارسهم، يزهو أطفالُنا بملابسهم المدرسية الجميلة، ويحملون حقائبهم الملونة وكتبهم الجديدة.. يتعلّمون، يلعبون تسبقهم شقاوتهم، ضحكهم، وأحيانا بكاؤهم، ولكنهم يذهبون في اليوم التالي.. جيوشٌ من المدرسين والعاملين يعتنون بهم، تضج الساحة المحلية عندما تعطَّلت مكيّفات فصولهم، وعندما نقصت تجهيزات مدارسهم، ولكنهم لم ينقطعوا عن الذهاب في رحلتهم اليومية. جميع أطفال العالم ينتظمون في مدارسهم في نفس الوقت وبنفس النمط، وتكاد تتشابه الإجراءات للعملية التعليمية، تختلف دول العالم في كل شيء، ولكنها تتفق على مواعيد وترتيبات الرحلة المدرسية السنوية.. وإن اختلف المحتوى والمنهج تقدّماً وتخلّفاً من دولة إلى أخرى.. ولكن المظهر والالتزام واحد. وحدهم أطفال مناطق النزاع في وطننا العربي المنكوب من شذّ أو حُرم من هذه الرحلة.. ننشغل بأحوالنا وننسى أو ينسى العالم أن هناك مليونَي طفل يمني لم ينتظموا في مدارسهم هذا العام، فلا حافلة تقلهم إلى المدرسة، ولا مدرسة بقيت على حالتها، تنتظر وصولهم ولا طاولة يفرشون عليها كتبهم، بل لا كتب ولا أقلام لديهم.. يتيهون في أطلال المدن المحطّمة، يتصيدهم القصف والجوع والمرض.. كما أن آلافاً من المدرسين والعاملين لم يقبضوا رواتبهم لمدة زادت على السنة! هذا يحدث في خاصرة الوطن العربي الجنوبية.. أما في شماله فهناك 650.000 طفل سوري في المخيّمات بلا تعليم ولا مدارس، ومثلهم أو أكثر حصلوا على فرص ضعيفة ومتفاوتة في تعليم غير نظامي أو حُرموا تماماً في بلاد اللجوء. هذه الأجيال الضائعة من أبناء العرب كيف لها أن تنشأ، وماذا عساها تحمل في نفوسها جرّاء الحرمان والجهل؟!.. لا ندري أي نهاية مرتقبة لمأساة إخواننا في دول النزاع العربية، ولكنها دعوة لكل من بيده قدرة أو سلطة أن يتحرّك لوضع حد لهذه المآسي وهذه النزاعات وفي أضعف الأيمان أن يتحرّك بموازاة جهود المنظمات الدولية لتوفير، ولو فرص محدودة للتعليم لأطفالنا وأبنائنا المشردين والمحرومين، حتى يَمُنّ الله تعالى عليهم بانتهاء المحن، والفرج القريب بإذن الله. وداعاً أيها المُبدع.. غادرتنا أيُّها الكاتب المبدع «بو فهد»، بعد أن استأمنتنا على «صندوقك الأسود» الذي حوى بين جوانبه حكاية أزمة «البدون» التي تخمَّرت في أدراج صندوق الدراسة الحكومية لمدة نصف قرن.. ولم تجد حلاً، كما أن صندوقك أيها المبدع لم يعد يحوي هذه الأزمة فقط، وإنما في كل يوم نودعه أزمة جديدة، وفي كل فترة نزيده معضلة أو مظهراً للفساد، حتى امتلأ وفاض وما عاد يحتمل.. وهذا سر خوفك وخوف الشرفاء في هذا الوطن بأن ينفجر صندوقنا يوما وينتثر سواد أزماته على الجميع، وحينها لن نقوى على مواجهة متطلبات حلها. لك الرحمة أيها الفقيد، وأعاننا الله على متطلبات مستقبلنا.. تعزية خالصة لمتابعي ومحبي ابن الكويت إسماعيل فهد إسماعيل، ولساحتنا الأدبية التي خسرته.. «إنا لله وإنا إليه راجعون».

جميع الحقوق محفوظة