Admin

الأحد 10 يونيو 2018

زمن عبدالله السالم (6) التفاوض حول الاستثمار..بقلم :أ.د. غانم النجار

زمن عبدالله السالم (6) التفاوض حول الاستثمار..بقلم :أ.د. غانم النجار

زمن عبدالله السالم (6) التفاوض حول الاستثمار..بقلم :أ.د. غانم النجار

"كل وقت ما يستحي من وقته" مثل كويتي قديم. أي إننا قد نستمرئ ونتجرأ على التعامل مع أحداث في الماضي، كانت لها ظروفها وقيمها وثقافتها، ونطبق قسراً عليها القواعد الحاكمة للوقت الحاضر. أسلوب خلط الماضي بالحاضر، يجعل من الفهم ضعيفاً، وبعيداً عن الواقع، وفي الغالب تكون الاستنتاجات لا علاقة لها لا بتاريخ الحادثة ولا بحاضر اللحظة، وبطبيعة الحال لا يمكن الاستفادة منها لتوقع المستقبل. على أي حال، موضوعنا هو كيفية إنشاء مكتب الاستثمار الكويتي بلندن، وهي فكرة لم تكن جاءت من الكويت بل من بريطانيا، خلافاً لفكرة تأميم الأراضي، أو إنشاء البنك الوطني، أو حتى فكرة إصدار الدستور، فهذه الأفكار كانت محلية، الأولى لم تبد بريطانيا حولها أي اهتمام، والثانية عارضتها، والثالثة أيدتها، ولم تكن صانعة لها كما يحاول البعض أن يمررها على أنها حقيقة. عبدالله السالم من جانبه كان له أسلوبه التفاوضي، وهو أمر قد نعود له لاحقاً، إلا أن الملاحظ أنه كان لا يستعجل في اتخاذ القرار، وكان يبحث عن الفرص البديلة، ويستخدم مكامن القوة لديه، ويضغط على الطرف المقابل من خلال الامتناع عن اتخاذ القرار. كما حدث في حالة التفاوض حول أسعار النفط سنة ١٩٥١ و١٩٥٢. بخصوص مكتب الاستثمار، بدا أن عبدالله السالم غير مهتم وغير موافق على العرض البريطاني باستثمار الفوائض النفطية في بورصة لندن، إلا أنه في الوقت ذاته كان يجمع المعلومات عن الفكرة، مستخدماً رفضه الظاهر لها لتحسين موقفه التفاوضي، والحصول على فرصة بديلة. نحن هنا نتحدث عن قضايا غير معلنة، بمعنى أنها ليست بالضرورة قضايا شعبية، كانت تتم في الغرف المغلقة. الاستثناءات لغير ذلك قليلة، كموضوع جلب الماء من شط العرب، والذي حوله عبدالله السالم لقضية شعبية، عندما طلب اجتماعاً للتصويت على الاختيار بين تمديد أنابيب من شط العرب أو إنشاء محطات تقطير المياه من البحر. وبعد أن جاءت النتيجة شعبياً مؤيدة للأنابيب، اتخذ موقفاً معارضاً لذلك. في مفاوضات مكتب الاستثمار كانت المسألة داخل غرفة مغلقة، بل مغلقة جداً. ومع أن موازين القوى، أو هكذا يفترض، لم تكن لصالحه، استطاع بأسلوبه التفاوضي، أن يجعل للاستثمار بعداً مؤسسياً، ويحصل على أعلى درجات المكاسب، التي ستأتي نتائجها لاحقاً، وبالتالي تتحول الفكرة من مجرد مال يبحث عن أرباح في مكان محدد، إلى مؤسسة استثمار لها صلاحيات قانونية وشخصية اعتبارية ليس لها منافس في لندن، بوضعيتها الضريبية وصفتها القانونية.

جميع الحقوق محفوظة