السبت 26 مايو 2018

واشنطن وطهران تلتقيان على بقاء العبادي رئيساً لحكومة العراق

واشنطن وطهران تلتقيان على بقاء العبادي رئيساً لحكومة العراق

واشنطن وطهران تلتقيان على بقاء العبادي رئيساً لحكومة العراق

يقترب العراق من تشكيل «ائتلاف الخمسة» لاختيار رئيس الوزراء العراقي الجديد من قبل أكبر تجمع للأحزاب الشيعية والسنية والكردية في أعقاب الانتخابات العراقية التي جرت في 12 مايو الجاري. وقد «اجتمع» قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني الجنرال قاسم سليماني والرئيس الأميركي دونالد ترامب حول المرشح نفسه... حيدر العبادي. والجنرال سليماني يتواجد منذ أيام عدة في العراق، حيث التقى رؤساء الكتل التي فازت بمقاعد كبيرة في البرلمان الجديد، ومن بينهم زعيم ائتلاف «سائرون» مقتدى الصدر الذي وصفه الإعلام بـ «صانع الملوك»، في ظل حصول ائتلافه مع الحزب الشيوعي على 54 من مقاعد البرلمان. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال حليفا إيران الرئيسيان، هادي العامري (رئيس الكتلة الثانية الأكبر ذات الـ 47 مقعداً) وحليفه نوري المالكي (22 مقعداً) خارج هذا التحالف الذي يعمل عليه سليماني. ويَعتقد العامري - خطأً - أن من الممكن له أن يصبح رئيس وزراء ليقرّر هو مصير السياسة العراقية وبالتالي فهو يحاول، ومعه نائب الرئيس نوري المالكي الذهاب خارج الإطار الشيعي ليشكل مع الأكراد والسنّة التحالف الأكبر ليهزم حيدر العبادي. ويعتمد العامري على الأكراد الذين لا يريدون للعبادي أن يعود للسلطة مجدداً (استرجاع كركوك والسيطرة على منافذ كردستان). وخلافاً لما يحاول أن يُظْهِرَه للإعلام ويعبّر عنه للناس، فإن الصدر اجتمع مع مَن هو مفترض أن يكون ألدّ أعدائه - أي سليماني - في بلاد ما بين النهرين، ليتأكد مقتدى أنه غير مستبعد من «التكتل الخماسي» الذي من المتوقع ان يجمع الكتل الأكثر عدداً، وفقاً لمعلومات خاصة لـ«الراي». ومنذ إعلان نتائج الانتخابات العراقية النهائية، يحاول الصدر إعطاء انطباع بأنه يسيطر على الساحة السياسية ومن الممكن أن يكون هو الشخص الذي يملك زمام الأمور كلها بـ 54 مقعداً في البرلمان ويستطيع اختيار رئيس الوزراء المقبل. وقد زاره سفراء دول عدة وسياسيون محليون لتهنئته بالفوز البارز. وبعدد 54 مقعداً، فإن تحالف «سائرون» لا يمكن أن يذهب بعيداً، وفقاً لمصادر عراقية مطلعة، فأي تحالف - كي يستطيع تسمية رئيس الوزراء - يحتاج الى 165 مقعداً من أصل 328 مقعداً برلمانياً. وفي سنة 2010، فاز رئيس الوزراء السابق إياد علاوي بـ91 مقعداً، أي بمقعدين أكثر من مُنافِسه نوري المالكي (89 مقعداً) من دون أن يصل إلى رئاسة الوزراء. وعلى الرغم من تمتّع علاوي بدعم العالم، تمكّنت إيران من جمْع ائتلاف أكبر لتمهّد الطريق أمام المالكي لولاية أخرى. وتؤكد المصادر أن إيران اليوم مقتنعة بأن المالكي وحليفه العامري يجب ألا يصبح أحد منهما رئيساً للوزراء. وهذا يتطابق مع رؤية المرجعية الدينية في النجف. وحاول سليماني أن يجمع بين العامري والعبادي في ائتلافٍ واحد حتى يصبحا الكتلة الأكبر قبل الانتخابات بأيام، إلا أن العامري انسحب بعد اجتماعه مع العبادي وسليماني لاقتناعه بنجاحه وقيادة العراق بدل العبادي على الرغم من امتعاض سليماني. وكانت رغبة الأخير - الذي يتمتع بصفة رسمية في العراق كمستشار للحكومة العراقية - أن يعود حيدر العبادي إلى تسلم السلطة لولاية ثانية. وتضيف المصادر: «لقد أصبح العبادي اختيار كل من إيران وأميركا، وهذا يُعدّ من النوادر أن يجتمع الأعداء على نفس الأرض ويتفقوا على نفس رئيس الوزراء. ففي سنة 2010 أَفْسد سليماني خطة أميركا بإيصال علاوي ودفَع بالمالكي عوضاً عنه. وفي سنة 2014 وصل العبادي إلى السلطة فقط لأن مرجعية النجف تدخّلت - في خطوة نادرة جداً - لمنع المالكي من العودة الى السلطة. أما اليوم فإن المرجعية لا تدعم العبادي - على الرغم من اعتقاده عكس ذلك - لأن السيد علي السيستاني لا يرى في أي من المرشحين المتوافرين أي أمل لإخراج العراق من سيطرة(أحزاب الحيتان) التي تهيمن على العراق منذ 2003 ووقف الفساد في السلطة. الا ان السيد السيستاني لا يتدخل مع أو ضد العبادي ولكنه لا يدعم العامري ولا المالكي». وهذه المرة، حتى إيران لا تؤيد عودة المالكي ولا تسلم العامري للسلطة وترغب بالعبادي رئيساً للحكومة. وتلفت المصادر إلى أن العبادي تسلم العراق بـ 13 محافظة، ولكن بسبب فتوى السيستاني - التي حشدت الناس ضد جماعة «داعش» الارهابية تحت فتوى «الجهاد الكفائي» - أعيدت الى البلاد المحافظات الـ 15 كلها. علاوة على ذلك، فإن إيران لا تبحث عن مواجهة مع الولايات المتحدة عندما لا تكون هناك ضرورة لذلك وعندما تلتقي المصالح حول الشخص نفسه (حيدر العبادي)، لا سيما أن رئيس الوزراء لم يتخذ أي قرار طوال حكمه ضد مصلحة إيران الأمنية والاستراتيجية. وحيدر العبادي هو أيضاً مرشح الصدر الذي أظهر أو لديه مشكلة مع إيران التي يَعتبرها مسؤولةً عن انشقاق وتمويل مجموعات من الصدريين (عصائب أهل الحق، حركة النجباء، كتائب الإمام علي) الذين يقفون ندّاً بوجه مقتدى اليوم. ومع ذلك فقد طلب الصدر - خلال لقائه سليماني - عدم استبعاده من «التحالف الخماسي» (العامري، العبادي، المالكي، السيد عمار الحكيم وعلاوي). وفي حال انضمام مقتدى، فسيحصل على حصته في الحكومة بما يوازي الـ 54 مقعداً التي يسيطر عليها. وعادة فإن كل منصب وزاري يعادل مقاعد برلمانية. فرئيس الوزراء مثلاً يعد 45 حصة أو وزير الخارجية 15 - 20 حصة إلخ... ويُتفق على الأرقام والمقاعد بين الكتل التي تشكل «الائتلاف الأكبر». وإذا لم يلتحق مقتدى بـ«التكتل الخماسي» فسيجلس نوابه مع المعارضة في البرلمان. ووفقاً للمصادر، لم يتم وضْع أي «فيتو» على أحد مثلما حصل بعد الانتخابات السابقة، وقد أثبت ذلك اجتماع قاسم سليماني - ليس فقط مع مقتدى - بل أيضاً مع علاوي غير المرشح لرئاسة الوزراء. وهذه تُعد خطوة كبيرة اتخذتها إيران لجمع كل الأطراف الرئيسية بائتلافٍ كبير. وبالتالي فالتعقيدات أمام العبادي أصبحت ضعيفة، هو الرجل الذي يَجمع توافقات متعدّدة باستثناء مسعود بارزاني، الذي تعرّض للإذلال والتدمير السياسي من العبادي، والذي تكفلت أميركا بإقناعه. في المحصلة، لا يوجد «صانع ملوك» في العراق بل اتفاق إيراني - أميركي غير مكتوب وغير مباشر على استقرار العراق بعدما انتزعت ورقة «داعش». وتجزم المصادر بأن «الصدر لا يقرر بل هو جزء من صنّاع القرار في حال انضمّ الى التكتل الأكبر، وكل المؤشرات تدلّ على ان العبادي سيحصل على فرصة أخرى ليسيطر على البلاد وليواجه أصعب المهام المتمثلة بوحدة العراق، وإعادة الإعمار في الشمال والغرب المدمّريْن، وإعادة بناء البنية التحتية وقبل كل شيء مكافحة الفساد». قال لمؤيديه: لا أريد منكم تظاهرات الصدر يعد بتقسيم الثروة النفطية بين الشعب دعا زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر إلى تجنب التظاهر «لدعم تشكيل الحكومة أو من أجل التهديدات»، وحذر من «أتون الحرب والعنف»، مؤكداً أنه «لا داعي للتعدي على دول الجوار». وقال الصدر، في بيان مقتضب نشره ليل أول من أمس على حسابه الرسمي في موقع «تويتر»: «أيها الأحبة.. لا أسألكم إلا أن تعكسوا صورة جميلة عنا آل الصدر .. ولا أريد منكم في هذه المرحلة التظاهرات لدعم تشكيل الحكومة أو من أجل التهديدات، وكل من يفعل ذلك فسيجر العراق إلى أتون الحرب والعنف ولا داعي للتعدي على دول الجوار، أما الاحتلال فلن نتنازل عـن موقـفـنا منه ما دام محتلا». وأضاف الصدر: «فإنني وكما دخلت الخضراء (الساحة الخضراء المحصنة وسط بغداد) منفرداً بخيمتي الخضراء فاليوم سوف أقف أمام تحديات الطائفية والانحراف وساسة الفساد والإسفاف والمندسين ذوي الإرجاف لأدافع عن نهج الأسلاف وأحقق الأهداف ولأكرم الأشراف وأمنع الطائفيين من الاصطفاف ولأقسّم الثروة النفطية بين الشعب بإنصاف وأبعد العراق عن الفقر والجفاف وعن التدخلات الخارجية وكل الأطراف فأنا عراقي لا أخاف».

جميع الحقوق محفوظة