الأحد 13 سبتمبر 2020

هكذا يهاجم «كورونا».. أدمغة البشر

هكذا يهاجم «كورونا».. أدمغة البشر

هكذا يهاجم «كورونا».. أدمغة البشر

يستهدف فيروس كورونا المستجد بشكل مباشر الرئتين، وكذلك الكلى والكبد والأوعية الدموية، ومع ذلك، يبلغ نحو نصف المرضى المصابين بهذا الوباء عن أعراض عصبية، بما في ذلك صداع وارتباك وهذيان، مما يشير إلى أن الفيروس قد يهاجم الدماغ أيضًا. تقدم دراسة جديدة أول دليل واضح على أن الفيروس التاجي لدى بعض الأشخاص يغزو خلايا الدماغ ويختطفها لعمل نسخ من نفسه، ويبدو أن الفيروس يمتص كل الأكسجين القريب، مما يؤدي إلى تجويع الخلايا المجاورة، التي تحتاج للأكسجين من أجل البقاء حية، حتى الموت. من غير الواضح كيف يصل الفيروس إلى الدماغ، من المحتمل أن تكون إصابة الدماغ نادرة، ولكن قد يكون بعض الأشخاص عرضة للإصابة بها بسبب خلفياتهم الوراثية أو لأنهم التقطوا جزئيات كبيرة وعالية من الفيروس أو لأسباب أخرى. عدوى مميتة وتقول أكيكو إيواساكي، اختصاصية المناعة في جامعة ييل، التي قادت الدراسة «إذا أصيب الدماغ بالعدوى، فقد تكون له عواقب مميتة». نشرت الدراسة على الإنترنت ولم يتم فحصها من قبل الخبراء، لكن العديد من الباحثين قالوا «لقد اتضح بطرق متعددة أن الفيروس يمكن أن يصيب خلايا الدماغ». ويقول الدكتور مايكل زاندي، استشاري طب الأعصاب بالمستشفى الوطني لطب وجراحة الأعصاب في بريطانيا «توفر هذه البيانات المزيد من الأدلة على أن الفيروس يستطيع بالتأكيد مهاجمة خلايا الدماغ». نشر الدكتور زاندي وزملاؤه بحثًا في يوليو الماضي، يظهر أن «بعض المرضى المصابين بمرض كوفيد-19وهو المرض الناجم عن فيروس كورونا يصابون بمضاعفات عصبية خطيرة، بما في ذلك تلف الأعصاب». إستراتيجية فريدة في الدراسة الجديدة، قامت الدكتورة إيواساكي وزملاؤها بتوثيق عدوى الدماغ بثلاث طرق: الأولى في أنسجة المخ لدى شخص مات بسبب الفيروس، والثانية في فأر تجارب، والثالثة في أدمغة صغيرة نمت في المختبر تُعرف باسم عضيات الدماغ. من المعروف أن مسببات الأمراض الأخرى - بما في ذلك فيروس زيكا - تصيب خلايا الدماغ، ثم تغمر الخلايا المناعية المواقع التالفة، في محاولة لتطهير الدماغ من خلال تدمير الخلايا المصابة. إن فيروس كورونا يعمل باستراتيجية أكثر سرية: فهو يستغل آلية خلايا الدماغ للتكاثر، لكنه لا يدمرها، بدلاً من ذلك، فإنه يخطف الأكسجين الذي تحتاجه الخلايا المجاورة، مما يؤدي إلى ذبولها وموتها. لم يجد الباحثون أي دليل على وجود استجابة مناعية لعلاج هذه المشكلة، وقالت الدكتور إيواساكي «إنها نوع من العدوى الصامتة.. هذا الفيروس لديه الكثير من آليات التهرب». ويقول أليسون موتري، عالِم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، والذي درس أيضًا فيروس زيكا، إن «هذه النتائج تتفق مع الملاحظات الأخرى في العضيات المصابة بفيروس كورونا». مراحل التجربة يصيب الفيروس خلية عن طريق بروتين موجود على سطحها يسمى ACE2، يظهر هذا البروتين في جميع أنحاء الجسم، وخاصة في الرئتين. اقترحت الدراسات السابقة أن الدماغ لديه القليل جدًا من ACE2، ومن المحتمل أن يتم تجنب إصابته من قبل الفيروس، لكن الدكتورة إيواساكي وزملاءها نظروا عن كثب ووجدوا أن الفيروس يمكنه بالفعل دخول خلايا المخ باستخدام هذا المدخل، وقالت الدكتور إيواساكي: «من الواضح أنه يتم التعبير عنها في الخلايا العصبية وهي ضرورية للدخول». ثم أجرى فريقها تجربة على مجموعتين من الفئران، واحدة تحتوي على مستقبلات ACE2 في الدماغ فقط، والأخرى مع تحتوي على مستقبلات ACE2 في الرئتين فقط. عندما أدخل الباحثون فيروس كورونا في هذه الفئران، فقدت الفئران المصابة بالدماغ وزنها بسرعة وتوفيت في غضون ستة أيام، أما الفئران المصابة بالفيروس في الرئة لم تفعل ذلك. وقالت الدكتورة إيواساكي إنه «على الرغم من التحذيرات المرتبطة بدراسات الفئران، فإن النتائج لا تزال تشير إلى أن العدوى الفيروسية في الدماغ قد تكون أكثر فتكًا من عدوى الجهاز التنفسي». كيفية الدخول قد يصل الفيروس إلى الدماغ عبر البصيلة الشمية - وهي المسؤولة عن حاسة الشم - أو من خلال العينين أو حتى من خلال مجرى الدم، من غير الواضح ما هو المسار الذي يسلكه العامل الممرض. ويقول الدكتور روبرت ستيفنز، طبيب الأعصاب بجامعة جونز هوبكنز: «إن ما بين 40 في المئة إلى 60 في المئة من مرضى كوفيد-19 في المستشفى يعانون من أعراض عصبية ونفسية، لكن الأعراض قد لا تنبع كلها من غزو الفيروس لخلايا الدماغ، قد تكون نتيجة التهاب منتشر في جميع أنحاء الجسم».

جميع الحقوق محفوظة