الجمعة 07 أغسطس 2020

لبنان.. بداية السقوط في الجحيم

لبنان.. بداية السقوط في الجحيم

لبنان.. بداية السقوط في الجحيم

قالت ماري تيبو، الخبيرة الاقتصادية والإستراتيجية في بنك ميرابو السويسري: إن الكارثة التي عصفت بمرفأ بيروت فاقمت الأزمة الاقتصادية الحادة التي كان يعاني منها لبنان منذ عدة سنوات، لافتة في تقرير نشرته صحيفة لوتون إلى أن تقديرات صندوق النقد الدولي بشأن تراجع الناتج المحلي الإجمالي ونسبة التضخم، ستكون أسوأ مما كانت عليه قبل الانفجار، ذلك أن البلد يعاني من ركود منذ 2018، ويواجه الآن مأزقاً اقتصادياً ومالياً واجتماعياً ومأزق حكم أيضاً.

وعلى أرض الواقع، لفتت لوتون السويسرية إلى أن محطات الكهرباء اللبنانية ما عادت قادرة إلا على تأمين ساعتين أو ثلاث ساعات من الكهرباء يومياً لسكان بيروت، وأما على الطرقات فقد انطفأت كل الأضواء، فيما كشف ريبورتاج أعدته «واشنطن بوست» أن طائرة كادت أن تتعرض لحادث أثناء هبوطها لأن أضواء المدرج كانت منطفئة تقريباً.

شهادات يأس

فقدت الليرة اللبنانية 60 في المئة من قيمتها الشهر الماضي، كما أنها أصبحت نادرة أيضاً، وفي السوق السوداء أصبح سعرها ضعف سعر الصرف الرسمي، أي 1500 ليرة مقابل الدولار الواحد والنتيجة كانت ارتفاع الأسعار.

وأشارت لوتون إلى اختفاء العديد من المنتجات الاستهلاكية من السوق، فيما يعاني البلد من ندرة كبيرة في الأدوية، ومن دون كهرباء ولا وقود لتشغيل المولدات الكهربائية، أُجبرت العديد من المستشفيات منذ فترة على إلغاء العديد من التدخلات الجراحية وتسريح الموظفين.

ووسائل التواصل الاجتماعي مثقلة بشهادات اللبنانيين عن الوضع الحالي الذي فاقمه انفجار مرفأ بيروت، وقال فواز جيرجس، الأستاذ في مدرسة لندن للاقتصاد في مقابلة مع واشنطن بوست، إن بلاده تجاوزت حافة الهاوية، وأما ماري تيبو فتقول إن لبنان غير مستقر سياسياً، وأما اقتصادياً فهو مدمر ولم يعد جاذباً للاستثمارات الأجنبية، بعد أن كان المركز المالي لمنطقة الشرق الأوسط. وتضيف: «على العكس انه يعيش فوق إمكاناته ويغرق في عجز في الموازنة وفي العجز التجاري».

وتسارع السقوط في الجحيم وفق لوتون بعد تشكيل الحكومة الجديدة نهاية يناير الماضي، لكن ساعة الحقيقة دقت مطلع مارس، بعد أن أعلنت «سويسرا الشرق الأوسط» التي تغرق في ديون بقيمة 92 مليار دولار (170 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، عن فشلها في تسديد جزء من الديون بقيمة 1.2 مليار دولار.

ومنذ ذلك الحين تقول تيبو لم يعد أمام لبنان خيار آخر غير طرق أبواب صندوق النقد الدولي المقرض الأخير. ولكن في بلد لم يعد الاقتصاد فيه ممكناً، تعددت الروايات، فالنخبة الاقتصادية ترفض شد الأحزمة ولا تريد مراقبة تدفق رؤوس الأموال، والمصرفيون متهمون بالتلاعب بالعملة الوطنية، وفيما فُقدت 100 مليار من الخزينة العامة، لم يتمكن صغار المدخرين من الحصول على أموالهم من حساباتهم البنكية.

وأوضحت ميرابو أن ما حصل في لبنان نادر جداً، إذ وجد البنك الوطني اللبناني نفسه مديناً للبنوك التجارية.

توقف المفاوضات

بعد ستة أسابيع من اللقاءات، توقفت المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي، وقد وصفت مديرة الصندوق كريستالينا جيورجيفا هذه المفاوضات بالصعبة جداً في 11 مايو الماضي. وتساءلت عما إذا كان لبنان يستطيع تحقيق هدف مركزي. وأما في الجانب اللبناني فقد استقال مدير عام وزارة المالية بسبب اختلافات في إدارة الأزمة وتبعه مسؤول ثان.

وفي 2018 التزم أصدقاء بلاد السدر والمنظمات المالية الدولية بمساعدة لبنان ودعمه بـ11 مليار دولار، لكن ذلك كان مشروطاً باتفاق مع صندوق النقد الدولي، فبحسب الصندوق فإن الناتج المحلي الإجمالي اللبناني سيتراجع بـ12 في المئة مع نسبة تضخم تصل إلى 17 في المئة في 2010، وبحسب تيبو فإن هذه التقديرات كانت قبل كارثة الثلاثاء وستكون أسوأ بعدها.

  •  

جميع الحقوق محفوظة