الأربعاء 03 يونيو 2020

عقد المستشار الأجنبي في الميزان النيابي... «ما يرهم»

عقد المستشار الأجنبي في الميزان النيابي... «ما يرهم»

عقد المستشار الأجنبي في الميزان النيابي... «ما يرهم»

قوبل التوجه الحكومي للتعاقد مع شركة «ماكينزي» لوضع خطة تحفيز اقتصادي لتجاوز تداعيات «جائحة كورونا» باعتراض نيابي واسع، رده أكثر من نائب إلى أمرين اثنين، أولهما تجاهل الكفاءات الكويتية القادرة على إجراء دراسات متميزة، والثاني يتعلق بنزيف الدراسات والاستشارات التي لا تجدي نفعاً، معتبرين التعاقد مع الشركة يثير حوله الشكوك، وسط تحذيرات لوزير المالية من القيام بأي تعاقد يثير الشكوك مع أي مستشار قبل الاستفادة من ما هو متاح، وأن على الحكومة التحلي بالحكمة قبل الوقوع في فخ فساد جديد.
وقال النواب، في تصريحات لـ«الراي» إن العقود الاستشارية لم تتوقف رغم تكدسها في الأدراج داعين إلى الاعتماد على العقلية الكويتية في جميع وزارات وقطاعات الدولة، وإن عقد ماكينزي لن يمر من دون أن تكون لهم وقفة حساب مع المسؤولين عنه. فقد طالب النائب عبدالله الكندري بالتدقيق فيما أعلن عنه بخصوص شركة ماكينزي، ومن المستفيد من العقد مع المستشار الأجنبي الذي أثير بشأنه لغط كبير، موضحاً أن «الحكومة لديها أكبر مجلس استشاري يضم نخبة من المتخصصين وهو المجلس الأعلى للتخطيط برئاسة رئيس الحكومة، فالأولى أن تستفيد الحكومة من مستشاريها قبل النظر للخارج».
وقال الكندري إنه من «المستغرب أن الحكومة ممثلة بالهيئة العامة للاستثمار، قامت بتأسیس أحد أكبر الكيانات الاستشارية بالعالم بالشراكة مع المستشار العالمي اوليفر وايمن، فكيف تقوم الحكومة بالتعاقد المباشر مع شركة أخرى وهي التي أسست شركة للاستشارات لأجل الاستفادة منها في مثل هذه الأوقات؟»، وأوضح أنه «قبل أقل من عام كانت هناك محاولة سابقة للتعاقد مع ماكينزي بعقد مليوني دینار لإحدى الجهات الحكومية، وتم ايقاف هذا العقد بسبب الملاحظات التي أثيرت على ذلك العقد، ونحذر وزير المالية من القيام بأي تعاقد يثير الشكوك مع أي مستشار قبل الاستفادة مما هو متاح، وانصح الحكومة بالحكمة قبل الانجرار إلى فخ فساد جديد».
ووجهت النائب صفاء الهاشم رسالة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء قالت فيها «سموك في 12 فبراير 2019 قلت في خطاب لك: إننا في بلد من أكثر بلدان العالم تشكيلاً للجان وإعداد الدراسات والبحوث، ولكن إلى أين تنتهي؟ هناك دول استفادت من دراسات الكويت وبحوثها فيما وضعت هنا في الأدراج». وقالت «أحب أن أزيدك سمو الرئيس، يا كثر ما عملنا دراسات وبحوثا، ودفعنا الملايين فيها أمثال تقرير توني بلير وتقارير البنك الدولي (المسخ)، ومع ذلك لم يُطبق منها حرف، وعندما لاحظوا أننا لا نطبق بدأوا بالقص واللصق، وزادت المأساة، فلوس تُرمى في دهاليز دون الحصول على مقابل مفيد للكويت ولنا».
وأضافت الهاشم «عندما تشكلت حكومتك في 17 ديسمبر 2019، وجميعنا نثق بحكمتك وقدرتك، ولديك معنا رصيد زاخر بالأمانة والدقة، لكن بعد مرور 5 أشهر من انتظار وتوقعات بالخروج من عنق زجاجة خانق، ظهر لنا أمس خبر التعاقد مع ماكينزي للاستشارات لإعداد تقرير لتحفيز الاقتصاد، وبعقد قيمته 250 ألف دينار لتقديم خطط ودراسات وتجارب عالمية، وأنت نفسك شكّلت اللجنة التوجيهية الرائعة برئاسة أفضل عقل اقتصادي إلى يومنا هذا محافظ البنك المركزي وفريقه، وعموما هذه طال عمرك (ما ترهم)».
ووضعت الهاشم حلولاً للمشكلة، تتمثل في «تغيير وزير المالية الذي لم يحرك ساكنا من أول تعيينه، فالوزير براك الشيتان ماعنده أي شيء يقوله إذا حضر اجتماعات المجلس، وغير متمكن من تطبيق التقرير الذي جهزته اللجنة التوجيهية لتحفيز الاقتصاد، وكان من أهم مهامه أن ينفذ خارطة الطريق ولم يستطع، ببساطة لا يملك رؤية إصلاحية قادرة على مواجهة الأزمة، ضحل اقتصاديا وفنياً لرسم سياسة إنقاذ. وعليك يا رئيس الوزراء التخلص من مستشاري مجلس الوزراء الوافدين الذين بخططهم المستمرة لكم يتعمدون أن يظل التشابك، ويصيغون لكم مشاريع القوانين (متوبكة) لمصلحة بقائهم لأطول مدة ممكنة، وذكرت لك أسماءهم في الجلسة السابقة! ويقول الكويتيون الأولون يا سمو الرئيس (عينك على حلالك دوا)، وإن غابت عينك عنه، ضاع حلالك».
وطالبت «باستبدال المستشارين الوافدين بالعقليات الكويتية المالية الجبارة التي أثبتت جدارتها في التخطيط المالي والإداري. ولا تحتاج مني أعطيك أسماءهم، فقط التفت حولك وتلاقيهم. ثم ذكرت لنا في لقائك معنا في المجلس في الجلسة المفتوحة أنك قلق حتى لقدرة السداد على الرواتب إلى يونيو، لأن السيولة شحّت، لكن هناك حلول طال عمرك. مثال ولك الحق بدراسته من كل الزوايا طبعا، وفق قوانيننا الخاصة فالبنك المركزي لديه صلاحية قانونية متاحة حاليا لتمويل عجوزات الميزانية، بأن يشتري كامل ما تطرحه الحكومة من ديون لتمويل احتياطنا العام، وهو لديه احتياطي نقد أجنبي متين، ونقدر عن طريق تعديل صيغة مشروع قانون الدين العام الذي بعثتموه لنا، الحصول على 1.5 مليار دينار فورية».
وأضافت «الحل الآخر الذي لسنوات طويلة نكلمكم عنه، هو الالتزام بتوريد الأرباح المحتجزة، ولم تكن أي من الحكومات السابقة جادة أبدا في التحصيل 1.2 مليار دينار، وما قام به وزير المالية الحالي كان لذر الرماد وحركة غير حصيفة، فقط تفيده وما تضر القطاع النفطي كما ذكر»، وخلصت إلى القول «مختصر كلامي سمو الرئيس: 4 كيانات رئيسية في الدولة وظيفتها تقديم المشورة للحكومة، معقولة ما كو أحد زين؟ نعتمد عقداً جديداً بربع مليون دينار، ونحن نعلم علم اليقين أنه لن يُقرأ أو يطبق حاله حال الدراسات السابقة التي وصلت الى 7 ملايين بآخر 3 سنوات؟ سموك قلت في أحد تصريحاتك السابقة (إذا أتحنا الفرصة لمبدعين الكويت راح نشوفها أحسن) فما الذي تغير إذن؟ مازلت أقولها وأعيدها كلنا ثقة فيك وبرؤيتك، وأنت أهلٌ لها».
بدوره، استغرب النائب عمر الطبطبائي «اصرار الجهات الحكومية على التعاقد مع مستشارين غير كويتيين، ربما أن عقدة المستشار لا تزال مهيمنة، لدرجة أن القائمين على بعض القطاعات لا يمتلكون الثقة بأنفسهم، أو ربما تنقصهم الخبرة»، لافتا إلى «أننا بلد الدراسات والاستشارات التي لا تبرح مكانها، فبدلا من الاستفادة من الاستشارات مئات الملايين لدرجة أن البلد طفح من كثرة العقود الاستشارية، والمستغرب أن الأمر لا يتوقف رغم عدم جدواها، وأخيراً أعلن عن التوقيع مع شركة ماكينزي للاستشارات من أجل عمل دراسة تساهم في تحفيز الاقتصاد المحلي».
وقال الطبطبائي لـ«الراي» إن «هناك عقولاً اقتصادية كويتية قادرة على تقديم الحلول فلماذا لا تثقون بالعقلية الكويتية بدل صرف الملايين على العقود الاستشارية؟ عن اللجوء إلى المستشارين يعود إلى تعيينات الترضية لأنكم لا تضعون الشخص المناسب في المكان المناسب».
وفي تصريح للصحافيين، قال الطبطبائي، إن «الحديث عن حزمة اقتصادية بدأ منذ مارس الماضي حتى اليوم دون أن يحدث شيء في حين كل الدول والدول المحيطة بنا أخذت قراراتها ولم تنتظر المشكلة حتى تتفاقم، مبيناً أن وزارة المالية نائمة، ولم نرَ أي حلول وعدنا بها خلال اجتماعاتنا مع الوزراء المختصين، وتم الحديث عن الباب الثالث والخامس والدعم المفروض لهما وحتى الآن لم يتم شيء».
وأضاف أن «إدارة الصندوق الوطني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة لم تضع حلولاً لأصحاب هذه المشاريع، رغم أنها موجودة من أهل اختصاص كويتيين قدموا العديد من الحلول، ولكن للحظة لم ينظروا إليها. وبالمقابل صدر أمس كتاب للتعاقد مع مستشارين غير كويتيين، فيكم عقدة المستشار، وهذا أكبر دليل على أن القائمين على هذه الأماكن سواء بالصندوق أو غيره ليس لديهم ثقة بأنفسهم ولا الخبرة الكافية»، لافتاً إلى أن «البلد (طفح) من كثرة الدراسات فماذا فعلتم بها رغم صرف مئات الملايين على العقود الاستشارية؟ فقد وضعت بالأدراج، والآن بعد تصريح سمو رئيس الوزراء بعدم وجود سيولة تأتون للتوقيع مع (ماكينزي) لعمل دراسة لتحفيز الاقتصاد، ما يعني أن الكلام الذي كنتم تقولونه لنا وهم وكذب بمعنى أنه ليس لديكم أي خطة».
وتساءل «كيف تريدون منا أن نوافق على الدين العام ونحن بالأصل رفضناه من أول يوم بسبب عدم تحديد أوجه الصرف؟ وواضح أين ستذهبون فاليوم «ماكينزي»، وغداً البنك الدولي، ومن الضروري معرفة أين يتم صرف كل دينار لأننا الذين سنراقب ونحاسب. بعد أن (ردت ريما لعادتها القديمة) في هدر الأموال العامة، فإلى متى يستمر الوضع هكذا؟. ويا سمو رئيس الوزراء جئتنا بآمال كبيرة عليك، ولكن لا تكرر سياسة إدارة مَنْ سبقوك، لأنه واضح أنك متجه نحو نفس الطريق».
وبيّن أن «هذه الأزمة بيّنت لنا معدن الكويتيين، وهم كُثر من المتطوعين وهناك اقتصاديون مستعدون لتقديم الحلول لكم، وبعضهم قدّم دون مقابل، فلماذا لا تثقون بالعقلية الكويتية بدل صرف الملايين على العقود الاستشارية؟». وذكر أن «عدم وضع الأشخاص الكفء في المكان المناسب اتضح، بسبب عدم قدرتهم على إدارة الأماكن التي عينوا بها، لذلك نجدهم يلجأون للمستشارين الذين غالبيتهم غير كويتيين، ودون نتيجة وعدم وضع حلول لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة سيتسبب ذلك بكارثة للأمن الاجتماعي».
وأوضح أن وزير المالية يقول إن قانون الاستبدال غير مهم رغم إقراره بالمداولة الأولى في مجلس الأمة، مؤكداً أهميته ووجوب جعله أولوية للتصويت عليه في المداولة الثانية. ولفت إلى أنه «رغم سوء وضع السيولة طلعت بفكرة تكريم العاملين بالخطوط الأمامية يستاهلون، ولكن يحب أن نحدد بشكل صحيح مَنْ هم بالخطوط الأمامية، وبالنسبة لي كل مواطن خرج من منزله أثناء أزمة (كورونا) لتقديم عمل أو خدمة معينة يجب أن يُكرّم».

جميع الحقوق محفوظة