الأحد 15 مارس 2020

شرح مفصل عن المعركة الطاحنة بين جهاز المناعة البشري.. وفيروس كورونا

شرح مفصل عن المعركة الطاحنة بين جهاز المناعة البشري.. وفيروس كورونا

شرح مفصل عن المعركة الطاحنة بين جهاز المناعة البشري.. وفيروس كورونا

مازال العالم يحاول بشتى الطرق، إيجاد لقاح لفيروس كورونا المستجد الذي قتل لحد الآن 5833 شخصاً في أنحاء العالم، في حين وصل عدد الإصابات المسجلة به إلى 156400 حالة، ومن أجل فهم هذا الفيروس يحاول الأطباء تحديد ماهيته ومعرفة كيفية عمله داخل جسم الإنسان، وتقول المحللة، سيمون مكارثي، في مقال لها عبر صحيفة scmp الصينية، عندما يدخل الفيروس إلى جسم الإنسان، فإنه سيكون في سباق مع الزمن لاختطاف خلايا الجسم والتكاثر والانتشار، فبقاؤه حياً داخل الجسم يعتمد على هذه الخلايا، لأنه بمجرد أن يكتشف جهاز المناعة في الجسم الفيروس المتسلل، تبدأ مباشرة حرب مجهرية مدمرة.

فيروس كورونا الذي خلف ذعراً كبيراً للبشر، يبدو أن الجهاز المناعة لدى البشر يستجيب في محاربته بشراسة كبيرة، ويقوم بذلك بقيادة جيوش من الخلايا التائية القاتلة (وهي أحد أنواع الخلايا التي تجري في الدم، وتلعب دورا هاما في نظام المناعة حيث تقاوم مسببات الأمراض من بكتيريا وفيروسات).

هذا الجهاز المناعي هو أحد الأسباب التي جعلت البشر يبقون صامدين أمام ملايين الأمرا ض والفيروسات، ولكن في بعض الحالات يمكن لمحاربته للفيروسات أن تشبه سياسة الأرض المحروقة، حيث يتضرر كل شيء في منطقة الصراع، وهذا يعني أنسجة الجسم نفسها، فجهاز المناعة لا يأخذ سجناء، بل يدمر كل ما هو مصاب.

خِدَع الفيروس

ولكن قبل الحرب على المستوى الخلوي، ينزلق الفيروس إلى الجسم، ويتجول في المخاط الذي يتجمع في الأنف والحلق، بحثاً عن الخلايا التي يمكن أن يقوم باحتلالها، في الوقت نفسه، يحاول إخفاء وجوده عن جهاز المناعة، وهنا تبدأ لعبة «الغميضة المميتة» بين الفيروس والجهاز المناعي.

ويقول جين أولينجر، أخصائي المناعة في المعهد العلمي الأمريكي MRIGlobal: «في الساعات القليلة الأولى بعد دخول الفيروس إلى الجسم يحاول القيام بخدع مختلفة لتفادي العديد من أجهزة الكشف في الجهاز المناعي».

في حين تقول مارجولين كيكيرت، الأستاذ المساعد التي تدرس هذا النوع من الصراع الكيميائي الحيوي في المركز الطبي بجامعة ليدن في هولندا، :«إن ما يحدث في الساعات الأولى يعتبر سباق تسلح بين الفيروس والجهاز المناعي»، مضيفة: «جميع الفيروسات، بما في ذلك فيروس كورونا، سيكون لها طرق متعددة تقوم بها للتحايل على كبت الاستجابة المناعية أو قمعها، هناك سباق تسلح، خاصة في البداية، عندما يحاول الفيروس منع هذه الاستجابات الأولى».

بمجرد تشغيل الجهاز المناعي وعثور الخلية التائية القاتلة على خلية الجسم التي أصبحت مصنعًا للفيروسات، فإنها عادة ما تلتصق بالجزيئات في غشاء الخلية وتقتلها وكل ما بداخلها.

ولكن بما أن «كورونا» هو فيروس تم اكتشافه حديثًا، لم يكن لدى الباحثين وقت مختبري كافٍ لتحديد تفاصيل كيفية سير المعركة، وقال باحثون إن «هذا يترك أسئلة بدون إجابات مثل تسبب هذا الفيروس لبعض الأشخاص الأصحاء بمرض شديد والبعض الآخر لا يصاب بشيء».

وبما أن الاستجابة المناعية للجسم يمكن أن تكون شديدة العدوانية، يقول الباحثون أن الحرب ضد الفيروس يمكن أن تسبب أضرارًا تؤدي إلى تداعيات قاتلة على الجسم البشري.

ويضيف الباحثون: «يهاجم الفيروس الرئتين، على وجه الخصوص، وهي ساحة معركة حساسة، ونظرًا لأن الجهاز المناعي يحاول محاربة فيروس لم يسبق له مواجهته من قبل، فقد يزيد من الدفاعات المستخدمة، مما يتسبب في تلف مفرط للخلايا والأنسجة المجاورة».

ضرر كبير

وتقول مارجولين كيكيرت: «إن نظام الإنذار المبكر في الجسم لغزو مسببات الأمراض، متعدد، ومع ظهور المزيد من الإنذارات في جميع أنحاء الجسم، يتسابق فيروس كورونا لنشر المزيد من الخلايا ومهاجمتها، عندما تصل الخلايا التائية للبحث عن الخلايا المصابة والتقاطها وقتلها، تصبح الرئتان ساحة معركة، وتنتفخ بالخلايا المناعية والجزيئات والسوائل التي تستخدمها للتنقل».

في حين يقول أولينغ: «إنه بمجرد أن تعثر الخلية التائية القاتلة على خلية مصابة بالفيروس تلتصق بها وتبدأ في قتلها، في هذه الأثناء، تصل الأجسام المضادة والبروتينات الموجودة في الجسم وتضغط على الفيروس، مما يخنق المسامير التي يستخدمها للارتباط بالخلايا السليمة، كما تبدأ خلايا الدم البيضاء الكبيرة التي تسمى البلاعم، بالهجوم وتبتلع مجموعات كبيرة من جزيئات الفيروس الميتة، ومع انتشار هذه المذبحة الخلوية، تتراكم الخلايا الميتة في الرئتين».

 

 

وتقول آشلي سانت جون، الأستاذ المساعد في كلية «ديوك-نوس« للطب في سنغافورة، والتي تقوم ببحث أمراض المناعة: «هذه الخلايا الميتة تسد مجاري الهواء وتقلل تدفق الأكسجين«، مضيفة: «تحتاج إلى أن تكون الأنسجة قادرة على التمدد والامتلاء بالأكسجين، ولكن في نفس الوقت تقوم بملئه بالخلايا المناعية والسوائل، وهذا يمكن أن يمنع الشخص من الحصول على ما يكفي من الأكسجين».

بعض المرضى الذين يتعافون من هذه المرحلة، يمكن أن تلتئم رئتيهم، وقد يتعافى البعض الآخر، ولكن يعانون من ضرر دائم.

 

كبار السن

نشرت الصين بيانات في نهاية فبراير تشير إلى أن حوالي 80 في المائة من حالات الإصابة بمرض فيروس كورونا كانت خفيفة إلى معتدلة، بينما كانت 14 في المائة شديدة، وقد تكون نسبة 6 في المائة المتبقية من المرضى الحرجة قد عانت من فشل في التنفس، وفشل متعدد في الأعضاء.

على الصعيد العالمي، قالت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي إن حوالي 3.4 في المائة من المصابين قد يموتون بسبب عدوى فيروس كورونا، على الرغم من أن هذا العدد قد يتغير مع تطور عمليات السيطرة على المرض.

ويقول الباحثون إن الطريقة الدقيقة التي يتصرف بها فيروس كورونا في الجسم لا تزال قيد الاكتشاف والتجربة، ولكن كان من الواضح أن أكبر الخسائر في الأرواح تكون لدى كبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

ومن المرجح أن يموت أكثر من 20 في المائة من المصابين الذين تزيد أعمارهم عن 80 سنة، وفقًا لإحصاءات البعثة المشتركة بين منظمة الصحة العالمية والصين فإن معدلات وفيات المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة هي ضعف متوسط ​​المعدل.

يعتقد بعض الباحثين أنه في أثناء فترة الاختباء، يضر الفيروس بالاستجابة المناعية المبكرة، عن طريق الانقسام بسرعة كبيرة جدًا على النظام لمواكبة أو تعطيل الطريقة التي ينظم بها الجهاز المناعي نفسه، وهناك بعض الدلائل على أن هذا الأمر يمكن أن يدفع النظام المناعي المذعور إلى فرط النشاط ويتبع ذلك ما يسمى بـ«عاصفة سيتوكين» التي تسبب التهاب الأنسجة.

عاصفة السيتوكين

ويقول تشو تشي، الباحث بالأكاديمية الصينية للعلوم، إن العلماء الصينيين يعملون على البحث عن حلول لقمع «عاصفة السيتوكين« أو (cytokine storm)، التي تعد السبب الرئيس لموت المصابين بفيروس كورونا الجديد، لأنها

حيث أن عدداً من مرضى فيروس كورونا الجديد عانوا من عاصفة السيتوكين، بعد إفراط في رد فعل الخلايا المناعية ومركباتها المعروفة باسم السيتوكينات التي تسببها الفيروسات الخارجية، التي يمكن أن تلحق الضرر بالجسم في أثناء محاولة القضاء على الفيروس.

وتقول آشلي سانت جون: «مع عاصفة السيتوكين لديك وضع لا تعمل فيه الفرامل ولديك كل هذه المنتجات المناعية التي تخرج عن نطاق السيطرة، تتسلل الخلايا إلى الأنسجة، ويحدث انهيار في الأوعية الدموية».

في حين يقول أولينجر: «الرئة هي أسوأ مكان يمكن أن تحدث فيه حرب بين الفيروسات والجهاز المناعي، وفرط الاستجابة يمكن أن يؤدي إلى الضرر في الرئتين».

ويعكف باحثون في مختبر «بيرلمان» الآن على استخدام تجارب على الفئران للحصول على طرق جديدة تساهم في قتل الفيروس من دون الإضرار بالجسم البشري.

  •  

جميع الحقوق محفوظة