الخميس 30 يوليو 2020

سكة حديد مجلس التعاون.. قطار عبر خليج مكسور!

سكة حديد مجلس التعاون.. قطار عبر خليج مكسور!

سكة حديد مجلس التعاون.. قطار عبر خليج مكسور!

جرى إحراز تقدم محدود منذ الإعلان عن شبكة سكك حديدية بطول 1350 ميلاً تمتد عبر دول مجلس التعاون الخليجي منذ أكثر من 15 عامًا.

ووفق الخطط من المتوقع أن يكتمل المشروع العملاق الذي تأخر بشكل متكرر جزئياً في عام 2023، ويربط السعودية بالإمارات العربية المتحدة وعمان. في وقت ستضاف الكويت والبحرين إلى الشبكة بعد ذلك لاحقاً، لتبقى قطر وهي جزء من الاقتراح الأصلي لم يتم تحديد انضمامها بعد.

قال كريستيان كوتس أولريشسن، زميل الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس في هيوستون للمونيتور: «إن احتمال وجود شبكة سكك حديدية واحدة تضم جميع دول مجلس التعاون الخليجي الست يبدو غير مؤكد»، إذ بمجرد أن يكون رمزًا للوحدة، يمكن للمشروع الطموح أن يدفع ثمن الأزمة السياسية التي أضعفت التماسك الإقليمي.

منذ عام 2014، أدت أسعار النفط المنخفضة إلى زعزعة استقرار اقتصادات الخليج وتأخير الاستثمارات في المشاريع العملاقة، إذ إن مشروع السكك الحديدية، الذي تبلغ تكلفته 15 مليار دولار، والذي يربط البنى التحتية للسكك الحديدية المحلية التي تم بناؤها بشكل منفصل من قبل كل دولة، عرضة بشدة لخفض النفقات الرأسمالية.

وقالت تقييمات ستاندرد آند بورز العالمية إن التباطؤ الاقتصادي الناجم عن كوفيد 19 يضيف المزيد من الضغوط، حيث من المتوقع أن ترتفع ديون حكومات دول مجلس التعاون الخليجي إلى مستوى قياسي هذا العام.

وبحسب أولريشسن، لا تزال أجزاء من السكة الحديد ترى ضوء النهار بناءً على المصالح الاقتصادية (أكملت الإمارات خطًا محليًا في عام 2015 لنقل الكبريت من منطقة الظفرة إلى ميناء الرويس)، لكنه أضاف أنه حتى بناء روابط محدودة ربما لا يزال عرضة للتوترات الإقليمية وعدم اليقين الاقتصادي المستمر.

وفي حديثه مع المونيتور، أشار أوليفييه لو بير، مدير النقل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالبنك الدولي، إلى العلاقة الوثيقة بين كل جزء من سكك حديد دول مجلس التعاون الخليجي. وقال: «إن قطاع سكك الحديد في قطر ليس له معنى ما لم يكن متصلاً بالشبكة السعودية»، في إشارة إلى الجوانب التقنية.

وحتى ديسمبر 2016، كلفت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي البنك الدولي بالمساعدة في تصميم المشروع. وقال لو بير: «قدمنا المشورة بشكل رئيسي حول التنسيق الفني نحو تبني إرشادات مشتركة لجميع الدول الست - على سبيل المثال، اختيار نفس نظام الإشارات لتجنب تغيير القاطرات على الحدود».

وخلال مهمته الاستشارية، أوصى البنك الدولي أيضا بإنشاء مشغل سكة حديد واحد لمركزية استغلال الشبكة، بدلاً من ستة كيانات مستقلة. وقال «حتى الآن، وعلى حد علمنا، لا يبدو أنهم يعملون على هذا الخيار».

تسهيل التجارة

ومع ذلك، يظل احتمال وجود خط سكة حديد يمتد من دولة الكويت في أقصى شمال الخليج على طول الطريق إلى عُمان مصدرًا للحماس. في عام 2018، قالت الأمانة العامة السابقة لمجلس التعاون الخليجي إنه يمكن أن يكون لها تأثير بعيد المدى من حيث التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

ويرى العديد من مواطني الخليج أن المشروع تطور إيجابي. وقال عمر هيثم بوعيشة، اختصاصي اتصالات سعودي، لـ المونيتور: «ستتّحد المنطقة كلها، وتتعاون معًا لتكون وحدة من دول مجلس التعاون الخليجي، وهو أمر مفيد للغاية ومفيد ومنتج للجميع».

من جانبه أضاف لو بير «سيقلل أيضًا من انبعاثات الكربون في دول مجلس التعاون الخليجي»، حيث تقدر شركة الاتحاد للقطارات أن النقل بسكك الحديد يخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة %70 إلى %80 مقارنة بالشاحنات.

في الواقع، إلى جانب تسهيل حركة تنقل ملايين الركاب، يمكن لسكك الحديد في دول مجلس التعاون الخليجي أن تحمل ما يصل إلى 29 مليون طن من الشحن، وتعزيز التجارة الإقليمية وخفض تكاليف النقل.

وعلى الرغم من أن الحواجز التجارية منخفضة، فان التجارة غير النفطية داخل دول مجلس التعاون الخليجي لا تزال ضعيفة.

على المدى الطويل، يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي الاستفادة من شبكة السكك الحديدية لتسهيل التجارة مع منطقة الشرق الأوسط الأوسع. حيث تستكشف المملكة العربية السعودية حاليًا فرص ربط خطوط السكك الحديدية بالعراق والأردن المجاورين.

تعطل سلسلة التوريد

من خلال تسهيل حركة الشحن، ستعزز السكك الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي محاور بديلة، يمكن من خلالها دخول السلع المستوردة وشحنات الهيدروكربونات إلى المنطقة والخروج منها، مع تجنب المخاطر الأمنية التي تواجهها الناقلات التي تمر عبر مضيق هرمز.

وتهدد إيران بانتظام بإغلاق نقطة الاختناق الإستراتيجية التي تعمل كمرور لمعظم النفط الخام الذي تصدره دول مجلس التعاون الخليجي. في هذا السياق، يمكن أن تظهر الموانئ الواقعة خارج ممر هرمز، مثل الدقم العماني أو المحطات الطرفية على سواحل البحر الأحمر، كمداخل فعالة من حيث التكلفة.

ومع ذلك، فإن مثل هذا السيناريو سيعطل سلسلة التوريد الحالية في دول مجلس التعاون الخليجي، ويتحدى الدور الذي يلعبه ميناء جبل علي الإماراتي كمركز رئيسي لإعادة التصدير لمنطقة الخليج. وتمثل إعادة الصادرات بين دبي ودول الخليج الأخرى نحو نصف إجمالي التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2017.

بالتأكيد أكثر من أي مشروع ضخم آخر، تتطلب سكك الحديد في دول مجلس التعاون الخليجي أن توضع المصالح الإقليمية فوق المصالح الوطنية، وأن ينظر صانعو السياسات في الخليج في الاتجاه نفسه.

في وقت سابق من هذا الشهر، قال أندرياس كريج الأستاذ المساعد في جامعة كينغز كوليدج لندن للمونيتور «تم استبدال التعددية في الخليج بالأحادية والثنائية».

وعلى الرغم من أن أزمة الفيروس التاجي التي تهدد نموذج التنمية الذي يركز على الهيدروكربون في دول مجلس التعاون الخليجي، وتحث المنطقة على تنويع اقتصادها في وقت أبكر مما هو متوقع، فان محاولات المزيد من التكامل الاقتصادي من المرجح أن تظل تمليها خطوط الصدع السياسي.

 

جميع الحقوق محفوظة